“يقال أنها إنسانةٌ عقدت عقداً مع الملك لودفيك وجاءت إلى عالم الشياطين. أكان اسمها أرييلا؟”
“لقد شهدت تلك المنطقة تطورًا سريعًا مؤخرًا، ويقولون أن وراء ذلك التطور المُتسارع تلك المتعاقدة المسماة أرييلا.”
“هاها، حقًا مثيرٌ للحسد. ذلك الملك الشيطاني يبدو أنه احتضن كنزًا حقيقيًا!”
اسم مملكة لودفيك الشيطانية، التي كانت يومًا أرضًا منسية على الأطراف، أصبح الآن رمزًا للمعجزة يتردد صداه في أرجاء الجنوب بأكمله.
***
كانت الزنزانة الواقعة تحت قلعة لودفيك الشيطانية تغمرها برودة الهواء ورطوبته الخانقة.
و كان كلٌّ من أرييلا، ولودفيك، وريتشموند، و أولكن يحدّقون في الشيطانة المقيّدة وسط الزنزانة.
كارين. كانت تلك المرأة التي أحضرها أولكن قد تفحّصت وضعها ووضع المكان من حولها، ثم بدا وكأنها استسلمت للأمر الواقع بسرعة غير متوقعة.
بدأت تعترف بكل ما دبرت من أفعال حتى تلك اللحظة. فاستجوبتها أرييلا حول مصدر السحر القديم الذي استخدمته لانتزاع قوة ديلّارك، أو بالأدق لسرقة الشمس.
“الكتاب السحري الذي تعلمت منه التعويذة لم يعد موجودًا.”
“ولِمَ؟ هل سُرق منكِ؟”
“لا، أنا من أحرقه.”
وعلى الرغم من أن وجهها كان شاحبًا تمامًا بعد أن فقدت معظم قواها السحرية، إلا أن كارين تحدثت بثقة دون أن يظهر عليها أي ضعف.
و شعرت أرييلا بالرغبة في النقر بلسانها من الغيظ أمام ذلك الموقف المتعجرف.
“ولمَ فعلتِ ذلك؟”
“لأني أدركتُ منذ أن رأيته أنه يجب أن يظل سرًا لا يعرفه سواي. فالطريقة الوحيدة لمنع الآخرين من سرقته هي أن أحتفظ به في رأسي فقط.”
نظر إليها ريتشموند بنبرةٍ مشبعة بالاشمئزاز،
“تمنعين انتقال المعرفة من أجل مطامعكِ الخاصة…..لو كان كل سحرة عالم الشياطين مثلكِ، لما عرفنا التقدّم أبدًا.”
ابتسمت كارين بسخرية.
“أي قوةٍ تُوجد فيها معرفةٌ يتقاسمها الجميع؟ تلك ليست معرفة بل مجرد بديهيات.”
هزّ ريتشموند رأسه ببطء.
“ثمة أمرٌ لاحظته بين سحرة البشر وسحرة الشياطين على حدٍ سواء. كل من يبلغ مرتبةً عالية منهم، يقضي ما تبقى من عمره في تأليف الكتب السحرية. لا بد أن لذلك سببًا وجيهًا.”
“ذاك سببٌ أحمق حقًا. فكلما انتشرت المعرفة قلّ ثمنها.”
ثم تدخل لودفيك بنبرةٍ باردة.
“قيمة المعرفة تقل إذًا؟ حسنًا، وماذا لو أعطيتكِ شيئًا، هل ستخبريننا عن التعويذة؟”
شَرَعَ لودفيك بسحب سيفه من غمده بصوتٍ حاد. وكانت كارين تدرك أن الثمن الذي سيدفعه ليس ذهبًا، بل ذلك الحديد اللامع نفسه.
فلن يُسلَّم إليها في صندوقٍ أنيق مليء بالعملات، بل سيُغرز في جسدها مباشرة.
“إنها تعويذةٌ قديمة قضيتُ سنواتٍ في فك رموزها وتعلّمها. لن تتمكنوا من إتقانها حتى لو شرحتها الآن..…”
لكن لودفيك وضع حافة سيفه على حنجرتها دون أن ينبس بكلمة.
فزفرت كارين أنفاسًا ضعيفة، ثم استسلمت وبدأت بالكشف عن بنية التعويذة ونصوصها.
دونتها أرييلا بدقةٍ بالغة، بينما كانت كارين تبتسم باستهزاء وهي تتحدث، كأنها تقول: حتى لو كتبتموها، فلن تستطيعوا تقليدها.
بعد ذلك أمطراها أرييلا وريتشموند بوابلٍ من الأسئلة.
