كانت تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر—التي ضحكت معه ولعبت بجانبه، والتي كانت تفتخر يومًا بأنه أصبح لها “أخ”— الآن تحدق فيه بعينين يملؤهما الرعب والكره.
“أنتَ لست من عائلتنا! ابتعد عنا! مُت!”
كانت تلك الكلمات بمثابة الشرارة التي أشعلت صخب الحشود.
“ذلك الطفل هو من أشعل النار!”
“إنه ملعون! سيحرق القرية كلها!”
“لا تتركوه، أمسكوه بسرعة!”
الجيران الذين كانوا يومًا لطفاء، باتوا الآن يطوّقونه وهم يحملون المشاعل والعتلات والحجارة، و يضيقون الخناق عليه ببطء.
حاول لودفيك الاعتذار، لكنه لم يستطع أن ينطق بحرف. وفي تلك اللحظة، الرجل الذي كان يعتبره كأبٍ له، كشف عن أنيابه.
وفي طرفة عين، تحوّل إلى الوحش نفسه—ذلك الكراكْتوس.
“كياهاهاهاها! كهاهاهاها!”
ضحكاتٌ هستيريةٌ تشبه العويل الوحشي اخترقتها أصواتُ القرويين الصاخبة.
“اقتلوه!”
صرخوا جميعًا دفعةً واحدة وانقضّوا نحو الصبي.
و لم يكن هناك مكانٌ للاختباء. فارتعد لودفيك من الخوف وأغمض عينيه بشدة، منتظرًا نهايته الحتمية.
“…….”
غير أنّه.
“……؟”
لم يحدث شيء.
الصرخات التي كانت تزلزل الأرض، ولهيب النار الذي كاد يبتلع العالم—اختفيا كأنهما لم يكونا قط.
وفي اللحظة ذاتها داعب أنفه عبيرٌ عميقٌ وساحرٌ يشبه رائحة البحر.
ما الذي حدث بحقّ؟
فتح لودفيك عينيه ببطء. و قد تغيّر العالم.
‘هل…..اختفوا جميعًا؟’
لم يبقَ أثرٌ للبيوت المحترقة، ولا لوجوه القرويين المتحجّرة بالكراهية.
كان يجلس على كرسيّ مكتبه المألوف في قلعة ملك الشياطين. وخارج النافذة امتدّت أراضيه تحت دفء الشمس الساطعة.
كانت الشمس ضخمةً إلى حدٍّ بدا معه ضياؤها يتجاوز الجبال البعيدة ويغمر البحر في الأفق البعيد.
بينما كانت عيناه تجولان في المكان بارتباكٍ، توقّفت نظراته عند الجهة المقابلة للمكتب. فهناك جلست الفتاة ذات الشعر الأحمر، تلك التي كانت قبل لحظات تصرخ في وجهه أن يموت.
“أنتِ..…”
نظر لودفيك إلى يديه. و لم يعد صبيًا بعد الآن. لقد عاد إلى جسده الحقيقي، إلى نفسه الراشدة.
وفي تلك اللحظة ازداد عبير البحر عمقًا في الهواء.
كانت هذه القلعة بلا شك قلعة ملك الشياطين، لكنّه لم يفهم من أين تأتي تلك الرائحة.
وما إن خطر السؤال بباله حتى اجتاحت ذهنه ذكرياتٌ كان قد نسيها.
الفتاة الجالسة أمامه لم تكن الطفلة التي يعرفها من الماضي. فملامحها الندية نضجت، وملأت ملامحها أنوثةٌ هادئة.
شعرها لا يزال أحمر، لكنّ عينيها أصبحتا سوداوين، تلمعان بذكاءٍ ودفء.
لقد صارت الفتاة الآن هي أرييلا.
“تبدو متعبًا، هل نأخذ قسطًا من الراحة؟”
كانت تحمل في يدها أوراقًا سميكة بدل الحجر الذي كانت تهمّ برميه به قبل لحظات.
ابتسمت أرييلا برفق. و لم يكن في ملامحها أي أثرٍ للّوم أو العتاب. بل كان فيها صفاءُ الثقة ودفءُ المودّة فقط.
“هنا، وهنا، وهنا أيضًا…..أرجو أن تراجع وتوقّع.”
كانت الأوراق مملوءةً بكلماتٍ معقّدة وجملٍ متشابكة، لكن لودفيك لم يحتج سوى لنظرةٍ عابرة ليفهمها كلّها.
