كان الكائن الذهبي يركض نحوهما. بجسده الضخم لدرجة يملأ معه ممر قلعة ملك الشياطين بالكامل.
“أرييلا!”
دَك! دَك! دَك! دَك!
مع كل دفعة من قوائمه الأربع على الأرض، كان الممر يهتز بخفة.
فصرخ لودفيك بفزع،
“ما هذا؟! لماذا هذا الوغد ما زال هنا؟! ثم…..لماذا أصبح بهذا الحجم؟”
كان التنين الذهبي الذي ظنّ أنه غادر بالفعل. شكله الآن مختلفٌ تمامًا عمّا كان عليه سابقًا.
فتساءل لودفيك في نفسه إن كان الوقت الذي غاب فيه عن القلعة طويلًا إلى هذا الحد.
“لكن…..لا؟”
آخر مرة رآه فيها كانت قبل أيام قليلة فقط. فكيف حدث هذا؟
وأثناء ارتباك لودفيك، كان التنين يركض بقوة أكبر.
عندها مدت أرييلا يدها بثبات كما يفعل مصارع الثيران، وصاحت بقوة،
“توقف!”
دَك!
توقف التنين الذهبي الذي كان على وشك أن يصطدم بهما، وقد غرس مخالبه في الأرضية الحجرية.
ولم يفُت أرييلا أن ترى الشقوق التي تشكلت على الحجارة.
‘آه…..تكاليف الإصلاح.’
ثم رأت في مخيلتها رئيس الخدم غرويب وهو يزداد همًّا وحزنًا.
“أرييلا! أرييلا!”
كان التنين يرفرف بجناحيه في الممر بحماس شديد. فأحست أرييلا بخطر داهم.
‘لو لامس الجدار الآن سيتحطم الطوب كله…..بالكاد ما زلنا نملك قوت يومنا، والآن، قد ينهار القصر بأكمله.’
مثل فارس يلوّح برايته، خفضت يدها فجأة نحو الأسفل.
“اجلس!”
تَف!
بمجرد أن نطقت الكلمة، انكمش التنين الذهبي وخفَض جسده، وطوى جناحيه أيضًا. ثم رفع عينيه اللامعتين إليها وكأنه يقول: “لقد فعلتُ هذا جيدًا، أليس كذلك؟”
كانت سرعة استجابته تدل على أنه فعل هذا أكثر من مرة من قبل. فشعر لودفيك بصداع خفيف.
لم يكن يتوقع يومًا أن يرى إنسانًا “يدرّب” صغير تنين ذهبي.
“ما الذي حدث بالضبط؟”
“منذ اليوم الذي جاء فيه إلى القلعة وهو يأكل بشراهة لا تُصدق.”
“لا تقولي لي أن أوغاد نقابة فيدوِك كانوا يجوعونه طوال هذه المدة؟”
“في ذلك الوقت، كان يأكل بالكاد. و ربما بسبب قيود التقييد لم يكن يملك حتى الطاقة لهضم الطعام. ياله مسكين.”
لكن بعد هروبه، اختفى مصدر التوتر وتوفرت له بيئة مستقرة. عندها انفجرت شهية التنين الصغير بقوة كعين ماء حار.
“في الحقيقة، قيل أن الأكل بهذه الكمية هو الوضع الطبيعي له الآن. فالكائنات في فترة النمو تميل إلى الأكل بجنون ثم النوم، وتكرار ذلك باستمرار.”
وبفضل ذلك، يبدو أنه استعاد حجم جسده المناسب لعمره الحالي.
“حسنًا، لكن لماذا ما زال هنا إذاً؟”
ألم يأتِ كاليثيرد ليأخذه بالفعل؟
لم يستطع لودفيك فهم الأمر أبداً.
“في الحقيقة..…”
استعادت أرييلا ذكرى ذلك اليوم.
“لا! لن أذهب! لا أستطيع الذهاب!”
قبل عدة أيام. بعد الانتهاء من الاستماع إلى تفاصيل الوضع، جاء الدور أخيرًا على كاليثيرد ليأخذ التنين الذهبي.
لكن رد فعل التنين الذهبي كان حادًا جدًا. و أصر بعناد شديد على البقاء بجانب أرييلا مهما حدث.
