الرحلة التي بدأت كمسعى للوساطة بين الأجناس أخذت تتجه في مسارٍ مختلف عن المخطط.
‘لم أتوقع قط أنني سأجلب الإنت العملاق إلى أراضي ملك الشياطين لودفيك.’
“سيظهر أمامنا نحن التائهين التنين الذهبي العظيم، ثم يقود الإنت إلى خلاصٍ جديد مثالي!”
“تقولون أنكم ستتبعونني؟ افعلوا ما تشاؤون، أما أنا فسأعود الآن إلى بيتي.”
“سنتبعكَ يا مولاي!”
والمقصود بالبيت هنا بطبيعة الحال هو أراضي ملك الشياطين لودفيك.
‘لا أظن أن مقاطعتنا ستصبح خلاصاً للإنت.’
لكن بما أنهم أصروا على ملاحقته، لم يكونوا قادراً على رفضهم.
وهكذا بدأ هذا الزحف.
‘وماذا سيفعلون لو خاب أملهم حين يصلون؟’
أراضي لودفيك في الحقيقة قاحلةٌ إلى حد ما. ولا وجود لشجرة عالم أو ما شابه حولها. فلو وُجدت، لكان المكان قد تحول منذ زمن إلى غابة غنّاء كالأدغال.
أما الآن فلا توجد حتى غابةٌ صغيرة، بل بالكاد يفلحون في إنتاج محاصيل زراعية.
“هناك، إنهم جنودنا.”
قال لودفيك ذلك وهو يحدق في الأفق البعيد.
في تلك الأثناء كانت القافلة قد اقتربت من أطراف مقاطعة لودفيك. و ظهرت معسكرات الجنود الذين نصبوا خيامهم تحسباً لهجوم الأورك.
“إنه أولكن.”
خرج من المعسكر بسرعة ظلال رجل ذئب.
ولم يكن غريباً أن يبدي مثل هذا الارتباك. فكما تعرفوا هم على لودفيك وأرييلا، كذلك تمكن المعسكر من تمييز الحلفاء عن الأعداء.
غير أن ما يثير حيرتهم حقاً هو ذاك الجيش الضخم من الكائنات الشجرية التي تتبعهم من الخلف.
وبعد قليل توقفت قافلة الملك أمام الجنود بقيادة أولكن.
ثم تقدم أولكن مستقبلاً إياهم وقال بدهشة،
“جلالتك، عدت أسرع مما توقعت؟ ولكن……”
وأشار بأصبعه نحو الإنت.
“ما كل هذا؟ ألم تذهب لتتوسط بينهم؟ لا تقل لي أنكَ أحضرت ساحة المفاوضات إلى هنا!”
كان يتأمل الصفوف بعين متسائلة وهو يميل برأسه.
“ثم إن كنت ستفعل ذلك، فلماذا لم تجلب الجان معكَ؟”
“آه، في الحقيقة……”
شعر لودفيك بالضجر من فكرة أن يشرح كل شيء من جديد، فتمتم متردداً وقطب جبينه.
وفي تلك اللحظة اندلعت جلبةٌ كبيرة بين صفوف الإنت الذين توقفوا عن المسير.
“يا للكارثة! ما هذا المكان؟”
كانوا يفردون جذورهم التي كانوا قد لفّوها على هيئة عجلة، ثم يغرسونها عميقاً في الأرض.
وإن كان الشياطين لا يعرفون ذلك، إلا أن هذا الفعل يشبه ما لدى الحيوانات، حاسة التذوق. فالإنت لم يكن يستخدم فماً أو لساناً، بل جذوره لتحليل مكوّنات التربة وامتصاص الرطوبة.
“ما الذي يفعلونه؟”
قالت أرييلا ذلك متعجبة. فإذا بممثل النمل يصرخ بقوة،
“إنها هذه الأرض!”
