و لو لم يقرأ الجملة المكتوبة على الغلاف الخارجي للّفافة الأولى، لربما تجاهلها تمامًا، متظاهرًا بأنه لم يرَ شيئًا.
فالأمر كان بالغ الخطورة ليعبث به دون حذر. فمن يستطيع إرسال مخلوقٍ مستدعى إلى معسكر عبيد يخضع لحراسةٍ مشددة، لا يمكن أن يكون شيطانًا عاديًا.
ومع ذلك، لم يستطع لير أن يتجاهله.
«إلى الرفيق الذي يتذكّر النبع الأجمل والأبرد في عالم الشياطين.»
لم يكن لير لينسى معنى تلك الكلمات.
‘كيف عرف؟’
كان لير قد أُسر من مملكة الشيطان آيبيسيا. وكان أحيانًا يتحدث مع أحد العبيد من موطنه، يُدعى روكوم، عن ما سيفعلانه حين ينالان حريتهما.
قال لير حينها أن أمنيته هي العودة إلى موطنه ورؤية منظر نبع الجليد الجميل من جديد.
‘لم أخبر أحدًا بهذا سوى روكوم…..’
ينشأ نبع الجليد من مياه “البيونغ غيكسو” ــ ماء الجليد الأقصى ــ التي تتفجر من عروقٍ أرضيةٍ تتراكم فيها طاقة الظلام السالبة.
كانت حرارة هذه المياه أدنى من درجة التجمد، ومع ذلك لا تتجمد قط. لكن عندما تتدفق إلى سطح الأرض، تتجمد الرطوبة العادية في الهواء المجاور على الفور.
ومع مرور الوقت، تتشابك الأعمدة الجليدية المجوّفة التي نمت باتجاه مجرى الماء مع أشواكٍ من الجليد تنزل من الأعلى، فيتشكل منها بناءٌ هندسيّ عجيب.
وحتى بعد ذلك، تظل الأبخرة الدقيقة تتكاثف لتنسج ضبابًا فضيًا خفيفًا. وبمرور الزمن، تتجمع مياه الجليد الأقصى عند الجذور الجليدية لتكوّن نبعًا متلألئًا.
نهارًا يبرق كآلاف المرايا تحت الشمس، وليلاً يضيء من تلقاء نفسه في مشهدٍ خياليٍّ ساحر.
من رآه مرة لا يمكن أن ينساه أبدًا…..منظرٌ يخطف الأنفاس حقًا.
‘قلتُ حينها أن أمنيتي أن أراه مرةً أخرى قبل أن أموت…..وكنت أعني ذلك حقًا.’
كانت هذه الينابيع أكثر شيوعًا في أراضي الترول الثلجي، لكنها كانت موجودةً أيضًا بكثرة في مملكة آيبيسيا التي تشترك معها في الحدود.
ولذلك كان هذا المشهد مألوفًا تمامًا لكلٍّ من لير وروكوم اللذين نشآ هناك. ولهذا السبب بالذات، فعل لير ما فعل.
خشخشة!
السبب الذي جعله لا يخبر أحدًا بوجود المخلوق المستدعى هو…..
رفرفة!
حين مدّ يده بخفة، أسقط المخلوق ورقتين ملفوفتين ثم اختفى. و كانت اللفافة الأولى رسالة.
«نحن ورثة وصية روكوم. يوم كسر قيودكم قد اقترب. المفتاح في طريقه إليكم. أرجو مساعدتنا.»
لم تحمل الرسالة توقيعًا، لكن خطها كان مفعمًا بالعظمة والسمو.
مرّت بعد ذلك عدة أيام. وظلّ لير يتقلب في فراشه وهو يتذكّر اليوم الذي قرأ فيه الرسالة.
‘إن كانت هذه الرسالة مكيدةً من الحراس…..فهلاكي مؤكد.’
ورغم ذلك الخطر، أقدم لير بعد تسلّمه الرسالة على فعلٍ خاص.
