كانت حجرات الطاقة السحرية، مصدر القوة، موجودةً فقط في باطن الأرض. إذ لم يكن بمقدور المخلوق المستدعى أن يحمل شيئًا أثقل من الورق إلى معسكر السجناء.
ولو أُطلقت التعويذة على هذا الحال، لتركز الانفجار حول الحجر السحري وحده. فبينما يتحطم مركز الانطلاق بشدة، تضعف القوة كلما صعدت نحو السطح.
ذلك الخلل في التوازن قد يؤدي إلى انهيار أرضي. لكن الأمر الآن مختلف.
استشعرت هيلينا تدفق طاقة الحجر السحري وهي تنتشر في الهواء، تشق الأرض، وتتوزع بين اللفافتين.
ظهرت خيوطٌ سحرية تشكلت بين اللفافتين، وتوزعت الطاقة بين باطن الأرض وسطحها بتركيز متوازن.
قوة متوازنة. واتجاهٌ مضبوط.
“اكتمل الأمر!”
رددت هيلينا كلمة التفعيل الثانية.
انفجار.
كواااااااااااانغ!
اهتز المكان بارتجاجٍ هائل.
غرووووررررررغ!
و صرخت الجدران الصخرية متألمة.
ثم اخترق شعاعٌ أزرق السقف المسدود شاقًا طريقه نحو الأعلى.
لم يكن بإمكانهم رؤية ما يجري فوق الأرض، لكن ما يحدث هناك لا بد أنه العكس تمامًا. فالضوء الأزرق المنطلق من اللفافة المدفونة على السطح كان يشق الأرض نازلًا نحوهم.
تلاقت الموجتان القويتان المتجهتان نحو بعضهما بتوازنٍ مذهل في نقطة المنتصف.
كواررررررغ!
و تفتتت الصخور فوق رؤوسهم وسط ضوء مبهر، وتساقطت قطعها في كل اتجاه.
ثم اندفعت كتل الهواء فجأة إلى الداخل كأنها تُمتَص بقوة.
سسسسس!
وسط غبار كثيف تحركوا بسرعة. لم تكن الرؤية واضحة بعد، لكن إحساسهم كان كافيًا.
التقت كتلتان هوائيتان مختلفتا الكثافة، محدثتين تغيرًا في الأجواء.
الهواء البارد النازل من الأعلى اصطدم بالهواء الحار الراكد في الأسفل، فشكل دوامةً هادرة. و قد اتصلت الأرض بالسطح أخيرًا.
“انطلقوا!”
***
“آه~! أنا نعسانٌ جدًا…..سأغفو قليلًا، راقب أنت المكان وحدكَ.”
في برج الحراسة لمعسكر العبيد، كان جنديان من الشياطين يتوليان المراقبة.
“ماذا؟ وإن هرب العبيد أثناء نومكَ؟”
“حينها أيقظني فقط، أيها الأحمق!”
أسندا ظهريهما إلى جدار البرج يتبادلان الأحاديث بكسل. و أحدهما خلع درعه وخوذته المزعجين وجلس أرضًا.
“عدد الحراس الآن أكثر من اللازم أصلًا، لا داعي لأن نعمل نحن أيضًا.”
تابع الجندي الذي قرر النوم تذمره.
“لم يعد هناك من يحاول الهرب هذه الأيام على أي حال.”
“لكن لا يمكن الجزم، هناك عبيدٌ جُلبوا حديثًا.”
“صحيح، فبعضهم لم يرَ بعد ما يحدث لمن يُمسك به أثناء الهرب.”
من الناحية النظرية، الهرب مستحيل. إذ إن القيود حول أعناقهم تبث إشارةً سحرية إن حاول أحدهم الفرار.
وإذا حاولوا نزعها بالقوة ماتوا في الحال، لذا لم يكن ذلك ممكنًا.
أما إن أُلقيَ القبض على أحدهم أثناء الهرب؟ يُقتل علنًا أمام جميع العبيد عبر مشهدٍ مروع، ليكون عبرةً لغيره.
ومع كل إعدام علنيٍ كهذا، كانت محاولات الفرار القليلة أصلًا تنعدم تمامًا.