“ماذا تقول؟”
“كما توقعت، أيها التنين الذهبي، لقد قدتنا إلى أرض الخلاص الموعودة.”
ثم صاح موجهاً صوته إلى بقية كائنات الشجر،
“يا أبناء جنسي! هذه هي الأرض التي سنزرع فيها بذورنا وننبت فيها براعمنا، إنها الأرض الموعودة!”
‘ما الذي يقوله بحق؟’
لم تستطع أرييلا أن تستوعب هذا التفاعل الدرامي المتواصل منذ لحظة وصولهم.
أرض موعودةٌ للإنت؟ بل ويصفونها بالخلاص؟
لقد أخذوا جميعاً يطلقون هتافات الفرح الجماعية. بعضهم صرخ وهو يجثو برأسه إلى الأرض، وآخرون نثروا أوراقهم في الهواء ورقصوا مبتهجين.
“لكن ألم تقولوا أنكم تحتاجون إلى قوة شجرة العالم لزرع بذور الإنت؟”
“بلى، نحتاج!”
“لكن لا وجود لشجرة عالم هنا.”
“صحيح، لا وجود لها!”
“إذاً، لماذا أعجبتكم هذه الأرض؟”
فأجاب الإنت بنبرة دهشة وكأن السؤال بديهيٌ لا يُطرح،
“ألا تدركين؟! ما يفيض في هذه الأرض من طاقة الحياة. إنها نعمة!”
“طاقة حياة؟! لكن هذه كانت أرضاً جرداء……آه، انتظروا لحظة.”
فالمكان الذي أقام فيه أولكن معسكره هو أرض خاض فيها الأورك وجيش الشياطين حروباً منذ زمن بعيد.
وبما أن أراضي الشياطين بالأساس قاحلة، فقد كان الأمر أشد سوءاً إذ كان الجنود والأورك يكتسحونها جماعات ويدوسونها بلا رحمة، حتى صار نمو النباتات فيها شبه مستحيل.
وكانت كذلك فعلاً.
“متى نبتت كل هذه الأعشاب هنا؟”
تمتمت أرييلا مذهولة وهي تتأمل المكان.
فقد زارت هذه المنطقة الحدودية مرةً واحدة فقط في بدايات حياتها في عالم الشياطين، ولم تعد إليها بعدها قط.
وتتذكر بوضوح أن تلك الأراضي لم يكن فيها أي خضرة، بل كانت مجرد سهول من تراب أحمر قاحل. و لم تكن يوماً خضراء كما تراها الآن.
نظرت إلى البرسيم الكثيف الذي غطّ المكان، فعجزت عن الكلام.
فتحدث لودفيك متمتماً،
“والآن بعد أن أفكر في الأمر……مرّ بضع أسابيع فقط، أليس كذلك؟”
فسألته أرييلا،
“لودفيك، هل كنتَ تعرف؟”
و أومأ أولكن برأسه بدلًا عنه.
“صحيح، يا جلالتك. فجأة بدأت الأعشاب تنمو هكذا.”
“ألم يخطر ببالكما أن هذا غريب؟”
إنه تغيّرٌ مفاجئ للغاية. لكن لودفيك وأولكن اكتفيا بهز أكتافهما كأن الأمر لا يهم.
‘أنا كذلك لم ألاحظ، لكن ما أبلد هؤلاء الأتباع!’
غرس الإنت جذوره عميقًا في الأرض و تحدث بصوتٍ ممتلئ بالرضا.
“يا لها من نعمة! إنها حقًا حيويةٌ هائلة. صحيحٌ أن المساحة أضيق من نطاق شجرة العالم، لكنها كافية تمامًا لزرع بذور جديدة. أوه، لقد تحقق حلمنا أخيرًا!”
وفي هذه الأثناء جثت أرييلا على ركبتيها ووضعت يدها على الأرض. ثم أغمضت عينيها وركّزت روحها.
‘هاه؟ هذا صحيحٌ فعلًا.’
