لقد كانت تشعر منذ زمنٍ بعيد بثقل الدَين تجاه عبيد مملكة ديلارك. شعورٌ يشبه ما كانت تحمله أرييلا في قلبها، وإن اختلف السبب.
فهيلينا لطالما تعذبت وهي تفكر في أن كل طعامٍ فخمٍ أكلته، وكل لباسٍ فاخرٍ ارتدته، إنما جاء من معاناة أولئك المساكين.
لم تستطع قط أن تنزع من نفسها فكرة أنها، من زاويةٍ ما، كانت شريكةً في هذا النظام الوحشي. ولهذا بدأت تمردها ضد ديلارك وكارين.
ومنذ عودتها من مملكة لودفيك، تظاهرت بالولاء والخضوع، وتقمصت دور المطيعة المروّضة، لكنها في أعماقها لم تنسَ أبدًا شعورها بالذنب وواجبها تجاه المظلومين.
وها قد جاء اليوم الذي انتظرته طويلًا — يوم الحسم.
“لنتحرك جميعًا.”
خرجت هيلينا والجنود يصحبون العبيد إلى الخارج.
ثم أخذوا يقتحمون الأكواخ المجاورة، ويفتحون الأبواب المحطمة، ويحررون من بداخلها واحدًا تلو الآخر.
وما إن انتهوا حتى بلغ عددهم عددًا مذهلًا.
“انظروا هناك!”
رفع العبيد أنظارهم ليروا بأعينهم المعركة التي تدور في الخارج.
في الوسط كان ترول الجليد يزمجر ويضرب بجنون، في حين اجتاح الجنود المدرعون بالسواد حراس ديلارك كالإعصار، يسحقون كل من يقف أمامهم.
“نعم! أحسنتم!”
“اقضوا عليهم! اسحقوهم جميعًا!”
انطلقت الهتافات من حناجر العبيد دون وعي، يشجعون الغزاة الذين منحوا لهم الحرية.
لكن فجأة—
“…..ماذا؟”
وقعت أعينهم على مشهد غريب.
ففي صفوف المهاجمين، إلى جانب التروول والجنود الشياطين، كان هناك نوعٌ آخر من المقاتلين.
“غرررر!”
“حان الوقت….للانتقام..…”
“ذلك الذي جلدني بالسوط….أراه هناك!”
“والسجّان الذي أعدمَني….هو ذاك بعينه!”
صرخ جنود ديلارك مرعوبين.
“ما….ما هؤلاء؟ أشباح؟ جثث؟!”
“حتى بعد أن نطعن قلوبهم، لا يموتون!”
لقد كانت تلك القوات المندفعة بين الأحياء جيشًا من الموتى الأحياء — الزومبي المسلحين.
وكما كانت أرييلا قد اكتشفت من قبل، فإنهم حتى بعد تلقي إصاباتٍ قاتلة، يواصلون القتال ما دامت أجسادهم لم تتحلل بالكامل.
حتى لو قُطعوا بالسيوف أو طُعنوا بالرماح، فإنهم يواصلون الزحف حتى ينتزعوا أرواح خصومهم.
“آآااه!”
كانت كفة المعركة تميل أصلًا ضد حراس ديلارك، لكن بعد ظهور هؤلاء المقاتلين الذين يتجاوزون حدود المنطق، انهارت معنوياتهم تمامًا.
أما جنود الزومبي الذين انتظروا هذا اليوم طويلًا، فلم يظهروا ذرة رحمة في هجومهم.
لم يكن الزومبي يبالون إن هوجموا أو جُرحوا، بل ظلوا يلوّحون بأسلحتهم الثقيلة بإصرارٍ قاتل. كانت تلك طريقة قتالٍ لا مكان فيها للدفاع، لكنها بالنسبة للزومبي كانت أنجح أسلوبٍ للفتك.
“آااااه!”
“أرجوكم، توقفوا!”
“نستسلم…..نحن نستسلم! كاااه!”
ومع مرور الوقت، بدأ السكون يعود أخيرًا إلى ساحة المعركة. و لم يبقَ أي جنديٍّ من قوات ديلارك حيًّا.
فوقف العبيد يشاهدون المشهد بوجوهٍ امتزج فيها الانفعال بالحسرة. أولئك السجّانون الذين عذبوهم طويلًا صاروا الآن جثثًا باردة مبعثرة على الأرض.
و في ذلك المكان المفعم برائحة الموت، كان لير واقفًا بدوره. وفجأة—
“أنتَ…..أنتَ هذا؟!”
