لا أحد يعرف على وجه اليقين من أين بدأت الحكاية. لكن هناك قصصٌ متشابهة بدأت تنتشر في أماكن متعددة في الوقت نفسه.
كان فحواها أن تنينًا ذهبيًا قد اتخذ موطنًا له في أراضي ملك الشياطين لودفيك.
“التنين الذهبي لم يُشاهد ولو مرةً واحدة طوال الألف عام الماضية، أليس كذلك؟”
“صحيح. في هذه المنطقة وحدها، مواطن التنانين الحمراء والسوداء والزرقاء والبيضاء معروفةٌ جيدًا، لكن التنين الذهبي؟ لا وجود له.”
لم يكن أحدٌ يعرف سبب ندرة التنانين الذهبية، لكن هناك أسطورةٌ مشهورة عنهم كانت متداولة.
“يقال أن المكان الذي يبني فيه التنين الذهبي عشه، لا ينضب منه الذهب أبدًا.”
“بالضبط! فالتنين الذهبي رمزٌ للثروة التي لا حد لها.”
“في الماضي، كانت جميع أراضي ملوك الشياطين الأقوى تقع بالقرب من أعشاش التنانين الذهبية.”
“آه؟ أظن أنني سمعت شيئًا كهذا أيضًا.”
لكن بعض الناس سخروا من الأمر.
“أتصدق ذلك؟! بعد أن انقرضت التنانين الذهبية، فجأةً يظهر واحدٌ الآن؟”
“الأغبياء من القرى الجبلية لا بد أنهم رأوا غارغويل* أصفر أو وايفرن* وثاروا ضجة.”
*حيوانات تشبه التنين
“حتى لو سلمنا جدلًا بأن تنينًا ذهبيًا ظهر فعلًا، فلماذا يختار العيش تحديدًا في أراضي ملك الشياطين لودفيك؟ كلامٌ غير منطقي!”
“بالضبط! في تلك القرية الفقيرة المعزولة في الجبال؟ هه.”
وبعض الآراء بدت منطقيةً فعلًا.
“التنانين لا تخضع لسلطة ملوك الشياطين. ربما لو كانت في المناطق المجاورة، لكن داخل أراضي ملك الشياطين لودفيك؟ مستحيل.”
فالتنانين، بكبريائها، لم تصبح أبدًا أتباعًا لملك الشياطين، بل ورفضت حتى البقاء تحت شمسه. وكان هذا أمرًا بديهيًا في عالم الشياطين وقاعدةً لا تُخرق.
لذلك، عُدَّت فكرة وجود تنين يعيش داخل أراضي ملك الشياطين ضربًا من اللامعقول.
ومع ذلك، لم تتوقف الشائعات عن الانتشار. وكان أكبر صدى لها في أراضي ملك الشياطين لودفيك نفسها، حيث بدأت القصة أولًا.
فكلما اجتمع اثنان أو أكثر من سكان الإقليم، كان هذا الموضوع يتصدر أحاديثهم.
“إنه تنينٌ حقيقي، صدقني. أتعرف صانع الأدوات الكوبولد الذي يسكن بجوارنا؟ ابنته هي التي رأته. وهي تعمل الآن خادمةً في قلعة ملك الشياطين.”
“سمعت أنا أيضًا. يقولون أن تنينًا ذهبيًا صغيرًا بحجم المهر يركض داخل القلعة.”
“كيف وصل إلى هنا يا ترى؟”
“هل يهمكَ كيف؟ إذا كانت الأسطورة صحيحة، فحتى نحن ستنقلب حالنا رأسًا على عقب.”
“هل يعني هذا أن بركة التنين الذهبي ستحل فعلًا على هذه الأرض؟”
“إذاً لن يبقى ما نتمناه، فقط لو انتهت هذه الحالة المقيتة!”
ومع كثرة الألسنة داخل القلعة، كان تسرب الحكايات أمرًا لا مفر منه.
لكن أرييلا لم تبذل جهدًا كبيرًا لكبح ذلك. فالناس يؤمنون بما يريدون أن يؤمنوا به.
وزاد انتشار الشائعة من حماسهم، خاصةً بعد أن رفعت معنوياتهم مسبقًا بفضل الحبوب التي وزعتها أرييلا.
ورغم أن الذهب لم يتدفق بلا انقطاع كما تقول الأسطورة، فقد وُلدت لدى السكان آمالٌ وتوقعات بحياة أفضل.
وأصبح من الطبيعي أن تدب الحياة في أراضي ملك الشياطين، حتى كادت قلة السكان أن تتوقف تمامًا.
أما الذين كانوا يخططون للهجرة، فقد ترددوا بعد أن رأوا التغييرات الأخيرة.
