‘لا أمل بعد الآن لمقاطعة لودفيك التابعة للملك.’

كل الخطط التي أعدها حتى الآن كُشفت وانقلبت رأسًا على عقب. ومهما كان لودفيك أحمق، فبعد أن وصلت الأمور إلى هذا الحد، يستحيل أن يظل يثق به.

‘المنفى هو الحل الوحيد!’

الوجهة التي يخطط للهرب إليها هي أراضي ملك الشياطين المجاور ديلاك. و بالطبع، في الظروف العادية، لم يكن ليقبل بمصاص دماء مثل بيفار.

فخدم مقاطعة لودفيك سيئي السمعة أصلًا، إذ اشتهروا بانحطاطهم. هم هؤلاء الذين جُرفوا إلى هذه المقاطعة الفقيرة في الأطراف لأن لكل واحد منهم عيبًا أو آخر.

ومع ذلك، كان لدى بيفار ما يعتمد عليه.

‘لدي كل المعلومات عن هذه المقاطعة.’

وفوق ذلك، لم تعد مقاطعة لودفيك كما كانت سابقًا.

حتى ملوك الشياطين الذين طالما احتقروا هذه الأطراف صار عليهم أن يراقبوا القوة الجديدة التي ظهرت فيها.

‘المتعاقدة الجديدة لملك الشياطين لودفيك.’

بكل المقاييس، ليست إنسانةً عادية.

يكفي أنها هزمته في قاعة الاجتماع بضغط سحره، فضلًا عن أنها نصبت لها «فخًا» وصادته كأنه وحشٌ بري.

‘ملوك الشياطين لا بد أن يكونوا حساسين تجاه تحركات الأراضي المجاورة!’

مع ظهور أرييلا، كان من الواضح أن مقاطعة لودفيك ستشهد تغيرات جذرية. وملوك الشياطين المجاورون سيرغبون في سحق مقاطعة لودفيك التي تحاول أن تنمو فجأة.

لكن…..ماذا لو قدّم لهم طريقةً لاقتلاع هذه النبتة قبل أن تكبر؟

عبر لسان بيفار، الذي كان حتى وقت قريب من قيادات مقاطعة لودفيك.

كان واثقًا.

‘هذه المعلومات ستباع بثمن باهظ بالتأكيد.’

وبالطبع، السعر الذي حدده شمل لجوءه وأمنه وصعوده في أراضي ديلاك.

والملك الشيطان المجاور سيوافق على هذه الصفقة. ولذلك كان بيفار واثقًا من نفسه. و واثقٌ من نجاته.

لكن ذلك لا يعني أن الوضع الحالي يجلب له السعادة.

‘الثروة والسلطة التي راكمناها عبر أجيال…..تنهار بين ليلة وضحاها!’

اضطراره للتخلي عن كل ما بناه حتى الآن والبدء من جديد كان كفيلاً بإشعال غضبه.

‘كم عانت أسرتنا حتى بسطت سيطرتها على هذه المقاطعة…..جاحدون!’

كان بيفار يؤمن أن الثروة الهائلة التي جمعتها عائلته ثمرة جهدٍ مضنٍ وجزاءٌ مستحق.

‘لكن ملك شيطان مبتدئ لم يكمل عامًا وتلك البشرية القذرة!’

هذان الاثنان دمّرا الصرح الذهبي الذي بناه بكل جهد. وبطريقةٍ عبثية للغاية.

‘لقد استوطنت هذا المكان منذ زمن بعيد أكثر منهم جميعًا، والآن يجرؤون على رفع السيوف في وجهي؟ يا للوقاحة!’

مقاطعة لودفيك كانت اسمًا فحسب أرض ملك الشياطين، إذ لم تبقَ شجرةٌ ولا عود عشب لم يصل إليه نفوذ مصاصي الدماء.

وممتلكات العائلة تعني ممتلكات بيفار. بمعنى آخر، هذه المقاطعة تكاد تكون ملكه الشخصي.