كانت هناك طاقةٌ سحرية باهتة للغاية منتشرة في أرجاء التربة. لم تلحظها أولًا، لكن حين دققت أحست بها.
‘لكنها تختلف عن طبيعة غابة الجان. بل أقرب إلى……’
نظرت أرييلا إلى الصغير التنين. حتى هو بدا مرتبكًا من ردّة فعلهم.
بينما واصل الإنت مراقبة ما حولهم. وقد كان العشب ينمو بكثافة، لكن لم يظهر أي شجر كبير.
“مقارنةً بالحيوية الطاغية للأرض، فالنباتات التي تنمو هنا قليلة. بهذا القدر يمكننا أن نؤسس موطئ قدم دون أن نقتل النباتات الأخرى.”
دَوّي! دَوّي!
اقتلع أحد الإنت جذوره وتقدّم نحو أرييلا،
“أيتها المتعاقدة مع ملك الشياطين! بل، أكان اسمكِ أرييلا؟ لديّ طلب.”
وأشار بأغصانه إلى سطح الأرض.
“هل يمكن أن تأذني لجنسنا أن يغرس جذوره هنا؟”
“أتقصدون أن تهاجروا إلى هذا المكان؟”
أومأ الإنت ملوّحًا بأغصانه.
“نعم! لا نعني أن ننتقل جميعًا. نريد فقط أن ننقل نصف إخوتنا من غابة الجان إلى هنا.”
وأوضح أنه بذلك ستتوافر مساحاتٌ فارغة في غابة الجان أيضًا، وسيكون بالإمكان زرع بذور جديدة في الجهتين.
وهكذا سيوسّعون نطاقهم ويستأنفون التكاثر الذي توقف منذ زمن بعيد.
“إن قبلتِ بهذا الطلب فسوف نساعد الجان على جمع أعشابهم الطبية من الغابة القديمة كيفما شاؤوا!”
راحت أفكارها تدور بسرعة.
‘لو أن الإنت أقام غابة جديدة هنا، فسيكون ذلك في صالحنا تمامًا!’
وفوق ذلك سيُحل النزاع!
فتحدثت بلهجة حازمة للودفيك،
“هذه صفقةٌ علينا قبولها بلا تردد.”
“أعلم. فهذا يحل جميع المشكلات.”
تدخّل أولكن مؤيدًا.
“مجرد وجود الإنت على حدودنا سيوفر دفاعًا طبيعيًا!”
أما التنين فتمتم مستاءً وكأنه وحده غير راضٍ عن الموقف.
“لماذا بالتحديد هذه الأرض؟ إنها المكان الذي آتي إليه كل يوم.….”
وبعد أن أنهت مشاورتها مع لودفيك، اقتربت أرييلا من الإنت مجددًا. ثم تحدثت بصدق دون أن تلجأ إلى الخداع.
“قبل أن تُقرروا الانتقال، هناك أمرٌ يجب أن تعرفوه.”
“وما هو؟”
“هذه الأرض هي منطقةٌ حدودية كثيرًا ما يقتحمها الأورك. هل سيكون الأمر على ما يرام؟ أنتم تقولون أنكم تكرهون أن يدوس أحدٌ على أراضيكم.”
“الأورك يهاجمون؟”
ضحك الإنت باستخفاف بصوت منخفض.
“أورك تافهون كهؤلاء……أيمكن أن يكونوا مشكلة؟”
***
بعد بضعة أيام. تجمعت جماعةٌ من الأورك على حدود مملكة لودفيك ملك الشياطين.
و جميعهم كانوا مسلحين بالرماح والسيوف.
“هيا، من هذا الاتجاه!”
لقد جاؤوا للنهب.
كانوا قد أحجموا عن التحرك متهورين لفترة انتظارًا لرسائل بيفار، لكن الاتصال انقطع لوقت طويل جدًا. ولم يكن ممكنًا البقاء مكتوفي الأيدي هكذا إلى الأبد.
