في أعين جنود ديلّارك، لم يكن الكائن الذي يرونه الآن سيدهم السابق. بل كان كارثةً متجسدة، لم يبقَ فيها سوى غريزة الدمار الخالصة.
بل إن الطمع اللامحدود الذي كان يحرك ديلّارك عندما كان ما زال شيطانًا لم يتلاشَ حتى بعد تحوّله إلى وحش.
رغم أنه ابتلع بالفعل قوة الشمس وامتصّها، إلا أنه ظل يشعر بنقصٍ لا يُروى.
و كان هناك صوتٌ غامضٌ يهمس في أعماق ذهنه.
‘أكثر…..هذا لا يكفي.’
‘التهِم كل شيء. اجعل الكل ملككَ!’
استسلم الوحش لتلك الدوافع البدائية، وسلّم جسده وروحه تمامًا لغرائزه. فانطلقت أطراف لحمه تتمدّد في كل اتجاه، تلتهم كل ما تقع عليه.
وفي وسط هذا الجحيم.
“……!”
الجنود الذين نجوا بأعجوبةٍ وأخذوا يفرّون، التفتت أبصارهم جميعًا إلى نقطة واحدة.
السماء فوقهم، وقد خيّم عليها غروبٌ غريب لا يشبه ظلمة عالم الشياطين المعتادة.
وهناك، في وسط الأفق المشتعل، كان لودفيك واقفًا كالنجمة المثبّتة في الفضاء.
نظرات الجنود نحوه لم تعد حاقدة، بل كانت تضرّعًا بائسًا. فمن الواضح أن الوحيد القادر على مواجهة ذلك الوحش هو ملك الشياطين لودفيك نفسه.
“هَآآب!”
أطلق لودفيك قواه من جديد، فانفجرت في الهواء عشرات الرماح النارية، متجهةً نحو جسد ديلّارك الهائل لتخترقه.
بووم! بافافاف!
لكن المشهد تكرر كما من قبل. كلّما أُصيب الوحش، أضاء الرابط المتصل بالشمس بضوءٍ قوي—
فششش!
فتشتعل جروحه، وتنغلق، وتتعافى في لحظة، وكأن شيئًا لم يحدث.
‘بهذا الشكل…..ستنفد طاقتي قبل أن يسقط!’
وفي تلك اللحظة—
هوووش!
التفت لودفيك فجأةً نحو الخلف، إذ شعر بطاقةٍ مألوفة قادمة من بعيد، لم يكن من المفترض وجودها هنا أبدًا.
كانت تلك طاقة مُتعاقدته، التي تستخدم السحر على مقربةٍ منه!
فارتجّ صوته، ممتزجًا بالذهول والإنذار.
“أرييلا!”
***
وفق الخطة الأصلية، كان من المفترض أن تظل أرييلا في الكهوف تحت الأرض، تراقب سير المعركة وتديرها عن بُعدٍ فحسب.
لم يكن صعودها إلى هذه الأرض الخطرة واردًا إطلاقًا. فصرخ لودفيك بصوتٍ مختنقٍ لا يمكن وصفه بالكلمات.
“عودي حالًا! هذا المكان خطرٌ جدًّا—!”
لكن صوت أرييلا اخترق ذهنه عبر السحر.
• “إن بقينا هكذا، سيموت الكثيرون!”
وفي تلك الأثناء، استمر ديلّارك في جنونه الهائج.
وقبل أن يتحول إلى وحش، كان مختبئًا خلف صفوف جيشه، لذلك ما زال جنوده أكثر من قوات لودفيك القريبة منه.
فبدأوا بالصراخ والفرار، يحاولون النجاة من مجسّات سيدهم التي تهاجم بلا وعي. وحين لم يجد ديلّارك كائناتٍ حية كافية قربه، اتجهت عيناه الضخمتان نحو المكان الذي يقف فيه جيش لودفيك.
و رأت أرييلا ذلك المشهد، فاتخذت قرارها بالصعود إلى ساحة المعركة بنفسها.
ثم صرخ لودفيك بأعلى صوته حتى كادت حنجرته تتمزق.
“قلت لكِ لا تأتي! عودي إلى مكانٍ آمن!”
لكن أرييلا لم تتوقف.
“هل أنتَ متأكدٌ أنكَ بخير بهذا الشكل؟”
من تحت الأرض، تبعها ريتشموند ومعه جيش الزومبي ليحموها.
و تحدثت أرييلا إليه بثبات،
“احمني بينما أبدأ بإلقاء التعويذة.”
رفعت يدها نحو السماء، وفي ذهنها كان يتقاطع نوعان من السحر.
