فتحت أرييلا فمها على وسعه ولم تستطع أن تنبس ببنت شفة للحظة.
“……لم أكن أعلم. أن من يهزم ملك الشياطين السابق يصبح هو الملك الجديد.”
‘لحظة. لنلخّص الأمر إذًا.’
بدأ رأسي يؤلمني.
“هذا يعني أنكَ لم تختر أن تصبح ملك الشياطين من الأساس؟”
وأيّد لودفيك كلامها بصمته.
فلم تصدق أرييلا ما سمعته. لم يكن لدى لودفيك أي رغبة في أن يصبح حاكمًا لهذه الأرض!
‘كنت أعلم أن في الأمر شيئًا. فطباعه لا تميل لمثل هذه الأمور.’
لو كان مهتمًا حقًا بطريق الحكم، لكان على الأقل قد بدأ ببعض الاستعدادات منذ البداية.
أكرر، الحد الأدنى من الاستعدادات لحكم منطقةٍ ما…..مثل أن يتعلم القراءة، على سبيل المثال.
“ألم يكن بإمكانكَ الرفض؟ أن تقول أنكَ لا تريد حكم هذه الأراضي؟”
“هذا هو السؤال الأول الذي طرحتُه في ذلك اليوم، وها أنتِ تطرحين السؤال نفسه.”
بعد أن أصبح ملك الشياطين على حين غرّة، سأل لودفيك أتباعه إن كان هناك طريقةٌ ليتجنب هذا المصير.
لكن الجواب الذي تلقّاه كان: “لا توجد طريقةٌ كهذه.”
“في اللحظة التي قتلتُ فيها ملك الشياطين السابق، ارتبطت روحي بالشمس. لذا لم يكن أمامي خيارٌ سوى حماية هذه الأراضي.”
“لأنكَ ستموت إن لم تفعل؟”
“لأنني سأنقرض إن لم أفعل.”
السحر البدائي الذي يربط بين ملك الشياطين والشمس هو جزءٌ من القوانين التي تشكّل هذا العالم، عالم الشياطين.
كما لا يمكن للبشر التلاعب بمسار الشمس كما يشاؤون، لا يمكن لأبناء الشياطين التلاعب بقوانين شمس هذا العالم أيضًا.
‘هكذا إذاً.’
تساءلت طويلاً كيف أصبح أحد الشياطين الذي لا يملك أي معرفة بأساسيات إدارة الأراضي ملكًا للشياطين. وأخيرًا وجدت الجواب.
تحدثت أرييلا وهي تراقب لودفيك بنظرة مستفهمة،
“أما زلت لا ترغب بالأمر؟ أن تكون ملك الشياطين؟”
هل كان يفعل ما لا يرغب به فقط ليبقى على قيد الحياة؟
أطلق لودفيك صوتاً ساخرًا من أنفه.
“قد أكون لم أكن أعلم، لكن هذا الطريق أنا من اختاره. وعليّ أن أتقبله.”
“لكنكَ لم تختر أن تصبح ملك الشياطين بنفسكَ.”
“لكنني في المقابل، اخترت أن أقطع ذلك الشيطان الذي تشاجر معي عند البحيرة.”
“ومع أنك لم تكن تعلم أنه كان ملك الشياطين السابق؟”
“هذا لا يصلح كعذر.”
نظر إليها لودفيك بصمت. وانعكس وجهها في عينيه الحمراوين كالياقوت.
“حين عقدت العقد معكِ، لم أكن أعلم أيضًا…..أن حياتينا ستصبحان مترابطتين من الآن فصاعدًا.”
وهذا صحيح.
“هل يجب أن أتخلى عنكِ لمجرد أنني لم أكن أعلم؟ لو فعلت، لمتنا كلانا. نفس الشيء ينطبق على هذه الأراضي.”
كانت الطريقة التي أصبح بها ملكًا للشياطين، والعقد الذي جمعه بأرييلا متشابهان إلى حد كبير.
والقاسم المشترك بينهما هو أن لودفيك اختار دون أن يعرف الكثير.
