وفي اللحظة نفسها، تجمعت طاقةٌ سحرية مكثفة حول ريتشموند.
‘الآن أفهم ما كان يقصده لودفيك عندما وصف طاقته بأنها كئيبة ومظلمة.’
كما شعرت سابقًا، فإن طاقة كل ساحر لها موجةٌ خاصة تميزها. وإذا شُبهت طاقة ريتشموند بالملمَس، فستكون باردةً قليلًا، رطبة، مظلمة، وحادة في آنٍ معًا.
وأثناء انشغالها بتلك الأفكار، كان ريتشموند يُكمل ترديد تعويذته.
كانت مختلفةً تمامًا عن التعويذة التي استخدمها في السابق، وقد لاحظت أرييلا ذلك بسرعة. فمدة الترديد أطول بكثير، واضطراب الطاقة أقوى وأعمق بكثير.
ذلك المشهد انطبع في ذهن أرييلا كالنقش، حتى أن أنفاسها بالكاد كانت تُسمع من شدة تركيزها.
“همم؟”
لودفيك الذي كان يراقب من الخلف، بدا أنه لاحظ شيئًا.
فتحدّث بوجهٍ جاد،
“لقد بدأ الأمر.”
كانت الأعشاب التي تغطي القبر تلوّح قليلًا وكأنها تتحرك مع الريح. لكن بمرور الوقت، بدأت التغيرات تظهر بوضوح. فقد أخذ تراب القبر يرتجف.
في البداية كان مجرد اهتزاز خفيف، لكنه سرعان ما تحول إلى حركة متدفقة كالماء المغلي، تُموج سطح الأرض.
و فجأة! ارتجف كتف أرييلا لا إراديًا. فقد اخترقت يدٌ سطح القبر وبرزت خارجه!
كانت يد جثة، متحللة جزئيًا، مغطاةٌ بغبار أسود وتراب متيبس.
‘غيرو!’
امتدت الذراع خارجةً من الحفرة، تبحث في الهواء عمّا تستند إليه. ثم قبضت على الأرض بقوة.
غغغغ—!
كانت عظام الجسد، الظاهرة من تحت الجلد الممزق، تحفر في التراب بأطرافها البارزة.
وفي اللحظة نفسها، خرجت اليد الأخرى للجثة من الجانب المقابل، لتسند الجسد من الجهتين.
“هاها، لقد نجحنا!”
كان في صوت ريتشموند نبرةُ رضا واضحة.
و الثلاثة، بمن فيهم هو، راقبوا الجثة وهي تزحف خارجةً من القبر.
“غغغغ……!”
إذا كان جنود ريتشموند الذين رأتهم سابقًا مجرد هياكل عظمية، فإن غيرو الآن قد عاد كزومبي.
ربما لأن أجساد الشياطين تتحلل ببطء أكبر.
الرأس، و الكتفان، و الصدر، و الحوض والساقان—بعد أن خرج باقي الجسد المدفون بالكامل، وقف الهيكل العظمي مستندًا على ركبتيه.
وبينما كانت تراقب، خطرت لأرييلا فكرة،
‘ثمة شيءٌ مختلف.’
لم يكن الفرق في المظهر الخارجي فقط مقارنةً بالهياكل العظمية، بل حتى كثافة الطاقة السحرية التي تحيط بجسده كانت مختلفةً تمامًا.
‘وتلك العيون أيضًا!’
رغم أن حدقتيه غطّتهما مادةٌ بيضاء غريبة، إلا أن نظرته كانت حادةً وقوية.
لكن بدقة أكبر، لم يكن ما يُشعر به “نظرة”، بل كان ضوءًا شيطانيًا. وميضٌ خافت ومرعب، متوهج مثل لهب أزرق شيطاني.
“أنا….أنا..…”
في تلك اللحظة، والجميع يحدّقون بتركيز في الجثة العائدة إلى الحياة، تحدث غيرو نحوهم.
“……أنا منذ زمن طويل، قُطع اتصالي بهذا العالم، وكنت……كيانًا منسيًا……”
كان صوته يخرج وكأن لسانه معطّل، متقطعًا كزنبرك معطوب.
“من….الذي كسر….القوانين….التي سُنت منذ أزل….وأيقظني من….الراحة الأبدية؟”
كان يبدو عليه الارتباك.
عندها، تحدث ريتشموند إليه.
