ما إن دخلت فيلي حتى لم يمنعها الحاجز الذي يحيط بالغابة، بل احتواها برفق.
وفي اللحظة التالية وجدت نفسها بسهولة داخل الغابة. موطنها الذي وُلدت ونشأت فيه.
ثم أحاطت بها الأجواء الفريدة للغابة. أرضٌ مليئة بالحياة تحت بركة شجرة العالم. حتى احتاحها إحساسٌ بالترحيب والشوق.
ومع ذلك لم يكن قلب فيلي مطمئنًا تمامًا.
‘موطني الذي اضطررت لتركه…….’
لم يخطر ببالها قط أنها ستعود هكذا. و لو طلب منها شخص آخر ذلك لرفضت بلا تردد.
لكن أرييلا أنقذت المكتبة التي كانت على وشك الانهيار. ومن وجهة نظر فيلي، فهي مُنقِذة ثمينة.
وفوق ذلك، أعطتها أرييلا وعدًا. بأنها ستجمع المزيد من سكان الإقليم، وتحوّل المكتبة إلى مكان أجمل بكثير.
‘أنا أؤمن بالسيدة أرييلا.’
إعجاب فيلي وثقتها بمتعاقدة ملك الشياطين كانا يزدادان عمقًا يومًا بعد يوم.
“أه؟ ما هذا؟”
“أليست هذه دودة الكتب؟ لماذا عادت؟”
وحتى قبل أن تصل إلى القرية. شعرت فيلي بحضور جنيات يطيرن نحوها.
‘تباً، في هذا الوقت بالذات!’
تغيرت ملامح فيلي إلى الكآبة. بينما أحاطت بها أربع جنيات.
ومنعتها من التقدم أكثر، ثم بدأن بالضحك ساخرات.
“أوه، أليست هذه فيلي التي هربت لأنها كرهت الغابة؟”
“دودة الكتب! دودة الكتب!”
“متى كان رحيلكِ، والآن تتجولين هنا من جديد؟”
لم يكن ممكنًا لفيلي ألا تتعرف على تلك الوجوه. إنهم الأشرار الذين كانوا يعذبونها أيام عيشها في الغابة.
وكما اعترفت سابقًا، لم تستطع فيلي الاندماج في مجتمع الجنيات. فقد كانت مختلفةً تمامًا في طباعها.
وبينهم من لم يكتفِين بتجنبها فقط، بل كنّ يضايقنها عمدًا.
والجماعة التي أمامها الآن كانوا بالضبط من ذلك النوع.
“ما هذا الطرد الكبير الذي تحملينه؟”
“هاهاها! فهمت الآن. طردوكِ حتى من أراضي الشياطين، أليس كذلك؟ لا عجب. من الواضح أن جنيةً ناقصة مثلكِ لا يُرجى منها شيء!”
“لا تقولي أنكِ عدتِ حاملةً أمتعتكِ كلها؟”
بدأت الجنيات يسخرن من فيلي تمامًا كما في الماضي. وما إن سمعت ضحكاتهن، حتى شعرت فيلي بجسدها يتصلب من تلقاء نفسه.
“هل ضاقت بكِ الأماكن إلى هذا الحد؟ بأي وجه جئت الآن لتعودي؟”
“انظرن إلى هذا الوجه التائه! يثير الغيظ لمجرد النظر إليه.”
“لا تستطيع حتى جمع العسل كما ينبغي، وسحرها ضعيف. الشيء الوحيد الذي تجيده هو قراءة الكتب، فمن سيحتاج إليها؟”
“صحيح! لم يعد هناك مكانٌ يقبلكِ. اخرجي من هنا حالًا!”
جنيات عالم الشياطين كنّ يفعلن أي شيء ما دام فيه متعة. و كان إيذاء الضعفاء من أبناء جنسهم واحدًا من أنواع المتعة التي يستمتعون بها.
وفوق ذلك، كانت فيلي أضعف في السحر مقارنةً بالجنيات الأخريات. وكان ذلك بدوره سببًا إضافيًا للسخرية منها.
شعرت كما في الماضي بأن قلبها ينبض بسرعة. و جسدها ينكمش. فأرادت أن تهرب في الحال.
“فيلي! تذكري جيدًا.”
لكن كلمات أرييلا التي أوصتها بها عادت إلى ذهنها.
