مرساة الوعي التي كانت مغروسةً في عالم لودفيك العقلي انقطعت فجأةً كما لو أن الحبل قد تمزق وسط أمواجٍ هائجة.
“كَهَخ!”
فتلقّى ديلّارك صدمةً هائلة.
“كيف يمكن هذا؟”
و تحوّل وجهه الضخم إلى لون رمادي شاحب.
كانت خطةً لا مجال لفشلها. ومع ذلك، فقد بدأت الأمور تنحدر نحو الأسوأ.
وقد كانت هناك مشكلتان عظيمتان.
‘لم أكن أتصور أن تكون إرادة هذا الصبي بهذه الصلابة!’
أول تلك المشكلات كانت أن مقاومة لودفيك تجاوزت حدود التصور. فمن المعتاد أن تنهار عقول الضحايا بالفعل في بدايات الكابوس، لكن لودفيك صمد بعناد مدهش.
ظل ديلّارك يعتصر قواه السحرية لإخضاعه، مضطرًا إلى تشويه ذكرياته بشكل أعنف. و كان تحول الرجل الأحمر الشعر في الحلم إلى وحش مثالًا على ذلك.
وفي أثناء التلاعب بعالم الصور الذهنية وإعادة صنعه، كانت طاقة ديلّارك السحرية تتسرب منه كما يتسرب الماء من إناءٍ مثقوب.
كان جسده المغطى بوهم سحري يبتل عرقًا، وأنفاسه تتلاحق بصعوبة.
‘وفوق كل هذا!’
حدثت مشكلةٌ أغرب وأشد حسمًا بعد ذلك.
‘شيءٌ ما…..تدخّل!’
فقد تسلّل عطرٌ غريب إلى العالم الذي نحته بدقة كاملة.
وما إن انتشرت رائحته حتى أضاء كل ما حوله بألوان ساطعة. ثم ما لبث أن انتشر اضطرابٌ جديد في عالم لودفيك العقلي.
‘منذ تلك اللحظة، لم أعد قادرًا على التدخل!’
رائحة البحر التي تذيب الكوابيس، وضوءٌ ذهبي دافئ…..في اللحظة التي امتزجت فيها هاتان الموجتان، بدأ لودفيك يحلم لا بكابوس، بل بالحلم الذي لطالما تاق إليه.
وفي ذلك الحلم الجديد، لم يعد مطاردًا أو منبوذًا.
لقد كان قد شيّد بنفسه مكانًا ينتمي إليه. لم يكن وحيدًا في ذلك، إذ كانت بجانبه متعاقدته، وأتباعٌ مخلصون، وشعبٌ يسير خلفه.
ذلك المشهد لم يكن مطابقًا للواقع تمامًا، لكنه كان أقرب ما يكون إلى مستقبلٍ قابل للتحقق.
وفي اللحظة التي أدرك فيها تلك الحقيقة، تحرر لودفيك بالكامل من قبضة ديلّارك.
‘سحري…..فشل!’
غمر ديلّارك إحساسٌ عميق بالعجز واليأس. ثم تتابع ما هو أسوأ.
“كَهَخ!”
فقد شحب وجه ديلّارك حتى صار أزرق باهتًا.
“إن حدث هذا، ..فـ…!”
كانت قدرته هي إخضاع الخصم تمامًا وتحويله إلى عبد تابع. لكن نقطة ضعف هذا السحر كانت أنه إن فشل، فإن كل الصدمة ترتد إلى الساحر ذاته.
“لا…..لا يمكن!”
ارتعش جسد ديلّارك بشكلٍ متشنج.
ألمٌ لاذع كغليان دماغي مزّق رأسه. وتدفقت الطاقة المرتدة في عروقه كأنها تمزقها إربًا.
“هاه….هاه…..!”
حاول الدفاع عن نفسه بيأس، لكن دون جدوى. فمن فمه وأنفه وعينيه راحت فقاعاتٌ دم حمراء تتدفق وتغلي.
“شفاء! شفاء!”
صرخ ديلّارك مرددًا كلمات التفعيل بلهاث يائس. فانبعث من الحلي المختلفة التي أهدته إياها كارين ضوءٌ متوهج في آنٍ واحد.
كان سحر الشفاء نادرًا جدًا في عالم الشياطين. لكن تحسبًا لأي طارئ، كانت القطع الأثرية التي منحتْه إياها مشبعةً بتلك القوة النادرة الثمينة.
“كَه!”
تسللت قوة السحر القديم عبر جلده، ومع ذلك…..لم يختفِ الألم، ولا حتى قليلًا.
‘ما الذي يحدث؟!’
حين أهدته كارين هذه الأدوات وجربها بنفسه، كانت نتائجها مختلفة تمامًا.
“إنه لا…..يعمل؟”
تسللت إلى عينيه نظرةٌ يختلط فيها الألم بالذهول. وفي تلك اللحظة بالذات، انقشع الوهم السحري الذي كان يحمي ديلّارك.
شَشْـهَـشْ!
“هاه!”
“أ…..أوقفوه!”
