كما لو أن شمسًا أخرى قد أشرقت داخل الغرفة. وهذا وحده كفيلٌ بأن يصيب المرء بالذعر.
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد انبعث من الغرفة صراخٌ لشخصين كذلك.
ثم……ألم تسمع لتوّها صوت شيء يحترق؟
فووووش-!
نعم، لم يكن الأمر وهماً، كان ثمة صوتٌ يشبه اشتعال النيران.
رمشت أرييلا بعينيها اللتين لسعتهما الحرارة وهي تحاول فهم الموقف.
“توقف! هذا سحري أنا، فلماذا لا يتوقف؟ فقط توقف!”
رغبت في كسر التعويذة، لكن الطاقة السحرية التي سحبتها من لودفيك كانت تتدفق كالسيل الجارف دون توقف.
فششش-!
و بعد مدة، انقطعت التعويذة أخيرًا بصعوبة. وحينها فقط فتحت أرييلا عينيها المغلقتين مجددًا.
“آه، يا للرعب. لا يمكن أن يتكرر هذا كل مرة. لكن……ما رائحة الاحتراق هذه؟ أووووه!”
قفزت أرييلا من مكانها فجأة.
“ما هذا مجددًا!”
و على جانبي سريرها كانت هناك جثتان متفحمتان تمامًا ممددتين.
ولا تزال بعض الشرارات الصغيرة مشتعلةً حولهما، بينما يتصاعد الدخان الرمادي خفيفًا في الأرجاء.
***
“همم، إنهم مصاصو دماء على ما يبدو.”
قال ريتشموند ذلك الذي اندفع إلى داخل غرفة أرييلا مؤكدًا.
“مصاصو دماء؟”
سأله لودفيك، والهالات السوداء تحت عينيه بارزةٌ بحدة.
كان أول من أدرك ما حدث في الغرفة بلا شك هو لودفيك. فقد كان نائمًا حين سُحبت طاقته السحرية فجأة، و لم يكن ليستطيع ألا يلاحظ.
والشيء الجيد، أن هذه المرة لم يُغمَ عليه كما حدث سابقًا، لأن أرييلا أوقفت التعويذة ولو في لوقتٍ متأخر.
وبفضل ذلك، بدلًا من أن يُغمى عليه وهو نائمٌ كما في المرة السابقة، اندفع لودفيك إلى غرفة أرييلا.
ثم تبعه كبير الخدم المقيم في قلعة ملك الشياطين، وريتشموند الذي كان يجري أبحاثه في المختبر السفلي.
وهكذا، شاهد الجميع الجثتين المتفحمتين الملقاتين على أرض غرفة أرييلا.
ثم تحدث ريتشموند بعد أن استمع إلى الشرح،
“سحر الضوء، إذاً. هذا هو سبب موت هذين المصاصين للدماء.”
“ماذا؟”
سأل لودفيك بصوت يغمره الشك.
“مجرد تعويذةٍ لإضاءة المكان تتسبب في هذا كله؟”
راح ريتشموند يحرك بقايا جسد مصاص الدماء المحترق بعصاه ويطعنه هنا وهناك وهو يجيب،
“هاها، الجميع ينسى هذا لأننا في عالم الشياطين، لكن في الحقيقة، مصاصو الدماء لا يستطيعون التجول تحت أشعة الشمس في عالم البشر.”
بدا الأمر غريبًا، فرفع لودفيك حاجبه بتعجب.
أما أرييلا وكبير الخدم غرويب، فقد تفاعلا وكأنهما كانا يعلمان هذا مسبقًا.
“آه، صحيح. في عالم البشر يُعرف مصاصو الدماء بأنهم لا يخرجون إلا ليلًا. كنت أظن أن الأمر غريبٌ هنا لأنهم لا يفرقون بين الليل والنهار……”
“ذلك لأن شمس عالم الشياطين ليست حقيقية. إنها نوع من الرمز أو البلورة السحرية التي صنعها ملك الشياطين بقوته.”
ولهذا السبب، كان بمقدور مصاصي الدماء كـ بيفار أن يتحركوا بحرية حتى في وضح النهار داخل هذا العالم. و هو أمرٌ لا ينطبق إلا على عالم الشياطين.
وأعاد ريتشموند بناء ما حدث في الغرفة قبل قليل بناءً على نظرية منطقية.
