“سترى لاحقًا أشياء كثيرة حتى تملّ منها. فهذا المكان ليس إلا جزءًا ضئيلًا من عالم واسع جدًا.”
لم يستطع التنين تصديق كلامها بسهولة، فقد كان يتجاوز حدود ما يمكن للفرخ تخيله.
“أنتِ تكذبين.”
“ولماذا أكذب؟”
وسرعان ما اقتنع التنين، فقد أوفت أرييلا بوعدها حين أخذته من الكهف. لم تكن مثل المدرّبين الذين خدعوه مرارًا بوعد فكّ السلاسل إن أطاعهم.
‘أرييلا يمكن الوثوق بها.’
كانت هذه أول مرة يتعلّم فيها التنين الذهبي معنى الثقة منذ ولادته.
حينها حدث هذا الأمر.
“…..هاه؟”
تجمدت ملامح أرييلا الهادئة بسرعة من جديد. و ركّزت على الإحساس الذي يشبه من يشدّها من مؤخرة رأسها.
والآن صارت قادرةً على تحديد ليس فقط اتجاه السحر بل أيضًا المسافة التقريبية والسرعة.
“يبدو أنهم سيلحقون بنا خلال خمس دقائق.”
كان جنود القافلة هم من يتعقبونهم.
حين سمع التنين ذلك، ارتسم الحذر في عينيه أيضًا، بينما نقر لودفيك بلسانه،
“تباً، ما أدهى إصرارهم.”
وبعد لحظات، جاء صوت حوافر الخيل من الاتجاه الذي قطعوه، وبدأ الجنود يظهرون واحدًا تلو الآخر.
ودأطلقوا صيحات غاضبة مليئة بالشتائم.
“أمسكوا به! أمسكوا ذلك التنين فورًا!”
وجّه جنود عشيرة الشياطين سهامهم وأسلحتهم السحرية إلى الأمام، عازمين على الإمساك به حتى لو أصيب.
فحتى لو انخفضت قيمته كغنيمة، كان ذلك أفضل من خسارته بالكامل.
حين التقط التنين صوتًا مألوفًا بينهم، أطلق زئيرًا غليظًا. فمدت أرييلا يدها وربّتت على رأسه.
“لا تقلق، الشخص الذي يهرب معنا الآن، رغم شكله، قويٌ جدًا.”
“أنا أسمع كل شيء!”
“قويٌ جدًا؟”
“إنه ملك الشياطين.”
أومأ لودفيك بوقاحة مؤكدًا.
“صحيح، أنا ملك شياطين قوي.”
“قويٌ وفقيرٌ أيضًا.”
“قلت لكِ أنني أسمع كل شيء!”
لكن بدل أن يطمئن، بدا أن حذر التنين قد ازداد.
‘ملك الشياطين..…!’
إذ لم يكن ذلك الوصف مما يسرّه على الإطلاق.
ومن دون أن يلحظ أحدٌ مشاعره، ترك لودفيك اللجام من يديه.
ووش-!
ثم قفز بقوة من فوق ظهر الحصان المنطلق، معتمدًا على قوة ساقيه وخصره فقط من دون استخدام يديه.
تك-!
قفز عاليًا، واستقر واقفًا بكلتا قدميه على ظهر الحصان الراكض.
“واو!”
فانفلتت صيحة الإعجاب تلقائيًا، إذ لم يسبق لهم رؤية مهارةٍ كهذه.
و يبدو أن لودفيك كان راضيًا عن رد فعلهما.
وبقليلٍ من التفاخر، أدار ملك الشياطين جسده. و امتدت يده اليمنى تلقائيًا نحو جهة رأس الحصان، بينما توجهت يده اليسرى نحو مؤخرة الحصان، أي باتجاه الأعداء المطاردين.
ثم رفع يده اليسرى مباشرة.
فوووووش-!
تكثف الهواء وتجمع حول كفّه. وقبل أن تصل سهام الشياطين وأسلحتهم السحرية إلى هنا، كان سحر لودفيك قد اكتمل أولًا.