“غيرو! أما زلت تتذكرني؟”
“أنتَ..…”
نظر الزومبي الذي استيقظ لتوّه، إلى الهيكل العظمي الذي لا يُعرف منذ متى وُجد، وتبادل الاثنان النظرات.
لم يكن هناك من يشاهدهم في المكان، لذا ألغى ريتشيموند سحر التحول الذي كان يستخدمه. و هذا هو الشكل الحقيقي لريتشيموند. لكن لم يكن غيرو قد رأى هذه الهيئة أبدًا في حياته.
ومع ذلك، بدا أن غيرو تعرّف عليه.
“الز…..الزبون الذي كان يأتي أحيانًا إلى متجري ويأخذ….المواد المزعجة ذات الطاقة الكريهة….هل كنت أنتَ، هـ…..هيكلٌ عظمي؟”
تمتم بذهول وكأنه لم يكن يتوقع الأمر أبدًا.
“حين كنت حيًا…..لم أكن أعلم مطلقًا.”
“الآن أقدم لك نفسي بشكل صحيح. اسمي ريتشيموند! وأنا أخدم الملك الشيطاني لودفيك كمولاي.”
رفع ذراعه مشيرًا إلى لودفيك الواقف خلفه. وعندها، التفت غيرو برأسه نحو الاتجاه الذي أشار إليه.
“مـ…..ملكٌ شيطاني؟”
كان واضحًا من تعبيره أنه يسمع بالاسم للمرة الأولى.
“لقد اعتلى العرش بعد وفاتكَ. والتي تقف بجانبه الآن هي المتعاقدة مع مولاي. لديها ما تود قوله لكَ.”
كانت تلك إشارة. لقد حان دورها للتقدم.
“اسمي أرييلا كابيل أونيوس. وكما سمعتم، أنا متعاقدةٌ مع الملك الشيطاني لودفيك.”
لم تستخدم أي تحية من نوع “مرحبًا” أو “تشرفنا”. فهي أصلًا لا تعرف ما هي التحية المناسبة لعظام استُعيدت للتو من موتها.
هل كان بخير طوال موته أصلًا؟ ومن يدري، ربما أيقظته كما يُوقظ النائم بصفعة على الخد.
عوضًا عن التفكير في كل ذلك، دخلت مباشرةً في صلب الموضوع.
“سأتحدث معكَ بكل صراحة.”
“……؟”
“بما أنك قد عدت للحياة، لما لا تفكر في الحصول على وظيفة مجددًا؟”
“ماذا…..قلتِ؟”
تلعثم الميت قليلًا وفقد القدرة على الرد. فاندفعت أرييلا تتحدث بالكلمات التي أعدّتها مسبقًا.
“لقد سمعت أنكَ كنت معروفًا بكفاءتكَ العالية في العمل، وتملك خبرةً واسعة، كما أن سمعتكَ كانت ممتازةً بين من حولك.”
“…..…”
“شخصٌ مثلك أن يبقى ميتًا هو خسارة لك وللعالم، أليس كذلك؟ لقد أعدناكَ للحياة لأننا نريد توظيفكَ في إقليم لودفيك ملك الشياطين.”
“….…”
نظر الميت إلى أرييلا بدهشة لبرهة، وكأنه يشك في أنه سمع ما قيل بشكل صحيح.
“بع، بعد أن متّ…..كم سنة، يا ترى، مرّت؟ هل…..هل تغيّر معنى كلمة ‘توظيف’ خلال ذلك الوقت؟”
هزّ ريتشموند رأسه.
“لم يتغير. المعنى هو ذاته الذي فهمته تمامًا.”
“نحن نُقدّر مهاراتكَ يا سيد غيرو. صحيحٌ أنكَ بقيت ميتًا لمدة سنة تقريبًا مما أحدث انقطاعًا بسيطًا في سيرتكَ المهنية، لكنك بارعٌ بما يكفي للعودة مباشرةً إلى العمل دون مشكلة.”
عندها فقط أدرك غيرو أن ما قيل لم يكن مزاحًا ولا سوء فهم. فارتعدت عظامه كلها وهو يصرخ.
“هذا، غير، معقول!”
صرخ صرخةً شقت ظلام السماء.
وما إن فهم غيرو الوضع، حتى علا صوته بغضب. و ردّة فعل الروح كانت أعنف مما توقعوا.
