توقّف تدفّق امتصاص الشمس، لكن جوهرها ونواتها، اللذان كانا قد تَشكّلا إلى النصف، ما زالا داخل جسد ديلارك.
حتى أرييلا نفسها لم تجرؤ بعد على لمسه. سيُقرَّر ما يُفعل به بعد الانتهاء من استجواب كارين.
ومع ذلك، لم يكن ديلارك في حالٍ تمكّنه من استخدام ذلك الجوهر أصلًا.
‘لا يمكنني المساس به…..!’
فجوهر الشمس لم يكن شيئًا صنعه ديلارك بإرادته. بل إنه لا يزال متشابكًا مع تعويذة كارين، في حين أُصيب جسده بجراحٍ لا يمكن شفاؤها.
لو حاول العبث بالجوهر في هذه الحالة، فلن يحتمل طاقته المهولة.
‘سيتحطم جسدي كما تتحطم قلعةٌ من الزجاج…..’
كان يعلم تمامًا أن إطلاق أي تعويذةٍ بسيطة أو تفجير طاقةٍ سحرية سيكون بمنزلة انتحارٍ بطيء، لأن جسده الضعيف لن يصمد لحظةً واحدة.
‘يا للظلم…..يا للظلم!’
لم يخبِره جيش لودفيك بكل ما حدث بعد أسره، لكن من المعلومات القليلة التي سمعها، تمكّن من استنتاج الحقيقة بنفسه.
‘كارين! كيف تجرؤين على خيانتي؟!’
حين تزعزعت قوته، حاولت كارين فصل الجوهر من جسده بالقوة واستعادته باستخدام السحر.
‘لا أعلم لماذا فشلت في منتصف الطريق…..’
لكنه أيقن أنها لن تتوقف عند ذلك.
‘لا شك أنها ما زالت تطاردني! ستعاود المحاولة مرةً أخرى، وحينها…..سأموت بلا ريب.’
لم يكن لدى ديلارك الآن أيٌ من الأدوات السحرية التي صنعتها كارين له.
ومع اليأس والوجع، بدأت أفكاره تتهاوى في فوضى غير عقلانية.
‘نعم، ستفعل! تلك المرأة لا تعرف معنى التراجع عندما ترغب في شيء!’
في تلك اللحظة، صدر صريرُ بابٍ ثقيلٍ مزّق الصمت، ودخل أحدهم الغرفة. فأدار ديلارك رأسه بصعوبةٍ بالغة.
“أبي..…”
كانت ابنته هي من وقفت عند الباب.
“…..هيلينا!”
وفي اللحظة التي وقعت فيها عيناه عليها، اكتمل في ذهنه آخر جزءٍ من أحجيةٍ مؤلمة.
هذا المكان هو قلعة ملك الشياطين لودفيك…..فماذا يعني أن هيلينا هنا؟
“أنتِ؟!”
كان بعض ما قالته كارين له قبل سقوطه صحيحًا إذًا.
لقد ظن أنه بلغ الحضيض بالفعل، لكنه أدرك الآن أنه كان واهمًا.
‘حتى ابنتي…..خانتني حقًا!’
بات يفهم الآن تلك التحركات الغامضة التي أظهرها جيش لودفيك في ساحة المعركة—فهيلينا كانت معهم، تمدّهم بالمعلومات من الداخل، وتفتح الطريق لهلاك أبيها بيديها.
‘كل من أحببتهم…..كلهم أداروا لي ظهورهم؟’
لكن ما اجتاح قلبه لم يكن الحزن ولا الندم…..بل الغضب.
كارين، التي سلبت منه كل شيء. وهيلينا، التي غرست خنجرها في الجهة الأخرى.
لن يغفر لهما أبدًا.
وبينما كانت تلك الأفكار تتصارع في ذهنه، تقدّمت هيلينا بخطواتٍ بطيئة إلى جوار السرير.
وحين رآها تقترب، اتّخذ ديلارك قراره الأخير.
***
توقّفت هيلينا عن السير. و أمامها كان ديلارك، مكبّلًا بالسلاسل.
ذلك الجسد الذي كان يومًا ضخمًا كالجبل لم يبقَ منه سوى قشرةٍ فارغة، حاكمٌ بائدٌ يتنفس بصعوبةٍ كمن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
التعليقات لهذا الفصل " 160"