“حين أطلقت المتعاقدة تعويذة الضوء، لا بد أنها استهلكت مجددًا قدرًا هائلًا من طاقة ملك الشياطين.”
وقد أثبت الملك نفسه صحة هذا الاستنتاج.
“نعم. شعرت بطاقةٍ تُسحب منّي بشكل لا يُصدق.”
“وحين ركزت تلك الطاقة القصوى ضمن تعويذة واحدة……فإن الحرارة والضوء الناتجين قد تضاعفا بشدة. والنتيجة كانت تأثيرًا يُشبه ‘الشمس الحقيقية’ الموجودة في عالم البشر.”
سكت الجميع، وعجزوا عن الكلام.
“شمسٌ حقيقية؟”
“أجل. ليست شمس عالم الشياطين، بل تأثير شمس قادرة على إحراق مصاصي الدماء حتى الموت. لم يسبق لي رؤية شيءٍ كهذا من قبل. يبدو أنه يستحق المزيد من البحث.”
تمتم ريتشموند بصوت يملؤه الفضول. لكن لودفيك بدا وكأنه لم يعد مهتمًا بسبب هذا الظاهرة الغريبة. فقد ركّز فقط على النتيجة.
“على أي حال، هؤلاء احترقوا لأنهم مصاصو دماء، صحيح؟”
“لقد احترقوا بشدة لدرجة أن هويتهم لم تُعرف، لكن عرقهم مصاصو دماء بلا شك.”
صرّ لودفيك على أسنانه، والشرر يتطاير من عينيه. فجميع مصاصي الدماء في هذه الأراضي يعيشون في قصر واحد.
وطبعًا، مالك ذلك القصر……هو بيفار.
“لا يمكن التعرف على هويتهم؟ لا بأس، سنذهب ونعرف الآن.”
قبض على مقبض سيفه الذي كان قد أخذه معه منذ خرج من غرفة النوم.
هل يا ترى، إن اقتحم الآن منزل بيفار، سيجد جميع مصاصي الدماء الذين يعرفهم موجودين دون نقص؟
لودفيك لم يظن ذلك.
“كنت أكبح نفسي عن قطع رأسه منذ مدة، وها هو يمنحني الذريعة بيده.”
ومن دون تردد، أمر بتجميع الجنود.
“سننطلق فورًا.”
ولأن بيفار قد يشعر بالأمر ويوجّه هجومًا مضادًا، قرر ريتشموند أن يبقى في القلعة لحمايتها.
أما وولكن، فكان يقيم في أطراف الإقليم لرصد هجمات الأورك التي ازدادت في الأيام الأخيرة. وبالتالي، قرر لودفيك أن يتوجه إلى بيفار ويقوده دون أي من حلفائه الرئيسيين، وبرفقة الجنود فقط.
وحين رأت أرييلا ذلك، تقدمت نحوه.
“سألحق بكَ أنا أيضًا!”
عندها، اعترض ريتشموند و كبير الخدم معًا. و قد كان السبب واضحًا، وهو أن الأمر شديد الخطورة. فلو تورطت في القتال وقُتلت، فسيفقد لودفيك حياته معها.
لكن لسبب ما، وافق لودفيك.
“ستأخذَ المتعاقدة معكَ؟ حقًا؟”
قال ريتشموند ذلك بدهشة، فأجابه لودفيك بهدوء،
“بما أنها من بدأت هذا الأمر، فمن حقها أن ترى نهايته بنفسها.”
تقاطع نظر ملك الشياطين و أرييلا في الفراغ.
في الأساس، لولا أرييلا لما بدأوا حتى في كشف مؤامرة بيفار. والدليل القاطع كذلك، حصلوا عليه حين أحرقت أرييلا اثنين من مصاصي الدماء حتى الموت.
كلمات لودفيك لم تكن فقط اعترافًا كاملًا بدورها في هذه القضية، بل بدت وكأنها اعترافٌ بها كرفيقة تقف معه في ساحة المعركة.
ولأنها حصلت على الموافقة بسهولة غير متوقعة، بدت أرييلا مذهولة.
فنظر لحالها، و تمتم لودفيك،
“……كما قلتُ سابقًا، أستطيع حمايتكِ، مهما كان المكان. سواءً كانت ساحة معركة أو غيرها.”
***
بعد ذلك، تقدمت الأمور كالسيل الجارف.