“أنتِ الآن ممثلةٌ لمملكة الشيطان لودفيك. أنتِ مبعوثة دبلوماسية. ومهما كان الإقليم صغيرًا، فأنتِ تنقلين كلام الملك، لذلك عليكِ أن تكوني واثقة.”
“لكنني أخاف من باقي الجنيات.”
“ثقي بنفسكِ. أيمكن أن تجعلي الآخرين يستخفون بنا؟”
“……سأحاول، سيدة أرييلا.”
استحضرت في ذهنها مواقف أرييلا، التي كانت دائمًا شامخةً أمام الجميع في أقوالها وأفعالها.
فعلى الرغم من أنها وُضعت في عالم مختلف تمامًا، بلا أحد من بني جنسها، لم ترتجف ولم يضعف قلبها. بل على العكس، واجهت الهجمات الموجهة ضدها، وسيطرت على الموقف، وحققت ما أرادت بكل حزم.
‘إن كنت أرغب أن أشبه السيدة أرييلا، فعلي أن أتكلم وأتصرف مثلها تمامًا.’
فثبتت بصرها على الجنية التي تقف في المقدمة، روفينيا. كانت زعيمة هؤلاء الأربع، وكانت كذلك من قادت مضايقتها في الماضي.
“روفينيا، تنحي جانبًا. لقد جئت لأمر مهم الآن. ليس لدي وقتٌ لأضيعه معكن.”
“……؟”
ساد صمتٌ قصير. و توقفن متفاجئات من رد فعل لم يتوقعنه.
‘ما هذا؟ هل سمعتُ خطأ؟’
ترددن فلم يستطعن الرد بسرعة.
و في تلك اللحظة اعتدلت فيلي، و رفعت ظهرها و صدرها.
في الماضي لم تكن تجرؤ حتى على معارضتهن. بل لم يكن مجرد الرد بالكلام أمرًا يمكنها تخيله. لكن حين جربت الآن وجدت الأمر سهلًا للغاية.
‘السيدة أرييلا واجهت حتى مصاص الدماء المخيف ذاك دون خوف.’
حين جاء بيفار إلى موقع بناء المكتبة محاولًا افتعال المشكلات، لم ترتعب أرييلا، بل ردت عليه بالحجة والبرهان.
‘بل وحتى أمام التنين الذي جاء سابقًا، لم تهتز لها شعرة.’
إن استطاعت أن تقتدي بذلك العزم ولو قليلًا!
‘علي أن أفعل الشيء نفسه!’
زالت من عيني فيلي آثار الخوف. ثم تحدثت بوجه خالٍ من التعبير،
“لم أعد إلى غابة الجنيات. لقد جئت اليوم بصفتي ممثلةً لمملكة الشيطان لودفيك.”
“ماذاا؟”
تساءلت الجنيات بأصوات مملوءة بالريبة.
“……هذا مستحيل. مثلكِ يمكن أن تمثل أحدًا؟”
“عشتِ مع الشياطين فعُدتِ وقد تعلمتِ الكذب أيضًا؟”
لم يدم ارتباكهن طويلًا، وسرعان ما عُدن ليسخرن من فيلي.
فهزّت فيلي رأسها نافية.
كما كنّ دائمًا…… هؤلاء لا يمكن التفاهم معهم إطلاقًا.
“سأكمل طريقي.”
نشرت فيلي جناحيها مجددًا، ثم رفعت الحزمة الثقيلة. و تجاهلتهن تمامًا وحاولت المرور.
“هيه! إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبة؟”
برد فعل مختلف تمامًا عن الماضي.
‘هل جنّت؟ ما بها؟’
ارتبكت الجنيات.
“ألَم تسمعي ما قلتُ؟”
قضمت روفينيا، زعيمتهن، شفتها من شدة الغيظ.
ففيلي كانت دومًا الجنية نصف العاجزة، التي كانت ترتجف بلا حول كلما سخرن منها وعذبنها.
‘ذاكرتها كذاكرة سمكة ذهبية. يبدو أنها نسيت كم نحن مخيفات.’
تلألأ الشر في عيني روفينيا. و نظرت إلى ظهر فيلي بنية قاتلة وقد عزمت أمرها.
‘لا تعرف حدها. علي أن أعطيها درسًا يجعلها لا تجرؤ على رفع رأسها ثانية.’
