شعر لودفيك أن الغضب بدأ يغلي داخله مجددًا بعد امتعاضه.
“غير موجود؟”
كان تعبير وجهه يوحي بالخطر، ما جعل الجنود يتحركون بسرعة تكاد تخفي أطرافهم من شدة الارتباك.
فمجرد تذكّر القوة الرهيبة التي أظهرها ذلك الملك في المعركة كفيل بجعل خطواتهم تتسارع من تلقاء نفسها.
لكن كل ذلك الجهد لم يثمر شيئًا. فرغم أنهم فتشوا القصر بأكمله كما لو كانوا يبحثون عن فأر. إلا أن هناك شخصًا واحدًا لم يُعثر عليه قط.
صاحب هذا القصر بالذات.
صرّ لودفيك على أسنانه.
“ذلك الوغد بيفار…..هرب وحده؟”
حتى أرييلا ضغطت لسانها بامتعاض.
“ألقى بأتباعه إلى الهلاك وفرّ بنفسه؟ يا له من جبان.”
إن كان يعلم أنهم كُشفوا، فلماذا بقي مصاصو الدماء يدافعون عن القصر؟
لأنهم كانوا طُعمًا منذ البداية. و كان الهدف هو إبطاء لودفيك وجيشه لكسب الوقت. وفي تلك الأثناء، فرّ بيفار وحده بلا شك.
رغم أن الجنود فتشوا المكان بدقة تكشف حتى شعرة واحدة، لم يعثروا عليه.
“تباً!”
تمتم لودفيك بشتائم خافتة.
حتى لو بدأوا مطاردته من الآن، فإن احتمال الإمساك به كان ضئيلًا. فبيفار من أقدم مصاصي الدماء في هذا المكان، وهو متمرس في السحر إلى حد بعيد. وقدرته على إخفاء أثره ليست بالأمر الصعب عليه إطلاقًا…..
“مهلًا؟ أظن أن ذلك الوغد اللزج اتجه إلى هناك؟”
اتجهت أنظار ملك الشياطين إلى الجهة التي أشارت إليها.
“ماذا؟”
كانت أرييلا تطل من نافذة القصر وقد رفعت يدها اليمنى، تشير إلى اتجاه محدد.
“ماذا قلتِ الآن؟”
اقترب لودفيك من أرييلا هو الآخر. فوقف الاثنان جنبًا إلى جنب أمام النافذة، و كتفاهما يكادان يتلامسان، دون أن ينتبه أيٌ منهما لذلك.
“ذلك الاتجاه؟ لكن..…”
كان قصر بيفار متصلًا بغابةٍ مترامية الأطراف. غابة كثيفة يصعب تحديد الاتجاه فيها، وقد يُفقد المرء بسهولة إن خطا خطوةً في غير موضعها.
ومن وجهة نظر لودفيك، لم يكن هناك أي أثر يشير إلى أن مصاص دماء دخل الغابة.
فحدود الغابة كانت واسعةً للغاية، ولا يوجد ما يمكن اعتباره مدخلًا واضحًا، كما أن من المستحيل تخمين الاتجاه الذي قد يكون سلكه.
ومع ذلك، تحدثت أرييلا بجزم. بصوت مملوء بالثقة، وهي تشير بدقة نحو موضع معين.
“أنا واثقة. عبر النافورة، متجاوزًا السياج…..لقد دخل من هناك.”
لم يكن لودفيك قادرًا على الفهم.
“كيف تكونين واثقةً إلى هذه الدرجة؟ وكأنكِ رأيتِه بعينيكِ.”
لكن من جهتها، لم تستطع أرييلا أن تفهم لماذا لم يكن لودفيك يدرك ما تقصده.
“ماذا تعني بـ‘كيف’؟ ألا تشعر به؟”
“أشعر بماذا؟”
“بهذا!”
“……؟”
“بهذا الإحساس! هذا الشعور! كأن جسدي يُسحب للأمام والخلف في آنٍ واحد.”
اتسعت ملامح لودفيك بعدم الفهم، عاجزًا عن الاستيعاب. وحين لم يستطع اللحاق بكلامها، قطبت أرييلا حاجبيها.
“أحقًا لا تشعر بشيء؟ أنا أشعر به بوضوح!”
وكان ذلك الإحساس الذي يلتف حول أرييلا مألوفًا بشدة.