“أأأأعدتم، نداء، شخصٍ دخل الراحة الأبدية، بسبب دوافع دنيئة كهذه؟”
لطالما حذّر ريتشموند من أن رغبات الأموات تختلف عن رغبات الأحياء.
و غيرو لم يُبدِ أي امتنان لإعادته إلى الحياة. بل بالعكس، نفث مشاعر اشمئزاز عميقة.
“دعوني، أرتاح! يا لكم من أناس عنيدين ومتوحشين!”
كان الميت مذهولًا.
رجلٌ تقاعد وهو حيّ، ثم حتى بعد موته وذهابه للعالم الآخر، يريدون استغلاله؟
لو كان لديهم عقلٌ سليم وذرة ضمير، لما خطرت لهم هذه الفكرة البشعة أصلًا.
“مـ، مخيف…..أنتم حقًا مخيفون..…”
ارتجف غيرو من الرعب، وكلما تأمل الأمر، ازداد ذهوله.
“أأنا، أأنا، سواءٌ كنت حيًا أو ميتًا، هل يعني هذا أنني محكومٌ عليّ بالعمل دون راحة أبدًا؟”
صرخ الميت وكأنه قد حسم أمره.
“لا حاجة لأي شيء! أفضل أن أعود إلى قبري!”
لم يكن يمزح، بل بدا واضحًا أنه عازمٌ على العودة إلى القبر الذي خرج منه للتو.
لكن محاولته لم تُكلَّل بالنجاح.
قبضة-!
“مـ، ماذا تفعلين؟”
ارتجف صوت الميت.
“انتظر لحظة فقط، يجب أن تستمع للحديث حتى نهايته!”
تلبّك غيرو بشدة. فأرييلا كانت قد أمسكت بكاحله بكلتا يديها بينما كان يزحف عائدًا إلى القبر.
أصابعها التفّت حول العظم البارز من كاحله المتعفن كأنها شبكة.
وقد دفعتها العجلة لمدّ يدها دون تفكير، فما إن أمسكت به حتى بدأت تشده كأنها في لعبة شدّ الحبل.
زومبي يحاول العودة إلى القبر، وإنسانةٌ تمسك به بكل قوتها كي لا يهرب.
فحول لودفيك بصره بعيدًا.
‘كما توقعت…..هذه الفتاة مجنونةٌ بلا شك.’
كان غيرو يخمش تراب القبر بيديه وهو يتلوى.
“اتركيني! أأنتِ شيطانة؟!”
“الشيطان خلفي، أنا إنسانة! فقط لا ترحل قبل أن تسمع العرض. لن نستغلكَ دون مقابل.”
“لقد، متّ! مهما عرضتم، لا معنى له!”
كان على وشك أن يؤكد من جديد أنه لا يريد شيئًا، لا أطيب الطعام، ولا المجد الباهر، ولا المال الوفير.
لكن عندها فقط…..
“راتبٌ شهري ثلاثون ألف سيل!”
“……!”
الزومبي الذي بدا غير مبالٍ بأي عرض، تجمّد فجأةً من الدهشة.
“ثـ…..ثلاثون ألفًا؟”
“نعم!”
وتوقفت في اللحظة ذاتها محاولاته المستميتة للزحف إلى داخل القبر.
‘لقد ابتلع الطُعم!’
ابتهجت أرييلا بسعادة غامرة. و تركت كاحله من يدها ثم رفعت ثلاثة أصابع بوضوح أمامه.
ولتؤكد أنه لم يسمع خطأ، نطقت الكلمة ببطء وتأكيد، مقطّعةً كل حرف.
“ثلاثة…..ألف…..سيل.”
لكن الميت لم يرد فورًا، بل خيّم عليه الصمت.
كان مستلقيًا على بطنه، يزحف على الأرض، ثم أدار رأسه للخلف فقط، في وضع بدا غريبًا ومربكًا.
“….…”
خيّم صمتٌ غريب ومحرج على المقبرة في هذا الليل. و لقد أثبت أن سطوة المال أقوى من الموت.
__________________
ومن وين بتجيبين الفلوس؟😭
بس كذا ولا كذا تحيا الرأس مالية✨
رويلا ضحكتني يوم قالت الشيطان وراي هي صادقه بس كأنها سبه😭
المهم ايه نعم رويلا مجنونه رايعه ولودفيك مجنون بعد انت لا تسوي طالع منها
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
وش بيسوي بالفلوس لاهو الي قادر ياكل فيها ههههه