“ألا تشعر بثقل؟ تجاه هذه الأراضي، وتجاه من يعيشون فيها…..ألا تكرههم أحيانًا؟”
لو لم يكن مرتبطًا بأراضي ملك الشياطين، لكان لودفيك يتجول بحرية في عالم الشياطين. بدلًا من أن يعيش هذا العناء الذي يعيشه الآن.
وبما أن البداية لم تكن بإرادته، ألا يشعر بهذه الأراضي وكأنها قيدٌ في قدميه؟
‘ماذا لو كان يفعل كل هذا حتى الآن مُجبرًا؟’
لكن الكلمات التالية بددت قلق أرييلا كذوبان الثلج.
“كلامكِ اليوم غبيٌ على غير العادة. كنت أظنكِ إنسانةً ذكية.”
“……ماذا؟”
“كما أنني أحميكِ، فإن سكان هذه الأراضي أيضًا هم من يجب أن أحميهم. لا أكثر. لا داعي للتفكير في الحب أو الكره.”
قام بما يوجب عليه المسؤولية، وتولى منصبًا يتطلب المسؤولية، لذا سيتحمّلها دون تردد.
كانت طريقة تفكير لودفيك بسيطةٌ ومباشرة.
“منذ صغري، وأنا أتجول في أراضٍ كثيرة ورأيت شعوبًا مختلفة. وقد لاحظت أن حياتهم تتغير بحسب من يحكمهم.”
“وشعرت بذلك فعلًا؟”
“حتى وإن كنت جاهلًا بلا علم، فعيناي وأذناي سليمتان. لقد استمعت إلى ما يقولونه، ورأيت كيف يعيشون.”
صمت لوهلة، ثم تحدث من جديد.
“……إن قلبنا الأدوار، فأنا بقتلي لذلك السكير جعلت من سكان هذه الأراضي يتبعونني كملك شياطين. بالإجبار.”
يبدو وكأنه يقول أنهم لم يُمنحوا حتى فرصة الاختيار.
“هم أحق بالشعور بالظلم مني. لم يكن هذا ما تمنوه، و مع ذلك عليهم طاعة أوامري طاعةً عمياء. حتى مصيرهم—حياتهم أو موتهم—يتوقف على ما أفعله أنا.”
أومأت أرييلا برأسها، متعاطفةً تمامًا مع كلماته. فقد كانت يومًا وريثةً لمملكة، وتعلم جيدًا كيف أن سلوك الحاكم ينعكس مباشرةً على حياة رعيّته.
فالحُكم يتحكم في شكل الحياة وثقلها.
“قبل عام، قتلت خصمي دون أن أعرف من يكون. كان ذلك خطأً مني. لكن، هل ينبغي على سكان مملكتي أن يدفعوا ثمن هذا الخطأ؟”
إن تذرّع بالحجّة أنه “لم يكن يعلم”، وتهرّب من واجباته، فلن تزداد حياة السكّان إلا بؤسًا.
“لذا، علي أن أقوم بما يجب علي فعله.”
تذكرت أرييلا اللحظة التي استدعت فيها لودفيك.
‘قال أن هذه أول عطلة له منذ أصبح ملكًا للشياطين.’
تذكرت أيضًا كيف كان مشغولًا دائمًا، يخرج بنفسه ليقاتل على الحدود كلما استدعى الأمر، حتى قبل مقتل بيفار.
‘لم يكن يفعل ذلك مجبرًا…..بل لأنه آمن بأن هذه مسؤولياته، لذلك بذل جهده عن قناعة.’
يبدو أن هذا الشرح كان كافيًا بالنسبة له، إذ توقف لودفيك عن الحديث وراح يحدّق من النافذة.
وجهه الجانبي لا يزال يحمل ملامح الفتى اليافع، لكن أرييلا شعرت بأنه يبدو اليوم أكثر نضجًا على نحوٍ غريب.
***
رغم أن الوقت لا يزال نهارًا، إلا أن العالم الخارجي ازداد ظلمةً كلما ابتعدوا عن أراضي لودفيك، ملك الشياطين. فقد ابتعدوا عن الشمس المرتبطة به.
ومع اختفاء الطاقة السحرية والحيوية من الجو، اختفت النباتات من مجال الرؤية. وبالطبع، اختفت معها أصوات وحركات الحيوانات.