بالطبع، وجد كاليثيرد نفسه في موقف محرج. فهو جاء ملتزمًا بواجب التنانين، لكن التنين الصغير تمسك برغبة غير معقولة.
“سأبقى مع أرييلا! سأعيش مع أرييلا طوال حياتي!”
استمرت المشادة حتى اتخذ كاليثيرد قرارًا في النهاية.
وهو أن يحترم رغبة التنين الصغير.
“فأنتِ من أنقذته، والشخص الأول الذي رآه لحظة فتح عينيه، ومن الطبيعي أن يكون لكِ تأثير نفسي كبير عليه.”
“أتقصد تأثير الانطباع الأول؟”
“أنت تعاملين التنين وكأنه طائر. لكن حتى لو كان من جنس التنانين نفسه، فلن يتبعه بهذه الدرجة. أظن أن ذلك الوغد فيدوِك كان مخطئًا في فهم الأمر. ربما هي سمةٌ خاصة بهذه الفصيلة؟ لم أرَ من قبل تنيناً ذهبيًا، لذا لست متأكدًا.”
وأقرب احتمال، أنه مجرد عناد وتعلق لا عقلاني يميز صغار التنانين.
“بمعنى أبسط، مجرد دلال أطفال إذاً؟”
“لن يدوم طويلًا. يا أرييلا، أرجو أن تحميه هنا حتى تنتهي نزوة التنين الصغير هذا. وسنسجّل هذه الحالة لاحقًا بشكل منفصل.”
من وجهة نظر أرييلا، لم يكن هناك سببٌ لرفض هذا الطلب.
“وأيضًا، فقد تحدث أمورٌ خطيرة مرة أخرى.”
علّق كاليثيرد زينةً صغيرة على حراشف التنين الذهبي، كانت قطعةً أثرية تحمل سحر لغة التنانين.
“……و هكذا حدث الأمر.”
حك لودفيك ذقنه.
“إذًا تريدان مني أن أطعم هذا الصغير وأؤويه وأرعاه في هذه المقاطعة لبعض الوقت؟ كأنه ضيفٌ مقيم. إذاً-”
لكن الملك الشيطاني لم يكمل كلامه، إذ قاطعه التنين الذي لا يعرف الصبر.
“أرييلا، انظري! أستطيع فعل هذا الآن!”
لم يلتفت التنين حتى نحو لودفيك.
و بالتفكير في الأمر، فمنذ البداية كان هذا التنين متعلقًا جدًا بأرييلا، بينما كان يتصرف وكأن لودفيك غير موجود.
وبينما كان لودفيك يشعر بمشاعر متشابكة تجاه ذلك، وضع التنين الذهبي قدميه على حافة شرفة الممر المفتوح. ثم ألقى بنفسه فجأة، كمن يغوص في الهواء.
“مهلًا؟”
كاد لودفيك أن يمد يده للإمساك به في تلك اللحظة.
لكن…..و فجأة! فتح التنين جناحيه الذهبيين وارتفع في السماء بقوة.
رفرف!
انطلق التنين بسرعة خاطفة عابرًا الفضاء فوقهم. حينها انعكست أشعة الشمس الساطعة في إقليم الملك الشيطاني على حراشفه الذهبية، لتشكل هالات وأشعة ضوء خلابة.
وكان المشهد أشبه بنجوم متعددة الأشكال تتناغم وترقص معًا في عرض ساحر.
وكل رفرفة جناح كانت تولد دوامات ضوء تتباين جمالًا مع السماء النهارية الباهتة المميزة لعالم الشياطين.
“ما الأمر؟ أيمكنه الطيران الآن؟”
كان ذلك بفضل طلب جريء قدمه قبل أن يرحل كاليثيرد مباشرة.
“إذاً، سأعود أنا الآن-”
“انتظر لحظة، يا عم!”
“……عم؟”
“قبل أن تذهب، علمني كيف أطير! أرييلا قالت أنها لا تستطيع أن تعلمني ذلك!”
فمهما كانت أرييلا قد قرأت من كتب متنوعة، فمن المستحيل أن تكون ملمةً بأساليب تدريب الطيران الخاصة بالتنانين.
