“منذ زمن بعيد وأنتم متواطئون مع الخائن بيفار لتحقيق مكاسب غير مشروعة. وكنتم تستنزفون أراضي الملك الشيطاني لودفيك!”
“هممم.”
رغم أن أرييلا كانت تقوده إلى قلب الحقيقة، لم تفارق الابتسامة وجه باغيس فيدوِك. و كانت عيناه تلمعان ببريق خبيث.
ثم أخرج ساعة جيب فاخرة من صدره ونظر إلى الوقت.
“أنا رجلٌ مشغول جدًا. مشغولٌ بما لا يقارن بتفاهات ملك شيطاني في الأطراف أو متعاقدة مثلكِ. كل دقيقة وثانية عندي تساوي ذهبًا.”
“وماذا بعد؟”
“ألا تفهمين ما أقصده؟ أعني أنكِ تسرقين من وقتي الثمين، وقتٌ لا تملكون أن تشتروا مثله حتى لو بعتم كل ما تملكون.”
أشار فيدوِك إلى رزمة الأوراق بإصبعه.
“أتريدين مني أن أتصفح هذه الأوراق التافهة صفحة صفحة؟ هي مزورة ومحرّفة من أولها لآخرها، ولا حاجة لي لقراءتها حتى.”
“ماذا؟!”
غضب لودفيك مجددًا، لكن أرييلا مدّت يدها بهدوء وأمسكت بمعصمه.
“……!”
حينها فقط أدرك لودفيك أن أرييلا لم يضطرب نَفَسها ولو قليلًا.
“اصبر قليلًا، لم يبقَ الكثير.”
ردّت عليه بهدوء.
“لن تعرف إن كانت مزورةً أم لا ما لم تتحقق منها بنفسكَ.”
“كيف تريدين منا أن نثق بوثائق من أطراف مملكة بالكاد تعمل؟”
“سأرد عليكَ بالمنطق نفسه. إذًا ما دليلكَ أنت على صحة ادعاءاتك؟”
ابتسم فيدوِك كاشفًا عن أسنانه.
“الدليل هو الثقة والسمعة. وهذان لدينا، ولا يملكانهما أسياد أراضٍ على وشك الانهيار.”
ثم ضحك ساخرًا علنًا.
“ما الذي ستفعلونه إذًا؟ هل ستطلبون تحكيم ملك شيطاني آخر للفصل بيننا؟ وهل تظنون أن هناك من سيستجيب لطلبكم؟”
كانت وثائق نقابة فيدوِك بحد ذاتها تحمل سلطةً ومصداقية، على عكس الوثائق التي قدمها ملك الشياطين لودفيك، والتي لم تحظَ بنفس الثقل.
بل وحتى في هذا الوضع، كان من شبه المستحيل العثور على ملك شيطاني آخر يقف في صف لودفيك. فمكانة نقابة فيدوِك ونفوذها كانا يتجاوزان كل مقارنة.
وبعد أن أشار إلى هذه الحقائق بعبارات فجة، طردهم فيدوِك دون مواربة.
“لا أرى فائدةً من مواصلة هذا النقاش.”
أسند ظهره إلى الكرسي وتحدث بسخرية.
“إن كانت لديكم الطاقة والوقت لحمل هذه الأوراق التافهة، فعليكم في المرة القادمة أن تحضروا ما طلبته فعلًا. سواءً كان تعويضًا ماليًا أو مُركّبًا من السلايم.”
***
بعد قليل. تم طرد الاثنين من مكتب فيدوِك، فراحا يسيران في ممرات المقر الرئيسي للنقابة. بينما كان أحد شياطين النقابة يتقدمهما ليرشدهما.
كان الممر المؤدي إلى مكتب رئيس النقابة طويلًا وواسعًا. وكانت العديد من الشياطين الأخرى، المنتسبة للنقابة، تمر من هناك أيضًا.
وكانوا يتهامسون وهم يرمقون لودفيك وأرييلا بنظرات جانبية.
“هذا الشاب هو الملك لودفيك؟”
“شش! انتبه. قد يطعن أحدًا فجأة. يقولون أنه متمرسٌ في القتال.”
“وما الفائدة؟ أرضه على وشك الانهيار. هو مجرد سيد شيطاني بالاسم. كأنه ينتظر موته فحسب.”
“صحيح، شمس تلك الأراضي لن تصمد طويلًا. الناس يفرّون منها يومًا بعد يوم.”
“لا يوجد ما يؤكل هناك أصلًا. والأورك يهاجمونهم بلا انقطاع. من قد يتحمل ذلك؟”
“وفوق هذا كله، ترك مصاص الدماء ينهب الخزينة لسنوات دون أن يلاحظ.”