شبكة الطاقة المرنة والمتينة التي استخدمتها لاحتجاز أفعى البحر في الجزيرة المهجورة، ودرع العاصفة المحكمة التي صدّت عواصف البحر العاتية.
‘سأمزج نقاط القوة من كلتا التعويذتين معًا…..’
كانت تجربةً لم تقدم عليها من قبل قط.
وفي اللحظة التي بدأت فيها بترديذ التعويذة، أضاءت عينا أرييلا ببريقٍ ذهبيٍ خالص.
“هووووو!”
حتى أن ريتشيموند نسي لوهلةٍ خطورة الموقف وترك أنفاس إعجابٍ تتسرب من بين شفتيه.
لقد شهد مراتٍ عدة كيف تتغير ألوان عينيها مع كل استخدامٍ لقواها السحرية، لكن ما رآه هذه المرة كان مختلفًا تمامًا.
و فكّر في نفسه بدهشةٍ خافتة،
‘يبدو وكأن شرارةً من لهبٍ ذهبيٍّ تتأجج في عينيها!’
وفي تلك اللحظة، كانت الصورة السحرية نفسها تتجسد داخل عالم أرييلا الذهني.
لم تعرف لمَ اختارت هذا الشكل بالذات، لكنها تخيّلت لهبًا ذهبيًا مشتعلًا، لهبًا يشبه نار لودفيك، يحمل في ذاته جوهر الظاهرة والمادة معًا.
لهبًا يمكنه التمدد بحريةٍ واتخاذ أي شكلٍ يريده، ومع ذلك يحتفظ بوزنه الحقيقي.
جدارٌ من النار قادرٌ على الحماية والصد في آنٍ واحد، شبيهٌ بريشة العنقاء التي لا تنطفئ مهما عصفت الرياح.
نارٌ تستجيب لإرادة الساحرة، مانحةً قوةً صلبةً لا تتبدد.
“تمّ الأمر!”
صرخت أرييلا وقد اكتمل تصورها الداخلي.
“جدار اللهب!”
بوووم!
في تلك اللحظة، اختفت ظلال المعركة لوهلةٍ وجيزة. و تحولت أنظار الجنود جميعًا، الذين كانوا حتى الآن يراقبون ديلّارك ولودفيك فقط، نحو مصدر الضوء الجديد.
“ما، ما هذا؟!”
كوووووو!
اندفع جدارٌ هائل من اللهب الذهبي عبر الأفق، موجةً مقدسةً تكاد تُعمّد الأرض بنورها.
فارتعدت القلوب في صدور الجميع، أعداءً وحلفاء على حدٍّ سواء، وهم يرون الجدار يتدفق نحوهم.
لكن—
فششش!
“ما هذا؟”
“إنه…..ليس ساخنًا!”
“لقد مرّ بنا ولم يمسسنا بشيء!”
اجتاحت النار الميدان في لمح البصر، غير أنّ الجنود الذين غمرهم اللهيب الذهبي لم يشعروا بأيّ أثرٍ على أجسادهم، بينما كانت نظراتهم المذهولة تتقاطع وهم يدركون أنهم لم يُحرقوا.
في تلك الأثناء، كانت النار قد بلغت هدفها.
فششش!
الآن، الجسد العملاق للوحش ديلّارك كان قد انطوى داخل جدارٍ ذهبيٍّ متلألئٍ بالكامل.
“كآآآآآآآآآآآآآآآه!”
زمجر ديلّارك غاضبًا، يصارع قوةً غريبةً تشدّ عليه من كل جانب. لكنّ الصدمة الأكبر لم تأتِ بعد—
“كروووه؟!”
في اللحظة التي لامست فيها النار الذهبية خيوط اللهب القرمزي التي ربطت بينه وبين الشمس المحتضرة في السماء، تشقق الهواء بصوتٍ مدوٍّ.
بَزززززت!
و انقطع الاتصال كما تنطفئ شرارةٌ صبّ عليها الماء. وبهذا، توقّف تدفق الطاقة للحظةٍ وجيزة.
“آآخ!”
صم صدرت صرخة ألمٍ حادة تمزقت من بين شفتي أرييلا، إذ بدأ جسدها يهتز من شدة الإرهاق بعد إطلاق تعويذةٍ بهذه القوة.
و كادت تسقط لولا أن أمسكت نفسها بصعوبة.
“ساحرتي! هل أنتِ بخير؟!”
سألها ريتشيموند بقلقٍ بالغ. فأومأت أرييلا برأسها بتعب، ثم أرسلت رسالةً ذهنية إلى لودفيك.
• “الآن! إنها فرصتكَ! هاجم فورًا!”
