لم يكن ذلك انفعالًا عابرًا، بل غريزةً بدائية منقوشة في أعماق دماء التنانين الذهبية.
وفوق ذلك——
‘هو السبب في أن أرييلا في خطر!’
ثم رأى في الأفق لودفيك يطلق أعمدة اللهب على ديلارك.
وفجأة، مرت في ذهنه صورةٌ قديمة—— اليوم الذي أنقذته فيه أرييلا ولودفيك، واللحظة التي أطلق فيها لودفيك عمودًا من النار لصدّ مطاردة قافلة فيدوِك التجارية.
المشهد نفسه تكرّر الآن أمامه.
كوااااااانغ!
فووووش!
حينها، في ذلك اليوم البعيد، فكر باي الصغير في نفسه،
‘أنا أيضًا…..سأقدر على فعل ذلك يومًا ما.’
كان ذلك حلمًا غامضًا آنذاك، لكنه كان أيضًا يقينًا فطريًا.
والآن—— كان يعرف تمامًا ما عليها أن يفعله.
اشتعلت طاقته السحرية داخل جسده كإعصارٍ من النور، شيءٌ هائل يتكاثف في أعماق صدره، على وشك الانفجار.
كوووووورررر!
راوده شعورٌ جارف بالرغبة في الزئير، في أن يُطلق كل ما في قلبه من غضبٍ وطاقةٍ إلى العالم.
فاااااااااااح!
فتحت أرييلا عينيها على اتساعهما.
‘مستحيل..…!’
فقد رأت فم باي لم يُفتح بعد، لكنّ ومضاتٍ ذهبية بدأت تتسرب من بين أنيابها.
كانت أرييلا تعرف جيدًا—— كعالمةٍ درست حياة التنانين دراسةً عميقة—— أن باي ليس بعد في العمر الذي يسمح لها بفعل ذلك.
لكنّ أفكارها توقفت فجأة، لأن باي فتح فمه بالكامل.
فاااااااح!
و بعد لهيب لودفيك الأحمر ونيران أرييلا الذهبية—— ارتفع في السماء نورٌ ثالث…..لا، رابع، كأن شمسًا جديدة أشرقت فوق ساحة المعركة.
انفجر من فمه خيطٌ هائل من الضوء، واندفع الوميض نحو ديلارك بسرعةٍ لا يمكن للعين أن تتابعها.
كوااااااااانغ!
عرفت أرييلا تمامًا ما كان ذلك. موجةٌ نقية من الطاقة، تشبه نور الشمس الأول.
“نَفَسُ الشّمس”—— Solar Breath.
اجتاز العمود الذهبيّ الحاجز الذي نسجته أرييلا دون أي مقاومة، تمامًا كما اخترقت نيران لودفيك حدوده من قبل.
“كياااااااا!”
صرخة ديلارك دوّت في الفضاء، بينما نيران لودفيك وعمود باي الضوئي انقضّا عليه من الجانبين، يحرقانه ويسحقانه في آنٍ واحد.
و بدأ جسده المشوّه ينهار تحت وطأة الهجوم المزدوج الكاسح.
‘نَفَسُ تنين؟!’
إنها ذروة سحر التنانين—— تعويذةٌ لا يقدر على إطلاقها سوى التنانين البالغة.
‘كيف…..وهي لا يزال صغيراً؟!’
لم تكن أرييلا تعلم بعدُ أن السحر الذي لوى الزمان والمكان هو ما أطلق قدرات باي الكامنة مؤقتًا، أي أن باي أظهر معجزةً تخطّى بها حدود عمره نفسه.
“كراااااااااك!”
“أغغغ!”
لم يكن هناك وقتٌ للأسئلة. فجسد أرييلا أخذ يترنح من الإجهاد، وألمها كان يتصاعد مع كل ثانيةٍ تمضي.
فالسيطرة على الوضع لم تكن ممكنةً إلا بفضل الجدار السحري الذي أقامته، ولو انهار الآن، لاتّصل ديلارك مجددًا بتلك الشمس السوداء في السماء، ولتعافت جراحه في لحظةٍ واحدة.
‘يجب أن أصمد…..بعد قليلٍ فقط!’