تقدّم أحد جنود الزومبي ببطء، يجرّ قدميه على الأرض.
كانت بشرته الرمادية المتشققة تكشف عن عضلاتٍ متيبسة تحتها، وعيناه تشعّان ببريقٍ باردٍ مرعب.
فتجمّد وجه لير حين رآه.
رغم التشوه والفساد الذي غيّر ملامحه، لم يكن من الممكن نسيان هذا الوجه. كيف يمكن أن ينسى رفيقًا تقاسم معه العذاب والرجاء؟
شقّ صوته المرتجف سكون المكان.
“روكوم! لا يمكن…..أنتَ روكوم، أليس كذلك؟!”
تحرك فكّ الزومبي بإصدار صوتٍ حادٍّ متكسّر، ثم خرج من حنجرته صوتٌ خافتٌ مبحوح،
“لير……!”
“روكوم!”
لقد كان صديقه…..الذي عاد من عالم الموت. فترنّحت ساقا لير وهو يحاول أن يبقي نفسه واقفًا.
و روكوم، وقد غُطّي جسده بالدماء، عبر جدار الحياة والموت ليعود منتقمًا، نطق بصوتٍ يخرج منه الهواء بصعوبة،
“الآن…..يمكنكَ أنت على الأقل أن تعود حيًّا….إلى موطننا.”
انهمرت الدموع من عيني لير بحرارة لا يستطيع كبحها.
“وأنتَ أيضًا! يجب أن تعود معي يا روكوم!”
“لا…..ما زال أمامي ما يجب أن أفعله.”
ذلك المكان الذي كرهه أكثر من أي شيءٍ آخر، مخيم العبيد هذا قد انتهى، لكن نظرات روكوم المشتعلة كانت تتجاوزه إلى ما هو أبعد.
فهو لم ينسَ من يقف خلف هؤلاء السجّانين. حقده لم يكن ليتلاشى ما لم يمحُ أصل الشرّ بأكمله.
“لن تهدأ كراهيتي….حتى يموت ديلارك.”
رفع نظره نحو لير وقال ذلك بصوتٍ حازم.
ورغم أن جسده كان يتهالك ويتحلل، إلا أن ملامحه كانت مشبعةً بعزيمةٍ من حديد.
“اترك الانتقام الأخير لي…..لنا. اأنتَ ما زلت تملك الحياة.”
كان صوته واضحًا على نحوٍ لا يُصدق من ميتٍ.
“ما دمتَ حيًّا، فلا يزال بإمكانكَ العودة.”
لقد أعلنها بوضوح: الموتى سيكملون ما عجز عنه الأحياء.
روكوم أعلن أن عليهم أن يحملوا عبء الأحياء في سبيل إتمام الانتقام.
***
في قلعة ديلارك.
“جلالتك الشيطان! كارثةٌ عظيمة!”
استيقظ ديلارك من نومه فزعًا، واستغرق لحظاتٍ ليفهم ما يُقال له.
“تمّ الهجوم على معسكر العبيد؟!”
كان أمرًا لا يُصدّق. فتجمد ذهن ديلارك من شدة الصدمة.
كيف عرف ذلك الوغد لودفيك بوجود ذاك المكان؟
“جميع إشارات أطواق السيطرة انقطعت، يا جلالتك.”
“أتقصد أن العبيد جميعهم قُتلوا؟!”
لم يعرف بعد بأي وسيلة حدث ذلك، لكن شيئًا واحدًا بات واضحًا في ذهنه—لقد أدرك نوايا لودفيك الخبيثة.
“ذلك الصغير الجريء…..كيف تجرأ!”
لقد كان للهجوم غرضٌ واضح. محاولةٌ لإصابة ديلارك في مملكته عبر تدمير مصدرٍ من أهم مصادر ثروته.
‘فطالما أن لودفيك لا يستطيع استعباد العبيد بنفسه، فلا بد أنه قتلهم جميعًا ليضربني بالخسارة الاقتصادية.’
لم يستطع فكر ديلارك أن يتجاوز حدود نظرته الأنانية.
“يا للمأزق…..كيف أعوّض كل أولئك العبيد؟”
وضع يده على رأسه يشعر بألمٍ نابض.
“ثم إن…..إن تسرب الخبر إلى بقية الملوك الشياطين، فستكون كارثة.”
و عند تلك اللحظة، لم يكن في رأس ديلارك سوى هذا التفكير الساذج الضيق.
_______________________
يع غبي كارين لين اختارت تتلزق في ذاه
المهم روكوم ولير مع انهم بلا كذا حدث وبيروح بس يحزنون😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 144"