وهكذا، وجد كاليثيرد، الذي جاء في الأساس ليأخذ التنين الذهبي، نفسه مضطرًا لتدريبه على الطيران قبل المغادرة.
وبفضل الغريزة، أتقن التنين الصغير رفرفة الأجنحة ببراعة بعد قليل من التعليم فقط.
“أرييلا! انظري إليّ! انظري إلى هذا!”
وصل صوته مفعماً بالحماس من بعيد.
يبدو أن التنين الصغير أصبح معتادًا على التحكم بالرياح، فقد دار نصف دورة في الهواء وبدأ يطير على ظهره، كما لو كان يسبح سباحة الظهر.
وكأنه قندسٌ يطفو على ظهره فوق تيار الماء، رفع عنقه قليلًا نحو أرييلا وهو ينظر إليها.
وبما أن صوته كان ينتظر المديح، تحدثت أرييلا على مضض،
“حسنًا……أحسنت.”
“هيهيهي!”
كان التنين الذهبي راضيًا، لكن أرييلا نفسها تساءلت ما الفائدة العملية من طيران مقلوب كهذا.
وفي تلك الأثناء…..
“أوه، انظروا هناك! إنه التنين الذهبي!”
“إنه التنين الذهبي! إنه يحلق اليوم أيضًا في سماء مملكة الشيطان.”
عندما بدأ التنين الذهبي الطيران، كان رد فعل سكان خارج القلعة أكثر إثارةً بكثير من رد أرييلا الهادئ.
توقف معظم سكان المقاطعة عن أعمالهم للحظة، ورفعوا أنظارهم نحو السماء بإعجاب.
“يبدو أن جسمه أصبح أكبر حتى من الأمس، أليس كذلك؟”
“ومهارته في الطيران تحسنت كثيرًا في هذه الفترة القصيرة. هذا أشبه بالعروض البهلوانية!”
كان التنين الذهبي ينمو يومًا بعد يوم، وحراشفه تلمع كالذهب الناضج.
وبينما يشاهد السكان هذا الكائن الذي يرمز إلى الازدهار كل يوم، كانوا يشعرون براحة نفسية وحيوية متجددة.
لقد كان مشهد التحليق فوق الإقطاعية أشبه بتنين يفيض ببركته على هذه الأرض.
فظل سكان أراضي الشيطان لودفيك يتأملون طويلاً مشهد التنين الصغير وهو يستعرض مهاراته، حالِمين بحياة أفضل في المستقبل.
***
وبعد ذلك، عاشت الإقطاعية فترةً من الانشغال والحركة.
“سلّايم! أمسِكوا بالسلّايم!”
“هناك، هناك! واحدٌ آخر يهرب!”
انهمك إقليم الشيطان لودفيك في تصنيع مركّب السلّايم، فاستنفروا جميع السكان المتفرغين لجمع كل سلّايم يحيط بالأرض دون استثناء.
“إنّ، إنّ أرباح، هذه، هذه الصفقة، لا، لا بأس بها.”
تنحّت أرييلا عن منصبها المؤقت كمشرفة مالية، وتولّى الزومبي غيرو المهمة من بعدها.
أما ابنته سيسيل، فكانت لا تزال منشغلةً بترتيب متجرها على أن تنضم قريباً إلى الإقطاعية.
“من المبكر أن نكتفي بما وصلنا إليه.”
“أتفق، أتفق معكِ، تماماً.”
رغم أن أرييلا كانت تعرف كيف تقرأ دفاتر الحسابات، فإنها لم تكن تُعدّ خبيرة في الشؤون المالية أو التجارية.
وبانضمام غيرو إلى أراضي الشيطان، بدأ بتحليل الأوضاع المالية بدقة أكبر، وتولّى قيادة صفقة مهمة مع التكتل التجاري الجنوبي المؤقت الذي أسسه القزم ناوم.
قامت أرييلا بمشاركة بقية الحاضرين بما كانت قد ناقشته سابقاً مع غيرو.
“التجارة بيع مركّب السلّايم بدأت بالكاد تثبت أقدامها. ومعظم الأرباح التي نحصل عليها من بيعه تُستخدم لشراء الغذاء. صحيحٌ أننا تخلّصنا من المجاعة، لكن لا يمكننا الاستمرار في إنتاج المركّب بلا حدود.”
