“يا إلهي!”
النتيجة تجاوزت كل التوقعات بأشواط.
ما خرج من يد أرييلا لم يكن مجرد شبكة من الطاقة، بل بدا أشبه بجدار من السحر. فقد كانت خيوط الطاقة دقيقةً للغاية ومرتبطة ببعضها بإحكام شديد، حتى تشكّلت منها شبكةٌ لا يُرى لها مثيل.
أشبه ما تكون بتحفة نادرة من صنع نحات عبقري.
تحرّك- تحرّك…!
حتى أن السلايم علق بالكامل داخل الشبكة، غير قادر على الفرار. و الثقوب كانت ضيقةً جداً، حتى أن جسده اللين المتحوّل لم يسعفه ليتسلل خارجها.
“جميل، أمسكنا بواحد. التالي!”
لم تشعر أرييلا بأي تدفق خارجي للطاقة. و كانت تستخدم طاقتها الخاصة بالكامل.
بمعنى آخر، لودفيك كان على الأرجح يواصل عمله الآن دون أن يُغمى عليه.
“قبض!”
أطلقت أرييلا التعويذة مراراً، وأمسكت بعدة سلايمات إضافية في لمح البصر.
“همم، أعتقد أن هذا يكفي.”
كانت الجنيّة في حالة انبهار تام من براعة أرييلا في السحر.
“واو! لقد استخدمتِ طاقةً أقل من طاقتي بكثير، لكن النتيجة كانت…..لا، ليست فقط أفضل بعدة مرات، بل بعشرات المرات!”
تغيرت نظرة فيلي المشككة تماماً، وتحولت إلى انبهار خالص. و فمها بقي مفتوحاً، وعيناها امتلأتا بالدهشة، لا بل التقدير والتبجيل.
لو ادّعت أرييلا أنها ساحرة كبرى من العالم البشري، لصدّقتها دون تردد.
كان ردّ الفعل مبالغاً فيه لدرجة أن أرييلا شعرت بالغرابة.
‘أليس هذا طبيعياً؟ أليس الجميع قادرين على بلوغ هذا المستوى؟’
خاصةً في هذا العالم الغني بالطاقة السحرية، حيث يمكن لأي كان أن يستخدم السحر.
“بالمناسبة، ما الغرض من استخدام هذه السلايمات؟”
“لإصلاح المكتبة.”
ببساطة، كانت تنوي صنع مادة لاصقة مقاومةٍ للماء تُستخدم في أعمال الترميم والبناء.
مادةٌ تُستخدم للصق الطوب أو الخشب وما شابه، حتى لا تنفصل عن بعضها البعض. وتمنع أيضاً تسرّب المطر إلى الداخل.
“لكنني لم أسمع من قبل أن للسلايم مثل هذا التأثير. لو كان كذلك، ألن يكون الجميع قد استخدموه من قبل؟”
من الغريب أن سكان عالم الشياطين لا يعرفون تقنيةً أُنشئت فيه أصلاً.
‘لا يوجد لا تجارة ولا تبادل معلومات فعّالٌ هنا…..’
فمكتبة هذا العالم لم تستقبل كتاباً جديداً منذ خمسين عاماً، لذا لا عجب في ذلك.
“ومن أين حصلتِ على هذه المعلومات؟”
“قرأت عنها في كتاب.”
سألتها فيلي عن عنوان الكتاب، فتذكّرت أرييلا ذلك الكتاب الذي قرأته بنهم في العالم البشري.
“سجلات استكشاف عالم الشياطين!”
“سجلات استكشاف عالم الشياطين؟”
“نعم! كتابٌ كتبه مغامر من الإلف يُدعى كيميلت، عاد من استكشافه لعالم الشياطين، وسرد فيه تجاربه. إنه عملٌ مذهل!”
ذلك الكتاب كان من الكتب المحظورة، لكن أرييلا حصلت عليه سراً وقرأته حتى اهترأت صفحاته.
و راحت تتحدث بحماسة عن خلفية الكتاب وروعة محتواه.
“كيميلت كان في الأصل مدرب وحوش بارع.”
ويُقال أنه ذهب إلى عالم الشياطين بغرض دراسة الوحوش.
وسجّل في كتابه المشهور كل شيء: من النباتات والكائنات التي تعيش هناك، إلى وصف مفصّل للسحر المستخدم في عالم الشياطين، بالإضافة إلى الأحداث التاريخية الكبرى التي وقعت وقتها.
“رؤية عالم الشياطين من منظور إلف…..يبدو مثيراً جداً للاهتمام. أود قراءته!”
“ستستمتعين به بالتأكيد! عندما حصلت عليه أخيراً، قرأته حتى كدتُ أحفظه من كثرة التكرار.”
في الإمبراطورية المقدسة، كان كتاب سجلات استكشاف عالم الشياطين من الكتب المحظورة.
فقد صُنّف على أنه يصوّر عالم الشياطين بإيجابية وبصورةٍ مفصّلة أكثر من اللازم، مما قد يغوي المواطنين الصالحين في الإمبراطورية.