وعندما قرأت أرييلا تقريرًا يلخص تلك المستجدات، شعرت بأنها استطاعت أخيرًا أن تلتقط أنفاسها.
‘على الأقل نجوت مؤقتًا من مصير الموت وحيدةً في أرض غريبة.’
لقد بدا وكأن خطر انطفاء شمس أراضي ملك الشياطين لودفيك قد زال أخيرًا.
***
بمزاج مرتاح، صعدت أرييلا مع التنين الصغير إلى برج المراقبة في القلعة.
ألقى التنين نظراته المليئة بالفضول على أراضي لودفيك من الأعلى. وأول ما وقعت عليه عيناه كان مشهد الكوبولد وهم في أوج انشغالهم بحصاد الحبوب.
ومع قلة هجمات الأورك في الآونة الأخيرة، صاروا قادرين على التركيز على الزراعة بأمان.
كما رأت جنود جيش ملك الشياطين وهم يقومون بدوريات منتظمة لحمايتهم.
‘إنها البداية فقط……لقد وصلنا إلى خط الانطلاق أخيرًا، بالكاد.’
تذكرت الأيام الأولى حين جاءت إلى هذه الأراضي.
لم يختلف حجم الإقليم كثيرًا بين الأمس واليوم، لكن إزالة الأجزاء الفاسدة منه، وتمكين سكانه من متابعة حياتهم بقدر من الاطمئنان، كان إنجازًا يستحق التقدير.
وأهم من ذلك كله، أن الأمل قد وُلد في النفوس — وذلك أعظم مكسب.
‘العقبات التي كانت تعيق التطور قد أُزيلت، أو ستُزال قريبًا.’
لقد أصبح باغيس فيدوِك في حكم المنتهي منه بالفعل.
وفوق ذلك، كانت هناك خططٌ متعددة أخرى مرتبة في ذهنها.
ومن أجل المضي في إحداها، أرسلت لودفيك في مهمة خارج أراضي ملك الشياطين بدلًا من أن يبقى في القلعة بلا فائدة.
‘وبما أننا سنطور هذه الأرض، فلا بد أن نجعلها قوةً عظمى. أليس من الأفضل أن تصل لمستوى الإمبراطورية المقدسة في عالم البشر؟’
لقد ذاقت بما فيه الكفاية مرارة الضعف وما يجره من مهانة.
كانت تريد بناء دولة ذات تفوق ساحق لا يجرؤ أحد على التقليل من شأنها أو يهينها ولا تقبل المقارنة مع أي قوة أخرى.
وبينما كانت تعقد العزم على النهوض بأراضي ملك الشياطين إلى ذلك المستوى،
“كيااااا!”
“مـ……ما هذا؟!”
دوّى صراخٌ مذهول من أسفل القلعة. فانتفض التنين الصغير و رفع أذنيه.
“أرييلا، هل سمعتِ ذلك؟”
جاء الصوت من الجهة التي كانا يديران لها ظهريهما.
و شعرت أرييلا بأن الأمر غير عادي، وكادت تهرع إلى هناك، لكنها لم تحتج إلى ذلك. فمجرد أن أدارت رأسها قليلًا ورفعت بصرها، كان كافيًا.
في اللحظة نفسها، كانت تحدق في الشيء ذاته الذي كانت عيون سكان الإقليم معلقةً عليه.
شيءٌ هائل إلى حدٍ لا يُصدق كان يطير نحوهم.
‘لقد جاء……’
خرج كثير من السكان إلى الخارج، يرفعون أبصارهم نحو السماء بذهول، كانت وجوههم شاحبة حتى لم يقدروا على تحريك أصابعهم.
وفي صفوف الجنود، ساد الاضطراب. وقد رأت أرييلا أن لا أحد يتولى قيادتهم، وفكرت بعقل بارد أنه قريبًا سيكون عليها إعادة هيكلة النظام العسكري من الأساس.
في تلك الأثناء، كان ذلك الشيء، الذي بدا كجبل أو جزيرة معلقة في السماء، يقترب ببطء، يغطي الأرض بظل طويل كما لو كان كسوفًا يتحرك.
يملك عنقاً وذيلاً طويلان متناظران، و أربعة أجنحة، و جسدٌ مغطى بالكامل بحراشف قرمزية كالدم.
فأطلقت أرييلا تنهيدة إعجاب صامتة.
‘تنين أحمر!’
إنه أشبه بنسخة عملاقة آلاف المرات من التنين الصغير الذي أحضرته معها.
ورغم حجمه الهائل، إلا أن الأرض لم تهتز ولا حتى نسيم خفيف هب مع حركته، مما أضفى عليه إحساسًا غير واقعي.