“وماذا لو وُلد ملك شيطانيٌ جديد وامتص شمس ديلّارك؟ ماذا سيحدث عندها؟”
ارتجفت حاجبا كارين قليلاً، ثم ابتسمت مجددًا بعد لحظةٍ قصيرة.
“ستجري العملية بسلاسة تامة دون أي عقبات. فدمج الشمس الضعيفة بالفعل مع الشمس الأصلية أمرٌ يسير للغاية..…”
في تلك اللحظة تجمد جو غرفة التحقيق فجأة. و راقبت كارين ردود أفعالهم ببرود قبل أن تواصل حديثها.
“…..لكنكم بالطبع لن تصدقوني.”
نظرت إلى لودفيك ثم إلى أرييلا بالتتابع.
“يبدو أن ديلّارك ما زال حيًا، أليس كذلك؟ هل تؤجلون الأمر لأنكم لا تعرفون كل شيءٍ بالفعل؟”
غاصت التجاعيد حول شفتيها أكثر وهي تتابع بابتسامة باردة.
“تريدون سرقة شمس ديلّارك؟ هاهاها…..إذًا من الطبيعي ألا يكون مصير المالك الجديد أفضل من مصير السابق.”
هزّت كارين رأسها ببطء وردّت بنبرةٍ لاذعة،
“أنتم ماكرون حقًا…..توقعتم النتيجة مسبقًا.”
تدهور حالة المملكة فكان مشكلةً ثانوية. أما المشكلة الكبرى فكانت في الشمس نفسها.
القطعة الأثرية التي كان ديلّارك يحملها.
فالتعويذة القديمة التي نسجتها كارين عليها كانت لعنةً دنّست الارتباط بين الشمس والإقليم. وموت ديلّارك لا يعني أن الشمس الملوثة ستتطهر فورًا.
لكن ماذا لو تم ربط تلك الشمس الملوثة بروح ملك شيطاني جديد؟
أكدت كارين بثقة أن حتى الشياطين الأصحاء سيتعرضون لضرر بالغ.
فزمّ لودفيك أسنانه غيظًا.
“تتحدثين بكل وقاحة وكأنكِ لم تكوني السبب في كل هذا الخراب.”
فحتى بعد أن دفعت بإحدى الممالك إلى الهاوية، لم يظهر على كارين أدنى شعورٍ بالذنب.
ثم سألت أرييلا بنبرةٍ أكثر حدّة،
“إذًا، هل هناك طريقةٌ لاستعادة الشمس الملوثة إلى حالتها الأصلية؟”
“لا أعلم.”
“لا تعلمين؟”
“نعم.”
كانت ملامح كارين تنضح باللامبالاة.
“كل ما بحثتُ فيه هو كيفية تلويث الشمس ثم امتصاص جوهرها بعد ذلك.”
حتى بعد أن فقدت كل شيء، ظل صوتها يلمع بشرّ خالص.
“أما ما سيحدث لتلك الشمس الملوثة لاحقًا، فذلك لم يكن شأني.”
في تلك اللحظة كادت أرييلا تنفجر غضبًا.
فكلمات كارين كانت تعني ببساطة أنها لم تكترث لمصير الأرواح التي تعيش تحت تلك الشمس.
كانت على وشك أن تصرخ في وجهها، حينها دوّى صوتٌ هائل.
“……؟”
فتجمد وجه أرييلا فجأة. من جهة مملكة ديلّارك الشيطانية، شعرت باضطرابٍ ضخم ومشؤوم في الطاقة السحرية، كأن قوانين عالم الشياطين نفسها تصرخ ألَمًا.
لم يكن ذلك مجرد تموّج في القوة. بل كان أشبه بصوت احتضار كيان مريض ومشوّه وهو ينهار من الداخل.
وكانت تلك الموجة تتجه مباشرةً نحو مملكة لودفيك.
شعر كلٌّ من لودفيك وريتشموند بالخطر ذاته، واتسعت أعينهما في ذهول.
“ما الذي يحدث؟!”
و استشعرت أرييلا مصدر الطاقة فورًا.
“ديلّارك!”
ومن الذي معه الآن..…؟
ومض في ذهنها نذير شؤم مفزع.
“إلى الغرفة التي يُحتجز فيها ديلّارك! حالًا!”
***
“هيلينا!”
ما إن صاحت أرييلا باسمها حتى كان لودفيك أول من استجاب. و انطلق نحو باب غرفة التحقيق، وتبعه الباقون على عجل.
وفي أثناء جريهم عبر الممر، أخذت القلعة كلها تهتز ارتجافًا خفيفًا، فيما امتلأ الهواء بهالةٍ بنفسجية شريرة تتصاعد تدريجيًا.
دوّى صوت انفجار مدوٍّ! فقد ركل لودفيك الباب المغلق بقوةٍ ودخل.