“إذا حسبناها، أظن أن الوقت حان لتنفيذ إعدام علني آخر، حتى يرتعبوا فلا يتحرك أحد.”
“لا تذكر شيئًا مشؤومًا كهذا، إنه يبعث على النحس.”
قال أحدهما وهو يتمدد على الأرض داخل البرج.
“وإلا، إن هرب أحدهم فعلًا، فسيزيد عملنا! هل تعرف كم هو مزعج أن نعبر الصحراء خارج المعسكر فقط لإعادة عبدٍ واحد؟”
أغلق عينيه بعد تلك الكلمات واستسلم للنوم. وبعد لحظات صار تنفسه منتظمًا كمن غرق في نوم عميق.
أما الجندي الآخر فبقي يحدق في السماء ليكسر الملل.
الشمس، التي كانت تبعث ضوءًا ساطعًا نهارًا، تحولت الآن إلى لون شبيه بما يسميه البشر “القمر”.
و خلف أذيالها الفضية امتدت ستارة الليل الزرقاء الداكنة. وعيناه اللتان اعتادتا الظلام، التقطتا مسارات النجوم المتناثرة.
نجوم عالم الشياطين كانت أحيانًا تومض كنقاط صغيرة، وأحيانًا أخرى تترك خطوطًا طويلة كخيوط حرير تطرز بها السماء.
من وجهة نظر الجندي الذي اعتاد النظر إلى السماء كل ليلة، لم يكن المشهد مختلفًا عن المعتاد.
‘ليت الصباح يحلّ سريعًا.’
لكن في تلك اللحظة—
غرووووورررغ!
اهتزّت الأرض تحت قدميه. و ارتفع برج الحراسة قليلًا ثم ارتطم بالأرض من جديد.
“هل هو زلزال؟”
أخذ الجندي سلاحه على عجل وهو يحدق حوله بارتباك. أما زميله الذي كان نائمًا فقد استيقظ بدوره.
وفي تلك اللحظة، ضرب دويّ هائل طبلة أذنيه.
كواااانغ!
الأرض غير البعيدة عنه انشقّت من الداخل وانفجرت. و شعاعٌ أزرق انبثق من الأعماق كبرقٍ يصعد من الجحيم واخترق السماء.
“ما هذا؟!”
لم يكن سحرًا، ولا ظاهرةً طبيعية، بل مشهدًا لم يسبق له أن رآه من قبل.
ووووورررغ!
وفي لحظة من الذهول، اندفعت أشياءٌ لا حصر لها من داخل الأرض المحطمة.
ظلالٌ اخترقت الغبار واندفعت إلى الخارج. وحين هبط أحدها على الأرض، اتخذ وضعيةً قتالية ورفع سلاحه. بعينان متوهجتان بلون أزرق تلألأتا وسط الظلام.
فاشتعلت الفوضى في البرج على الفور. و صرخ الجنديان بأقصى ما أوتيا من صوت.
“طوارئ! طوارئ!”
أما الجنود في الثكنات فقد استيقظوا على صوت الانفجار والاهتزاز، لكنهم أصيبوا بالارتباك ولم يتمكنوا من الرد فورًا على المفاجأة.
وقبل أن يستعيدوا صفوفهم،
تاتاتاتات!
تحركت الظلال أولًا.
“مَن ذاك؟”
كان بريق العيون في الظلام ساطعًا، لكن بين المتسللين برز شخصٌ ضخم يحمل فأسًا حربية هائلة جذب كل الأنظار نحوه.
و تعرّف عليه جندي البرج فورًا. فهو اسمٌ معروف حتى في مملكة ديلارك.
“سيلفينير!”
لماذا هو هنا؟ كان يُفترض أنه مات، فقد كان حارس هيلينا الشخصي!
ذلك التساؤل كان آخر ما خطر في ذهن الجندي.
شويييك!
فقد شقّت فأس سيلفينير العملاقة الهواء.
وحينها وقع أمرٌ غريب. على الرغم من أن شفرة المعدن لم تلمس الجنود مباشرة، إلا أن—
“آآااااه!”
“كهغ!”
