رفع بيفار ذراعه وأطبق أنيابه الحادة على معصمه بقوة.
كوااااج-!
قد يبدو ما فعله وكأنه إيذاءٌ للذات، لكن لودفيك كان يعلم جيدًا أن ذلك لم يكن سوى استعداد لاستخدام فن الدم، السحر الخاص بمصاصي الدماء.
ششششااااا——!
وما إن أفلت بيفار فمه، حتى اندفعت الدماء القرمزية من معصمه المثقوب.
لكن بدلاً من أن تسيل نحو الأرض كالمعتاد، راحت تلتف بجنون حول جسده، متخذةً هيئة سوطٍ غريب يلتف ويتلوى.
سحرٌ قاتل يستخدم فيه مصاصو الدماء جوهر قوتهم: الدم ذاته.
شششرااااخ-!
داس لودفيك الأرض بقوة وانقضّ عليه مقتربًا منه في لمح البصر. كانت شفرته تمزق الهواء، وهدفها كان عنق بيفار.
تشاااااخ-!
لكن سوط الدم تمدد فجأة واتسع.
الدم الذي كان يهتز مثل ذيل أفعى انتشر في لحظة، ليكوّن حاجزًا مسطحًا من السائل…..لا، ليس مجرد سائل، بل جدارًا من الدم.
ذلك الجدار الذي بدا كأنه مصنوعٌ من صلب، لم يسمح للشفرة بأن تقترب حتى من حلق بيفار.
طاااان-!
ارتدّ السيف وتطايرت شرارة من طرفه، كما لو كان قد ارتطم بصخرة صلبة أو معدن شديد القساوة.
لكن لودفيك لم يُفاجأ بالنتيجة، فقد كان قد توقّع هذا مسبقًا، وكان يعدّ حركته التالية بالفعل.
فوووووووم-!
الشرارات التي تطايرت من شفرة سيفه بدأت تتضخم بجنون، متحولةً إلى جسيمات مضيئة تشبه غبار الضوء، تنمو بسرعة لا تُصدق.
انفجرت الجسيمات المضيئة وكأن أحدهم سكب زيتًا على نار المخيم، فاشتعلت بشكل جنوني. و تلك الشرارات التي لم تكن سوى بقايا صغيرة بحجم حبات الرمل، تحوّلت إلى كتل نارية ضخمة تتوهج في الهواء كأنها صخورٌ مشتعلة.
لونها القرمزي القاني انعكس على وجه بيفار. حتى عيناه، وقد انطفأ فيهما الثبات، امتلأتا بوميضٍ مشؤوم، وراحتا ترتجفان.
وقبل أن يتمكن من الصراخ أو النطق بكلمة—
دوووم! كوااااااااع! كوااااع—!
انفجرت عشرات الكرات النارية التي صنعها لودفيك دفعةً واحدة في السماء.
كان مشهداً كونياً أشبه بانفجار كواكب تصطفّ على هيئة كوكباتٍ نجمية، ثم تنهار جميعًا في آنٍ واحد.
“عااااااااه!”
صرخ بيفار صرخةً شنيعة. فالحرارة التي خلّفها انهيار تلك القنابل النارية كانت مرعبةً لدرجة لا يمكن وصفها بالكلمات، والدخان الأسود تصاعد من جسده.
لكن رغم ذلك، لم تلمس النيران جسده مباشرةً بعد. فقد كان درع الدم الذي أنشأه لا يزال يقاوم، يفصل بينه وبين اللهب المتصاعد.
شششششششش—!
لكن الحرارة بدأت تأكل ذلك الحاجز نفسه، تحرق الدم وتجففه حتى بدأ يتبخر.
الحد الفاصل بين الدم والنار بدأ يتراجع تدريجيًا نحو بيفار. ثم انتفخت عروق بارزة في جبينه.
“كغخ!”
كوووواااااع-!
تدحرج بيفار على الأرض من جديد، وقد بدا مشهده بائساً، لكن هذه المرة لم تكن المراوغة كاملة.
“كياااااااه!”
نظر إلى جسده ليرى أن نصفه…..الجانب الأيسر بالكامل تقريبًا، قد احترق وتفحم حتى صار كالفحم. و يده اليسرى بالتحديد، كانت ملتويةً كفتيل شمعة احترق نصفها.
فارتجف فكه دون إرادة منه.
‘إن استمر الأمر على هذا النحو، فسوف أموت!’
منذ البداية، لم يتخيّل أنه قادرٌ على هزيمة ملك الشياطين في قتال فردي.
حتى من الروايات التي سمعها من فم المستئذب الذي يُدعى أولكن، كان يستطيع إدراك النتيجة مسبقًا.
لكن حين واجه الحقيقة على أرض الواقع، أدرك أن ما تخيّله كان أقل بكثير من الواقع.
لودفيك كان قد بدأ بالفعل في تجهيز هجمته التالية، وهذه المرة…..لن يكون هناك سبيلٌ لصدّها.
‘لا بد من إيجاد طريقة…..أي طريقة!’