ومض بريق دموي في عينيه.

‘سأنتقم لا محالة!’

بيفار كان يحلم بمستقبل يغمره الدم. وكان يعرف بدقة نقاط الضعف والثغرات العسكرية لمقاطعة لودفيك.

وبعد أن يبوح بكل ذلك للملك المجاور، ستكون أرييلا…..تلك المرأة الشريرة أول من يصفّي حسابه معها.

‘لن أمنحها موتًا مريحًا، هذا مؤكد.’

ثم يأتي دور لودفيك.

مقاطعة ملك الشياطين، وقد سُرّبت كل أسرارها العسكرية الحساسة، ستسقط عاجزةً حتمًا.

‘فليستمر الغبي في طاعة أوامري مثلما يفعل حتى الآن!’

فلو ظل الأحمق، كما هو، يركض في ساحات القتال بعينين وأذنين معصوبتين، لكان الأمر أهون بكثير.

إلى الآن، كان بإمكان بيفار العبث بشؤون الدولة كما يشاء، وذلك بفضل انشغال ملك الشياطين بالتجوال على حدود الإقليم.

ذلك الأحمق لن يعرف الحقيقة حتى النهاية.

فكلما بدأ يهتم بالشؤون الداخلية، غزا الأورك الأراضي وكأنهم متفقون على الموعد…..

“……!”

توقفت أفكار بيفار عند هذا الحد.

كووووواااااااااع—!

فمن خلفه، بينما كان يركض. انطلق عمودٌ ناري كثيف من ظلام الغابة الكثيفة دون سابق إنذار.

“كغخ!”

قفز بيفار بجسده مدفوعًا بغريزته. بينما مرّت ألسنة اللهب والحرارة الحارقة في المكان الذي كان يقف فيه للتو.

“آآآاااااااه!”

كانت الحرارة شديدةً لدرجة أن ملابسه اسودّت واحترقت جزئيًا، وجلده احترق رغم أنه لم يلمس النار مباشرة.

ثم انطلقت صرخةٌ مروعة من فم بيفار.

فقد توازنه وسقط أرضًا. لكن عمودًا ناريًا آخر انطلق نحوه مستهدفًا إياه وهو ساقط.

فتح عينيه على اتساعهما وقذف بنفسه بعيدًا مرة أخرى.

ونتيجةً لذلك، أصبح يتدحرج على الأرض بعنف.

كووواااااع—!

مرّ العمود الناري على الأرض العارية وأحرقها. و لو تأخر لحظة واحدة فقط، لكان قد شُوي حيًا.

‘مـ-مستحيل؟ لا يمكن أن يكون هذا حقيقي!’

عندما انكسرت تعويذة الإخفاء، ظهر بيفار بهيئة بائسة. 

كان مغطى بعلامات الحروق السوداء في كل مكان، وملطخًا بطين الغابة والأعشاب المهروسة حتى أصبح جسده في حالة يرثى لها.

ودون أن يجد وقتًا ليهتم بمظهره البائس، حدّق بيفار نحو جهة ما بعينين متوحشتين.

ششششششش——!

بسبب الصدمة التي حدثت قبل لحظات، وبين أوراق الأشجار المتساقطة كالمطر، كان رجلٌ يسير خارجًا من بين الظلال. ذلك الوجود الذي لم يكن بيفار يرغب أبدًا في مواجهته في هذا المكان.

“…….ملك الشياطين!”

كأن السماء انقلبت عليه. و لم يكن بيفار قادرًا على استيعاب ما يحدث.

‘هذا غير ممكن! كيف وصل إلى هنا؟’

السحر المتقن والمعقد مثل تعويذات الإخفاء هو اختصاص مصاصي الدماء. ولا أحد في هذا الإقليم، لا من يملك القدرة على استخدام سحر كهذا، ولا حتى من يمتلك مهارةً كافية للتعقب.

لودفيك؟ لا مجال لذلك، صحيحٌ أن نيرانه التدميرية فريدةٌ من نوعها، لكن مستواه في بقية أنواع السحر كان متوسطًا.

