أمامهم كان هناك كهف. و مدخله كان محجوبًا بباب حديدي سميك، فلم يكن بالإمكان رؤية ما بداخله.
يبدو أن هذا الكهف قد تم تعديله بعد أن تكوّن بشكل طبيعي.
فعبست أرييلا.
“أهذا سجنٌ لاحتجاز شيء ما؟”
تحسست القشرة التي كانت تخبئها في صدرها. و شعرت بنفس الذبذبات تنبعث منها.
فأومأت برأسها مؤكدة.
“لا شك أن ما نبحث عنه موجودٌ هناك.”
هل سُجن صاحب هذه القشرة؟ ولماذا؟
توالت الفرضيات في رأسها.
سلالةٌ تملك حراشف ذهبية. هدف يجب على فيدوِك أن يخفيه في مكان ناءٍ كهذا بعيدًا عن أعين الجميع.
و قد خطر في بالها احتمالٌ بدا معقولًا قليلاً. لكن حتى أرييلا نفسها لم تستطع تصديقه لشدة لا معقوليته.
‘حتى لو كان فيدوِك، هل ذلك ممكن؟ إلا إذا أخرج قلبه من صدره وأهداه بيده.’
لن تعرف الحقيقة حتى تراها بعينيها.
ثم سمعت صوت لودفيك يعلو من العدم.
“ما الخطة؟”
كانت أرييلا قد حسمت أمرها.
“خطةُ ماذا؟ طالما وصلنا إلى هنا……”
قبضت على قبضتيها بإحكام.
“فلا بد من إنهاء الأمر.”
كيف سيتجاوزون هذا الحاجز؟
قبل حتى أن يبدؤوا بوضع خطة، تحدث لودفيك وكأنه فهم ما تنويه.
“حسنًا، سأذهب.”
ثم سُمع صوت سحبه لسيفه.
“ما الذي تنوي أن تفعله؟”
“سأتسلل بهدوء وأقطع عنق الحرّاس. سيكون سريعًا لدرجة أنهم لن يدركوا حتى أنهم ماتوا.”
“أنتَ تعيش حياتكَ ببساطة عجيبة. أتظن أن قطع رقبة الحارس سيفتح الباب المغلق من تلقاء نفسه؟”
“وماذا تقترحين؟”
قد لا يكون هذا الباب الحديدي من النوع الذي يُفتح بمفتاح عادي. ربما كان حاجزًا سحريًا يُفتح بكلمة تفعيل.
“أبقهم على قيد الحياة، سيطر عليهم فقط. فقد نحتاج إلى استجوابهم لاحقًا.”
“هذا منطقيٌ فعلًا.”
سُررررِنغ!
صدر صوت غمد السيف في الهواء.
فتمتمت أرييلا ساخطةً في سرّها، ‘يا له من رجل بسيط التفكير.’
لكن، على الأقل، صار يطيع الأوامر دون تذمر مؤخرًا، وهذه نعمةٌ بحد ذاتها.
“سأنطلق.”
تحرك لودفيك بهدوء. و لم يُسمع له وقع خطوات أو أثر حركة. ما يعني أن سحر التخفي يعمل بكفاءة.
في تلك الأثناء، تناهى إلى مسامعهم صوت حديث الجنود أمام مدخل الكهف المغلق.
“هااام! الوقت لا يمر أبدًا. كم الساعة الآن؟”
“لا يزال أمامنا خمس أو ست ساعات حتى بزوغ الفجر.”
“يا للسأم. هذا العمل اللعين يقتلني ببطء. متى سنعود إلى القاعدة؟”
“من يدري. قيل أن علينا إبقاء هذا المكان في طي الكتمان قدر الإمكان. حتى داخل القافلة، يجب تقليل عدد العارفين لأدنى حد. لذا لا تحلم بالتعزيزات في الوقت القريب.”
“تباً! هذا مزعجٌ جدًا. لم أتخيل يومًا أن أتحول إلى سجان. ليتني بقيت أتاجر في القوافل.”
“صدقت! رغم التعب والنوم في العراء، أشتاق لتلك الأيام التي كنا نجوب الطرقات. إلى متى سنبقى عالقين في هذا الخراب؟”
“ذاك الشيء الموجود هناك……متى ينوون بيعه؟ أظنه كبر بما يكفي الآن، أليس كذلك؟”
“ومن غير سيد القافلة يعلم؟ لما لا تسأله بنفسكَ؟”
“أوه، انسَ الأمر. لا أريد أن يطير رأسي دون سبب!”