أرييلا ولودفيك، وجنود الشياطين وصلوا بسرعة إلى قصر بلفار.
و اصطف الجنود حول القصر، ليمنعوا أي أحد من الفرار. قاختلط التوتر ببرودة هواء الليل.
ولأرييلا، التي تشهد هذا النوع من القتال لأول مرة، كان الجو مشحونًا وغريبًا.
“همم؟”
عند وصوله إلى البوابة، عبس لودفيك كما لو أن شيئًا ما أزعجه.
“ذلك الوغد؟”
حتى قبل أن يُفرض الحصار، كانت أجواء القصر غير طبيعية. فالبوابة كانت موصدةً بإحكام، وبين الظلال كانت هناك أعين متوهجة باللون الأحمر تتلألأ. و عرفت أرييلا هويتهم.
“مصاصو دماء!”
يبدو أنهم أنهوا تشكيل الدفاع في أرجاء القصر واستعدوا للقتال. لقد كانوا على علم مسبق بتقدم ملك الشياطين.
فصرخ لودفيك بصوت عالٍ،
“بيفار! لقد جئت بنفسي إلى هنا، افتح الباب فورًا وأظهر نفسكَ!”
“…….”
لكن من الداخل لم يأتِ أي رد. و لم يكن هناك سوى صمتٍ بارد يخيم على المكان.
فتحدثت أرييلا بصوت خافت.
“سرعة بديهته مقززةٌ فعلًا.”
فمصاصا الدماء اللذان أرسلهما للاغتيال لم يعودا حتى بعد مرور وقت طويل، مما يجعل تخمين ما حدث لهما أمرًا واضحًا.
أومأ لودفيك برأسه. يبدو أن بيفار وعشيرته الموالية له قد أنهوا تحضيراتهم للمعركة داخل القصر. وكونهم لم يتحركوا قيد أنملة رغم أن ملك الشياطين نفسه جاء وأصدر أمرًا، كان ذلك دليلًا كافيًا.
لكن لودفيك لم يكن مستعدًا لتحمل هذا التمادي الوقح أكثر من ذلك.
“انتهى وقت الكلام.”
ما إن أنهى كلماته، حتى رفع يده إلى الأعلى. و لم تكن هناك أوامر أخرى بعد التصريح الأول.
لم يهددهم بعاقبة عدم فتح الباب فورًا. وبدلًا من التحذير، تصرف لودفيك بالفعل.
هوووووووم-!
كانت هناك قوةٌ سحرية هائجة تشتعل في الهواء. وبشعور أرييلا بتلك القوة العاتية، اتسعت عيناها بدهشة.
لقد رأت لودفيك يستخدم السحر أكثر من مرة، لكن هذا…..كان الأقوى على الإطلاق…..
كووووووم-!
فجأة، انفجرت عاصفةٌ نارية هائلة من طرف أصابع لودفيك.
و تبع الوميض الساطع الذي يكاد يحرق القرنية صوت انفجار يصمّ الآذان، فأغمضت أرييلا عينيها دون أن تشعر.
ثم هبّت موجةٌ حر عاتية، فتطاير شعرها في الهواء.
غررررر-!
تبع الانفجار اهتزازٌ في الأرض والهواء معًا، حتى أن جنود الشياطين المصطفين خلف لودفيك تراجعوا قليلًا من شدة الصدمة.
“واو..…!”
تمتمت أرييلا بانبهار وهي تفتح عينيها مجددًا. فالبوابة الضخمة التي كانت تعيقهم قبل لحظات اختفت دون أن تترك أثرًا.
تسسس-! تسسس-!
لم تختفِ البوابة فقط، بل طارت معها أجزاءٌ كبيرة من السور العالي المحيط بالقصر.
كانت عاصفة النيران شديدة الحرارة لدرجة أنها أذابت الأرض نفسها، مخلفةً أخاديد حمراء متوهجة.
أصدر لودفيك أمره بعدما أزال ذلك الحاجز الحصين بكل بساطة.
و كان صوته قصيرًا وحازمًا.
“اقتحموا!”
فانطلق جنود الشياطين بهتاف كالزئير وهم يندفعون للأمام.
_________________
هوشههههاععاا يااااااااااااااس
لودفيك قوي بسم الله عليه وليدي 🤏🏻
وارييلا من يوم جت وهي تنصدم او تنبهر تضحكني😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 22"