ربما كان ذلك ناتجًا عن غريزة بقاء يائسة تنشط حين يواجه العقل الموت وجهًا لوجه.
فجأة، التقط بيفار خيطًا من الإحساس. قدرة المفترس التي تتيح له امتصاص قوة الحياة من دم الكائنات العاقلة، بدأت تهمس له.
هناك فريسةٌ قريبة منه الآن.
‘…..إنسان!’
من يكون هذا الإنسان الذي تبِعه حتى هذا المكان؟
‘هل أحضر معه المتعاقدة؟’
لا يعرف كيف أو لماذا، لكن لم يكن هناك وقتٌ للتساؤل. فاتخذ قراره على الفور.
لمعت عينا مصاص الدماء فجأة.
‘طريقي للنجاة…..هي تلك الإنسانة!’
انتقلت الفكرة في عقله بسرعةٍ كالبرق.
بينما لودفيك الذي لم يتردد، أطلق هجومه التالي مباشرة. نيرانٌ هائلة انطلقت من كلتا يديه.
فوووووووم-!
رفع بيفار ذراعيه كما لو أنه يحاول صدّ النيران. لكن في اللحظة التالية—
طاااع!
‘ماذا؟!’
تغيّرت ملامح لودفيك فجأة.
دووووووم-!
النيران لم تصب بيفار، بل اصطدمت بالأشجار الكثيفة خلفه، فاشتعلت بها.
تتتتتتاب-!
مصاص الدماء الذي تظاهر بصدّ الهجوم تفاداه بخفة، واندفع راكضًا في اتجاه لم يكن لودفيك يتوقعه.
وفي نهاية المسار الذي انطلق فيه كالعاصفة، كان هناك شخصٌ مختبئ…..
“أرييلا!”
***
ارتسمت على وجه بيفار ابتسامة نصر.
‘إذا خسر المتعاقدة، فحتى ملك الشياطين سيتلقى ضربةً موجعة!’
مرة أخرى، لم يكن يعلم أن حياتيهما مرتبطتان.
حتى وإن اعتمد فقط على الفهم التقليدي للعقود، فكان من الطبيعي أن يفترض أن لودفيك سيسعى لحماية أرييلا بأي ثمن.
‘لقد أخطأتَ يا لودفيك!’
وبالفعل، رأى أرييلا هناك وسط الأعشاب الكثيفة.
كان بإمكانه قتلها فورًا، لكن في تلك اللحظة القصيرة خطر له أن يجعلها رهينة. فحتى لو قطع ذراعًا واحدة من تلك الفتاة، فسيرى لودفيك وهو يرتجف أمامه. وفي تلك اللحظة، سيغتنم الفرصة ليهرب.
وبالطبع، لم يكن ينوي أبدًا إعادة أرييلا إلى لودفيك بعد ذلك. فقد كان من الأفضل تسليمها كهدية إلى أحد ملوك الشياطين المجاورين.
‘في الواقع، هذا أفضل مما توقعت!’
بيع أرييلا نفسها سيكون صفقةً أعظم من مجرد بيع معلومات عنها.
“قبض (Hold)!”
صاح صوت أرييلا فجأةً بتعويذة واحدة. و في اللحظة التي كادت فيها يد بيفار اليمنى — وهي الجزء الوحيد السليم من جسده — أن تُمسك برقبتها، تشااااخ-!
حتى عندما شعر بطاقة سحرية تنفجر من كفها، لم يشعر بأي قلق.
‘تعويذة “قبض”؟ هذه أبسط من أن تُذكر في عالم الشياطين!’
فهذا النوع من التعويذات الأولية لا يمكنه تقييد ساحر متمرّس مثل بيفار.
كان واثقًا أنها لن توقفه ولا حتى تمس طرف ثوبه. و هكذا كان من المفترض أن يحدث.
لكن…..
تشاااااااااااخ-!
اتسعت عينا بيفار بدهشة.
“مـ-ما هذا؟!”
كان الأمر مطابقًا تمامًا لما حدث قبل أيام عندما قاتلوا السلايم. ذلك السحر الذي لم يشهده سوى الجنيّة فيلي وأرييلا…..ها هو يظهر مرة أخرى هنا، الآن.
شبكةٌ من الخيوط السحرية انطلقت من أطراف أصابع أرييلا. خيوطٌ رفيعة جدًا ومتشابكة أفقيًا وعموديًا بدقة مذهلة، بحيث يصعب على شعرةٍ واحدة أن تمر من خلالها.
طعخ—!
“آآغ!”
الشبكة المحكمة والمصقولة التفّت حول أرييلا، وفي اللحظة التي اندفع فيها بيفار نحوها، ارتطم بها بقوة دون أن يتمكن من اجتيازها.
“أ…..أنتِ!!”
صرخ بيفار محاولًا التقدّم، لكن الشبكة السحرية المتينة وقفت في وجهه بثبات وأوقفت اندفاعه.