***
كانت أرييلا قد تذمرت ذات مرةٍ قائلةً،
“أنا بارعة في تقليد تعاويذ الآخرين، لكن مهما حاولت فلن أصل إلى مستوى نيرانكَ يا لودفيك.”
ومع مرور الزمن، ظلّ ذلك الاعتراف صحيحًا. فحتى الآن لم تستطع محاكاة حرارة لهيبه أو قدرته المدمّرة الكاملة.
ومع ذلك، فقد نجحت في نسخ خاصيةٍ واحدة من ناره— خاصية الأثير المتأجج.
فششش!
كانت تعويذتها درعًا مثاليًا، وفي الوقت ذاته، حاجزًا محكمًا قطع تمامًا الصلة بين الشمس وديلّارك.
لن تزداد قوة الوحش بعد الآن. والأهم من ذلك…..أنه لن يستطيع شفاء جراحه بعد الآن!
حتى المجسات التي أطلقها ديلّارك لم تستطع اختراق جدار اللهب الذي صنعته أرييلا، وبفضل ذلك توقفت المجازر الوحشية، وتلك الوليمة الدموية التي كان يخوضها الوحش، ولو مؤقتًا.
غير أن ما حدث بعد ذلك كان أعجب من كل شيء.
“هاااه!”
أطلق لودفيك بكل ما أوتي من قوةٍ نيرانه القرمزية، لكن العجيب أن نيرانه اخترقت الدرع الذهبي الذي نسجته أرييلا من دون أن تتبدد، لتصيب جسد ديلّارك مباشرةً داخل القفص الناري.
أيّ قانونٍ غامضٍ هذا؟
لم يُضِع لودفيك وقته في التفكير، بل استغل الموقف إلى أقصى حدٍّ ممكن.
‘هذا الجدار…..لا يسمح بالمرور إلا لناري أنا!’
و ما إن أدرك تلك الحقيقة حتى واصل هجومه من دون توقف.
زخّات اللهب وسيوف النار انهمرت بجنونٍ داخل السجن الذهبي، وفي كل مرة كانت تصيب هدفها، كان الوحش يصرخ متلوّيًا في ألمٍ لا يُطاق.
لقد بدا الأمر أشبه بمعجزةٍ خالصة. لكن في عالم الواقع، لكل معجزةٍ ثمن.
قوتي السحرية..…!
شعرت أرييلا بألمٍ خانقٍ يسحق جسدها من الداخل. فلم يسبق لها أن استخدمت تعويذةً بهذه الضخامة من قبل، وكان من الطبيعي أن طاقتها بدأت تنفد سريعًا.
‘لا…..لا يمكنني أن أستمد طاقة لودفيك الآن!’
في الظروف العادية، كانت لتجذب قوته السحرية لتساند نفسها، لكن لودفيك الآن يقاتل بكل ما يملك ضد ديلّارك، وإن سحبت طاقته، سيتوقف الهجوم فورًا.
‘لا، يجب أن أتحمل…..قليلًا بعد!’
عضّت على شفتيها بقوةٍ حتى سال الدم في فمها. و امتلأ جوفها بطعمٍ معدنيٍّ حادّ، وتوهّجت عروقٌ زرقاء تحت بشرتها البيضاء ثم خبت مرةً تلو الأخرى.
بينما راقبها ريتشيموند بقلقٍ شديد،
“ساحرتي!”
كانت حالتها تُنذر بالخطر لكل من رآها، وأدرك ريتشيموند أنه إن استمرت في الضغط على نفسها بهذا الشكل، فقد تصيب جسدها أضرارٌ لا يمكن شفاءها أبدًا.
“ساحرتي، توقفي الآن وإلا—!”
لكن أرييلا هزّت رأسها بعنادٍ صامت، وعيناها، اللتان تمزّقت فيهما الشعيرات الدموية، كانتا لا تران شيئًا سوى لودفيك.
فجمعت ما تبقى من إرادتها لتركيز كل ذرةٍ من طاقتها في التحكم الدقيق بالسحر.
***
“……أرييلا؟”
و في أراضي مملكة لودفيك، رفع باي رأسه فجأة، وصوته المرتبك خرج هامسًا بالدهشة.
لودفيك يوم صرخ عشان ارييلا انفدا الجنتل بس ياخي ترا لو ماجت وش بتسوون؟
المهم كل الناس بصوب وريتشموند بصوب طيب سو شي؟ بلا مستانس على عيون ارييلا ويصرخ ساحرتي😭 من متى ساحرتك ؟
بس يختي يالمؤلفه تكفين خلي ختامها مسك خل نطلع من الموضوع ومافيه مشاكل
حتى باي او تدخل لايجون التنانين ويسوون مشاكل ثم ياخذونه نو بليز
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 155"