وكان الوضع مشابهاً في مملكة أرييلا، التي كانت أيضاً تحت تأثير الإمبراطورية.
لكن بفضل وصيفتها بيتي التي كانت تجوب السوق السوداء، تمكنت من الحصول عليه.
لقد افتُتنت بتلك القصة الغامضة، فصارت تقرأها يوميًا حتى حفظت محتواها عن ظهر قلب.
وكان ذلك أحد الأسباب التي جعلتها تختار الذهاب إلى عالم الشياطين حين واجهت أزمة الزواج غير المرغوب فيه.
“هذا المزيج هو ما تعلمه كيميلت، من أحد أشهر التقنيين في إقليم ملك الشمال، بعد استثمار طويل وجهد شاق.”
يمكن للمستخدم تشكيله بحرية، وعند مزجه بالماء يتصلب ويتحمل أوزانًا هائلة.
لكن هذه التقنية لم تُستخدم على نطاق واسع في عالم البشر.
فإلى جانب كون الكتاب قد أُدرج ضمن الكتب المحظورة، كان السبب الحاسم هو صعوبة الحصول على المادة الخام: السلايم.
والمفارقة أن في إقليم ملك الشياطين، حيث السلايم منتشر في كل مكان، لم يكونوا يعرفون الطريقة لصنعه رغم أنه جزءٌ من عالم الشياطين أيضًا.
هل لأنهم في الأطراف، فمستوى الحضارة لديهم متدنٍ مقارنة بالأقاليم المزدهرة؟
‘زيادة عدد السكان، واستقدام تقنيات جديدة…..هناك جبالٌ من المهام في المستقبل.’
فإذا تم تبني تقنيات متقدمة، سيرتفع مستوى المعيشة. وحينها سيتوافد مزيدٌ من السكان، مما يجلب تقنيات إضافية.
وعندما سألت، علمت أن هذه المنطقة لا تزال تستخدم الجير أو القار (القطران المستخرج من النسغ أو النفط الخام).
“لكن الجير يتآكل بسهولة، أليس كذلك؟”
كما أن القار يصبح طريًا في الحر ويظهر فيه تشققات في البرد، وهو عيبٌ قاتل.
“لاصق السلايم لا يعاني من تلك المشاكل، صحيح؟”
“سأريك. تعالي معي.”
عندما عادت أرييلا إلى قلعة ملك الشياطين، أخرجت دفتر ملاحظاتها.
“يا إلهي! ما كل هذه الكتابات؟ لا توجد مساحةٌ فارغة!”
“إنه ملخصٌ للأشياء التي كنت مهتمةً بها. لنرَ…..السلايم…..آه، وجدته!”
كان هناك وصف التركيبة التي قرأتها في الكتاب مدونةً بإحكام.
“جذر العرقسوس وأوراق الأمارانث الصغيرة؟ والباقي أيضًا كلها مكوناتٌ شائعة.”
طلبت من المطبخ قدرًا كبيرًا. ثم استعانت بميزان لقياس أوزان الأعشاب المتنوعة والسلايم وغيرها من المكونات بدقة، وقامت بتقسيمها بعناية.
و بعد قليل، ذُهل كبير الطهاة عندما رأى ما كانت تفعله أرييلا.
“ما الذي تفعلينه الآن؟!”
“شش، اصمت!”
كانت أرييلا قد سكبت جميع المكونات في القدر وبدأت تغليها على نار قوية.
“السلايم الذي لا يُؤكل! هذا قدرٌ مخصص للطهي!”
“انتظر فقط.”
ردت أرييلا بهدوء.
وبعد أن غلت المكونات تمامًا، نقلت القدر إلى أمام المكتبة.
“فيلي، سأترك الأمر لكِ.”
حملت فيلي جرةً صغيرة وملأتها بمزيج السلايم.
ثم بدأت ترفرف بجناحيها، تطير بنشاط كالنحلة بين الأرض وسطح المبنى.
بزززز-!
تششش-!
بزززز-!
تششششش-!
في كل مرة تطير فيها إلى السطح، كانت فيلي تسكب جزءًا من محتوى الجرة فوق السطح. وسرعان ما فرغ ما في القدر الكبير.
“أرييلا، لقد فعلت كل ما طلبته مني، لكن..…”
كانت الجنية تبدو غير مقتنعة تمامًا. فمزيج السلايم الذي رُش على السطح لم يتصلب، بل أخذ يتسرب برطوبة وانبعثت منه رائحةٌ كريهة.
لم يكن يبدو كعازل ضد الماء بأي حال من الأحوال.
سيختلط قريبًا بماء المطر ويُغسل كله، أليس كذلك؟
“سترَين بنفسكِ. فقط انتظرِ. ستفهمين بعد قليل.”
كان لدى أرييلا سببٌ وجيه لهذا التأكيد. فمنذ أن بدأت تصطاد السلايم، بدأت الغيوم الملبدة تتجمع، وها هي تمطر الآن.
ششششااااا—!