اللفافة الثانية التي جاء بها المخلوق مع الرسالة لم تختفِ بعد قراءتها كما اختفت الأولى. بل بقيت على حالها، تتوهّج بطاقةٍ سحرية.
‘أثناء أعمال الحفر، ادفنوا هذه اللفافة في المكان الذي نحدده لكم.’
كان عمل لير وسائر العبيد طوال اليوم هو استصلاح الأرض، أي الحفر، لذا لم يكن غريبًا أن يحفر قليلًا أعمق من المعتاد.
وفوق ذلك، فإن المنطقة التي أشار إليها مضمون الرسالة كانت بالفعل ضمن نطاق عملهم في ذلك اليوم. كأن كاتب الرسالة كان يراهم بعينيه.
فتردد لير طويلًا، بين الشك والخوف. لكنه في النهاية تصرف.
“هيه، بيمار! لنبدّل مناطق العمل اليوم.”
“حقًا؟ المكان هنا مليءٌ بالحصى والصخور، إنه متعبٌ للغاية.”
“يدكَ المصابة لم تشفَ بعد، أليس كذلك؟”
“أنا ممتن، لكن…..هل سيسمح المراقب بذلك؟”
ولحسن الحظ، وافق المراقب. فمن المنطقي أن يتولى لير، السليم جسديًا أكثر، الجزء الأكثر صعوبةً من الأرض.
في ذلك اليوم، قاوم لير خوفه الذي كاد يفجّر قلبه، ودفن اللفافة في الموضع الذي حددته الرسالة أثناء عمله.
كان المراقب لا يهتم إلا بأن تُنجز المساحة المطلوبة من العمل، ولم يكن بمقدوره مراقبة كل عبدٍ على حدة طوال الوقت. ولم يكن هناك سببٌ يدعوه لإعادة حفر الأرض التي سُوّيت مسبقًا.
‘الرسالة قالت أن اليوم الموعود ليس بعيدًا.’
ما زال القلق يعصف بصدره. أيعقل أن يكون مجرد حلمٍ زائل؟
كحلمٍ يتلاشى عند الاستيقاظ، هل ستختفي هذه الآمال أيضًا في العدم؟
ومع ذلك، لم يستطع لير التخلّي عن الأمل. ربما لهذا السبب أطاع ما كُتب في الرسالة.
فعندما يظن المرء أن كل احتمال للخلاص قد اندثر، تكون أشعة الأمل التي تتسلل مجددًا شيئًا يستحيل تجاهله.
‘الحرية…..’
انحبس صوت خافتٌ بين شفتيه ثم اختلط مجددًا بالصمت.
الآن فقط اجتاحه التعب الذي كانت الحماسة قد دفعت به بعيدًا.
انكمش بجسده وسحب البطانية البالية حتى أسفل ذقنه.
لا يزال الليل قائمًا، لكن تحت جفونه كانت أنوار الفجر قد وصلت أولًا. فغاص وعي لير ببطءٍ في أعماق النوم.
***
في تلك الساعة التي كان العبيد فيها نيامًا، سادت سكينةٌ تحت شمس باهتة اللون.
وفي أعمق من سطح الأرض الذي يتسلل إليه ذلك الضوء الشاحب، كانت حركةٌ مزدحمة متواصلة تجري في باطن الأرض.
“أسرعوا جميعًا.”
ممرٌ محفورٌ بعناية كي لا يُسمع صوت الحفر.
إنه نفقٌ صغير متفرعٌ كخيوط العنكبوت من الجحر الذي صنعه آكل الموتى. أنفاقٌ حفرها جنود مملكة لودفيك باستخدام قوى الأدوات السحرية.
أحد تلك الفروع كان يؤدي إلى معسكر احتجاز مملكة ديلارك. أما الحفرة التي أُلقيت فيها جثث العبيد قديمًا، فقد انهارت بعد أن التهمها آكل الموتى، فلم يمكن العثور على الطريق، فاضطروا إلى شق طريق آخر.
