بالطبع، لم تسامح أرييلا الحصان الذي تجرأ على رفضها.
“حسنًا، لنبدأ صراع الإرادة. إنه أمرٌ مهم.”
و فورًا، أطلقت سحرها لتأديبه. كشبكةٌ سحرية انتشرت أمام الإسطبل.
السحر نفسه الذي قيّد حركة مصاص دماء من المستوى العالي، أُطلق من جديد. فما بالك بحصان؟ لا يمكنه احتمال ذلك إطلاقًا.
الطاقة السحرية الكثيفة التفت حول عنقه وأسقطته أرضًا. ثم دوّى صوت ارتطامه بالأرض، “دونغ!”، حتى اهتزت التربة.
“حصانٌ يجرؤ على مهاجمة إنسان؟ لا بد من تهذيبه قبل أن يُستخدم.”
سيطرت أرييلا على الطاقة السحرية المتشابكة وسحبت عنق الحصان المُلقى أرضًا. وكأنها تنقش في ذاكرته من هو سيده الحقيقي.
بينما لودفيك وريتشموند وغرويب كانوا ينظرون إليها مندهشين وأفواههم فاغرة. أما أولكن، المعتاد على صراعات الهيمنة بين الوحوش، فقد انفجر ضاحكًا.
وبعد مرور بضع دقائق……
“حسنًا، ها أنتَ قد أصبحت لطيفًا الآن.”
استسلم الحصان أخيرًا. و اعترف بأرييلا كمالكةٍ له.
ومنذ ذلك الحين، صار الحصان يتحرك وفق إشارتها فقط. بل عندما تقترب منه، كان يطأطئ جسده لتسهيل صعودها عليه.
وكان هذا التصرف تحديدًا أمرًا لم يسبق حتى أن فعله حصان لودفيك.
تقعقع-! تقعقع-!
عاد تركيز لودفيك إلى اللحظة الراهنة. بينما تردد وقع حوافر الخيل التي تركض بخفة في أذنيه.
وحين زاد من سرعته قليلًا، لحقت به أرييلا بسهولة.
كان ركوبها كان لا تشوبه شائبة، كما في كل مرة.
‘تعتاد كل شيء بسرعة، وتتعلم بسرعة أيضًا.’
هل كل البشر هكذا؟
لا، حتى لودفيك كان يعلم أن الأمر ليس كذلك.
ربما كانت أرييلا من النخبة النادرة حتى بين البشر.
‘لذلك أصبحت أميرة، على الأرجح.’
رأى لودفيك أن طبعها لا ينقصه شيء لتكون حاكمةً بحد ذاتها.
ولعله، مثلما فعل هو، شقّت طريقها بالتخلص من كل من يعترضها وتحطيم كل ما يقف في طريقها.
‘كيف انتهى بها المطاف في عالم الشياطين؟’
والآن بعد أن فكّر في الأمر، لم يسمع القصة بعد.
لماذا ورثت وريثة العرش الملكي عرشًا ثم استدعت ملك الشياطين لتذهب إلى عالم الشياطين؟
كان فضوله يزداد. ليس فقط بشأن ماضيها، بل أيضًا بشأن خلفية تمثيليتها في اختطاف نفسها.
اهتمامه وفضوله تجاه أرييلا كانا يتضخمان يومًا بعد يوم.
“يبدو أننا وصلنا.”
أخيرًا، وصلا إلى الوادي. أرضٌ لا يحكمها أي ملك شيطاني، ولا يسكنها جنّ أو أورك، أرضٌ مهجورة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
ولا شمس تضيء ما حولها. بل يعمها ليلٌ مظلم وكامل، كما هو حال العالم البشري.
تقدّما بحذر إلى داخل الوادي. وبينما كان لودفيك يراقب محيطه بحدّة، عبس قليلًا.
“لا توجد أي آثار مرور لعربة.”
“لو وُجد شيءٌ كهذا، لكان أتباع ناوم قد عثروا عليها فورًا. يبدو أن من مرّ من هنا أزال كل أثر، حتى آثار العجلات.”
