انطلق ديلارك على الفور برفقة رجاله المخلصين، وكانت كارين إلى جانبه كعادتها.

“هنا إذًا؟”

كان واضحًا أن معركةً شرسة قد دارت في المكان.

الأشجار والصخور المحيطة كانت محفورةً بعلامات سيوفٍ حادة وآثار سحرٍ متشابكة. و تدحرجت دروع محطّمة لنصفين، وتناثرت جثث الحراس في هيئةٍ مروّعة لا يُحتمل النظر إليها.

لكن جثتي هيلينا وسيلفينير لم تكونا بين الضحايا.

“كل الحرس قُتلوا يا جلالتك، ولا يوجد من يشهد على ما حدث. لذا لا نعلم من الفاعل..…”

زمّ ديلارك فكه غضبًا. 

لقد خرجت هيلينا ذلك الصباح في نزهة قصيرة لتصفية ذهنها، وبرفقتها الحارس الشخصي، التروول الثلجي “سيلفينير”، ومعه بضعة جنود من الشياطين. 

لكن يبدو أن الهجوم وقع في هذا المكان بالضبط.

“اختطاف؟”

قال ديلارك ذلك بعد أن لاحظ غياب جثة سيلفينير.

“ذلك العبد الذي جعلته حارسًا لها، كان يرتدي طوق القيد السحري. تتبعوه حالًا!”

“للأسف…..”

تحدّث أحد رجاله وهو ينحني رأسه بتردد.

“لا توجد أي إشارة. يبدو أن القيد قد تحطّم. لابد أن الخاطفين دمّروه عمدًا.”

كل عبد في مملكة ديلارك كان يرتدي قيدًا سحريًا، وإذا جرى تحطيمه قسرًا، يفعل تعويذةً تقتل مرتديه في الحال.

لكن بالنسبة للخاطفين، فموت سيلفينير لم يكن ذا قيمة تُذكر. بل ربما وجدوا فيه طريقةً سهلة للتخلص منه دون عناء.

“من ذا الذي تجرأ على ابنتي؟!”

كان موت سيلفينير شبه مؤكد. لكن السؤال الأكبر هو: هل ما تزال هيلينا على قيد الحياة؟ وأين؟ وما الغاية من اختطافها؟

احمرّت عينا ديلارك كأن شعيرات الدم فيها قد انفجرت. لم يُرَ بهذا الغضب منذ زمنٍ بعيد.

“أن يمدّ أحدهم يده إلى دمي…..هذا تحدٍ لهيبة ديلارك نفسه!”

لم يكن يعلم أيّ الأمرين أثقل في صدره — غضبه كأب يخشى على ابنته، أم غضبه كملكٍ شيطاني أُهينت كرامته.

لم يكن متأكدًا من الإجابة حتى هو نفسه. وفي غمرة الهيجان، تسارعت في ذهنه عشرات الاحتمالات.

“لحظة…..الآن تذكرت.”

كانت هيلينا قد أخبرته سرًّا أكثر من مرة أن هناك من يحاول النيل منها داخل القلعة ذاتها.

لم تقع أي محاولة اغتيال مباشرة بعد، لكن الخدم المقرّبين منها استُبدلوا فجأة، ووقعت لهم حوادث غريبةٌ متتالية.

حينها قالت له هيلينا، قد تكون جذور هذه التحركات مرتبطةً بكارين نفسها.

إلا أنها لم تملك دليلًا قاطعًا، فلم تجرؤ على اتهامها علنًا، ولم يزد ذلك ديلارك إلا استياءً من شكوك ابنته.

‘ظننتُ حينها أنها مجرد غيرة نسائية..…’

كان يعتقد أنه لو وُجد خطرٌ حقيقي، لعلم به قبل أيٍّ كان. لكن الأحداث الآن أثبتت أنه ربما كان مخدوعًا.

“كارين..…”

التفت إليها بعينين تتلألآن بالغضب والشك. و كان وجهها جامدًا أكثر من أي وقت مضى.

هل هو الخوف على هيلينا؟ أم شيءٍ آخر؟

“لا يمكن،هل  لكِ يدٌ في هذا الأمر؟”

اتسعت عينا كارين من الدهشة، ولوّحت بيديها نافية بسرعة.

“أبدًا، جلالتك! لا، أقسم بحياتي، لا علاقة لي بهذا!”

قالت ذلك في عجلة، بينما كانت أفكارها هي الأخرى تغلي.

“من بحق فعلها؟”

نعم، لقد حاولت في الخفاء التخلص من هيلينا. 

وحين فشلت محاولاتها المباشرة، لجأت إلى خطة أدق — فقد وضعت تعويذة لعنٍ في طوق القيد السحري الخاص بسيلفينير، ليضعف جسده تدريجيًا دون أن يدرك السبب.

كانت تلك الخطة تجري بعيدًا عن علم ديلاك. وكان تسلسلها في ذهنها واضحًا تمامًا،

تُضعف سيلفينير أولًا، ثم تُنفّذ هجومًا “مُفتعَلًا” يبدو كأنه من خارج القصر.

أما بقية حرس هيلينا، فهم في الأصل رجال كارين، سيتظاهرون بحمايتها، ثم يخونوها في اللحظة الحاسمة ويتعاونون مع المهاجمين.