‘أمرٌ بديهي…..لكن من المذهل كم أن وجود الشمس مهمٌ إلى هذا الحد.’
ثم بدأ الخارج يزداد سطوعًا بضوء رمادي باهت. فقد اقتربوا من منطقة نفوذ ديلّاك، ملك الشياطين المجاور.
“كلاكما، انزلا قليلًا. لقد أوشكنا على الوصول.”
كان الطريق المنحدر، الوعر والمتعرج، قد أصبح أكثر استواءً عندها أوقف ريتشموند العربة ونادى على أرييلا ولودفيك.
وقد أصبح الخارج الآن أكثر إشراقًا.
“هاه! هذا الهواء النقي!”
تمدّدت أرييلا واستنشقت هواء الجبال بعمق.
كانت العربة القديمة، حتى مع نوافذها المفتوحة طوال الطريق، تفوح منها رائحة كريهة لا تطاق. و ليست مجرد رائحة عفن…..بل رائحةً مرعبة توحي بأن شيئًا ما مات وتحلل داخلها.
‘يجب أن أفتح أرضية العربة لاحقًا لأفهم ما فيها.’
ما الذي فعله صاحب العربة السابق هنا لتنبعث منها هذه الرائحة؟ لم تشأ أرييلا حتى تخيل ذلك.
حتى مقعد السائق المعلّق خارج العربة بدا أكثر راحةً بالمقارنة بالداخل.
‘لا يمكن، هل استغل ريتشموند ذلك عن قصد بعد أن شمّ الرائحة؟’
صحيحٌ أنه مجرد هيكل عظمي، لكن لسبب ما، شعرت أرييلا بأنه قد يكون قادرًا على الشم.
طالما يمكنه الرؤية والسمع، فلا بد أن بقية حواسه محفوظةٌ كذلك.
نظرت إلى ريتشموند بعينين مليئتين بالشك، لكنه ردّ بنبرة هادئة وكأن شيئًا لم يكن.
“علينا أولًا أن نتنكر قليلًا.”
“نتنكر؟”
ارتعش إحدى حاجبي لودفيك.
“صحيحٌ أن لا تواصل رسمي بين مملكة ديلّاك ومقامكَ منذ أن اعتليت العرش، لكنهم لا بد أن يعرفوا شكلك.”
فمزيج الشعر الأسود والعينين الحمراوين نادرٌ حتى في عالم الشياطين. فاقتنعت أرييلا بشرحه.
“حقًا…..لو دخلنا هكذا فسيكون كأننا نعلن أننا ملك الشياطين وأتباعه في الحي المجاور.”
رغم أن العلاقة مع ديلّاك ليست سيئة، إلا أنها ليست تحالفًا أيضًا. فملوك الشياطين بطبعهم خصومٌ يتنافسون على السكان.
و لا داعي لإثارة المشاكل دون سبب.
“$#%@#!!”
ثم ردّد ريتشموند تعويذة، فاهتزت الطاقة السحرية من حولهم.
‘هل هذا سحر التحوّل؟’
فتحت أرييلا عينيها على وسعهما دون وعي، محاولةً التقاط صدى التعويذة.
كان تعويذةً معقّدة تنتج تأثيرًا دقيقًا، فالموجات التي غمرت الفضاء كانت معقدة كأنها تروس ساعة، وانسيابية كماء جارٍ.
‘إنه أشبه بلوحة فنية!’
حتى أدق الشعيرات على جلدها مستجيبةً بحساسية مدهشة. ومثل هذا النوع من التحفيز كان يتجسّد فورًا داخل عقلها كرؤية بصرية.
رنّة الطاقة السحرية انتشرت أمام عينيها كأنها لوحةٌ ملأت القماش بأنامل فنان عبقري. و كانت تلك اللوحة ساحرةً لدرجة أن أرييلا بقيت تحدق فيها بلا وعي، مندهشةً بجمالها وغمرتها رهبة الفن.
فلاش-!
مع ومضة من الضوء، تغير وجه لودفيك. ليصبح بملامح أحد الشياطين الأكثر شيوعًا في عالم الشياطين.
