يُقال إن باغيس فيدوِك كان يتعمد مضايقة غيرو وإثارة المشاكل معه باستمرار قبل أن يغادر القافلة.
فأمالت أرييلا رأسها في حيرة.
“لكن هذا وحده لا يبدو سببًا كافيًا لقتلكَ. إن كان هدفه فقط طردكَ لأنه يكرهك، فقد تحقق هذا الهدف بالفعل، أليس كذلك؟”
“لا، كان هناك سببٌ واضح لإزالتي.”
قبل وقت قصير من مقتل غيرو، تواصل معه بعض الزملاء القدامى الذين بقوا في قافلة فيدوِك.
بعد تقاعده، بدأ أولئك الزملاء يشعرون بسخط كبير من سياسات القائد الجديد للقافلة. و تراكم الاستياء حتى بلغ بهم حدًا لم يعد يمكنهم تحمّله.
“الزملاء الأصغر كانوا يتمنون لو أنني أنشئ قافلةً جديدة.”
غيرو لم يكن فقط على علاقة جيدة بأهم الزبائن خلال فترة عمله، بل كان يحظى بثقتهم الكبيرة.
قبل أن يتولى الشؤون المالية، كان يجوب الجنوب في عالم الشياطين، يشتري البضائع القيّمة، ويبحث عن قنوات لبيعها.
“لو أن شخصًا بلا خبرة أنشأ قافلة جديدة، ففرص النجاح ستكون ضئيلة.”
لكن الزملاء كانوا يعتقدون أن غيرو يستطيع النجاح. فاسمه كان له وزنٌ كبير في عالم التجارة جنوبًا.
بدأ الزملاء بمحاولة إقناعه. وقالوا أنه إن وافق، فبإمكانهم الاستحواذ على جميع زبائن قافلة فيدوِك السابقين.
“وهل وافقت؟”
“لا.”
كانت إجابةً غير متوقعة. فغيرو رفض جميع طلباتهم.
قال إنه قد تقاعد بالفعل، وإنه راضٍ فقط بإدارة متجره الصغير. وفوق ذلك، قافلة فيدوِك كانت مكانًا ثمينًا له، أمضى عمره في بنائها.
حتى لو لم يكن يحب القائد الحالي، لم يشأ خيانة المؤسسة التي يدين لها بالكثير.
غيرو فقط أراد أن يحافظ على ولائه للنهاية.
“لكن باغيس فيدوِك، ذلك الوغد، كان له رأيٌ آخر. حين أتذكر الأمر الآن، أرى أنه كذلك فعلًا.”
يبدو أن باغيس فيدوِك علم أن بعض “العناصر المشاغبة” داخل القافلة قد تواصلوا مع غيرو. ورغم أن غيرو رفضهم، إلا أن فيدوِك لم يستطع تبديد مخاوفه.
فكر، ماذا لو أن غيرو غير رأيه وأسس قافلةً جديدة؟
وفي النهاية، اختار باغيس فيدوِك أن يُزيل غيرو، الذي قد يصبح محورًا لتجمّع الخونة.
“أعتقد أن معظم زملائي السابقين، عدا قلةٌ قليلة، طُردوا بعدي.”
لذلك، بعد موت غيرو، قُطع التواصل بين متجر سيسيل وقافلة فيدوِك.
غَرْرْ!
أصدر الزومبي صوت صرير بأسنانه.
كان يحاول أن يتجاوز الخلافات القديمة ويفعل الصواب. لكن ما ناله في المقابل كان خنجرًا في ظهره من قاتل مأجور.
“ذلك الوغد الذي قتلني……لن أسامحه أبدًا!”
تفجّرت كلماته غضبًا، رغم تلعثمه.
“باغيس فيدوِك! اقتلوه……حينها سأعمل تحت إمرتكم. عشر سنوات، بل مئةً إن أردتم!”
***
باغيس فيدوِك تلقى في الآونة الأخيرة خبرين مروعين.
“بيفار……مصاص الدماء ذاك مات؟”
كان عميلًا سريًا تعاون مع قافلة فيدوِك لتحقيق أرباح سرية مجزية. لكن فجأة، قيل أنه لقي حتفه.
“هل كُشفت كل أفعاله القذرة؟”
“الاحتمال الأكبر هو ذلك.”
عند سماعه رد سكرتيره، أمال فيدوِك رأسه.
“إذًا لا بد أنهم أدركوا أن بيننا وبين بيفار تجارةٌ غير قانونية.”