انهمرت نظرات السخرية والاحتقار من كل صوب، فتصلب وجه لودفيك وقد اختلطت عليه مشاعره.
فتحدثت أرييلا بتحريك شفتيها فقط.
‘اهدأ، تحكّم بأعصابكَ!’
“…….”
“الآن فعلًا اقترب كل شيء من النهاية، اصبر قليلًا بعد.”
رغم أن أرييلا أمرته بالصمت، استمرت التعليقات الساخرة من حولهم.
فعضّ لودفيك على أسنانه وكأنه أقسم ألّا ينسى هذه الإهانة. و كانت هناك مشاعر وأفكار شتى تتصارع في رأسه.
سأل أحد شياطين النقابة، ممن كان يراقبهم، المرافق الذي يتقدمهم،
“أين تأخذ هذين؟ هل قابلا رئيس النقابة بالفعل؟”
“قال أنه لم يعد لهما أي شأن، وأمر بطردهما فورًا.”
“كيكيكي! كما توقعت!”
حتى هذا الرد المختصر من المرافق كان كافيًا ليستنتج الحاضرون ما الذي حدث داخل غرفة باغيس فيدوِك.
لا بد أنهما حاولا مواجهة شروط النقابة، لكن انتهى بهما الأمر إلى الطرد من دون رحمة. فأراضي لودفيك من الأساس لم تكن نِدًّا لهذه النقابة.
وبهذا طوى الشياطين الحاضرون اهتمامهم تجاه أرييلا ورفيقها، فمصيرهما واضح: سيُطردان خارج المقر.
تابع المرافق سيره متجاوزًا أولئك المتفرجين، يقود الاثنين في صمت.
لكن فجأة…..
“…….”
ما إن اختفت العيون المحيطة بهم، حتى تحوّلت نظرات المرافق فجأة إلى حادّة. ثم، وهو يوليهم ظهره، بدأ يتفحص الممر بعينيه يقظة.
وبعد أن تأكد أكثر من مرة…..بسرعة مفاجئة، غيّر اتجاهه فجأة!
تبع كل من أرييلا و لودفيك الرجل دون أن ينبسا بكلمة. وبعد لحظات، قادهم الدليل إلى مكان سري لم يكن مخرج المقر كما توقعوا.
“تفضلا بالدخول.”
قالها هذه المرة بنبرة مهذبة.
و فُتح باب مكتب يقع بعيدًا تمامًا عن المخرج.
“أرجو أن تسامحاني على الوقاحة قبل قليل.”
“لا بأس، بفضلكَ مرّ الأمر بسلاسة.”
وما إن دخلا حتى أغلق الدليل الباب بهدوء خلفهما.
“كنتما على الموعد، إذاً.”
من كان في انتظارهم داخل الغرفة هو قزمٌ طاعن في السن.
تنفست أرييلا الصعداء.
‘جيد، لقد نجحنا!’
فهي منذ البداية لم تكن تتوقع أن يُصغي باغيس فيدوِك لكلامها. بل توقعت الرفض من البداية.
لكنها تعمّدت طلب اللقاء فقط لتجد ذريعةً تخترق بها مقر النقابة دون إثارة الشكوك، كما فعلت الآن.
بمعنى آخر، لم تأتِ للقاء باغيس فيدوِك، بل كانت تسعى للقاء هذا الرجل الذي يقف أمامها.
أشارت أرييلا إلى أحد المقاعد.
“ألن تدعونا للجلوس؟ لديكَ ضيفٌ هنا، كما تعلم.”
“ما زال من المبكر. لا أدري بعد إن كنت ضيفًا كريمًا يُرحب به، أم شؤمًا جاء ليعكر صفوي.”
ففكرت أرييلا في سرّها،
‘فعلاً، الطيور على أشكالها تقع. هذا الرجل عنيد مثل غيرو. طبعه حادٌ أيضًا.’
يُقال أن هذا القزم كان أحد التابعين الأوفياء لغيرو، حين كان يعمل في نقابة فيدوِك.
وكانت تربطه علاقة ثقةٍ عميقة بأراضٍ شيطانية مرموقة ذات تاريخ طويل في عالم الشياطين.
حتى أن كثيرًا من العملاء الكبار كانوا يهددون بقطع العلاقات التجارية ما لم يكن هذا الرجل هو من يتولى شؤونهم.
وفوق هذا، كان متورطًا بعمق في العديد من العمليات والمصالح، لذا لم يتمكن باغيس فيدوِك من التخلص منه بعد.