راح الاثنان يفتشان الوادي دون أي معالم أو أدلة تهديهم. ومع مرور الساعات، لم يظهر أي دليل مقنع.
“علينا أن نستعد للمبيت. لا يمكننا إشعال النار هنا، لذا لنغادر الوادي أولًا.”
فوجود مجموعة فيدوِك في الجوار يعني أن أي ضوء سيكشف عن مكانهم بسهولة.
مُشيرًا إلى ذلك، اقترح لودفيك التراجع مؤقتًا إلى خارج الوادي. لكن……
“مرحبًا، قلتُ لنرجع الآن.”
المتعاقدة لم تُجب. بل وقفت في مكانها كأنها سُمّرت في الأرض.
شعر لودفيك بالارتباك، ونادى اسمها لأول مرة منذ زمن.
“أرييلا؟”
وقد ظهرت في ملامح أرييلا لمعةٌ غريبة.
كانت تقف كتمثال دون أن تتحرك، بعينين متوهجتين تحدقان في نقطة محددة.
“ما الأمر؟”
ثم مدّت أرييلا إصبعها نحو فمها.
“هش!”
فوجئ لودفيك بنفسه وهو حتى يكتم أنفاسه دون وعي. رغم أنها المتعاقدة التابعة له، إلا أن الوضع الآن بدا وكأن الأدوار قد انقلبت.
وبينما كان يلتزم الصمت، كانت أرييلا تركز كل وعيها داخلها.
“…….”
ولأنها سبق أن فعلت هذا من قبل، كان الأمر أسهل هذه المرة.
شعرت كما لو أن وعيها يتمدد. و الإحساس الذي كان يتدفق في جسدها بدأ الآن يتسلل في الهواء، منتشراً بخفة ليغمر ما حولها.
وفي منتصف هذا التدفق، ارتطم بشيء وخلق دوامةً صغيرة.
رغم أن ما حدث كان في مكان بعيد لا تصل إليه يد، إلا أنها شعرت به بوضوح، كأن شيئًا مس جلدها مباشرة.
“هناك……هناك شيء. شيءٌ يشبه هذا القِشر.”
وبعد لحظة، همست بحدسها مجددًا.
“لا، ليس مجرد تشابه. إنه مطابقٌ تمامًا.”
و اخترقت لحظة إدراكٍ رأسها. ثم صرخت،
“……وجدته!”
و تعلّقت عيناها الواضحتان باتجاه معين.
“هناك!”
وبدون أي تردد، بدأت تخطو نحو الاتجاه الذي شعرت به.
“أوه، لا تنطلقي وحدكِ هكذا! اذهبي مع أحد على الأقل! ألا تخافين أبدًا؟!”
صرخ لودفيك وهو يلحق بها بغضب. أما أرييلا، فتابعت طريقها بوجه شديد التركيز.
وعند رؤيتها، تذكّر لودفيك ما حدث مؤخرًا أثناء مطاردتهم لبيفار.
بعد أن تقدما قليلاً في الطريق، مدّ ملك الشياطين يده ليوقفها.
“هناك شيءٌ في الأمام.”
حتى لودفيك استطاع الشعور به الآن.
طبيعة الوادي لم تكن سهلة، وكانت الصخور الكثيرة تحجب الرؤية. ومن خلف جرف صخري أمامهم، أمكن الشعور بوجود عددٌ كبير من الأشخاص مجتمعين.
و بعد أن اقتربوا إلى هذا الحد، لم يكن الأمر بحاجة إلى قدرة أرييلا الخاصة حتى يُدرك.
أكد لودفيك في نفسه من جديد أنها كانت على حق، ولم يتمالك نفسه من الإعجاب.
“هذا أقرب إلى قوى خارقة.”
“لا تبالغ. طاقة القِشر تلك……ربما يكون صاحبها هناك؟”
اختبأ الاثنان في مكان لا يُمكن رؤيته من الجانب الآخر. وبحذر، راحا يراقبان الجهة المقابلة دون أن يُكشفا.