مع ذلك، لم يبدُ عليه القلق إطلاقًا. ففي النهاية، ذلك الإقليم الضعيف والفقير في أرض مملكة الشياطين لا يملك أي قوة.
“في ذلك الركن البائس من العالم، لا توجد قناةٌ للحصول على الإمدادات سوى قافلتنا، أليس كذلك؟ كل ما علينا قوله هو أننا لا علاقة لنا بما فعله بيفار.”
كانت فكرةً مغرورة لأقصى حد.
حتى لو أغضب هذا الأمر الملك لودفيك ودفعه إلى كراهية قافلة فيدوِك……
فما الذي يمكن أن يفعله؟ هل سيوجه ضربةً انتقامية فعلًا؟
“هاها!”
أطلق فيدوِك ضحكةً ساخرة من أنفه.
الوحيد الذي كان يملك بعض الذكاء في ذلك الإقليم، بيفار، قد مات. وأما البقية، فهم لا يفقهون شيئًا.
التجارة في جنوب المملكة واقعةٌ تحت قبضة قافلة فيدوِك بالكامل، وحتى لو حاولوا فجأة إيجاد بدائل، فلن يجرؤ أحدٌ على التعاون معهم.
“حتى لو امتلأوا بالعداء، عاجلًا أم آجلًا سيعودون إلينا يتوسلون أن نبيعهم البضائع. لا داعي للقلق.”
الانتقام……ليس من حق الضعفاء.
وبالنسبة لأحد ملوك تلك المنطقة البائسة، حتى الحفاظ على كرامته كان ترفًا لا يستحقه. لذلك، لم يأخذ باغيس فيدوِك الأمر على محمل الجد كثيرًا.
و كل ما شعر به هو بعض الأسف على الأرباح المجزية التي كان يجنيها عبر بيفار والتي اختفت الآن.
ولكن……
الخبر الثاني الذي وصله كان هو ما حقًا أذهله.
“ماذا؟!”
مرة أخرى، وصلت المعلومات من أراضي لودفيك في مملكة الشياطين.
لكن بالنسبة لباغيس فيدوِك، كان هذا النبأ أكثر صدمة من سابقه.
كان الأمر يتعلق بالمادة الغامضة التي استُخدمت في ترميم المكتبة!
“مركّب؟ المادة مصنوعة من……سلايم؟ انتظر لحظة……لكن هذه الفعالية……”
فتح قائد القافلة عينيه على اتساعهما بينما يقرأ التقرير.
“هذه المادة……أليست تلك التي تُستخدم في الشمال لبناء المنشآت؟”
“الخبر وصلنا عبر ألسنة السكان، لذا فهو غير منسق تمامًا، لكن عند جمع المعلومات المتوفرة، تظهر أوجه شبه كبيرة.”
لقد كان أمرًا مذهلًا فعلًا. فذلك اللاصق العجيب الذي يُستخدم في البناء في الشمال، لم يكن معروفًا تقريبًا في الجنوب بين الشياطين.
فمنذ البداية، لم يُوزع إلى هذه المناطق. فشمال المملكة كان يحتفظ بسر طريقة تصنيعه، كما أنه كان يحتكر توزيعه بالكامل عبر قوافله الخاصة.
وبما أنه احتكار، فكان من الطبيعي أن يكون سعره باهظًا للغاية.
“لا أحد، سوى قلة نادرة في الشمال، يعرفون سر صناعته!”
باغيس لم يتمالك نفسه من الذهول.
حتى لو كانت تقنيةً غير معروفة على نطاق واسع في الجنوب، فلا ينبغي لرئيس قافلة تجارية، يعتمد على المعلومات، أن يجهلها.
ومع ذلك، قافلة فيدوِك لم تتمكن من إدخال تلك المادة إلى الجنوب. لأن الشروط التي قدمتها قوافل الشمال كانت غير مقبولة إطلاقًا.
“كان شرطهم أن يُنشئوا بأنفسهم شبكة توزيع في الجنوب.”
وهذا ما رفضه باغيس فيدوِك تمامًا. لأنه ببساطة، يعني فتح السوق التي يحتكرها بالكامل في الجنوب أمام قوافل الشمال، دون أي ضمان للسيطرة.
وهكذا، لم تنتشر المادة القادرة على إحداث ثورة في تقنيات البناء إلى الجنوب إطلاقًا.
والسبب؟ مجرد تضارب في المصالح بين التجار.
“لكن……ماذا لو تمكّنا من إنتاجها هنا بأنفسنا؟”
ابتسم باغيس فيدوِك ابتسامةً خبيثة.