ثم تحدّث أولكن،
“عدد السلّايم في تناقص هذه الأيام. إذا واصلنا الإمساك بها دون حساب، فسوف ننهي وجودها تماماً.”
وكانوا يدرسون أيضاً خيار استيراد السلّايم من أراضٍ شيطانية أخرى، لكن إنشاء نظام لنقلها حيّة سيستغرق وقتاً، إذ لا يمكن استخدام السلّايم الميتة منذ وقت طويل كمادة لصنع المركّب.
وبعد تبادل الآراء، أشارت أرييلا إلى المشكلة الجوهرية.
“أراضي الشيطان لدينا بالغة الخراب.”
وأشارت بيدها إلى الخريطة.
“حتى لو جمعنا كل الأراضي الصالحة للاستخدام هنا…..آتشو!”
تأملها لودفيك بصمت، وكأنه على وشك قول شيء، لكن قبل أن ينطق، سارعت أرييلا بمواصلة الحديث.
“على أي حال، حتى لو حوّلنا كل أراضينا إلى حقول زراعية، فلن تكفي لإطعام سكان الإقطاعية بشكل مستقر. الأمر مزعجٌ حقاً.”
فقطب أولكن حاجبيه،
“إذًا، ما العمل؟”
“أمامنا خياران، إما أن نزيد مساحة الأراضي الزراعية، أو نطوّر وننتج سلعةً جديدة يمكننا مبادلتها بالغذاء.”
لكن استصلاح الأراضي الزراعية يستغرق وقتاً طويلاً، وفوق ذلك، ما لم تُحل مشكلة التربة من الأساس، فالتقدم سيكون محدوداً.
“في، في النهاية، نحتاج إلى شيء آخر غير المركّب، شيء يمكننا بيعه…..لبقية الأقاليم.”
***
في تلك الليلة، جلست أرييلا كعادتها في مكتبة الإقطاعية، تتصفح الكتب والمستندات المختلفة.
‘أرضٌ قاحلة تفتقر لأي موارد تذكر.’
و ازدادت أفكارها عمقاً.
‘كما أنه من الصعب تكرار خطى أوينوس في تنمية قوته الوطنية.’
فالمملكة البحرية التي نشأت فيها كانت غنيةً بالموارد البحرية، إضافةً إلى أنها استغلت موقعها لتكون وسيطاً في التجارة بين الإمبراطورية والممالك الأخرى، مما وفر لها مصادر دخل متنوعة.
أما مشكلة أراضي الشيطان لودفيك، فهي أن طرق المواصلات فيها سيئة، وفي الجنوب لا يوجد أصلاً شركاءٌ يمكن أن تستفيد منهم في الوساطة التجارية.
لم يكن هناك داعٍ لأن تتدخل هي بنفسها، فكل أقاليم الشياطين في الجنوب كانت تتاجر فيما بينها تحت وساطة التكتل التجاري من تلقاء نفسها.
“آخ…..عيناي.”
إطالتها في التركيز على قراءة الحروف الصغيرة جعلت عينيها تحترقان ورأسها ينبض، وفوق ذلك لم يزل ذلك البرد الخفيف يلازمها ويثقل عليها.
ىوفي هذا الوقت المزدحم بالذات..…’
تحسن أوضاع الإقطاعية لم يكن يعني أن أرييلا صارت أقل انشغالاً، بل على العكس، ازدادت المهام التي يجب أن تتولاها حتى لم يعد لديها وقتٌ لالتقاط أنفاسها.
ومع سوء حالتها الصحية، شعرت بثقل إضافي في رأسها.
وفي مثل هذه الأوقات، لم يكن هناك أفضل من الأعشاب القادمة من غابة الجان، فهي تمنح إحساساً منعشاً بالانتعاش.
“فيلي، هل يمكن أن أطلب فنجان شاي؟”
“بالطبع، والشيف لابو خبز البسكويت بعد غياب طويل، سأحضره مع الشاي. يقول أنها هدية امتنان لأنكِ أنقذتي حياته من التنين الصغير في المرة السابقة.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 51"