إذا أرادت وصفه بدقة، فقد كان مزيجًا من نوعين من الأحاسيس سبق لها تجربتهما من قبل.
“عندما استيقظت فجأة قبل بضع ساعات…..كان شعوري حينها نفسه تمامًا.”
حين اقترب قاتلا مصاصي الدماء اللذان أرسلهما بيفار من أرييلا وهي نائمة، استيقظت بفعل إحساس غريب اجتاحها.
شعورٌ أشبه بمن يسحبها، أو كأن شيئًا ما في جسدها قد تنبّه فجأة.
في تلك اللحظة، كانت ما تزال نصف نائمة، فلم تدرك تمامًا ما كان ذلك الإحساس. لكن الآن، بعد أن أعادت التفكير مليًّا…..أدركت أن تلك الطاقة لم تكن سوى مانا، طاقة سحرية.
وبشكل أدق، كانت الموجة الخفيفة المتبقية من تعويذة أطلقها شخص آخر، أثر السحر الذي يترك خلفه صدى خافتًا.
وأرييلا كانت قد التقطت ذلك الأثر.
“إنه نفس الصدى. أشعر به الآن أيضًا، من نفس الاتجاه.”
تمامًا كما في تلك الليلة، هناك شخصٌ يستخدم سحرًا، والصدى الناتج عنه يصل إليها. لكنها لم تستطع تحديد نوع التعويذة بالضبط.
في الحقيقة، كانت تلك الموجة تخص تعويذة إخفاء يستخدمها الشياطين.
في تلك الليلة، اقترب القاتلان منها مستخدمَين تعويذة إخفاء لتجنب اكتشاف وجودهما. والآن، بيفار هو الآخر يستخدم تعويذة الإخفاء ذاتها ليهرب دون أن يُرصد.
وأرييلا شعرت بنفس الصدى في المرتين.
لكن مجرد ذلك لم يكن كافيًا للجزم. فقد لا يكون من في الغابة هو بيفار.
لكن كان هناك سببٌ آخر جعلها متيقنةً تمامًا.
‘عندما التقينا أول مرة في قاعة الاجتماعات قبل أيام…..حاول بيفار قمعي باستخدام المانا الخاصة به.’
فكما يبدو، كل ساحر يترك خلفه بصمةً سحرية خاصة به، مثل بصمة الأصابع. وقد أدركت أرييلا هذا مؤخرًا فقط.
‘أمرٌ طبيعي. قبل أن آتي إلى عالم الشياطين، لم أكن قد التقيت بسحرة آخرين حتى أقارن بينهم.’
لودفيك، بيفار، وفيلي……كلٌ منهم يملك صدى فريدًا لا يشبه الآخر عند استخدام السحر.
ترددٌ لا يتكرر. بصمة خاصة لكل فرد.
والآن، في ذاك الاتجاه المؤدي إلى الغابة، كانت الموجتان واضحتين تمامًا…..موجة سحر الإخفاء، والبصمة السحرية الفريدة لبيفار.
أرييلا، التي سبق أن شعرت بكلتا الموجتين، استطاعت تمييزهما والتقاطهما من جديد. وعندما شرحت ذلك للودفيك، اتسعت عيناه لحظةً وهو يحدّق بها في ذهول.
“هاه؟ ما بكَ؟”
سألت أرييلا بقلق.
كان يفترض أن يرد الآن، لكنه بدلًا من ذلك، ظل يحدّق بها بصمت مطبق.
هذا ليس وقت التردد…..يجب علينا اللحاق ببيفار قبل أن يفلت نهائيًا…..
وقبل أن تفتح فمها لحثّه، تمتم لودفيك بصوت أقرب إلى الأنين.
“لا يُصدّق…..هل ما تقولينه ممكنٌ فعلًا؟”
“أيّ شيء؟”
“ما قلتِه الآن.”
كان لودفيك مصدومًا بشدة. فما سمعه يتجاوز نطاق معرفته وخبرته.
‘إن كان هناك من يُفعّل تعويذةً بالقرب مني في هذه اللحظة…..نعم، أستطيع الشعور بها.’
في الواقع، عندما حاول بيفار تهديد أرييلا بسحره في قاعة الاجتماعات، شعر لودفيك بذلك وتدخل على الفور.
لكن…..