ثم راح يركل الأرض بقوة، يتخبّط بلا جدوى. و رغم كل قوته، لم يتقدّم شبرًا واحدًا.
وبسبب ضغط الشبكة عليه، ارتسمت على جلده علامات شبكية كأنه استيقظ من نومٍ طويل في أرجوحة.
وكل هذا حدث في لحظات لا تتجاوز بضع ثوانٍ.
“بِـ-بأدنى درجات السحر فقط..…؟!”
وفي تلك اللحظة التي كان فيها مصاص الدماء المعلّق في الشبكة يتخبط بارتباك، بوووخ-!
شعر بوخزٍ حاد يخترق جسده من ظهره.
‘كغخ!’
ألمٌ حاد مزّق ظهره ومرّ عبر صدره.
“انتهى الأمر.”
ثم جاءه صوت لودفيك البارد من خلف عنقه، حيث لا يستطيع رؤيته.
كان جسده الأمامي ملتصقًا بالشبكة، وظهره مخترقًا بالسيف…..فراحت أطرافه ترتجف من الألم واليأس.
وبحركة حاسمة، سحب لودفيك سيفه من جسده،
ثم تمامًا كما فعل مع باقي مصاصي الدماء، رفعه مرة أخرى ووجّه ضربةً مائلة حاسمة.
تشاااخ-!
قطار الجزء العلوي من رقبة بيفار. وتناثر شيءٌ ما فوق الأعشاب المبللة بندى الليل.
جسده المتبقي ظل معلّقًا في الشبكة الشفافة التي كانت تسنده، ثم سرعان ما اختفت تلك الشبكة أيضًا، ليسقط الجسد بلا حراك.
وحين انتهى سحر أرييلا، بدأ لودفيك بترديد تعويذته.
فوووووم-!
ثم اشتعلت نار قرمزية في يده اليمنى.
كان لودفيك ينظر إلى بيفار الملقى على الأرض.
و على عكس مصاصي الدماء الآخرين الذين لفظوا أنفاسهم بسرعة، فبيفار، الذي يُعدّ من أقدم وأقوى مصاصي الدماء في أراضي ملك الشياطين، لا يزال حيًّا…..حتى بعد أن انفصل رأسه عن جسده.
‘لـ-لا!’
لم تصدر أي كلمات من فمه، بل تحرّكت شفتيه فقط.
رأس بيفار كان ممددًا على جانبه، ووجنته ملامسة للتراب الرطب. و العالم من حوله بدا وكأنه انقلب على جانبه.
وبينما الأرض تمتد عموديًّا، رأى لودفيك يقترب منه كغصن ينمو أفقًا وسط الجذوع.
ملامحه لم تكن واضحة، لكن نظراته…..كانت حادة كالشفرة.
فوووم!
فجأة، ألقى لودفيك كرةً من اللهب. و تحركت ببطء، متمايلة في الهواء، ثم سقطت فوق رأس بيفار كما تهبط فراشةٌ فوق زهرة.
وفي تلك اللحظة— فووووووش-!
اندلع اللهب بطاقة هائلة من الضوء والحرارة. و انطلقت صرخةٌ بلا صوت من رأس بيفار، بينما كانت النيران تلتهم اللحم حتى لم يتبقَّ سوى العظم، ثم تحطّمت الجمجمة بدورها وتحوّلت إلى رماد…..
تشششششش-!
و بعد لحظات. كانا أرييلا و لودفيك ينظران إلى كومة الرماد المتبقية على الأرض.
مصاص دماء بلا رأس لم يكن له أي فرصة للعودة إلى الحياة.
“هااااه..…”
تنهدت أرييلا براحة. لكنها سرعان ما أحست بنظراتٍ مركّزة، فاستدارت لتجد لودفيك يحدّق بها بشدة.
كانت نظرةً تحمل مشاعر يصعب تفسيرها.
لم تكن تعرف بالضبط ما الذي يريد قوله، لكنها كانت متأكدة من شيء واحد: القضاء على الخائن قد انتهى.
رجلٌ وامرأة يتبادلان النظرات، وبينهما جثة مصاص دماء تحولت إلى رماد.
‘ما الذي يتظر إليه؟ من دون حتى أن ينبس بكلمة؟’
هل من الممكن أنه يستمتع بلحظة فخر داخلي كأنه يقول: “لقد فعلتها!”؟
لكنه لا يبدو من ذلك النوع أصلًا.
وفي خضم حيرتها، فتح لودفيك فمه أخيرًا.
__________________
واو طريقة قتالهم حلوه قعدت اترجم بسرعه وانا مدري
المهم بيفار نهايته حلوه كأنها شياطين كيميتسو صدق😭
ودي لودفيك يضم ارييلا بعد كل ذاه🤏🏻😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 26"
ليتنا نشوف وجهة نظره بالاحداث من فترة لفترة
شكله مبهور ومصدوم من زوجته المستقبلية هههههه
اتفق معك ان القتال كان حلوو ماتوقعته بذا المستوى اتمنى قتاله مع باقي ملوك الشياطين يكون افخم من كذا