وهناك، كان شياطينٌ مسلحون منتشرون على طول التلة. و تعرف لودفيك على أسلحتهم وتجهيزاتهم.
لم تكن هناك شاراتٌ صريحة تدل على انتمائهم، لكن الدروع والأسلحة كانت مشابهةٍ لتلك التي رأوها قبل أيام في مكان ما.
“هؤلاء من جماعة فيدوِك، أليس كذلك؟”
التنظيم في تمركزهم وتسليحهم لم يكن عاديًا إطلاقًا. ما الذي يخفونه هناك داخل ذلك المعسكر؟
ضيّقت أرييلا عينيها.
من خلف الصخور، ظهرت أبنيةٌ خشبية مؤقتة وخيامٌ متناثرة. بدت كأنها معسكر للجيش، وقد مضى وقت طويلٌ على إقامتهم في هذا المكان.
‘أنفقوا كل هذا المال والقوى العاملة وسط أرض مهجورة؟ مع أنهم تجار يراهنون على الأرباح والخسائر؟’
ما السبب الذي يجعلهم يبذلون كل هذا الجهد في مكان ناءٍ، دون علم حتى كبار مسؤولي القافلة؟
لا يوجد سوى تفسير واحد ممكن.
‘هذا يعني أن هناك شيئًا، لو كُشف للعالم، سيثير كارثة.’
ما هو الشيء الذي يخبئه فيدوِك بإصرار، رغم كل الجهد الذي بذله في هذا المكان؟
“علينا أن نلقي نظرةً داخل المخيم.”
أومأ لودفيك موافقًا. وفي اللحظة التالية……
فوووش-!
تفاجأت أرييلا بشدة.
“ماذا تفعل الآن؟!”
كادت تصرخ بصوت عالٍ. فقد أظهر لودفيك كرةً نارية بين يديه.
وحين أمسكت بشعره بعنف محاولةً منعه، عبس لودفيك وأطفأ النار على الفور.
“لماذا؟ ألم تقولي أن علينا النظر إلى الداخل؟ من الواضح أنهم لن يفتحوا لنا الطريق بلُطف. كنت سأحوّل بعضهم إلى رماد ثم نبدأ.”
“ما الذي تظنه سيحدث لو بدأنا هجومًا شاملًا الآن؟”
دار لودفيك بعينيه كأنه يفكر في الإجابة.
ماذا سيحدث لو قاتلوا؟
“نحن سننجو، وهُم سيموتون؟”
“خطأ! قبل أن نبدأ القتال أصلاً، سيأخذون ما يُخفونه هناك ويهربون. سننتهي نحن بلا أي نتيجة، فقط جهدٌ ضائع.”
و هي تكره تضييع القوة بلا معنى.
“إذاً، ما الخطة؟”
“نتسلل.”
“نتسلل؟”
نظر إليها لودفيك بدهشة. ثم أشار بعينيه إلى المعسكر المحروس بشدة.
وكأن عينيه تسأل: كيف سنتسلل إلى هناك وسط هذه الحراسة؟
“وما فائدة السحر إذًا؟ انتظر قليلاً.”
“لكنني لا أعرف أي تعاويذ من هذا النوع-”
لم يكمل جملته. فقد بدأت أرييلا بترديد تعويذة. نوعٌ من التعاويذ لم يسمعه لودفيك من قبل.
سسسس-!
أحاط تيارٌ غامض جسد أرييلا، ثم ما لبث أن تقوّى ليشمل لودفيك أيضًا.
و في البداية ارتبك لودفيك، لكن سرعان ما أدرك غريزيًا أن هذه الطاقة لا تنوي إيذاءه.
“ما هذا؟”
فكّ مقاومته السحرية التي كانت تحيط بجسده. وفورًا، تسللت طاقة أرييلا التي كانت تدور حوله إلى جسده بهدوء.
فوووش-!
“هم؟”
ارتفع حاجباه بدهشة، ورفع يديه نحو رأسه. نظر إلى موضع يديه، لكن لم يظهر له شيء.