انهاروا وهم يصرخون ألمًا، كأن الهواء نفسه انقلب عليهم كسيفٍ خفيّ. و انقسم جسدا الجنديين الشيطانيين إلى نصفين وسقطا أرضًا.
لم يكن السلاح هو أول ما هاجمهما، بل كانت شفراتٌ من برودة مضغوطة كالسيوف الخفية قد سبقت الضربة.
“مـ…..من هناك؟!”
“أوقفوه! المتسللون!”
لكن مع أن حراس البرج قُتلوا بالفعل، كان جنود الثكنة يندفعون إلى الخارج في فوضى عارمة. وانقضّ سيلفينير عليهم كوحش مفترس.
“آاااه!”
“تباً، لماذا يوجد ترول جليديٌ هنا؟!”
“أ…..أرجوكَ لا تقتلني! كهاهغ!”
وبينما كان سيلفينير يلوّح بفأسه العملاقة بلا تردد، كان الجنود يسقطون واحدًا تلو الآخر عاجزين تمامًا. و بعضهم مات حتى قبل أن يبدأ القتال.
“كهاغ….لا….أستطيع….التنفس!”
انهار جنودٌ آخرون وهم يتخبطون في سعال متقطع، غير قادرين حتى على الصراخ.
كلما لوّح سيلفينير بفأسه، انتشرت موجاتٌ من البرودة القاتلة حوله، حتى تجمدت القصبات الهوائية لبعضهم في صدورهم.
ورغم تلك القوة المذهلة، لم يطلق سيلفينير حتى صيحةً واحدة. كان يضرب بصمتٍ تام، بدقة ميكانيكية، وبوحشية ساحقة.
كل خطوةٍ منه كانت تحوّل الأرض إلى صفيحة جليد، فيتزحلق الجنود الشياطين ويسقطون متصادمين ببعضهم البعض، فتتساقط فوق ظهورهم سيوف المهاجمين.
شويييك!
دار سيلفينير بفأسه دورةً واسعة أخرى.
بوووم!
فارتد خمسةٌ من جنود ديلارك دفعة واحدة. بعضهم انقسم نصفين مع درعه، وآخرون تجمدوا في لحظة وسقطوا أرضًا متحطمين كقطع زجاج.
“آآااااه!”
تناثرت شظايا الجليد الحادة على طول مسار الفأس، وعصفت ريحٌ باردة تعوي وسط الدماء المتناثرة فوق أرض متجمدة في لمح البصر.
“ذلك الوحش اللعين!”
كان الجندي الذي صرخ بذلك قد تجمد الصقيع على شفتيه.
وقد ارتدّ بعض جنود ديلارك خائفين، لكن لم تكن هناك طريقٌ للهرب. فجنود مملكة لودفيك الذين خرجوا من باطن الأرض قد شكلوا طوقًا محكمًا وأعادوا تنظيم صفوفهم.
فترددت صرخات الجنود وصوت ارتطام المعادن في أرجاء المكان.
لم يكن أحدٌ يقارب قوة سيلفينير، لكن الجنود المرافقين له قاتلوا بمهارةٍ لا تقل عن براعة.
كانت أسلحة جيش لودفيك تلمع بضوءٍ أزرق خافت، وحين تصطدم بأسلحة ديلارك، كانت تُدفع بسهولة أو تتحطم كأنها من زجاج.
فارق القوة كان لا يُصدق، كأنهما من زمنين مختلفين.
“آآاه!”
في المقدمة كان التُّرول الجليدي يندفع كعاصفةٍ ثلجية، وحوله يتحرك جنود الشياطين المنظمون بدقة عسكرية صارمة.
“……!”
وأمام الجحيم الذي انفتح أمام أعينهم، شعر جنود ديلارك ببرودة بنذير الموت يزحف في قلوبهم.
كان حدسهم صادقًا وواضحًا، في هذا المكان، و هذه الليلة—لن ينجُ أحدٌ منهم.
_________________________
طاروا جنود ديلارك طاااروا ثم وقعوااا
المهم مب كأن الفصول صايره قصيره؟ الفصل ذاه حلو سيلفينير ذاه رايع وهو يقطعهم كأنهم شاورما بس الفصل قصيييييير
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 143"