ريتشموند؟ ذلك الهيكل مهووس بمجاله المحدد لا أكثر، وقد نجح بيفار في خداعه طوال هذا الوقت بفضل تلك الطبيعة المتعصبة لديه.

وفوق ذلك، فإن سحر الإخفاء لا يدخل أصلًا ضمن اهتماماته.

‘إن لم يكن ملك الشياطين، ولا ريتشموند، فمن يكون؟!’

حينها نزلت نظرة لودفيك الباردة على بيفار المصدوم. وفي تلك اللحظة، راودت لودفيك فكرةٌ هادئة.

!من الطبيعي أن لا يتخيل الأمر إطلاقًا.’

كيف استطاع أن يتبعه حتى هذا المكان.

***

في الحقيقة، عملية تتبّع لودفيك لبيفار، رغم أهميتها وإلحاحها، لم تخلُ من بعض الكوميديا. فقد كان يحمل أرييلا على ظهره كطفلة صغيرة طوال الطريق حتى وصل إلى هنا.

ولأنه احتاج إلى تعقب بقايا الطاقة السحرية القريبة من أرض الغابة، لم يكن بوسعه الطيران واضطر للركض.

والأدهى أنه لم يشد أرييلا من عنقها كما فعل سابقًا في عالم البشر، ولا طوا خصرها للنصف كي يحملها على يده، وهذا على الأقل يُعدّ تطورًا. يبدو أن التجربة السابقة قد أثمرت أخيرًا.

ومع ذلك، من منظور أرييلا، لم تكن الرحلة مريحةً أبدًا. فرغم أنه كان يحملها على ظهره، إلا أنه كان يركض بسرعة مذهلة جعلت تنفسها يتقطع وأصابها بالدوار.

لكن أرييلا استعادت وعيها بسرعة، ومدّت أصابعها وهي على ظهره، وبدأت تشير بالاتجاهات كما لو كانت فارسةً تمتطي جوادًا.

“يسار! من هنا يمين! لا، ليس هناك، أبعد قليل! قلت ليس هناك! اركض وأنت تسمع ما أقول! ألا ترى إصبعي؟”

وعندما بدأت أرييلا تُتعب أذنه بصراخها، ظهرت له أخيرًا علاماتٌ واضحة.

آثار أقدام تتكوّن أمامه في الزمن الحقيقي، لم تستطع تعويذة الإخفاء إخفاءها.

حينها أنزل أرييلا إلى الأرض فورًا داخل الغابة، وطلب منها أن تختبئ جيدًا، ثم صبّ عمودًا من اللهب باتجاه الجهة المريبة دون تردد.

ويبدو أن عملية التتبع الصاخبة قد انتهت بنجاح. فهدفه قد انكشفت تعويذة الإخفاء عنه، وهو الآن يتدحرج على الأرض بشكل بائس أمام عينيه مباشرة.

غررررر—!

فُتح فم مصاص الدماء.

تشوّه خده الملطخ بالوحل، وظهرت أنيابه الحادة عند فمه.

“ملك الشياطين…..لا، لودفيك!”

الخائن الذي واجه سيده لم يُظهر ندمًا، بل أخرج حقده وعداوته. أما الملك، فقد نظر إلى ذلك الخائن بعينين حاسمتين، وثبّت عزيمته من خلال تلك النظرة.

“بيفار.”

كلمةٌ واحدة اختزلت أفكارًا ومشاعر كثيرة. ولم تكن هناك حاجةٌ لأي حديث إضافي.

في اللحظة التي وجه فيها ملك الشياطين سيفه نحوه،

تحرك العدو فجأة وبشكلٍ مباغت.

_________________

بيفار يعتبر عاش فلم رعب بس جحود ينادي الملك باسمه؟ مجنون 

وارييلا تضحك شكلها نزلت وهي ساكته لأن راسها داخ من الركض😭

Dana