تحدّثت تلك الوثائق عن كلّ شيء: عن مدى التطوّر الذي بلغه إقليمه، وعن المستقبل المشرق الذي ينتظرهم.
لقد ازداد عدد سكان أراضي لودفيك أضعافًا عمّا كان عليه في الماضي. والحروب انتهت منذ زمنٍ بعيد. حتى أنه لم يعد يذكر متى كانت آخر مرة سلَّ فيها سيفه أو أطلق ناره المدمّرة.
و قد صار شعبه، الذي اختلطت فيه أجناسٌ عدّة، يعيش في سلامٍ وازدهار.
ثم…..
“…….”
تلاقت نظراتهما في الفراغ. وفي عيني أرييلا تألّق بريقٌ لم يكن في الماضي.
نظرةٌ لا ترى فيه مجرّد متعاقدٍ، أو ملك شياطين صعب المراس. بل أكثر من ذلك—نظرةُ من يقدّر ويهتم حقًا.
ونظراتها أيضًا لم تخلُ من ارتباكٍ خفيف، كأنها تحاول إخفاء مفاجأتها.
“لنحلم بهذه الأحلام حتى هنا فقط.”
ازدادت رائحة المكان كثافةً من حولهما. ثخينةٌ ولزجة لدرجة أن التنفّس أصبح صعبًا.
فارتبك لودفيك ونظر حوله.
ما هذا بحقّ؟ ومن أين تأتي هذه الرائحة؟
“هل تبحث عن هذا؟”
كان أمرًا غريبًا. ففي يدي أرييلا، التي لم تحمل شيئًا حتى لحظاتٍ مضت، ظهرت زجاجةٌ أنيقة مزخرفة.
“أنتَ تذكّر عنبر تنين البحر، ثعبان البحر، صحيح؟”
كانت تلك الكلمات الشرارة التي أطلقت تدفق الذكريات.
تسارعت ذكرياته المسترجعة حتى اندفعت كما لو أن السد قد انكسر. وأخيرًا، استطاع لودفيك أن يعود إلى ذاته الكاملة.
“آه!”
تموّج في مكانه، وأمسك بالسطح لتثبيت نفسه، متمركزًا ضد دوار عقله.
لم يعد هو لودفيك الصبي، ولا لودفيك الذي سيأتي في المستقبل، بل لودفيك الحاضر، يعيش هذه اللحظة هنا والآن.
“……أرييلا.”
“هل استعدت وعيكَ بالكامل؟”
برمشاتٍ بسيطة، تذكّر كلاهما الخطة التي أعدّوها منذ البداية.
إجراءٌ وقائي لمواجهة الهجوم الذهني من ديلارك.
“إذاً، هذا العالم!”
تنفّس لودفيك بهدوءٍ خفيف.
لقد كان يحلم الآن بالحلم الذي لطالما رغب فيه أكثر من أي شيء.
***
في الوقت نفسه،
“ما الذي يحدث هنا؟”
كان ديلارك يتعرق عرقاً باردًا.
“لماذا يحدث هذا بحق؟”
كان قد نجح بالفعل في التواصل.
لقد غرس قوته السحرية في عالم لودفيك العقلي كالمرساة، محاولًا جعله عبده.
استخدم للودفيك ذكريات الماضي ليصنع كابوسًا مرعبًا، وجعل ديلارك من هذا العالم المصطنع وسيلةً لإجبار عائلة الشياطين ذات الشعر الأحمر والقرويين على قتله.
وحين يواجه لودفيك الموت في حلمه، تتحطم روحه بالكامل، ويعاد كعبدٍ مطيعٍ لديلارك.
لكن،
“هذا الوغد اللعين!”
منذ تلك اللحظة، انقلبت الأمور بطريقةٍ غريبة تمامًا.
_________________________
لودفيك يوم شم ريحك البحر هنا بدت الخيالات الي وده يعيشها😭😭😭 وده ارييلا تعاينه بعيون الحبيبه😭😭😭😭😭🤏🏻
بعدين سالفة البنت الي تشبه ارييلا مدري اذا صدق ولا لا بس الي مب صدق انهم قاعدين يصارخون عليه وبغوا يقتلونه ذي بهارات ديلارك
بس واو ليته كمل خيالات شوي لين يضم ارييلا ثم ترا حلمك يالهايم في الحب
المشكلة ان للحين ولا واحد منهم استوعب انه يحب😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 152"