“يُقال أن من صنعها هي الإنسانة هو المتعاقدة مع الملك لودفيك؟”
“نعم، لقد تم التعاقد معها مؤخرًا وجُلبت إلى مملكة الشياطين.”
وبحسب الشائعات، يبدو أن تلك الإنسانة هي من صنعت تلك المادة. و لا أحد يعلم كيف امتلكت إنسانةٌ مثل هذا النوع من المعرفة……
“و تلك الإنسانة ورثت مكان بيفار؟ في الواقع، هذا أفضل لنا.”
بدأ باغيس فيدوِك يصوغ خطته بشكل أوضح في ذهنه.
***
“هل لديكَ فكرة عن كيفية التعامل مع باغيس فيدوِك؟”
قلعة الملك لودفيك. في داخل قاعة الاجتماعات، اجتمع كبار المسؤولين وتباحثوا بالأمر.
“هممم……”
في ذلك اليوم، بعد انتهاء جلسة التوظيف الغريبة في مقبرة مملكة ديلارك، ألغى ريتشموند سحره، وعاد غيرو إلى جثة عادية.
وكما اتفقوا مسبقًا، تولت أرييلا ومرافقيها نقل الجثمان إلى أراضي لودفيك.
بالطبع، تم ترميم القبر بعناية ليبدو كما كان. و ابنة غيرو، سيسيل، لن تشتبه أبدًا بأن شيئًا ما جرى هناك.
ولم تُستدعى بعد إلى مملكة لودفيك، لأن عملية التوظيف لم تكتمل بعد. فقد كان لا بد من تنفيذ الشرط الثاني الذي وضعه غيرو، قبل الانتقال إلى الخطوات التالية.
تحدث لودفيك ببرود،
“الأمر بسيط، سأذهب إلى مقر تلك القافلة أو ما يسمّونها وأقتل الجميع، ثم أخرج.”
فأمسكت أرييلا برأسها بيأس.
“……الأمر ليس بهذه البساطة.”
“قافلةٌ بهذا المستوى ستكون حتمًا محصنةً بحراسة مشددة. ولو تم رصد وجود الملك هناك وسط العملية……”
“سأقتل الجميع ثم أخرج، بكل بساطة.”
شعرت أرييلا بصداع يكاد يشق رأسها. كيف يمكن أن يكون منطق هذا الرجل بسيطًا إلى هذا الحد؟
لودفيك، الذي لم يكن يدرك ما يدور في خاطرها، تمتم بتذمر،
“أليس ذلك الوغد كان يتعاون مع بيفار؟ هذا يجعله عدوي أيضًا. كنت أنوي الانتقام منه لاحقًا، لكن يبدو أن الفرصة جاءت الآن.”
“قلت لكَ، المشكلة في طريقة تنفيذكَ!”
غرقت أرييلا في التفكير.
قائد القافلة، كما قيل، لا يغادر مقرّها أبدًا ولا يرافق القوافل التجارية. فكيف يمكنهم التخلص منه؟
في تلك اللحظة……
“السيدة أرييلا، وصلكِ خطاب.”
كان من دخل قاعة الاجتماعات هو غرويب، رئيس خدم قلعة لودفيك، من سلالة الكوبولد.
“من أرسله؟”
سألت أرييلا دون أن تنظر إليه، لكن ما إن سمعت الإجابة حتى شهقت من الذهول.
“أرسله قائد قافلة فيدوِك، السيد باغيس فيدوِك.”
“ماذا؟!”
قفزت أرييلا من مقعدها، ومزّقت الظرف بسرعة، ثم بدأت تقرأ محتوى الرسالة بلهفة. حتى ريتشموند اقترب منها ليقرأ بجوارها، وقد غلبه الفضول.
أما لودفيك، الذي لا يعرف القراءة أصلًا، فظل جالسًا بوضع مائل وتذمّر،
“ما هذا؟ لماذا يرسل ذلك الحقير رسالةً فجأة؟ لا يمكن، هل تسرّبت خطتنا؟”
“لا……ليس ذلك.”
ردت أرييلا وهي تعقد حاجبيها بقلق، وبنبرة مذهولة يصعب تصديقها.
“باغيس فيدوِك……يقول إنه سيأتي بنفسه إلى أراضي لودفيك!”
“……؟”
“……؟”
____________________
لودفيك ياناس معليكم افكاره زينه حظ البطل معه بعد 😭
ريتشموند رايح يقرا الرساله من ارييلا شفيه مستغرب مع لودفيك طيب؟😂
فيدوِك ذاه رايح للموتٓ برجليه ✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 35"