الحرس الخاص المحيط به ارتبكوا بشدة. فقد انهارت الأوهام التي كانت تُظهر أكثر من عشرة جنود عاديين مزيفين.
وفي تلك المساحة الواسعة انكشف جسد ديلّارك الضخم بوضوح. لقد صار هدفًا واضحًا لا يمكن تفويته في أي ساحة معركة.
“يا، يا جلالتك الشيطان؟!”
“متى…..متى جئتَ إلى هنا؟!”
حتى جنوده الذين لم يعلموا أن سيدهم مختبئ في هذا المكان، صُعقوا من الدهشة.
وبالطبع، لم يفُت هذا المشهد جيش لودفيك كذلك.
“إنه ديلّارك!”
“سيد الشياطين ديلّارك هناك!”
في الأحلام قد تمر لحظاتٌ طويلة، لكن في الواقع لا تكون إلا ومضةً خاطفة.
وهكذا كان الحال الآن. من اللحظة التي بدأ فيها ديلّارك هجومه العقلي الأول على لودفيك وحتى لحظة فشله وارتداد قوته عليه، لم تمر في العالم الحقيقي سوى ثوانٍ معدودة.
بمعنى آخر—
فوووش!
“…….”
حتى اللحظة التي توقف فيها لودفيك عن الحركة، لم تستغرق في الواقع إلا بضع ثوانٍ لا غير.
“لقد عدتُ إذًا.”
أدرك لودفيك أنه قد خرج تواً من الحلم الأبيض الذي كان غارقًا فيه قبل قليل.
فقذ شعر بالجنود الذين أحاطوا به، و هواء ساحة المعركة، وصيحات الحلفاء التي اخترقت أذنيه.
بينما الهواء حوله ظل يغلي بحرارة متدفقة، مشتعلاً من أثر النيران التي أطلقها بنفسه.
‘ديلّارك…..’
أول ما التقطه بصره بعد ذلك كان زعيم الأعداء نفسه.
“هاهو هناك!”
لقد تجاوز الخطر بفضل تدخل أرييلا في اللحظة المناسبة. والآن جاء دور الخطوة التالية….
فووووش!
انبعثت من يد لودفيك من جديد سيفٌ من نار.
“وأخيرًا…..حانت لحظة قطع عنقكَ وحرقكَ!”
فركل الهواء تحت قدميه.
بوووم!
و انفجرت ألسنة اللهب في السماء بينما اندفع لودفيك بسرعةٍ هائلة نحو ديلّارك كنيزكٍ مشتعل.
“كَه!”
كان ديلّارك لا يزال عاجزًا عن كبح جماح الطاقة السحرية الهائجة في جسده. وفي تلك اللحظة رأى لودفيك قادمًا نحوه كجمر متقدٍ يشق الهواء.
“تباً!”
لم يكن أمامه خيارٌ آخر. بدلًا من تهدئة قواه، أجبرها على الازدياد والانفجار إلى الخارج.
“كَهَخ!”
اندفع الدم من فمه واضطربت أحشاؤه بعنف. لكنه علم أنه إن لم يفعل هذا، فسيموت على الفور.
تكوّرت حول جسده كتلٌ من طاقة أرجوانيةً ساطعة. وحين اقترب لودفيك في لحظة خاطفة، أطلق ديلّارك قذائف سحره نحو لهيب خصمه.
كواااااانغ!
اصطدمت نيران لودفيك بطاقة ديلّارك وجهًا لوجه، فانفجرت انفجارًا هائلًا. و تداخلت الأرجوانية مع القرمزية، تبتلع الفضاء بأكمله.
وكانت قوة الانفجار وحدها كفيلةً بقذف الجنود المحيطين وهم يصرخون من شدة الصدمة. و أول من خرج من قلب العاصفة كان لودفيك.
فوووش!
تبعثر درعه الناري بفعل الصدمة، لكنه سرعان ما امتصّ الحرارة المحيطة ليعيد ترميم نفسه بالكامل.
“كَهَخ! كهااا!”
أما ديلّارك، فكان في حالة مزرية.
ارتطم بالأرض واندفع متدحرجًا عشرات الأمتار على التراب. و تآكل جسده من الداخل بينما كانت طاقته السحرية، التي استحضرها قسرًا للدفاع، تنهشه كسم زعاف.
“أيها الوغد!”
تمكن بصعوبة من النهوض، لكن قوته الهائجة ظلت عصيّةً على السيطرة.
ولم يُفلت لودفيك تلك اللحظة.
بوووم!
اندفع ثانية، راكلًا الأرض تحته، ليتحوّل إلى رمحٍ مشتعل يندفع نحو خصمه.
لكنه هذه المرة لم يلوّح بسيفه العملاق، بل جعل النيران تتشظى إلى عشرات الرماح الحادة و استهدفت جسد ديلّارك كله.
“صدّها!”
صرخ ديلّارك وهو يلوّح بذراعيه بعنف. فتكوّنت حوله كتلٌ من طاقة أرجوانية ارتفعت كأنها دروع.
