التنين مشهورٌ بأنه يعتني بصغاره بحرص شديد. فما بالك إذا كان ما يزال على هيئة بيضة لم تفقس بعد، إذ يُقال أنه يحتضنها ويحميها بكل ما أوتي من قوة.
لذلك، من الناحية المنطقية، لا يمكن لبيضةٍ تنين أن تُترك من دون والديها. إلا في حالات استثنائية للغاية.
“سيدي رئيس القافلة، لقد تم العثور على بيضة بلا مالك في وادٍ من البرية!”
“بيضةٌ متروكة؟ أي وحش هي؟ غريفين؟ غارغويل؟”
“لا، في الحقيقة……بعد أن قرأت محتوى الرسالة، يبدو أنها بيضة تنين.”
“……ماذا قلت؟”
نادراً ما يحدث أن يُعثر على بيضة كهذه.
كأن يموت والد التنين فجأة في حادث غير متوقع، أو يكون عاجزًا في تلك اللحظة عن العودة لاحتضان البيضة.
بالنسبة للمخلوقات العادية، فإن البيضة المهملة بهذه الطريقة تموت بشكل طبيعي.
لكن التنين يظل تنينًا؛ فحتى وهو على هيئة جنين داخل البيضة، يملك القدرة على النجاة دون دفء الحضن.
كما يدخل التنين البالغ في سبات شتوي، تتوقف البيضة عن النمو وتبطئ عملياتها الحيوية، بما في ذلك نبضات القلب، حتى تتوفر الظروف المناسبة.
وتظل تنتظر عودة والديها. سواءً كان ذلك بعد عشر سنوات، أو مئة، أو ألف سنة.
انتظرت ثم انتظرت، متشبثةً بالبقاء بعناد. مثل بذرة مدفونة في أرض متجمدة تنتظر قدوم الربيع البعيد.
“يبدو أن العربة التي كانت في طريقها للتجارة و سقطت بالصدفة أسفل الوادي، وهناك اكتشفوها. لقد شعروا بطاقة غريبة منها فلم يجرؤوا على لمسها وبقوا يراقبونها حتى الآن. لكن بعدما عرفوا حقيقتها، فهم ينتظرون أمر التصرف بها……”
“تمهل.”
عندما يعثر الشياطين على بيضة تنين بلا صاحب، يكون من عادتهم كسرها سرًا دون إبلاغ سلالة التنانين. ذلك لأن التنين البالغ يشكل تهديدًا على الشياطين.
لذلك، كان من الطبيعي أن يتوقع التابع صدور أمر بالتخلص منها.
لكن باغيس فيدوِك كان يفكر بشيءٍ آخر.
“هذا الأمر، لا يعلم به أحدٌ سوى قافلتنا، أليس كذلك؟”
“……عفوًا؟ نعم، هذا صحيح.”
“متى تُركت تلك البيضة؟”
“آخر سجل يذكر أن تنينًا عاش في ذلك الوادي يعود إلى ألف سنة مضت. ومع ذلك فالمعلومات شحيحةٌ للغاية، حتى أننا لا نعرف أي نوع من التنانين كان، ولا إن كان قد مات، ولا حتى سبب تركه للبيضة.”
زاد هذا الكلام من اهتمام فيدوِك.
وبحسب ما ورد في الرسالة، فإن قشرة البيضة تتلألأ بلمعان ذهبي خافت.
“تنينٌ ذهبي إذاً.”
أحد أندر سلالات التنانين التي يصعب العثور عليها في العصر الحالي.
في عالم الشياطين، هناك أسطورةٌ أشبه بالخرافة تقول أن التنين الذهبي رمزٌ للرخاء والازدهار، وأن الأرض التي يسكنها تحلّ عليها بركة لا ينضب فيها الذهب.
لكن باغيس فيدوِك لم يكن يؤمن بمثل هذه الخرافات.
فلو كان التنين الذهبي يجلب بالفعل الثروة والحظ، لما خاض الشياطين حروبًا دامية مع التنانين عبر التاريخ.
ومع ذلك، قرر باغيس فيدوِك أن يُفقس البيضة.
“أغلقوا الموقع فورًا، وأرسلوا الرجال والمؤن سرًا. وابحثوا عن أي حالات سابقة لفقس بيضة تنين بلا والدين! يجب أن يظل هذا الأمر محصورًا بين عدد محدود جدًا من أفراد القافلة.”
ومرةً أخرى، لم يكن فيدوِك، الرجل العملي الواقعي، يؤمن بالأساطير الباطلة.
لكنه كان يؤمن بقوة المال، ويؤمن أيضًا بأن بعض ملوك الشياطين حمقى بما يكفي ليعتمدوا على مثل تلك الخرافات.
“بالنسبة لملك الشياطين، سيكون ذلك المخلوق أشبه بتميمة تعيد الازدهار لإقليمه. لن يستطيعوا مقاومة الإغراء.”
