“أنا لا أحاول قتلكَ.”

لو كان ذلك هو الغرض، لكان من الممكن إرسال أي تنين آخر لتحقيق الهدف.

لكن، لقد تم اختيار التنين الأسود لتنفيذ عمل قذر أو فظيع لدرجة أن بقية التنانين كانت تتجنبه.

“ألا ينبغي أن تدفع ثمن جَرحكَ وإساءة معاملة طفل من نسل التنانين؟ ذنبكَ ثقيلٌ جدًا لدرجة أنه لا يكفي أن تموت فحسب. فالموت بالنسبة لك سيكون أشبه بالتحرر.”

انهمرت من السماء طاقةٌ ساحقة تعجز الأرض عن مقاومتها. فسقط باغيس فيدوِك في يأس قاتل جعل دمه يتجمد.

“كاليثيرد، ذلك التنين متحجر الرأي، وافق أيضًا.”

امتزج في صوت التنين الكئيب حماسٌ قاسٍ.

“يجب أن نترك سابقة. حتى لا يجرؤ أحدٌ بعد الآن على مساس التنانين الصغار. يجب أن يعرف كل كائن على الأرض أن الأمر لن ينتهي بخسارة حياة تافهة واحدة.”

تحققت نبوءة باغيس المشؤومة. فارتجف كأوراقٍ في الخريف.

“أ……أيها التنين! أرجوكَ، الرحمة……!”

لكن التنين اكتفى بابتسامةٍ مريبة ذات رائحة الدم. و كاد فدوِك أن يفقد صوابه. 

وقد كان عليه أن يخرج من هذا الموقف بأي طريقة. وفي حالة ذعره، تفوه بما خطر على لسانه.

كانت تلك محاولةً يائسة وهو في حالة شبه شلل عقلي.

“……أنتم الآن تتجاهلون أمرًا مهمًا! لقد أنقذت حياة ذلك التنين الصغير تقريبًا.”

“ماذا تقول؟”

“نعم! فكروا جيدًا. ماذا لو كان من وجد البيضة غير قافلتنا، بل أحد الشياطين الآخرين؟ كانوا سيكسرونها سرًا ويخفون الأدلة تمامًا عنكم أيها التنانين!”

وضع يده على صدره وصرخ بصوت متحشرج.

“لكنني أنا، باغيس فيدوِك الواقف أمامكم، اخترت خيارًا آخر! أنا من جعل تلك البيضة تفقس! يجب أن تأخذوا هذا في الاعتبار أيها التنانين-”

“ولماذا تجاهلت خيار تسليمنا البيضة بدلًا من أن تُفقسها بنفسكَ؟”

حتى أمام هذا الجدل الملتوي، لم يغضب التنين. بل بدت على التنين الأسود علامات الاستمتاع بالموقف.

وبنبرة ساخرة كشف ثغرات منطقه.

“أنت لم تفقس البيضة لإنقاذ التنين الصغير، بل لتعذيبه وبيعه كالعبد. وإلا لكنت قد أخبرتنا منذ البداية. فالتنانين هي الأجدر بفقس البيضة وحمايتها كما يجب.”

“لـ، لكن! حقيقة أنني رأيت البيضة ولم أكسرها تبقى كما هي! بل وأكثر من ذلك، لو لم تكن قافلتنا موجودة، فهناك احتمالٌ كبير ألا يُعثر على البيضة أبدًا-”

“لقد بدأ جدالكَ الملتوي يصيبني بالملل.”

حتى آخر محاولة يائسة لم تجدِ نفعًا.

“ذلك مجرد احتمال، خيارٌ لم يتحقق قط.”

غطى وجه باغيس فيدوِك يأسٌ أشد عمقًا.

“لقد اخترتَ أسوأ خيار ممكن. وعليك أن تتحمل كامل المسؤولية المترتبة عليه. ما أحمقكَ……أم أن الخوف قد شل عقلكَ؟”

اتسع فم التنين كاشفًا عن أنياب طويلة وحادة.

“باغيس فيدوِك، باسم التنانين أحكم عليكَ.”

“لااا!”

صرخ باغيس فيدوِك بصوت باهت شاحب. 

و في تلك اللحظة، انطلقت حزمة ضوء من طرف مخلب التنين الأسود. و لفّ الشعاع جسد الشيطان المرتجف بأكمله.

“هـــاه!”

وبعد أن تلاشى الضوء، أخذ باغيس يلهث بصعوبة.

كانت قيوداً لم تكن موجودةً قبل لحظات فقط قد أُحكمت على جسده. أطواقٌ معدنية تشد رقبته وصدره وأطرافه، متصلةً بسلاسل ثقيلة.

“سحرِي!”

شعر بثقل خانق يطبق على جلده. و لم يعد يحس بأي أثر للسحر الذي كان يملأ جسده قبل لحظات.

وفوق ذلك……

“لا أرى شيئًا!”

عوى كالحيوان.

“ماذا فعلت بجسدي؟!”

“أنت أدرى مني.”

أجابه التنين بصوت هادئ.

“لقد رددت إليكَ ما فعلته بالتنين الصغير. من الآن وحتى تموت، لن ترى شيئًا ولن تستخدم السحر.”

أطلق التنين ضحكةً ساخرة قصيرة.

“سأرميكَ هكذا في منجمي. حتى وأنت مقيّد اليدين والرجلين، ستظل قادرًا على تحريك الفأس.”

وبينما كان يضحك بخبث، أضاف وكأنه تذكر أمرًا للتو.

“آه، صحيح. بما أنني قلدت القيود التي صنعتموها، فقد أضفت عليها تعويذةً خاصة أيضًا.”

أصغى فيدوِك بذهول وقد خلت رأسه من أي فكرة، إلى كلمات خصمه.

“المنجم مكانٌ خطر للغاية للعمل فيه وأنت أعمى. قد تصطدم رأسك بالصخور وأنت تتحرك داخل الأنفاق الضيقة، أو قد يصيبك حجرٌ طائر في عنقكَ. وإذا مت هكذا؟ سيلومني كل أبناء جنسك. وهذا لا يمكن أن يحدث أبداً.”

منذ البداية، كان واضحًا أن التنين الأسود يستمتع بهذا الموقف أقصى استمتاع.

“السلاسل التي تطوق جسدك مزودةٌ بسحر شفاء.”

ما يعني أنه ما لم يُقتل على الفور، فسوف يلتئم أي جرح في جسده خلال لحظات.

“لكن من الأفضل ألا تراودكَ أي أفكار حمقاء. تذكر أنك الآن بلا أي سحر.”

حتى لو حاول فيدوِك أن يضع حدًا لحياته بنفسه، فلن يتمكن من ذلك وهو بلا قوة.

وفي هذه الحالة، أصبحت حتى البنية الجسدية القوية للشيطان عائقًا أمام تحقيق هدفه.

“والآن، هيا بنا إلى المنجم، أيها العبد الأعمى. الغول ينتظرونكَ بفارغ الصبر. فهم بحاجة إلى لعبة يلهون بها ويفرغون غضبهم عليها ليحتملوا قسوة العمل. وأعتقد أنك ستكون مفيدًا جدًا لهم.”

انهار باغيس فيدوِك جالسًا على الأرض.

“لا تقلق كثيرًا. صحيحٌ أن العمل الشاق سيتعبكَ، لكن حتى لو تساقطت أظافرك ستنمو من جديد، وحتى لو تكسر عظمك سيلتئم بسرعة.”

حتى لو جلده الغول بسياطهم وهم في قمة الحماس، وحتى لو تمزق جلده وتفتت لحمه……فلن يكون سوى ألم وعذاب بلا نهاية.

“ستتمنى الموت من شدة العذاب، لكنكَ لن تموت أبدًا. لذا اطمئن واستمتع بالخطر والألم.”