“إنه سحر التخفّي!”
ومن الفراغ الذي لا يُرى فيه أحد، جاء صوت أرييلا،
“جيد، لقد نجح تمامًا.”
فتحدث لودفيك باتجاه الصوت،
“هل تعلمتِ هذا السحر أيضًا بنفسكِ في العالم البشري؟”
“لا، تعلمته في عالم الشياطين.”
“لكن هذا النوع من السحر تخصصٌ لمصاصي الدماء، ولا أظنهم كانوا ليعلموكِ إياه.”
“ألم تسمع ما قلت؟ من علّمني ماذا؟ قلت لكَ تعلمته بنفسي.”
صمت لودفيك للحظة، ثم قال بجدية،
“لا، هذا مستحيل.”
“ياللجنون……هل أنا أتكلم مع حائطٍ الآن؟”
أرييلا أتت إلى عالم الشياطين في الأساس لتتعلم المزيد من فنون السحر وتغوص في بحوثه.
ورغم الانشغالات والمشكلات المتتالية التي واجهتها، إلا أنها كانت تغتنم أي فرصة، مهما كانت قصيرة، لتقضيها في التهام كتب السحر داخل المكتبة.
وخلال ذلك، كانت تراجع أيضًا تعاويذ فِيلي حين تسنح الفرصة.
كانت تلك المكتبة تعجّ بالكتب النادرة من عالمي الشياطين والبشر، مما جعل العثور على المجلدات السحرية الثمينة أمرًا يسيرًا.
و أول ما جذب اهتمام أرييلا كان التعاويذ التي تمتاز بكثرة الاستخدام، خاصةً تلك التي سبق أن واجهتها من قبل.
“لقد رأيتُ تعويذة التخفّي مرتين من قبل. أول مرة استخدمها من حاولوا قتلي، والمرة الثانية كان بيفار يستخدمها أثناء فراره.”
احتفظت أرييلا في جسدها بذكرى التموج الفريد الذي ولّدته تلك التعويذة، ومن ثم غرقت في البحث عنها بين كتب المكتبة.
وهي التي كانت قد تعلّمت السحر بمفردها في العالم البشري دون أي خبرة عملية، فكيف الآن وقد أصبحت تملك ذاكرةً حسية تساعدها؟ لقد أصبح الأمر أسهل بكثير.
شعر لودفيك أن رأسه يدور.
“تعنين في غضون أسابيع قليلة فقط، أتقنتِ تعويذةً بهذا التعقيد؟”
“تعقيد؟ إنها معقّدة بدرجة رائعة.”
لم يكن يرى ملامحها بسبب السحر، لكن لودفيك تخيّل أن أرييلا ترسم على شفتيها تلك الابتسامة الواثقة التي تميزها.
‘من الذي أبرمتُ عقدًا معه؟ ما الذي يجري في عروق هذه المتعاقدة؟’
“على أي حال……لا أعلم ما أنتِ حقًا، لكن كلما فكّرت في الأمر، زاد يقيني أنكِ لستِ بشرية.”
“أوه، لقد عادت الترهات مجددًا!”
راح ملك الشياطين يشكك مجددًا في نسب العائلة المالكة لأوينوس، لكن أرييلا لم تعره أي اهتمام. بل ركّزت بدلًا من ذلك على ما يجب فعله تاليًا.
“هيا بنا إذاً.”
تقدّما وهما في شكل غير مرئي لا ترصده الأعين. و راحا يتفاديان دوريات الحراس بمهارة أثناء عبورهما للقلعة السرية.
وبعد قليل، توقفت خطواتهما.
فهمس لودفيك بصوت منخفض بالكاد يتسرب إلى الخارج،
“هل هذه……زنزانة؟”
____________________
تكفون علاقتهم تجنن😂🥰
المهم شكله تنين صدق جيبو لي فيدوِك اسطره
والحصان حق ارييلا عز الله شوف نجوم الليل في الظهر😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 41"