بل إن أصحاب المراتب العليا غالبًا ما يكونون أكثر ميلًا للاعتماد على مثل هذه الحكايات السخيفة.
“إذا فقست البيضة، فإن ذلك الصغير سيباع بثمن يفوق الخيال!”
كان باغيس فيدوِك تاجرًا حتى النخاع.
“تخيلوا الأمر، إذا جرى تدريبه جيدًا، فستكون هناك فرصةٌ لامتلاك تنين مرعب كخادم. لا بد أن أحد ملوك الشياطين سيقع في هذا الإغراء!”
في البداية، فكر في نقل البيضة إلى مقر القافلة، لكن مراجعة السجلات القديمة جعلته يقرر إبقاءها في الوادي وحمايتها بحراسة مشددة.
ذلك لأن فقس بيضة التنين يتطلب حضانتها في نقطة مشبعة بالسحر، والوادي الذي وُجدت فيه كان تمامًا كذلك.
فهو مكانٌ تتدفق فيه طاقة سحرية كثيفة للغاية، لا تصلح للكائنات العادية، لكنها مثاليةٌ لكائنات استثنائية كتنين.
أرسل باغيس فيدوِك رجاله إلى مكان فقسٍ سري.
وبالنسبة للبيضة، سواءً كان ذلك حظًا سيئًا أم حسنًا، فقد نجحوا في النهاية. و خرج فرخ التنين الذهبي من قشرته.
***
تشااك-!
بعد أن أنهى سماع القصة، لوّح لودفيك بسيفه. فسقط جنود القافلة الموثقون بالحبال قتلى دون أن يتمكنوا حتى من إطلاق صرخة.
“هؤلاء الأوغاد قد جنّ جنونهم تمامًا.”
انتهى الاستجواب. و الآن بات واضحًا تمامًا ما الذي كان يفعله باغيس فيدوِك هنا.
لكن ما زالت هناك معلومةٌ واحدة لم يحصلوا عليها.
فاقتربت أرييلا بحذر من التنين، لكن لودفيك أوقفها.
“مهلًا، انسِي الأمر.”
كان التنين موثقًا بقيود قوية للغاية. حتى الجنود الذين كانوا يحرسون المكان لم يعرفوا كيف يفكونها.
“أخذ الفرخ معنا الآن أمرٌ مستحيل. لا طريقة لكسر هذه القيود. سنخرج أولًا، ثم نعود لاحقًا……”
لكن أرييلا هزت رأسها.
“إذا انكشف أمر التسلل، فلن نحصل على فرصةٍ ثانية. سيقومون بتهريبه فورًا. ثم إن هذا الصغير يعاني بشدة الآن. يجب أن نحرره.”
قيل أن الفرخ منذ لحظة ولادته وُضعت عليه القيود وخضع لتدريب على الطاعة.
فحتى يتم بيعه لاحقًا إلى أحد ملوك الشياطين، يجب أن يكون في حالة نفسية خانعة ومطيعة. بل وحتى بصره حُجب دائمًا كما هو الحال الآن.
‘هذا يعني أنهم وضعوا العصابة على عينيه قبل أن يتمكن حتى من فتحهما بعد الفقس؟’
والسبب، كالعادة، يعود إلى الأسطورة.
تقول الأسطورة أن التنين بعد الفقس يرى أول من يصادفه كأب له، ويتبعه ويطيعه كما يحدث في ظاهرة الانطباع عند الطيور.
كان فيدوِك ينوي أن يزيل العصابة لأول مرة أمام مشتري التنين. أي أن هذا الفرخ، رغم امتلاكه عينين سليمتين تمامًا، لم يرَ العالم قط.
‘حتى لو كانوا شياطين، كيف يمكنهم فعل شيء كهذا؟’
وحين اقتربت منه، أطلق التنين من خلف اللجام صوتًا غاضبًا وخشنًا.
“غررر……غرووور!”
كان تدريب الطاعة طوال الفترة الماضية عديم الفائدة تقريبًا. فالتنين بطبيعته رفض الخضوع غريزيًا.
وكدليل على ذلك، حاول الفرخ، رغم أنه لا يرى، أن يبسط جناحيه مهددًا باتجاه أرييلا.
لكن في كل مرة كان يفعل ذلك، كان يُسمع صوت صليل من احتكاك السلاسل، إذ كانت القيود ما تزال تكبّل حركته.
‘قالوا أن الصوت يصل إليه، أليس كذلك؟’
لا تدري إلى أي حدٍ قد يفهم، أو كم يمكن أن يصل إليه من مشاعرها، لكن……
تحدثت أرييلا الى التنين،
“لقد جئنا لننقذكَ.”
“غررر!”
“لن تبقى مقيدًا هنا بعد الآن. سأخرجكَ إلى الخارج.”
“……غررر؟”
بدأت حركات التنين، التي كانت تلتف وتتلوى رافضةً اقترابها، بالهدوء. وأمال رأسه قليلًا، وكأنه يركز على صوت أرييلا.