شعر بتأثير سحر التنين يحيط بجسده. بينما كانت عيناه العمياء لم تعد تدرك ولو خيطًا من الضوء.

وأمام ظلمة الجحيم، عوى الشيطان صراخًا وهو يواجه مستقبله المروع.

***

“هيه، هل سمعتِ؟ يقولون أن التنين الأحمر جاء إلى هنا.”

ما إن عاد لودفيك من مهمته “الخاصة” حتى بحث عن أرييلا أولًا.

“نعم، كما سمعتَ.”

زيارة التنين الأحمر كاليثيرد تركت صدى عنيفًا داخل الإقليم وخارجه. و الجميع كان يتحدث عن تلك الحادثة.

وطبعًا لم يخلُ أي حديث عن ذكر أرييلا.

كاليثيرد واحدٌ من أبرز التنانين الذين يخشاهم حتى ملك الشياطين نفسه. ومثل هذا التنين جاء إلى أراضي ملك الشياطين بنفسه وأشار مباشرةً إلى أرييلا ليتحدث معها.

بعض ما دار من حديث لم يُعرف بسبب الحاجز السحري، لكن ذلك لا يغير من كون الأمر حدثًا فاق توقع الجميع.

كان اسم أرييلا يتردد الآن ليس فقط في جنوب عالم الشياطين، بل حتى في شماله.

“……أي أنكِ من الآن فصاعدًا، أي طلب تقدمينه للتنانين سيلبونه مرةً واحدة على الأقل؟”

شرحت أرييلا وعد كاليثيرد. وعلمت لاحقًا أن هذا النوع من الوعود ليس مما يُمنح بسهولة لأي جنس آخر غير التنانين.

“على الأرجح، ستكونين أول من يحصل عليه من بين البشر، بل وحتى من بين الشياطين أيضًا!”

قالت فيلي ذلك مؤكدةً بعدما قلبت كتب التاريخ رأسًا على عقب.

“إذًا، ما الطلب الذي ستقدمينه؟”

“لا حاجة لحسم ذلك الآن. سأنتظر الفرصة المناسبة، وأستخدمه في لحظة حاسمة.”

في البداية فكرت بطلب بسيط، مثل “حماية إقليم لودفيك في عالم الشياطين على مستوى عشيرة التنانين”، لكنها سرعان ما عدلت عن الفكرة.

لأن ذلك قد يسبب سوء فهم بأن هذا الإقليم قد أصبح تابعًا للتنانين. فأبدى لودفيك إعجابه، ومع ذلك بدا على وجهه تعبير مستغرب.

“سمعت أنكِ حتى أمام كاليثيرد لم تتراجعي وقلتِ كل ما أردتِ قوله؟”

وكان ذلك معاكساً لموقف حتى بقية الشياطين الذين كانوا يرتجفون فيه خوفًا.

وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك بنفسه، إلا أن لودفيك تخيل المشهد بوضوح.

‘إنها أرييلا، ومن الطبيعي أن تفعل ذلك.’

“إذًا، لم يعد عليكِ القلق بشأن باغيس فيدوِك، أي تلك القافلة التجارية؟”

“بالطبع. لا بد أنك سمعت الشائعات، أليس كذلك؟”

لقد ظهر أثر إعلان كاليثيرد للعالم فورًا. أسرع وأوضح وأكثر حدة من أي تغيير شهدته أراضي لودفيك في عالم الشياطين.

تحدثت أرييلا بيقين.

“قافلة فيدوك التجارية انتهت عمليًا. لا، بل انتهت بالفعل.”

_________________________

قده متعذب ويشكي حاله😭

لودفيك يضحك قاعد يعلم ارييلا ما كأنها كانت طرف في الموضوع😂 كله ذاه عسانه ماكان موجود

كأنه الطالب الشاطر اذا غاب ويصير كل شي حلو 

Dana