لكن—
باباباباك!
“آآااااه!”
اخترقت رماح لودفيك النارية تلك الدفاعات الواهية.
فوووش!
وبين الشظايا البنفسجية المتناثرة، اندفع لودفيك مجددًا، مستقيمًا في مسار واحد نحو عنق ديلّارك.
‘هل…..هل هذه هي النهاية؟’
هل سيخسر كل شيء هكذا؟ نصره، هيبته، بل حتى حياته؟
في تلك اللحظة القصيرة، لم يشعر ديلّارك بالحزن، بل بالغضب.
لقد وُلد ليملك أكثر، ليحوز ما لم يقدر عليه أحد. فلا يمكن أن ينتهي هكذا. ما زال هناك الكثير في هذا العالم لم يقبض عليه بعد.
‘لن…..تنتهي الأمور على هذا النحو.’
لن تنتهي…..وفي تلك اللحظة بالذات، قبل أن تلامس نار لودفيك عنقه،
ززززززت!
انفجرت الحليّ التي تغطي جسده بألوانٍ مختلفة، مطلقةً ضوءًا غريبًا في آنٍ واحد.
“……!؟”
فاتسعت عينا ديلّارك ذهولًا.
تلك القطع الأثرية التي رفضت قبل قليلٍ تنفيذ تعاويذ الشفاء، راحت تبث طاقةً غريبة الاتجاه.
الأحجار المرصعة في القلادة، الخواتم في أصابعه، و الأساور الملفوفة حول ذراعيه كأحزمة—كلها بدأت تصدر وهجًا أعنف فأعنف.
كان طيفًا سحريًا غريبًا لا يستطيع حتى ديلّارك نفسه تفسيره.
وفي تلك اللحظة—
• “لودفيك! اقطع عنقه فورًا!”
دوّى صوت أرييلا المستعجل في رأس لودفيك عبر سحر الرسائل العقلية. فقد استشعرت نوع التعاويذ التي كانت تلك القطع الأثرية تراكمها.
ولم يكن لدى لودفيك وقت للرد. ففجّر نيرانه على الفور.
كووااانغ!
لكن—
“كَه….آآه…..أآآ؟”
الضوء المنبعث من القطع الأثرية أحاط بديلّارك كدرعٍ منيع.
ثم—
“هـ، هـه؟”
“ما…..ما هذا؟!”
صرخ الجنود في ساحة القتال مذهولين.
سسسّ!
كانت هذه المعركة تدور في أرض مملكة ديلّارك الشيطانية، ولذا، فإن الشمس التي كانت تضيء السماء كانت متصلةً به أيضًا.
غير أن—
“الشمس…..الشمس!”
رفع الجميع أبصارهم نحو السماء بوجوهٍ شاحبة. فقد بدأت شمس عالم الشياطين التي كانت تضيء ساحة المعركة تفقد نورها بسرعة مذهلة.
***
كانت حادثةً لم يتوقعها أحد.
توقفت أصوات المعركة والصيحات وصليل السيوف فجأة، كأن الزمان نفسه تجمّد. و نسي الجنود القتال ورفعوا رؤوسهم جميعًا نحو السماء كما لو اتفقوا على ذلك مسبقًا.
“الشمس!”
“الضوء…..الضوء يختفي!”
تعالت صرخات الرعب من كل اتجاه. حتى قادة الشياطين أنفسهم أصابهم الذهول والارتباك.
دووم! كوااانغ! بوم!
لكن لودفيك، الذي شعر بأن شيئًا رهيبًا يحدث، لم يتوقف عن هجومه.
غير أن بعد التغيّر في السماء، أخذت الحلي التي تغطي ديلّارك تبث ضوءًا بنفسجيًا فاقعًا، أقرب إلى الوهج المقدّس، لا يتوقف عن الانفجار.
وكان ذلك الضوء يصدّ كل هجمات لودفيك بلا استثناء.
ثم دوّى صوت أرييلا ثانيةً في ذهنه، و هذه المرة أشد توترًا.
• “لودفيك! أوقفه فورًا! قبل أن يكتمل ما يفعله!”
فقبض لودفيك على أسنانه مطلقًا أنفاسًا حارة من صدره.
“هجماتي…..لم تعد تصيبه!”
كانت أرييلا، التي تراقب الموقف من بعيد، الوحيدة التي أدركت مجرى الطاقة الجديد.
فقد شعرت بوضوح بمسار تدفق السحر. لكن حتى هي لم تستطع تصديق إحساسها…..
فذلك السحر كان خارج حدود المنطق.
• “إنه…..إنه يمتص طاقة شمس مملكته!”
_________________________
هاه😦 حسبته خلاص بيفطس هنا شقوم ذا الدب قوي
لا مب ديلارك القوي الا كارين الحماره
بس الحين وش السواة؟ لودفيك لايصير له شي تكفووووون
ارييلا ماعليها شر تحت الارض اما لودفيك وأولكن فوق 😔
صح هيلينا ويا حارسها الثلجي ذاك ليه ماجو يساعدون؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 153"