“نحن جئنا من مكان مختلف عن الذين أسروكَ هنا.”
“…….”
“أنتَ لا تنتمي إلى هذا المكان. هل تعلم كم هذا العالم واسع؟ سأمنحكَ الحرية.”
“…….”
بدت الكلمات وكأنها تجد طريقها إليه.
“هيا، فلنخرج.”
الجناحان اللذان كانا منتفخين بتهديد انكمشا. والمخالب التي كانت بارزةً حادة على وشك التمزيق، سحبت نفسها عائدةً لتختفي داخل الأصابع.
‘جيد.’
تنفست أرييلا بارتياح في داخلها.
“أولًا، دعنا نتخلص من هذه القطع المعدنية المجنونة.”
مدّت يدها بحذر نحو القيود. و كان لودفيك يراقبها بعينين حذرتين ويمسك مقبض سيفه، مستعدًا للتدخل فورًا إذا حاول الفرخ الهائج إيذاء أرييلا.
“……!”
و في لحظة التوتر تلك، لامست أصابعها القيود. فارتجف التنين فجأة، لكنه لم يحاول أن ينتزع نفسه بعنف.
‘يا للراحة.’
جالت عينا أرييلا تتفقد جسد التنين في مواضع القيود.
بقدر ما كان قد قاوم وتلوى طوال الفترة الماضية، كانت القشور تحت المعدن قد انضغطت وتسلخت، وجراحه لم تلتئم بعد.
عندما رأت أرييلا ذلك، عضّت على أسنانها. وعاهدت نفسها أن تحرره مهما كلّف الأمر، ثم بدأت تتحسس تدفق السحر داخل الأداة السحرية.
ومع المراقبة الدقيقة، بدأت تدرك كيف تتدفق الطاقة وما التأثير الذي تحدثه.
‘يا إلهي……كم هو خبيث!’
كلما أمعنت النظر، أدركت حجم بشاعته. و لو كان الكائن أسيرًا من أي جنس آخر غير التنين، لكان قد مات منذ زمن.
‘أي شخص عديم الرحمة صنع مثل هذه الأداة؟’
حتى من تدفق السحر وحده كان بالإمكان الإحساس بنية شريرة واضحة.
“أرييلا!”
ناداها لودفيك بنبرة استعجال، لكنها ردّت،
“شش!”
وأكملت تحليل الإشارات السحرية التي تتنقل داخل القيد بسرعة.
ثم فتحت عينيها قليلًا،
“……أظن أنه يمكنني فك هذا الشيء.”
“……؟”
“لكنني بحاجة إلى مساعدتكَ.”
بسبب سحر التخفّي، كانت أرييلا قد استهلكت معظم طاقتها السحرية.
كان بإمكانها، كما فعلت من قبل، أن تجبر لودفيك على مدّها بالسحر، لكن ذلك لم يكن خيارًا حكيمًا في قلب معسكر العدو.
فإذا فقد ملك الشياطين وعيه هنا، ستكون مصيبة.
“المس هذا الجزء قليلًا.”
اقترب لودفيك بوجه متشكك. عندها بدأ الفرخ يزمجر مهددًا من جديد.
لكن أرييلا وضعت راحتها برفق على جبين التنين وربّتت عليه بهدوء،
“شش، اهدأ……أنتَ طيب، أليس كذلك؟ هذا الشخص أيضًا جاء ليساعدكَ، إنه ليس سيئًا.”
“……غررر!”
ثم وضع لودفيك يده على القيد.
“حاول أن تحرك السحر كما سأريكَ.”
بدأ يرسل السحر بحذر. لكن من وجهة نظر أرييلا، لم يكن الأمر بالمستوى المطلوب.
‘كل تلك المهارة التي يمتلكها هي لتدمير الأشياء وإحراقها، لكن في هذا……ضعيفٌ تمامًا.’
في النهاية لم تستطع أرييلا الصبر، فوضعت يدها بسرعة فوق ظاهر يد لودفيك التي كانت تلامس القيد.
“……؟”
و في تلك اللحظة، توترت عضلات ظهر لودفيك وارتجف قليلًا. لكن أرييلا لم تهتم بردة فعله، وقالت ما أرادت قوله فقط،
“اتبعني، سأقودكَ.”
أرسلت أرييلا دفقةً صغيرة من طاقتها السحرية. و دارت هذه الطاقة دورةً كاملة في كف لودفيك قبل أن تتسلل داخل القيد.
وبفضل مرورها بجسد لودفيك في الطريق، أصبح بإمكانه أيضًا أن يشعر بوضوح بحركة السحر. فأخذ يرسل سحره متبعًا المسار الذي أرشدته إليه.
وعلى عكس طاقة أرييلا الضعيفة، كانت طاقة لودفيك قويةً وعميقة.
لا يُعرف كم استمر ذلك……حتى دوّى فجأة صوت طنين وارتطام: تشانغرانغ!
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات