تجمّع ضوءٌ بنفسجي عند أطراف عيني ديلارك ثم تلاشى مرارًا.
‘الهدف هو لودفيك!’
امتدّ سحره كسهامٍ خفية تشق الهواء نحو هدفها. وسرعان ما سيلتف ذلك السحر حول جسد لودفيك ليحطم روحه ويسيطر على وعيه.
فمن تصيبه هذه القوة يرى أكثر الذكريات التي يكرهها، أو أبشع أوهامه.
وفي اللحظة التي ينهار فيها عقله، ينتزع ديلارك السيطرة منه.
‘اذهب!’
لكن ديلّارك لم يكن يعلم. أن تدفق سحره ذاك، كان هناك من يراقبه من تحت الأرض في الوقت نفسه، ويقرأه لحظةً بلحظة.
فشش!
وحين بلغ سحر ديلّارك أخيرًا جسد لودفيك،
“..…؟!”
انقلب عالم لودفيك رأسًا على عقب.
***
في تلك اللحظة. في مملكة الشيطان لودفيك.
“همم، ليس بالأمر السهل فعلًا.”
كان المغامر كيميلت يواجه مأزقًا.
“المكان الذي اكتُشفت فيه البيضة أول مرة لا يحمل أي دليل يُذكر.”
كان في الأصل مغامرًا ينشط في شمال عالم الشياطين. وقد تبع، أرييلا، إلى الجنوب، بحثًا عن دراسة التنانين الذهبية.
لماذا اختفت التنانين الذهبية في الماضي؟ وكيف ظهر باي وحده في هذا العصر؟
“قالوا أن البيضة المتروكة اكتشفها صدفةً تجار فيدوِك.”
لكن أرييلا كانت قد خمّنت سابقًا أن الأمر لم يكن محض صدفة. فالأرجح أن المكان الذي وُجدت فيه بيضة باي كان محميًّا بحاجزٍ سحري منذ زمنٍ بعيد.
حاجزٌ يحافظ على البيضة آمنة مهما عصفت المنطقة فيضانات أو زلازل.
“لكن مع مرور العصور الطويلة، تلاشى ذلك الحاجز أخيرًا.”
ولهذا تمكنت قافلة فيدوِك من الاقتراب من البيضة.
وكانت مصادفةً مؤسفة أن يعثر عليها أولئك التجار تحديدًا.
“لو بقيت شظيةٌ واحدة من الحاجز لكان الأمر أسهل.”
غير أن الحاجز تلاشى مع الزمن الطبيعي، حتى إن بقايا السحر نفسها كادت تختفي.
ولو كان هناك أي أثرٍ يمكن دراسته، لكانت أرييلا قد استغلّته منذ زمن بعيد.
“رأسي يكاد ينفجر.”
كان من العسير على كيميلت أن يعثر على ما لم تستطع أرييلا نفسها اكتشافه. فقد فاقت خبرتها في استشعار السحر حتى أكثر المغامرين تمرسًا.
“يبدو أن عليّ تغيير وجهتي.”
غادر كيميلت أخيرًا البرية التي وُجدت فيها البيضة، وعاد إلى مملكة لودفيك.
“قلت لكَ، لا أذكر تقريبًا أي شيء من فترة وجودي داخل البيضة!”
صاح التنين الصغير باي، بنبرةٍ فاترة، خلال المقابلة.
“هيا، لو تتذكر أي شيء آخر، ولو بسيطًا..…”
“لقد قلت كل ما أعلمه! في البداية كانت دافئة…..ثم أصبحت باردة لاحقًا.”
كانت ذكرياته داخل البيضة غائمةً وبعيدة، مجرد إحساسٍ مبهم بأن أحدهم كان يعتني به، ثم اختفى فجأة.
ولم يشأ باي أن يضيع المزيد من الوقت.
وووش!
“انتظر لحظة!”
لكن التنين بسط جناحيه وطار بعيدًا بعناد.
في الحقيقة، كان كيميلت قد اختار أسوأ توقيت ممكن. فمزاج باي كان سيئًا بالفعل.
فبرغم كل توسلاته، انطلق كلٌّ من أرييلا و لودفيك إلى ساحة الحرب وتركاه خلفهما.
“إذاً الخطوة التالية هي..…”
بدلًا من أن يسأل “لماذا باي؟”، قرر أن يركّز على سؤال آخر.
“لماذا بالتحديد مملكة لودفيك؟”
صحيحٌ أن موقع اكتشاف البيضة كان أرضًا قاحلة لا يسكنها أحد، لكن من حيث الحدود، كانت أقرب إلى مملكة لودفيك الشيطانية.
أقصى جنوب عالم الشياطين، مكان ناءٍ يكاد يُعد منفى.
فلماذا اختارت التنانين الذهبية قديمًا أن تترك آخر بيضها في هذا المكان بالذات؟
“ربما حدث أمرٌ طارئ، أو كانت نتيجةً غير مقصودة.”
وأثناء بحثه في السجلات، اكتشف كيميلت حقيقةً غير متوقعة.
“أهذا يعني أن هذه المملكة الشيطانية كانت مزدهرةً في الماضي؟”
ففي ذلك الزمن، كان عدد السكان أكبر بكثير، وكانت الشمس أضخم، وضوءها يغمر مساحةً شاسعة من حدود المملكة.
“إذاً فالصحراء التي وُجدت فيها البيضة كانت تنتمي قديمًا لهذه المملكة، فلا بد أن ضوء الشمس كان يصل إليها آنذاك.”
لكن مع مرور الزمن، صغرت الشمس، وتوقفت أشعتها عن الوصول إلى موضع البيضة.
وحين علم كيميلت بهذه الحقيقة، بدت له شهادة باي بمعنى مختلفٍ تمامًا.
“في البداية كانت دافئة، ثم أصبحت باردة..…”
تأمل ملاحظاته بعمق، وغاص في التفكير.
“ربما لا تعني تلك الجملة أن من كان يعتني به اختفى، بل إن البيئة المحيطة التي كانت دافئةً بفعل ضوء الشمس أصبحت فجأة باردة.”
وكان ضوء الشمس في جوهره وسيلةً تنقل طاقة المانا الإيجابية، سحر الطبيعة الدافئ.
ترى، هل لهذا علاقةٌ بزوال الحاجز السحري أيضًا؟
“مثير للاهتمام…..في غاية الإثارة.”
وبينما كان كيميلت يتصفح الوثائق التي جمعتها أرييلا مسبقًا في القصر الشيطاني، قرر التوجه إلى المكتبة ليطالع المزيد من المراجع.
كانت تلك المكتبة الأثر الوحيد المتبقي الذي يثبت أن هذه المملكة ازدهرت في عصورٍ سحيقة. وكان حجمها بالغاً من الضخامة بحيث أدهش كيميلت نفسه.
“هل ترغب بالاطلاع؟”
قالت فيلي ذلك، الجنية المسؤولة عن المكتبة، ببرودٍ نسبي، بخلاف حماسها الذي أبدته يوم تحدثت مع أرييلا.
فعدد الزوار قد ازداد كثيرًا مع تضاعف سكان المملكة. ومع ذلك، لم تُهمل طلب كيميلت مطلقًا.
“من هنا إلى هنا تجد كتب تاريخ المملكة، أما أرفف دراسات التنانين الذهبية، فقد أنشأنا جناحًا جديدًا خاصًا بها هناك. كانت السيدة أرييلا تطالعها باستمرار.”
سار كيميلت خلفها وقد فتح فمه بدهشة.
“لم أرَ مكتبةً بهذا الحجم حتى في الشمال.”
“صحيح؟ من الخارج بدت كبيرة، لكن الداخل أوسع وأروع بكثير!”
أطلق كيميلت تنهيدة إعجاب،
“أيعقل أنها متصلةٌ بطابقٍ سفلي؟”
“نعم، بالضبط.”
فالمنطقة التي كانت تتسرّب منها مياه الأمطار قديمًا، والتي تم ترميمها بخشبٍ مكشوف فوق السقف، لم تكن سوى جزءٍ يسيرٍ من البناء الكلي.
فالمساحة الواسعة المشيدة بالحجر تمتد في الحقيقة إلى أعماق الأرض.
“لكن الكتب تتلف بسهولة من الرطوبة، فما الحكمة من بناء جزءٍ كبير منها تحت الأرض؟”
ابتسمت فيلي وقالت ذلك وقد بدا أنها تفكر بصوتٍ مرتفع،
“أظن أن ما يقع اليوم تحت الأرض كان قديمًا فوق سطحها.”
“أتقصدين أن الأرض هبطت تدريجيًا مع مرور الزمن؟”
“تمامًا، والقصر الذي يقيم فيه جلالته الآن بُني بعد أن غارت المكتبة في الأرض، فوقها مباشرة. ألا ترى أنه يبدو حديث البناء نسبيًا؟”
وكانت محقة.