وبعد قليل، توقف التنين الذي كان يشق السماء بوقاره أمام برج المراقبة في القلعة. فرفعت أرييلا رأسها حتى شعرت بوخز في عنقها.
هناك، على علو يكاد يلامس الغيوم، كان يقف التنين الأحمر.
و رغم أن الفوضى كانت تعم أسفل القلعة، كانت أرييلا تفكر بهدوء تام،
‘لا بد أنه ثقيلٌ جدًا. ماذا لو تعثر هذا التنين بجناحه وسقط؟’
يكفي أن يضغط بمخلبه الأمامي فقط، دون حتى أن يستخدم جسده كله، لينهار هذا السور.
وإن كان لا بد من مواجهة مثل هذا التنين، فكيف سيكون رد أراضي ملك الشياطين على مستوى الإقليم بأسره؟
وبينما كانت تلك التخيلات، التي بدأت بحساب وزنه، تتطور إلى وضع استراتيجيات لقتاله، دوّى صوت كالرعد في رأسها.
“أأنتِ أرييلا كابيلوس أونيوس؟”
كُنك-!
سقط التنين الصغير على مؤخرته بجانبها. فقد كان صوتًا قويًا لدرجة أنه أفزع حتى من ينتمي إلى جنسه.
لكن أرييلا لم تضطرب، فكل هذا كان ضمن توقعاتها.
‘إنه أسرع مما ظننت……كنت أظن الأمر سيستغرق نصف شهر على الأقل.’
بل في الحقيقة، كان الأمر نتيجة خططها هي.
“نعم، أنا أرييلا. أنا الشخص الذي تبحث عنه.”
أجابته بصوت لا هو مرتفعٌ ولا منخفض، يفيض بالثقة والثبات.
عندها تلألأت في عيني التنين الأحمر نظرةٌ غامضة.
وكان ذلك متوقعًا، فحتى التنين الصغير أمامه قد انكمش خوفًا، بينما تقف أرييلا البشرية بكل جرأة.
‘……أنا لم أرتكب ذنبًا، فلماذا كل هذا التصرف؟ هل الموقف يستدعي كل هذه الضجة؟’
صحيحٌ أن خصمهم ضخم بشكل هائل، لكن منظر الجميع عاجزين عن الحركة كأنهم أمام مفترس أثار استغرابها.
“اسمي كاليثيرد.”
نظر كاليثيرد إلى التنين الصغير الجالس على الأرض.
“لقد جئت إلى هنا لآخذ الفرد من جنسي الذي ذكرتِه في رسالتكِ.”
وفي عينيه المراقبتين، تتابعت ألوانٌ متعددة من المشاعر.
“حقًا……حين قرأت الرسالة شككت في الأمر، لكن ما أراه أمامي لا يدع مجالًا للريبة. لقد مر ألف عام منذ آخر مرة ظهر فيها وريثٌ لعشيرة التنانين الذهبية، أليس كذلك؟”
كان الصغير يستمع وفمه مفتوح. في اللحظة التالية فعل كاليثيرد شيئًا.
التنين لم يتمتم بتعويذة ولم يحرك حتى إصبع قدمه، لكن أرييلا أدركت ذلك. فذلك لأن السحر الذي يحيط بالمكان بدأ يدور بعظمة ويغلي ويتسع.
‘هذا هو، سحر التنانين!’
كان التدفق قويٌ وغريب للغاية. فشعرت أرييلا بحماس لا يقل شدة عن شدة السحر الكثيف.
لم تتمكن من معرفة المبدأ. سوى أن هناك غشاءً خفيفًا أحاط بالمكان.
رغم أن الفضول كان يغلي بداخلها، إلا أن الوقت لم يكن مناسبًا لذكر أو تحليل تركيب هذا السحر.
“نظرًا لحساسية ما سيقال، فقد جعلت الصوت من الآن لا يتسرب للخارج. أيها الصغير من بني جنسي، ما اسمكَ؟”
لقد كان حاجزًا إذاً.
في تلك اللحظة التي أبدت فيها أرييلا إعجابها، أجاب الصغير وهو يميل رأسه جانبًا.
“لا أعرف.”
“لا تعرف؟ ألم ينادكَ أحدٌ باسمكَ من قبل؟ حتى الآن؟”
“نعم.”
“همم.”
أصبح صوت كاليثيرد جادًا عندها.
_________________________
شكل ارييلا ماسمته لأنه بيروح؟ بس صدق مابيه يروح
المهم يجننن ذا التنين الاحمر
و وش؟ ارييلا مراسلته؟ واااااو
كثار الحمر في الرواية وناسة✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 47"