“سنصل قريبًا.”
قال سيلفينير ذلك بصوتٍ منخفض.
منذ وصوله إلى مملكة لودفيك أمضى بضعة أيام في النقاهة. تحرر أخيرًا من القيود، واستُخدمت أعشابٌ جُلبت من غابة الجنيات لعلاجه، ومع زوال اللعنة أصبح أكثر خفةً في حركته.
حتى في الأيام التي كان فيها مقيدًا بالحديد حول عنقه، كان يُعد من المحاربين الذين يأخذ لهم لودفيك الحذر.
أما الآن فقد صار أقوى مما كان عليه. أو بالأحرى، فقد عاد إلى مستواه الأصلي.
تحدّثت هيلينا خلفه،
“الطريق مألوف، بلا شك.”
إنه نفس المسار الذي استخدموه يائسًا في الهرب، ويسلكونه الآن عائدين إلى مملكة ديلارك.
قد يتساءل البعض إن كان من الضروري أن تخاطر هيلينا بنفسها. حتى أرييلا حاولت منعها، لكنها لم تتراجع. فقد كان عليها إنجاز هذا الأمر بيديها.
“المعسكر فوق هذا الموضع.”
لقد أدى العبد الذي تلقى الرسالة المهمة المطلوبة منه كما ينبغي.
وعلى خلاف النفق الذي هربت منه هيلينا سابقًا، لم يكن بالإمكان حفر مدخل مسبق لهذا المعسكر. فقد كان عدد العيون المراقبة كبيرًا جدًا لإتمام عملٍ بهذا الحجم.
لهذا لم يكن أمام هيلينا سوى التعاون مع من يعيشون في هذا المكان بالفعل، أي العبيد أنفسهم.
وما إن يُفتح ثقبٌ في هذا المكان حتى يدرك الحراس الأمر فورًا. لذلك كان لا بد من إدخال القوات حال انفتاح الطريق، لاجتياح المنطقة بأكملها.
ولهذا كان جنود النخبة من جيش مملكة لودفيك ينتظرون خلف هيلينا.
“لنبدأ.”
كان لدى أرييلا لفافتان سحريتان. لا تعمل إحداهما إلا بالأخرى لتفعيل التأثير.
إحداهما كانت مع هيلينا في باطن الأرض، والأخرى دُفنت قريبًا من سطح الأرض فوقهم.
عندما أشارت بيدها، نقل جنود مملكة لودفيك حجرًا سحريًا ضخمًا. و وضعت هيلينا بنفسها اللفافة فوق الحجر المثبّت على الأرض، كي يمتص القوة السحرية مباشرة.
“تراجعوا.”
ابتعدت هي وسيلفينير والجنود إلى مسافة آمنة.
و لم يبق سوى تمرير قدرٍ ضئيل من الطاقة لبدء التفعيل.
ووووم، وووووم!
اهتزت اللفافة المدفونة تحت الأرض متجاوبةً مع الحجر السحري.
فالحفر من الأسفل إلى الأعلى أكثر خطرًا بكثير من الحفر من الأعلى إلى الأسفل. ولم يكن لديهم سوى فرصة واحدة لإنهائه بانفجار واحد فقط.
وكان عليهم ضبط اتجاه التفجير بدقة حتى لا ينهار الداخل. لذلك صُممت اللفافتان لتعملا معًا كزوج واحد.
‘إنها ترسل الطاقة السحرية من الحجر إلى اللفافة المدفونة على السطح!’
قرأت هيلينا تدفق القوة في ذهنها فوراً ببراعة.
________________________
ثم بووووووووووووم وشطععععع ونهايه حلوه
ذاه الي اسمه لير في البدايه حسبته غلط في الترجمة ولا ليرى يعني يشوف شي زي كذا طلع اسم😂
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 142"