وما رأوه بعد ذلك كان مشهدًا مروّعًا.
كان جسد ديلّارك قد تحطم تمامًا حتى لم يبقَ منه سوى أشلاء مبعثرة. وعلى مقربة منه مباشرة، كانت هيلينا مطروحةً على الأرض الباردة بلا حراك.
“هيلينا!”
اندفعت أرييلا نحوها لتفقد حالتها.
كان نَفَسُها ضعيفًا للغاية، وشعرت أرييلا بأن طاقتها الحياتية تتسرب من جسدها شيئًا فشيئًا.
وكانت حول جسدها تومض هالةٌ من السحر الأسود المائل إلى البنفسجي، تتصاعد مثل السراب، تمامًا كما حدث مع ديلّارك قبل موته.
اقترب ريتشموند وفحص حالة هيلينا، ثم أطلق أنينًا خافتًا.
“طاقتها الحياتية تُستنزف بسرعة رهيبة!”
فسأل أولكن بصوتٍ مفعمٍ بالدهشة،
“ديلّارك مات أخيرًا إذًا. لكن ما بال جثته بهذا الشكل؟ لا يمكن…..هل هذه المرأة، هيلينا، هي من فعلت ذلك؟”
“مستحيل.”
هزّت أرييلا رأسها نفيًا.
كانت المشاعر التي تكنّها هيلينا تجاه ديلّارك أشبه بخليطٍ من الحب والكراهية، ولم يكن من المعقول أن تهاجمه بهذه الطريقة المفاجئة، لا سيما وهي تدرك تمامًا المخاطر المترتبة على ذلك.
عندها تكلّم لودفيك بصوتٍ منخفض بارد،
“أو ربما العكس…..ربما هو الذي دبّر شيئًا ما.”
فردّت أرييلا بأسفٍ مرير،
“حين طلبت مقابلته على انفراد، كان علينا أن نرفض. خصوصًا في غياب سيلفينير..…”
تأوهت وهي تهمس نادمة.
ثم ألقى ريتشموند نظرةً نحو الأرض المحروقة أسفل جثة ديلّارك،
“أتظنون أنه هو من دفعها لقتله؟ ربما قادها لذلك عمدًا.”
فبما أنه كان مقيدًا بالأداة الأثرية، فلم يكن بوسعه تحريك سوى فمه ولسانه للإدلاء بشهادته.
هل كان ديلّارك حقًا بارعًا في الكلام إلى حد أنه أغوى ابنته لتطعنه بيديها؟
وفجأة—
“آه!”
صرخت أرييلا وقد رأت شيئًا وسط الرماد وبقايا الجسد المتفحمة.
كانت نظراتها مصوبةً إلى ما في منتصف كومة الرماد والأنقاض. جوهرةٌ صغيرة تتلألأ بلونٍ ذهبي مشع.
“جوهر الشمس..…”
حين كان ديلّارك حيًا، لم يكن بالإمكان استخراجه. ذفلو حاول أحدهم فصله بالقوة، كان خطر موته وفساد قانون الخلافة الملوث أمرًا محتومًا.
لكن الوضع الآن مختلف. فحركت أرييلا يدها وقد بدا على وجهها الحسم.
وهج!
انبثق من راحة يدها بريقٌ ذهبي نقي.
كان ذلك من التغييرات التي طرأت بعد الحرب، إذ باتت قواها السحرية تشعّ كأن شمسًا صغيرة قد بزغت بين كفيها.
مدّت يدها نحو بقايا ديلّارك، لكن لودفيك تقدم بخطوة ليمنعها بحذر.
“أرييلا!”
فأومأت له بثقةٍ مطمئنة.
و انطلقت طاقتها الذهبية في تيارٍ لطيف، فاحتضنت الجوهرة النقية بأضوائها.
ثم ارتفع الجوهر من بين الرماد ببطء، وانجذب كأنه مسحورٌ نحو كف أرييلا ليستقر فيها.
نظرت إليه مليًا وهمست بصوت مفعم بالإدراك،
“ربما…..يكون هذا هو المفتاح.”
_______________________
يمه تكفون هيلينا لاتفطس قبل ماتتزوج سيلفينير😔
كارين ذي تجنن حلوه قويه هيبه بس الحماره اختارت واحد غلط غبي لو انها مختاره ملك ذكي وكل واحد استغل الثاني كان احسن لها
المهم كله من ديلارك حتى ارييلا ماتفرغت تشوف وش سالفة طاقتها الذهبيه ذي 😔
صح وين باي احسبه بيصير يقعد مع ارييلا طول الوقت هو ولودفيك
التعليقات لهذا الفصل " 162"