‘نعم، سأعاقبها كما في الماضي. حتى تعود إليها ذكريات عجزها التي ظنت أنها محتها.’
فتلفظت روفينيا بتعويذة.
“■■■■■!”
ثم انجذبت الطاقة السحرية حول يديها لتتشكل على هيئة سوط. و وجهته نحو ظهر فيلي التي تجرأت على تجاهلهن والمضي قدمًا.
‘على أي حال، تلك البلهاء لم تعد تُعتبر من سكان الغابة.’
فبين الجنيات هناك أعرافٌ غير مكتوبة يجب احترامها.
ومهما بلغ الأمر من شدة المزاح أو القسوة، كان يُحظر المساس بأجنحة الجنية، فهي حياتها ذاتها.
لكن فيلي باتت الآن أشبه بغريبة.
‘لِمَ لا أمزقها قليلًا؟’
إذا تمزقت أجنحتها فلن تقدر على الطيران حتى يلتئم الجرح.
بمجرد تخيل المشهد جعل حماساً قاسياً يتفجر في صدرها.
‘كان عليكِ ألّا تجرئي على التحدي منذ البداية!’
وما إن أتمت روفينيا تعويذتها، انطلق السوط السحري بقوة متأرجحة.
صفير!
ودوى صوتٌ يمزق الهواء.
بينما ارتسمت ابتسامة رضا على وجه روفينيا. فبعد لحظات ستكون تلك الغبية مطروحة على الأرض بعد أن يجلدها السوط.
حتى أنها تخيلت منظرها وهي تمسك بجناح ممزق وتبكي بحرقة.
بووم!
عندها، دوّى صوتٌ أشبه بضربة طبلة في الأجواء.
“……؟”
و اختفت الابتسامة الخبيثة، وتجمدت ملامح روفينيا.
“أه؟”
تجمد الهواء من حولهن فجأة. حتى بقية الجنيات ارتبكن.
“هـ-هذا! ما الأمر!”
السحر الذي أطلقته الزعيمة لم يصل إلى فيلي، بل توقف في منتصف الهواء. و الذي أوقفه كان جدارًا سحريًا نسجته فيلي في لحظة واحدة.
نسيجٌ محكم متقاطعٌ كخيوط السدى واللحمة، التف حولها دون أن يترك أدنى فجوة.
حتى شكله كان متينًا ودقيقًا في آن واحد.
‘التدريب الشاق الذي بذلته لم يذهب سدى!’
ففي ذلك اليوم، وقد عادت من صيد الوحل، سألت فيلي أرييلا التي كانت تتطلع إليها وتريد تقليدها في كل شيء،
“بأي طريقة تدربتِ حتى استطعتِ أن تنسجي سحر القبض بذلك الإحكام الكثيف؟”
وعلى الرغم من انشغالها، لم تبخل أرييلا عليها بالتعليم، فاستمرت فيلي في التدريب بجد.
والنتيجة أنها صارت قادرةً على استخدام السحر بشكل متطور، وإن لم يصل بعد إلى مستوى أرييلا.
“مستحيل!”
انفجر صوت روفينيا أشبه بالصراخ.
‘كانت الأضعف بيننا في السحر، فكيف؟’
كان من الصعب عليها تقبّل الأمر. بينما احمرّ وجهها وازرقّ من الغيظ.
‘هَه! لا بد أنها مجرد صدفة!’
أجبرت نفسها على الاقتناع بذلك وهي تهم بترديد تعويذة أخرى. فلابد أنها أخطأت قبل قليل، لكنها قادرة على إصلاح الوضع.
‘هل تظنين أنكِ ستتحدينني حقًا؟ أتجرؤ هذه التافهة أن تنازلني؟ وقاحة! سأمزق أجنحتها وأدعها تتدحرج في الوحل فورًا.’
لكن مثل ذلك العزم لم يُقدّر له أن يتحقق.
فوووش!
وقبل حتى أن تنطق بالتعويذة، اسودّ ذهن روفينيا وتحول إلى بياض فارغ.
________________________
عسا وجع حسبت الجان حتى لو تنمروا مايوصلون كذا
ارييلا تجنن كل الي في المملكة حقت لودفيك يمكن ينصبونها ملكة بدال لودفيك😭
او تتزوج لودفيك وتصير الملكة شرعاً هاهاعاهاهاها
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 53"