لم يكن الجنود الذين يتبادلون الأحاديث يدركون قط، أنهم لو لم توقف أرييلا لودفيك، لكانوا حرفيًا فقدوا رؤوسهم.
“…….”
لودفيك، الذي تسلل خلسةً حتى بات على بُعد خطوات منهم، انخفض بجسده. وفي اللحظة التي ارتجف فيها كتفه الشفاف قليلًا،
فوووش-!
انطلق سيفه من غمده كقذيفة تنفجر، فمزق سكون الليل.
كانت الحركة سريعةٌ ومباغتة، حتى أن سحر التخفّي انكسر في اللحظة ذاتها.
“ما هذا؟!”
تجهمت وجوه الجنود وهم يلمحون لودفيك، المبارز الذي خرج فجأة من العتمة. لكن قبل أن يتمكنوا من الصراخ أو إطلاق أي نداء، دوى صوت مكتوم أولًا.
بوووم-!
ضربهم لودفيك بعنفٍ بغمد سيفه، فارتطمت مؤخرة رأس أحد الجنود بضربةٍ مباشرة، وتدحرجت عيناه إلى الخلف وهو ينهار أرضًا.
عند سقوط رفيقه، مدّ الجندي الآخر يده نحو سيفه محاولًا إطلاق صرخة.
“أنتَ……!”
لكن حركة لودفيك كانت سريعةً بشكل لا يُصدق.
و بدلًا من أن يسحب ذراعيه بعد الضربة الأولى، تابع بالحركة ذاتها، ورفع الغمد إلى الأعلى. وارتطم طرفه بأسفل فك الجندي الثاني.
طعخ-!
سقط الضحية الثانية متقيئًا دمًا، طريحًا لا يتحرك وكأنه فقد الوعي كليًا.
ثم عاد لودفيك وربط سيفه عند خصره وهو يتمتم،
“بسيطٌ جدًا.”
اعتبرت أرييلا تلك الكلمات إشارة، فخرجت من خلف الشجرة. وكان سحر التخفّي لديها قد زال كذلك.
“أحسنتَ عملًا.”
قالت ذلك بصوت منخفض وهي ترفع إبهامها بإعجاب. عندها ارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على زاوية شفتي لودفيك، بينما شدّ كتفيه ورقبته بفخر.
“هه! لأمرٍ بهذه البساطة؟ إنه أشبه بشرب الماء.”
حاول أن يبدو غير مبالٍ، لكنه لم يستطع إخفاء سعادته تمامًا.
وفي تلك الأثناء، كانت أرييلا قد جلست القرفصاء أمام الجنديين المغمى عليهما، وبدأت تفتش ما يحملانه.
“جيّد، يبدو أن الباب يُفتح بمفتاح عادي.”
قالت ذلك وهي تخرج مفتاحًا يبدو غريب الشكل وواضح الأهمية.
“تبًا، يعني كان بإمكاننا قتلهم بعد كل شيء.”
“لا بد أن نحتفظ بأسير نستخرج منه المعلومات.”
قالت ذلك وهي تمسك المفتاح بإحدى يديها، ثم رمت إلى لودفيك الحبل الذي كان بحوزة الجندي. و قد كان حبلاً سحرياً.
“اربط يديه وقدميه وفمه بإحكام.”
فنفذ لودفيك الأمر بصمت ودون تردد.
كرك-! تشك-!
فتحت أرييلا الباب الحديدي الذي كان مغلقًا، ثم دخلت بحذر إلى الداخل. ولحق بها لودفيك وهو يجرّ الجنديين المغمى عليهما.
وما إن توغلت أرييلا قليلًا حتى توقفت فجأة عند رؤية شيء ما.
“يا إلهي، لا يمكن أن يكون……”
نبض-! نبض-!
ارتج قلبها بعنف مع الصدمة. فقد كان ذلك الحدس السيئ الذي راودها……حقيقة.
تجمد بصرها في نقطة واحدة كأنه التصق بها. و زفرت من أعماق صدرها تنهيدةً ممزوجة بالغضب.
غضبٌ واضح، نقي، وحارق.
“فيدوِك……أيها الشيطان المجنون!”
وبعد ثوانٍ معدودة، رأى لودفيك المنظر ذاته فتجمد بدوره.
“……؟”
و ارتعش حاجباه.
قطعت أرييلا كلماتها فجأة، ثم وضعت راحتها على فمها بذهول.
ففي نهاية الكهف كانت هناك غرفةٌ صغيرة مخفية. جدرانها كانت مشدودة بسلاسل سحرية متشابكة بعدة طبقات.