‘أن تلتقط أثرًا سحريًا قديمًا، تركه ساحرٌ غادر المكان بالفعل؟’
صحيحٌ أن هناك سحرًا خاصًا لتعقّب آثار المانا، لكنه نادر إلى حد أن من يتقنه قليلٌ للغاية.
أما أرييلا، فلم تستخدم أي تعويذة كهذه. بل بدا وكأنها امتلكت هذه القدرة فطريًا…..واكتشفت كل شيء اعتمادًا على إحساسها وحدسها فقط.
‘أمرٌ مذهلٌ بحق.’
من المستحيل أن تطلق متعاقِدته كلامًا فارغًا في موقف بهذه الجدية. وخاصةً بالنظر إلى شخصيتها وتصرفاتها التي شهدها بنفسه طوال الفترة الماضية.
“إذًا، يمكنكِ معرفة الاتجاه الذي هرب فيه بيفار، أليس كذلك؟”
“نعم.”
فأومأ لودفيك برأسه.
“دلّيني. سنطارده على الفور.”
***
في الغابة الممتدة خلف القصر.
“هاه….هاه..…!”
كان أحد مصاصي الدماء، وقد غطّى جسده بالكامل بملابس سوداء، يفرّ بسرعة. و قد كان ذلك بيفار.
بخلاف ما هو معتادٌ من مصاصي الدماء، كان يتصبب عرقًا وعضلاته ترتجف قليلًا من الإرهاق. كما أن ملامحه كانت تتقلب بين التوتر والغضب.
مخلوقات الغابة ووحوشها لم ترَ جيدًا مظهره الغريب كمصاص دماء. ذلك لأنه كان قد أخفى جسده بسحر التخفي.
لذا، على الطرق غير المطروقة في الغابة، كانت آثار أقدام كيانٍ غير مرئي تُطبع بسرعة متلاحقة. وبفعل السحر، لم يكن هناك أي صوت للخطوات، مما زاد المشهد غرابة.
حتى صوت أنفاسه المتقطعة اللاهثة، لم يكن يسمعه سوى هو وحده.
وبينما كان يركض في صمت مطبق، وبشكل يائس، عضّ بيفار على أسنانه بشدة.
‘تبًا! تبًا! تبًا!…..كيف وصلت إلى هذا الوضع!’
لا يدري من أين بدأت الأمور تنحرف.
كانت مهمة الاثنين الذين أرسلهم كقتلة بسيطة للغاية. يقتلون أرييلا وهي نائمة، ثم ينزلون بهدوء إلى السجن السفلي ويقضون على الكوبولد المسجون هناك.
وبهذا يكون قد تخلّص من الكلاب التي قد تتعقب أثره، والفئران التي قد تدلي بشهادة ضده، ليعود هو إلى حياة هادئة كما كانت.
لكن…..
“أن يُقتلا؟!”
ما زال لا يعلم كيف قُتلا. لكن بيفار، بفضل السحر الذي ألقاه على تابعيه، علم على الفور بلحظة انقطاع أنفاسهما.
يبدو أنه بينما كانا يستهدفان أرييلا، وقعا في هجوم مضاد بدلاً من ذلك.
صرّ بيفار على أسنانه بغضب وهو يفكر.
‘تلك البشرية! أيمكن أنها توقّعت قدوم القتلة اليوم؟’
لم اكن قد توقّعته حقاً.
‘بل علمت بالأمر مسبقًا ونصب لهم الفخ!’
بالطبع، لم يُنصب أي فخ من الأساس.
‘تلك المتوحشة! لقد وقعتُ في مؤامرةٍ حاكتها تلك البشرية!’
كان يظنها امرأةً مزعجة تملك بعض الحيل التافهة، وتتباهى بفضل ملك الشياطين. أما الآن، فإن مجرد استحضارها في ذهنه يبعث القشعريرة في جسده.
وبفضل التجربة التي مرّ بها، تغيّرت صورة أرييلا تمامًا في ذهن بيفار. فلم تعد كما تخيّلها أول مرة، بل باتت وحشًا مرعبًا يفوق كل تصور.
___________________
نو واي مسوع خلص الفصل😧
الفصل حلو شكل لودفيك هو الي بيوقع اول 😭
المهم انتظر مومنتاتهم
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"
كل يوم ملك الشياطين يكتشف ان متعاقده فخمه ههههههه
الفصول حمااااس كل رواية تختارينها تكون افضل من الثانية ومايحلي الفصول الا تعليقاتك بالنهاية