وبما أنه لا ينتمي فعليًا لمعسكر فيدوِك، فإن وضعه داخل النقابة ظل غامضًا.
‘رجلٌ معترف بقدراته، لكنه مُهمّش سياسيًا…..من التيار غير المحسوب على السلطة.’
كانت نظراته إليهما مشوبةٌ بقلق لم يستطع إخفاءه.
“سيسيل…..تلك المسكينة هي من ترجّتني لأرتب هذا اللقاء سرًّا. لا وقت للدردشة وتبادل الأحاديث. من الأفضل أن ندخل في صلب الموضوع فورًا.”
قطّب حاجبيه بضيق.
“لو انكشف أمري، ستكون العواقب وخيمة.”
أما غيرو، الذي تحوّل إلى زومبي، فقد كتب رسالةً إلى ابنته سيسيل. و صُدمت عندما علمت بأن والدها عاد إلى الحياة ككائن آخر، لكنها مع ذلك فعلت ما طلبه منها.
ورغم انقطاع التعامل حاليًا، إلا أن العلاقة مع النقابة كانت قائمةً حتى وقت قريب، لذا كانت لديها معرفةٌ لا بأس بها بأوضاعها الداخلية.
ولذا اختارت هذا القزم بالذات لتطلب منه لقاءً سريًا، كونه الوحيد الذي رأت أن من الممكن التفاهم معه.
يعني ذلك أن هذا القزم لا يحمل مشاعر طيبة نحو سيد النقابة. و أحد الشخصيات التي ذكرها غيرو ضمن المعسكر المعارض.
لكن من الأفضل إبقاء حقيقة تحوّل غيرو إلى زومبي طي الكتمان. فقد قررت إخفاء تلك الحقيقة احتياطًا لأي طارئ.
ثم سأل القزم،
“ما الغرض من قدومكما؟”
“نريد شراء شيء.”
أطلق ضحكةً ساخرة من أنفه.
“تريدان عقد صفقة؟ ألم تتلقيا عرضًا من سيد النقابة؟”
“لم يكن عرضًا، بل تهديدًا. وليس لدينا أي نيةٌ لأن نُقاد كالحيوانات بقلادة حول أعناقنا.”
“كما أن هذا اللقاء يتم سرًا، يبدو أنكِ تريدين عقد صفقة معي خارج السجلات الرسمية.”
“أليس هذا بديهيًا؟”
بدأ القلق الذي كان يكسو ملامح القزم يتلاشى قليلًا. فما إن سمع بطلب الصفقة، حتى استيقظت غريزة التاجر في داخله.
“وما الذي جئتما لتشتريا؟ لا أظن أنه شيء تافهٌ مثل مسحوق قشور الأوغر أو لفائف خيوط العنكبوت.”
“معلومة.”
شبك القزم يديه ووضعهما على سطح الطاولة.
“ما نوعها؟”
“أحتاج إلى نقطة ضعف باغيس فيدوِك. سيفٌ قادر على إسقاطه.”
“…….”
“أشعر أنكَ تملك ما أبحث عنه ويمكنكَ بيعه لي. أليس كذلك؟”
تأمل القزم قليلًا قبل أن يجيب.
“إن كنتِ تبحثين عن ذلك، فقد جئتِ إلى الشخص المناسب…..لكن من جهة أخرى، ربما جئتِ إلى الشخص الخطأ أيضًا.”
نطق بجملة متناقضة، ثم شرح قصده.
“أنا من أكثر من يتمنى سقوط باغيس فيدوِك. أكثر من أي شخص في هذا العالم.”
“لماذا؟”
“لأنه تجاوز كل الحدود. فالأمور التي تحدث داخل نقابة فيدوِك لم تعد تُشبه عمل نقابة أصلًا، بل شيء آخر تمامًا.”
بمعنى آخر، هو مستعد تمامًا للتعاون مع أرييلا. ومن هذه الناحية، كانت قد اختارت الرجل المناسب فعلًا.
لكن…..
“المشكلة أني لو كنت أعرف كيف أسقطه، لكنت فعلت ذلك منذ زمن. أليس كذلك؟ فهل تعتقدين أنكما ستنجحان حيث فشلت أنا؟”
كان رداً سلبياً.
لكن أرييلا اكتفت بالابتسام بثقة.
“لا تقلق. لو كنا لا نملك القدرة، لما جئنا للشراء أصلًا.”
___________________
واو يالخطة يوم قالت انه لف حسبته بيهاجمهم😭😭😭😭😭😭
المهم لودفيك من يوم دخلوا عند القدم وعو ساااكت واضح ماعنده سالفه ياحرام😭
ارييلا تجننننننننن
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 39"