و تلك السلاسل كانت تقيد الكائن الموجود في وسط الغرفة بإحكام.
شعرت أرييلا بتدفق سحر كثيف ينبعث من القيود.
“إنها تعاويذ لسحب طاقة الخصم وشلّ حركته بالكامل.”
مجرد تقييده بواحدةٍ من تلك السلاسل كافٍ لتُدخله في حالة إنهاك فوري، أما اثنتان فستجعله يفقد الوعي.
لكن ذلك الكائن أمامهم كان مقيدًا بعدة من تلك القيود السحرية.
ثلاثةٌ على عنقه الطويل وحده، و اثنان على ساقيه الأماميتين، و اثنان على ساقيه الخلفيتين، و واحدٌ على كل جناح من جناحيه، بالإضافة إلى قيدٍ كبير يلتف حول جسده بأكمله.
كل هذه الأدوات السحرية كانت موصولةً بسلاسل معدنية تشده إلى جدران الغرفة حتى لا يستطيع الحراك مطلقًا.
عضّت أرييلا شفتها السفلى بقوة حتى أوشكت أن تنزف.
‘هذا ليس إلا تعذيبًا!’
كم كان ذلك مؤلمًا؟
حتى إنسانٌ مثلها لو وُضع في مثل هذا الوضع لتعرض لألم يفوق احتماله وانهارت روحه.
فكيف إذًا بذلك الكائن، الذي ينتمي إلى سلالة تعتمد على الطاقة السحرية اعتمادًا جوهريًا؟
كأنهم يتنفسون السحر كما يتنفس الإنسان الهواء، ويمتزجون به كما يمتزج الدم في شرايين القلب.
وبالنسبة لكائن بهذه الطبيعة، فإن وضع مثل تلك القيود عليه لا يُمكن تخيل مقدار العذاب الذي يتعرض له.
طَق… طَق…
اقتربت أرييلا ببطء من الكائن المربوط. وكلما اقتربت أكثر، تَجلّى لها مدى المأساة بوضوح أكبر.
جسده كان مغطى بجروح كثيرة وكبيرة، والحراشف الذهبية التي كانت تكسو جلده اختفت من عدة مواضع وظهرت الفراغات بينها.
بل حتى فمه وعينيه كانا مختومين بقيود خاصة.
وكانت المنطقة حول عينيه ملتهبةٌ ومتقيحة بشكل بالغ، ما يشير إلى أن ذلك القيد لم يُنزع عنه منذ زمن طويل.
كرك-!
اقتربت أرييلا بحذر. ويبدو أن الكائن لاحظ وجودها، إذ بدأ ينهض ببطء من وضعه المتهالك.
“……غغ……غغغغ!”
خرج صوتٌ مشوّه من خلف فمه المختوم، لا يُفهم منه شيء.
حتى عندما رفع رأسه، لم يكن حجمه كبيرًا، بل بدا أصغر بقليل من الحصان الذي جاءت به أرييلا.
لكن لو نما بشكل كامل، فسيصبح حجمه أضعافًا مضاعفة، مئات المرات أكبر مما هو عليه الآن. بمعنى آخر، هو لا يزال “طفلًا”، لم يبلغ بعد سن الرشد.
فتنهد لودفيك بصوت شاحب مرتجف،
“هاتشلينغ*؟”
* هاتشلينغ تعني تنين صغير جدًا لم يبلغ سن الرشد بعد – أي أنه لا يزال في طور الطفولة، وقد خرج من البيضة مؤخرًا أو منذ مدة قصيرة.
هو أضعف مراحل عمر التنين، قبل أن يصبح وايرن (صغير بالغ) أو تنين كامل النمو.
وبالتالي، عندما يُقال “هاتشلينغ من التنانين الذهبية”، فالمقصود:
فرخ تنين ذهبي صغير لم يبلغ بعد، لا يزال في بداية حياته
“نعم.”
أومأت أرييلا برأسها وهي تنظر إلى الحراشف الذهبية الظاهرة من تحت القيود. وفي عينيها، تلألأت شراراتٌ من الغضب الحاد.
“إنه أيضًا هاتشلينغ من التنانين الذهبية!”
________________________
توه نونو وجع في فيدوِك ياحماااااااار
لودفيك قبل يصير ملك كان نينجا؟ حركاته واو هيبه بس يوم مدحته ارييلا مدري وين راحت😭
علاقتهم تجننن بصرخخخ
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 42"