فقرر زعيم القبيلة أخيرًا أن يتحرك وحده من دون إذن من بيفار.
ومن جهة مملكة الشياطين أيضًا، فقد أدركوا بوادر الخطر، فدفعوا بمزيد من الجنود إلى الحدود، ما تسبب في وقوع عدة معارك عنيفة مؤخرًا.
لذلك خطط زعيم الأورك هذه المرة أن يحرك جنوده إلى مكان ناءٍ ليباغت خصومه. وكان ينوي أن ينهب ما يكفي من الطعام ويهرب قبل أن تتمكن قوات الشياطين من الحشد.
“هاه؟ ما ذاك؟”
ثم حدّق زعيم الأورك المتقدم بعينيه الضيقتين.
“هل أصبحت أتوهم ما أرى؟”
“أيها الزعيم! أليست تلك غابة؟”
فركوا أعينهم غير مصدقين.
فحتى وقت قريب، لم يكن في تلك الأرض القاحلة عود عشب واحد، وإذا بها الآن أشجارٌ ضخمة مصطفّة تنمو كالسور.
وكأنها سياج يطوّق مملكة الشياطين.
“أمرٌ عجيب حقًا.”
ساد الاضطراب بين جنود الأورك.
“هل هو من صنع أولئك الشياطين؟”
لم يسمعوا قط عن سحر يحوّل أرضًا جرداء إلى غابة.
وحينها، بدأ شعورٌ يتسلل في نفوسهم.
لكن لم يدم ذلك طويلًا. فالزعيم سرعان ما تمالك نفسه. فقد أدرك أن رجاله بدأوا يتزعزعون.
و كان لا بد من تدارك الأمر قبل أن تنهار معنويات الجنود.
“يبدو أن الشياطين قد أطلقوا سحرًا غريبًا. لكن هذا في صالحنا!”
هتف زعيم القبيلة بصوتٍ واثق كأنه يريد أن يسيطر على الجموع.
من الطبيعي أن يستخدم الشياطين السحر. أما سحرة الأورك فهم نادرون، ومع ذلك ظلوا قادرين على القتال على قدم المساواة حتى الآن.
فعدد الأورك الكبير وقوتهم الجسدية في القتال المباشر كانا كفيلين بذلك.
“إن كانوا قد أنبتوا غابةً في هذه الصحراء، فلا بد أنهم قادرون على إنبات الطعام أيضًا. وهذا يعني أن نصيبنا من النهب سيزداد!”
“أوه! حقًا! سيكون لدينا المزيد لنسلبه!”
“صحيح، ما أهمية ظهور غابة؟ فالأشجار لن توقفنا.”
رفع الأورك أسلحتهم وبدأوا يثرثرون بصخب. وبعضهم أطلق صيحات حرب من شدة الحماسة.
وحين رأى الزعيم أن الفوضى هدأت والصفوف انضبطت، ابتسم.
“حسنًا، تقدّموا!”
وما إن أصدر الزعيم أمره حتى اندفع جنود الأورك إلى الأمام بلا تردد. و توجهوا مباشرة إلى الغابة الكثيفة عازمين على اختراقها.
لكن في اللحظة التي وضع فيها الجندي المتقدم قدمه قرب جذور شجرة……
بوووم-!
صدر صوتٌ ثقيل كأن الهواء نفسه قد اندفع. ثم تبعته ضربة مفاجئة!
“كوااااااه؟!”
فانطلقت صرخةٌ مروّعة، وإذا بالأورك يُقذف عاليًا في السماء.
__________________________
العاب ناريه ✨
المهم طلع التنين عنده طاقه للارض عشان كذا اعجبتهم😂 وهو مايدري وبس زعلان ان ارضه انوخذت
المهم ادري اشغلتكم بس يعني متى الاسم يختي يا ارييلا ولدس تراه خلاص
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 61"