وكعادته دائمًا، أطلق إطلاقاً فورياً دون أي تعويذة. و في تلك اللحظة، امتلأت أعين الجنود بضوء أحمر ساطع.
“ما هذا-؟”
لم تتح لهم فرصةً حتى لإكمال الجملة.
كووووواااانغ!
إذ شق عمودٌ هائل من النار السماء وهو يحرق الهواء.
“آااااااه!”
“مـ…..ماذا؟”
أصيب الجنود بالذعر. و انفجرت الأرض التي يقفون عليها، واندفع سيلٌ هائل من اللهب نحوهم.
ثم دوّى صوت الانفجار، وغطت موجة الصدمة أرجاء المكان. فتطاير جنود عشيرة الشياطين وهم محاطون باللهيب.
“آااااه!”
“جسدي…..جسدي يحترق! أنقذوني! أنقذوووني!”
لم يُمهلهم لودفيك ليستفيقوا، بل أطلق سحره من جديد على التوالي.
و إن كان السحر الأول عمودًا من النار، فإن الثاني كان جدارًا من اللهب.
وما هي إلا لحظاتٌ حتى استُدعيت عشراتٌ من رماح اللهب التي انهمرت فوق الجنود.
كان هذا هو نفس السحر الذي استخدمه سابقًا حين دبّر مشهد اختطاف أرييلا في عالم البشر.
فوووووش-!
أمطر السماء مطرٌ من لهب مشتعل متوهج. كجحيم ناري حقيقي قد انفتح على أرض الواقع.
بوم! بوم بوم!
“آاااااه-!”
تحوّل الجنود الذين أصابتهم النيران مباشرةً إلى رماد قبل أن يتمكنوا حتى من الصراخ.
أما من حالفه الحظ ونجا من الضربة المباشرة، فقد ارتاع من لفح الحرارة وشرع يفرّ بجنون.
ولم يجرؤ أيّ منهم بعد ذلك على محاولة ملاحقة أرييلا ورفاقها.
“ههه، الأمر بسيط.”
نفخ لودفيك ساخرًا، ثم جلس على ظهر الحصان بخفة لا تقل عن خفته حين قفز واقفًا عليه.
تصفيق-! تصفيق-!
فصفقَت أرييلا بحماس.
وبينما كان كتفا لودفيك يعلوان فخرًا، كانت أرييلا تحدّق في ساحة المعركة المشتعلة، مسترجعةً في ذهنها المشهد الذي رأته للتو.
“إنها أشبه بحيلة استعراضية، لا أظن أنني أستطيع تقليدها أبدًا.”
“هل تريدين أن أعلّمكِ؟”
“ألستَ أنت من قلت أنكَ الوحيد القادر على فعلها؟”
“لا، أعني طريقة القفز على ظهر الحصان من دون استخدام اليدين..…”
“لا، أقصد السحر! السحر!”
لقد راقبته اليوم بتركيز شديد، لكن على عكس باقي الشياطين، لم يكن بإمكانها تقليد السحر الفريد الخاص بلودفيك.
كانت تدرك أن الطاقة السحرية تتحرك بطريقة غريبة، لكن حتى مع إحساسها ومهارتها، كان من المستحيل محاكاته.
كان يُظهر إحساساً مختلف تمامًا عن الشياطين العاديين من الأساس.
“أشعر بالفضول، لكن لا حيلة لي، خاصةً وأنكَ أنت نفسك تقول أنك لا تعرف كيف تفعله.”
حينها جاء الصوت.
“أنا أيضًا أريد أن أفعل ذلك.”
وانتقلت أنظار أرييلا ولودفيك في الوقت نفسه إلى مصدر الصوت.
يبدو أن من انبهر بالانفجار المذهل قبل قليل لم تكن أرييلا وحدها. فحتى التنين الصغير كان قد راقب مشهد إطلاق لودفيك لسحره بتعبير غامض.