فمقارنةً بتلك المكتبة التي تُعد أثرًا عتيقًا، بدا القصر الشيطاني بناءً جديدًا.
ومع أنه يبدو قصرًا قديماً متداعيًا بسبب الإهمال الطويل، إلا أن حقيقته مختلفةٌ تمامًا.
“على كل حال..…”
بعد أن عادت فيلي إلى عملها، أطلق كيميلت تنهيدة إعجاب وهو يتصفح الملفات أمامه.
“كانت أرييلا حقًا باحثةً مجتهدة.”
فقد كانت معظم الوثائق المتعلقة بالتنانين الذهبية مرتبةً ومختصرة بخط يدها، بعناية مذهلة.
وكان كيميلت قد اطّلع بالفعل على أغلبها في القصر، فلم يحتج إلى مراجعتها من جديد.
“لكن رغم ذلك، لا يمكن لأي شخص أن يقرأ كل هذه الكتب.”
كانت هناك كتبٌ لم تلمسها أرييلا قط، إما لكونها أقل أهمية، أو لتكرار محتواها.
وقد احتفظت فيلي بقائمةٍ خاصة بهذه الكتب غير المقروءة تحسبًا للمستقبل.
“إذاً سأكتفي بدراسة هذه فقط.”
كرّس كيميلت الأيام التالية لتصفح تلك الكتب واحدًا تلو الآخر، يدوّن ملاحظاته ويقارنها بتلخيصات أرييلا السابقة.
ومضت الأيام على هذا الحال.
وبينما كانا أرييلا و لودفيك يقاتلان جيش ديلّارك في الجبهة، كان كيميلت غارقًا في بحثه.
وإلى أن جاء يومٌ ما…..
“هـ…..هذا مستحيل؟!”
قال ذلك من أعماق المكتبة، وقد وقع بصره على شيءٍ لم يكن يتخيله.
توقف جسد كيميلت عن الحركة تمامًا، وبقي جامدًا في وضعه وهو يقلب الصفحة التي كان يقرأها.
***
وفي اللحظة التي أخذ فيها لودفيك نفسًا، وجد نفسه في مكانٍ آخر.
“..…؟”
اهتز المكان وتشوّه الزمن من حوله قبل أن يستقر كل شيءٍ ببطء.
فحاول لودفيك أن يركّز حواسه قدر استطاعته. و أولئك الجنود الذين كانوا يحيطون به من قبل اختفوا تمامًا.
‘أين أنا؟’
لكن أكثر ما أشعره بالفراغ لم يكن غياب الجنود…..بل غياب النار.
النار التي كانت تشتعل لتغلف جسده قبل لحظات فقط، ناره التي كانت تمتثل لإرادته، فتصير سيفًا أو رمحًا يهاجم به أعداءه، درعه وسلاحه وامتداده الحيّ.
‘أين هي ناري؟’
مدّ يده يحاول استدعاءها بغريزته كما اعتاد دائمًا، لكن…..لا شيء.
‘ما الذي يحدث؟’
كان أمرًا لا يُصدق. فمنذ وُلد، كان لودفيك يتحكم بالنار كما يتحكم بأنفاسه، تظهر متى أراد، وتتحرك بإشارةٍ منه كما تتحرك أطرافه.
فلماذا الآن لا تستجيب؟
“غررر…..كروووور!”
ترددت أصواتٌ غريبة في أذنيه. فاستعاد حاسة الشم بعد السمع بقليل،
‘هذه الرائحة……’
كانت رائحة دمٍ كثيفة تخترق أنفه.
فخفض بصره نحو الأسفل. وكانت ذراعه اليمنى، من الكوع حتى الرسغ، معلقةٌ بشكل مشوّه، وقد فقدت شكلها الأصلي.
الألم الفظيع لم يصله إلا بعد لحظات، لكنه لم يكن قادرًا حتى على التركيز فيه.
كل ما حوله كان مألوفًا وغريبًا في آنٍ واحد. حتى ذراعه الأخرى التي بدت “سليمة” لم تكن كذلك.
فهي قصيرة وصغيرة جدًا بالنسبة إلى جسد أحد الشياطين البالغين.
“……؟!”
وفجأة، أدرك لودفيك الحقيقة المروّعة.
لقد صار طفلًا.
_________________________
صار؟ ارييلا حولته ولا وش؟ 😭
كيميلت في عالم ثااااني بس ياخي طيب قل وش اكتشفت؟
المهم ماتوقعت طاقة ديلارك تضرب لودفيك وش السالفه الفصل كله بس بدايات بدون شرح 😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 150"