عضّت على شفتيها بعزمٍ يائس، رغم أن كل ذرة من طاقتها كانت تتبدد، ظلّت تقاوم.
وفجأة——
حدث شيءٌ غريب. وربما كان قد بدأ منذ ظهور باي نفسه.
فالهالة الذهبية التي كانت تغلّف جسد أرييلا برفق، بدأت تتلألأ أكثر، كأنها تتناغم مع طاقة باي.
‘ما هذا الإحساس؟’
شعورٌ غريب…..ومألوف في الوقت ذاته.
حنينٌ قديم يوقظ في صدرها دفئًا نسيته منذ زمنٍ بعيد.
قوةٌ كانت نائمةً في أعماق دمها استجابت لتلك التغيّرات واستيقظت من سباتها.
لم تعرف ماهيتها، لكنها لم تشعر بأي نفورٍ منها، بل بدا الأمر وكأنها استعادت شيئًا فقدته في طفولتها—— شيئًا دافئًا، مألوفًا، ومليئًا بالسكينة.
وبينما كانت تستسلم لذلك الشعور، مرت كلمات أمها الراحلة في ذهنها كنسمةٍ خفيفة،
“أرييلا، ما يمكنكِ فعله يفوق ما تظنين بكثير، فلا تحدّي نفسكِ بخطٍ ترسمينه خوفًا.”
ذلك التردد بين صدى كلمات أمها، والطاقة التي ربطتها بباي، أحدث شرخًا داخلها—— كسرت شيئًا كان يكبلها منذ زمن.
قيدًا غير مرئي تحطّم، وهي تسمع صداه كأنه صرير زجاجٍ يتشقق.
ووووووووووم!
شعرت للمرة الأولى بقوةٍ جديدة تتدفق في عروقها. وفي تلك اللحظة، أدركت الحقيقة.
طوال هذا الوقت، كانت تستمد السحر من لودفيك عبر عقدٍ يربط بينهما، لكنّ العقد كان متبادلاً—— فبإمكانها أن تمنحه قوتها أيضًا.
لكنها لم تفعل ذلك من قبل، لأن سحر البشر لا يقارن بعمق سحر الملوك الشياطين.
‘لكن الآن…..الآن يمكنني ذلك!’
كانت حواسها في ذروة التوهّج بفضل صداها مع باي.
الطاقة التي أطلقتها قبل قليل جذبت ذرات السحر الطبيعي من الهواء، فتدفقت نحوها كإعصارٍ من الضوء، فجمعتها وأعادت تشكيلها إلى طاقةٍ ذهبيةٍ نقية.
فااااااح!
ثم، دون أدنى تردد، أرسلت تلك القوة——وفقًا للعقد—— إلى لودفيك.
كووووووووورررر!
“……!”
اتّسعت عينا لودفيك، إذ اندفعت حرارةٌ لطيفة كالشلال في جسده المنهك.
“هااااااااه!”
لم يقاوم القوة المتدفقة، بل استجمعها في لهبٍ واحدٍ عظيم.
و اللهب هذه المرة كان مختلفًا—— مشوبًا بخيوطٍ ذهبيةٍ مقدسة تضيء كالشمس.
و أطلقها من جديد نحو ديلارك.
“كراااااااااا!!”
كانت تلك الصرخة الأخيرة حقًا.
كووووووووووووورررر!
فقد انهار جسد الوحش العملاق، متفتتًا إلى رمادٍ تحت النور والنار معًا.
***
في مكانٍ ما داخل أراضي مملكة ديلارك المظلمة، صعد ضوءٌ غريب على قدم كارين، فحدّقت إلى الدائرة السحرية المنقوشة على الأرض بنظرةٍ حادة.
______________________
ذي للحين صامله؟ 😭 زوجس قده متحلل
و لحظة لحظة لحظة لايكون ام ارييلا تنين؟ لايكون هي من التنانين الي هجوا؟ مدري بس واو لو طلعت نص تنين ذي بتقعد مع لودفيك اطولل😭
بس خير يعني تونا ندري انها نص تنين يوم باقي شوي ونخلص الروايه؟ غش ابي جزء ثاني 😔
التعليقات لهذا الفصل " 157"