لكن لودفيك بدا منزعجًا من النتيجة. فمرر يده على كتفه بتأفف و تحدث بضيق،
“إنها طاقةٌ سحرية كئيبة ورطبة تشبه ريتشموند تمامًا. كيف تجرؤ على تغطية جسدي بهذا الشيء؟ مزعجٌ فعلًا.”
“……هذا قاسٍ بعض الشيء، جلالتك.”
“هل تغيّرتُ بالفعل؟”
ألقى ريتشموند تعويذةً جديدة، فتجمّع الماء في الهواء وتسطّح كمرآة صافية. وفي مرآة الماء التي عُلّقت في السماء، انعكس وجه لودفيك المتحوّل.
“ما هذا الوجه الأبله؟!”
ضحكت أرييلا ابتسامة خفيفة.
“المهم أن المهمة نجحت. من يراك هكذا سيفكر: لا يمكن أن يكون هذا ملك الشياطين من الحي المجاور!”
ثم جاء دورها.
فوووش-!
“آه…..ظهرت لي قرون؟”
بعد أن انحسر الضوء المحيط بجسدها، وضعت يدها على جبينها بتفحص.
بدا أن السحر المستخدم يختلف عن سحر الوهم، فقد نبت لها زوجٌ من القرون الصغيرة، حقيقيةٌ وملموسة تمامًا.
“إن كُشف أنكِ بشرية، فسيتسبب ذلك في جذب انتباه غير ضروري. من الأفضل تجنبه.”
شرح ريتشموند ذلك، ثم استخدم سحر التحوّل على نفسه أيضًا.
وبما أن تحوّله تطلّب إضافة مزيد من التفاصيل، كانت موجات الطاقة السحرية حوله أعقد من سابقيه.
وبينما كانت أرييلا تتبع مجرى تلك الطاقة بعقلها، خطرت لها فكرة مفاجئة.
“لحظة، ريتشموند.”
“همم؟”
“طالما أنكَ تستطيع التحوّل، لماذا لا تبقى بهذا الشكل حتى داخل أراضي ملك الشياطين؟ كشيطان عادي مثلاً؟”
“ولماذا عليّ أن أفعل ذلك؟”
“لأن..…”
ترددت أرييلا للحظة. فقد كان من الصعب الإجابة حين طُرح السؤال مباشرة.
لأن هذه الهيئة تبدو أفضل من هيئته كهيكل عظمي؟
لأن هيكلًا عظميًا يمشي على قدمين يبدو غير طبيعي؟
لكن لو نظرنا للأمر بهذه الطريقة…..فكيف نحدّد أصلًا ما هو الطبيعي وما هو غير الطبيعي؟
لقد استخدمت أرييلا قبل قليل تعبير “شيطان عادي”، لكن إن نُقل هذا الحوار إلى عالم البشر، فـ”الشيطان العادي” سيكون مفهومًا لا وجود له أساسًا.
وأثناء تفكيرها بهذا، تحدث إليها ريتشموند،
“مجرد طبقة جلد رقيقة لا أكثر. ما قيمتها؟ إنها مجرد إهدار للطاقة السحرية.”
لكن، سواءً كانت الجنية فيلي أو أغلب سكان مملكة ملك الشياطين، فإن معظمهم يخافون من ريتشموند. ومن وجهة نظر أرييلا، كان مظهر ريتشموند هو السبب الأكبر لذلك.
فحتى الشياطين يشعرون بالنفور من جثة تمشي على قدميها.
“يبدو أنكَ لا تكترث بنظرة الآخرين، أليس كذلك؟”
“لم أكن أكترث بذلك حتى قبل أن أصبح ريتشموند.”
ضحك بصوته المعتاد المليء بالألوان والنغمات.
“الحياة لا تُعاش سوى مرتين فقط، فمتى سنجد الوقت لنلتفت لنظرات الآخرين؟ طبعًا، في حالات مثل اليوم حين يجب إخفاء الهوية، فلا مفر. أما في الأيام العادية؟ لا أرى ضرورةً لذلك إطلاقًا.”
وبعد أن أكمل الثلاثة تحوّلهم، وصلوا إلى أرض مملكة ملك الشياطين ديلّاك.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 31"