وفي هذه الأثناء، انتشرت إشاعة أن متعاقدة ملك الشياطين وأمينة المكتبة التي لا أحد يعرف لماذا كانت موجودة أصلاً، تقومان بشيء غريب، فتجمّع السكان.
وتناقلوا الكلام بينهم بنبرة مليئة بالريبة.
“لماذا وضعت ذلك الشيء الغريب على السطح؟”
“يقولون أنه يمنع تسرب المطر!”
“هاه؟ أليس هذا مجرد سلايم مسلوق؟”
“مثيرٌ للسخرية. تظن أن هذا كافٍ؟ سيُغسل كله بالمطر قريبًا.”
ولكن…..
“أه، هه؟”
مع اشتداد المطر، بدأت ردود أفعال السكان تتغير.
“يا رجل، انظر هناك!”
وكان أول من لاحظ التغير هم الشياطين ذوو البصر الحاد.
فالخليط الذي فردته فيلي على السطح امتص ماء المطر بسرعة ثم تصلب كالصخر.
“ماء المطر!”
وبعدما تصلب السطح، لم يعد المطر يتسرب إلى داخل المكتبة، بل انزلق مع الانحدار نحو مجاري التصريف.
ومع ذلك، لم يخلُ الأمر من بعض المشككين.
“رغم أنه يبدو كذلك، ألا يُحتمل أن يكون الوضع كارثيًا في الداخل؟ ربما المياه تغمر المكان الآن!”
فيلي، التي لم تستطع تحمل الشكوك، تقدمت،
“سأدخل وأتفقد بنفسي!”
انطلقت بسرعة “شوووونغ!” إلى داخل المكتبة. وألقت نظرةً سريعة على الأماكن التي كان المطر يتسرب منها دائمًا وتُوضع فيها الدِلاء.
والنتيجة كانت نجاحًا باهرًا. فالدلاء كانت جافةً تمامًا، دون أي أثر للماء.
“أرييلا! لم تتسرب ولو قطرةٌ واحدة! الدلاء جافة تمامًا!”
ثم بدأت الهمهمات تنتشر بين المتجمهرين.
“حقًا؟ كل ما فعلته هو وضع سلايم مغلي؟”
“هل يمكن وضعه في منزلي أيضًا؟ المطر لا يتوقف مؤخرًا ولم أكن أملك المال للإصلاح.”
“لو كان سلايم فقط، فأنا أيضًا أستطيع الذهاب وصيد بعض الآن.”
بدأت تعابير وجوه الشياطين تتغير واحدًا تلو الآخر وهم يعبرون عن إعجابهم.
“ألم أقل أنكم سترون بأعينكم؟”
قالت أرييلا ذلك بلهجة واثقة ومبتهجة.
“لم يكن مجرد غلي فقط. إن لم تُخلط المكونات بدقة، فقد يبدو جيدًا في البداية، لكن المشاكل ستظهر لاحقًا.”
وكانوا يظنون أنه مجرد عازل ضد الماء، لكن قيمته الحقيقية تظهر عند بناء المباني الجديدة. فهو أصلب بكثير من الجير ويجف بسرعة أكبر.
وفي تلك الأثناء، بدأ الشياطين يتهامسون بأصوات مبهوتة.
“بالمناسبة، من تكون تلك البشرية؟ أليست مجرد عبدة؟”
“شش! اخفض صوتك. يُقال أنها المتعاقدة الجديدة للملك.”
“متعاقدة؟ يا له من ملك مدهش. من أين أتى بهذه البشرية؟”
وتساقطت نظراتٌ كثيرة مليئة بالمشاعر المختلفة على أرييلا.
***
في صباح اليوم التالي، جاء غرويب لزيارة أرييلا.
التي كانت عيناها محمرتين من السهر حتى وقت متأخر وهي تشرف على أعمال الترميم.
“هااااام~!”
تثاءبت أرييلا بشدة وكأن فكّها سينخلع، وكانت ملامحها لا تزال مغمورةً بالنعاس.
“ما الأمر؟ في هذا الوقت المبكر؟”
أجاب غرويب وهو يُعدّل نظارته ذات العدسة الواحدة.
“لقد عاد جلالة الملك. تعالي معي.”
“لماذا؟”
“يجب أن ترفعي تقريرًا. بخصوص المكتبة.”
“آه، صحيح.”
وافقت أرييلا بسهولة.
فبدءًا من اليوم، ستتم الاستعانة بسكان الإقليم أيضًا في أعمال البناء، لذا يجب أن يكون الملك على علم بذلك.
“حتى لو كان تقريرًا لاحقًا، فإبلاغه يُعد من العُرف.”
تبعت أرييلا غرويب دون أي اعتراض. وبعد لحظات، فُتح باب غرفة نوم الملك.
“……ما هذا؟”
وتلاقت عينا أرييلا بعيني الملك، الذي كان مغطى بالدماء من رأسه حتى أخمص قدميه.
________________
توه راجع من مجزره😭
السلايم دايم اشوفه كيوت والحين ذي استخدمته كأنه اسمنت😃
Dana
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 15"
المزيد المزيد🥺💅🏻💅🏻