“ماذا؟ أنتَ؟”
نفخ لودفيك ساخرًا وكأنه يسمع أمرًا مستحيلًا.
“هذا ليس شيئًا يمكن تعلمه والقيام به.”
“لكنني سأفعله حقًا.”
كان في ذهن التنين صورةٌ واضحة من بين كل ما أراه ملك الشياطين من سحر، وهي تحديدًا المشهد الأول حين أطلق عمود النار الهائل.
ومنذ أن رأى ذلك، أيقظ شيئاً ما في داخله بشكل غريزي.
لكن لودفيك، الذي لم يكن بإمكانه معرفة ذلك، اعتبر الأمر مجرد تهور من تنين صغير، ولم يلقِ له بالًا.
أما أرييلا فابتسمت بمرح وكأن الأمر لا يهم.
“إذاً هيا نعود، إلى المنزل.”
وانطلقت الخيول، وهي تحمل الإنسان وملك الشياطين والتنين، تشقّ البرية الخالية من الملاحقين كالعاصفة.
***
“آاااااه!”
طنين المعدن-!
دوي-!
تحطّم-! دوووي-! دووي-!
في مقر قافلة فيدوِك. و في مكتب سيد القافلة، دوّى لفترة طويلة صوت تكسير وتحطيم الأثاث الذي كان يرميه ويدمره أحد الشياطين الغاضبين.
زمجر باغيس فيدوِك كوحش هائج.
“أولئك الحمقى الأغبياء!”
كان سيد القافلة يرى أن المهمة التي أوكلها لرجاله سهلةً وبسيطة للغاية.
تنينٌ صغيرٌ مقيّد بسلاسل كثيرة تمنعه حتى من الحركة السليمة. و لم يرَ العالم الخارجي في حياته قط، أبيض الصفحات كالورقة الفارغة.
لكن بحسب الرسالة التي وصلته لتوّه، فقد فشل رجاله في أداء تلك المهمة أيضًا.
طقطق بأسنانه غضبًا. و صرّ على أسنانه حتى تكاد تطحن بعضها، وقد انكمش الخطاب في قبضته حتى صار من الصعب تمييز شكله.
شعر وكأن رأسه سينفجر. ولم يكن سبب غضبه العارم هو أسفه على المال الذي أنفقه على التنين طوال الفترة الماضية.
وليس فقط لأنه أضاع فرصةً لجني ثروة طائلة.
‘ماذا لو تسرب هذا الأمر إلى الخارج؟’
احتقنت عينا باغيس فيدوِك بالدم.
فالهوية الحقيقية لمن اختطفوا التنين ما تزال مجهولة. وما يخشاه أكثر من أي شيء الآن، هو انكشاف حقيقة أن قافلة فيدوِك كانت تحتجز التنين.
“هذا خطر……إنها أزمةٌ لا أستطيع تحملها!”
فعلى الرغم من كل الضغط الذي مارسه، لم يتمكن رجاله من إخضاع التنين تمامًا وغسل دماغه كما أراد.
ووفق الخطة، لم يكن من المفترض الإعلان عن وجود التنين إلا بعد بيعه لملك الشياطين، حين يصبح مطيعًا تمامًا، يتحدث ويتصرف وفق ما يُملى عليه. وكأنه يتبع سيده بإرادته الخاصة.
لكن الآن، راحت تندفع في ذهن سيد القافلة تصوّراتٌ مشؤومة.
فماذا لو أن التنين الذي تعرّف على العالم الخارجي مبكرًا أدلى بشهادته عن كل ما جرى معه دون تحريف أو كذب؟
وماذا لو وصلت تلك القصة إلى آذان “أُناسٍ معيّنين”…؟
فشعر باغيس بقشعريرة باردة تسري على طول عموده الفقري.
____________________
واو من ذولا الي خايف منهم لايكون عندهم هيئة حقوق التنانين؟
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 45"