السيناريو كان أن التروول الثلجي، الذي أضعفته اللعنة بالفعل، لن يتمكن من حماية هيلينا، فيُقتلان معًا بلا رحمة.

لكن المشكلة كانت…..

‘هذه المرة لم أُرسل أحدًا!’

رغبت كارين لو استطاعت أن تشق صدرها لتُظهر صدقها، لأن الأمر حقًا لم يكن من تدبيرها.

“ليكن كلامكِ هذا خاليًا من الكذب.”

جاء صوت ديلّارك باردًا، تتخلله نبرةٌ قاتلة خافتة.

عندها أدركت كاريك أن ديلّارك، وإن ترك الأمر يمر مؤقتًا، فقد بدأ بالفعل يشكّ بها.

“ابحثوا عنها! جنّدوا جيش الشياطين بأسره إن لزم الأمر! وإن لم يكفِ، فاستدعوا بقية الشعب!”

وحدها بقايا من عقل راجح هي ما منعه من استخدام العبيد أيضًا، حفاظًا على سرٍّ لا ينبغي أن يُفشى.

وبينما كان ديلّارك يستشيط غضبًا، تمتمت كارين في سرّها،

‘من يكون يا تُرى؟!’

***

في أعماق مظلمة تحت الأرض، أخذ أحدهم يردد تعويذةً بصوتٍ خافت.

فشششاق!

فانبثق ضوءٌ سحري في الهواء، ليكشف عن محيط المكان. و تحت وهجه ظهرت ملامح وجه هيلينا.

كان على وجهها وملابسها بقعٌ من الدم، لكنها لم تكن تبدو متألمة، بل فقط متوترةً قليلًا.

ذلك لأن هذا الدم لم يكن دمها.

“سلفينير، هل أنتَ بخير؟”

“…..نعم.”

أجابها التروول الثلجي الذي بقي إلى جانبها حارسًا.

كان جسده مغطى بجروحٍ كثيرة، كبيرة وصغيرة، وكان من المعجزة أنه استطاع النجاة والوصول بها إلى هنا.

عندما دخلا الكهف أول مرة، كان يمكن رؤية آثار المعاول والفؤوس محفورة على الجدران، مما دلّ على أن أيديًا من أجناس مختلفة عملت فيه.

لكن كلما توغلا أعمق، اتسعت الممرات أكثر، والتوت الجدران كأنها أمواج، وارتفع السقف إلى علوٍ شاهق.

يبدو أن هذا الجزء تحديدًا كان من الأنفاق الأصلية التي حفرها آكل الموتى. عندها قررت هيلينا أن تتوقف عن الفرار مؤقتًا، بعدما أيقنت أنهما ابتعدا بما يكفي.

‘لقد أزلت كل الآثار قدر استطاعتي…..لكن لا مجال للخطأ هذه المرة.’

كانت بداية خطتها هي التوجه إلى مكان مهجور، والقضاء على جميع مرافقيها. فهي كانت تعرف أن كل حراسها، عدا سلفينير، هم رجالٌ زرعتهم كارين.

وما إن وصلوا إلى منطقة نائية، حتى سحب سلفينير فأسه القتالية الثقيلة.

“سـ…..سلفينير؟! أيها التروول المجنون!”

“ما الذي تفعله بحق؟ أ…..آهغ!”

قطعهم سلفينير جميعًا بلا تردد. و لم يكن الأمر سهلًا، إذ أن كارين كانت قد اختارتهم من بين محاربين ذوي مهارةٍ عالية.

وفوق ذلك، كانت حالة سلفينير الصحية قد تدهورت بسرعة منذ عودته من أراضي اللورد لودفيك. ومع ذلك، انتصر.

“انتظر، سأعالج جراحكَ بالأدوية..…”

لكن سلفينير هزّ رأسه نافيًا.

“هيلينا سيدتي، هناك ما هو أهم الآن.”

“…….”

بوجه جامد، أخرجت هيلينا صندوقًا صغيرًا.

أمسكته بحذر بالغ، لأنه كان يحتوي على مادة شديدة الحساسية، قد تفقد فعاليتها إن لم تُحفظ بعنايةٍ أو تعرضت لصدمةٍ قوية.

ثم نقرت على القفل بخفة.

تِك!-

عندما رأت أن ما في الصندوق لا يزال سليمًا، تنفست الصعداء.

كان بداخله مفتاحٌ يتلألأ بطاقة سحرية زرقاء. أداة سحرية مضيئة.

كانت أرييلا قد أوصلتها إليها بطريقةٍ سرية، بدفنها في موقع محدد سلفًا. وفي رسالة سابقة، شرحت أن المفتاح مصنوعٌ من مزيج من حجر المانا وحديد الظلام.

– «لقد درستُ القيود السحرية التي تُوضع على العبيد. سرّها في تركيب المعدن ونسيج التعويذة المنقوشة عليه.»

– «لن أستطيع إنتاجها بكميات كبيرة بعد، لكن قريبًا سيكون ممكنًا. أما هذا، فهو أول نموذجٍ كامل أقدمه لكِ.»

قرّبت هيلينا المفتاح الأزرق من القيد المثبت على معصم سلفينير. فانبعث رنينٌ معدني صافٍ، وبدأ طرف المفتاح الصلب يذوب ببطء كأنه زجاجٌ ساخن.

___________________

يحليله سيلفينر ذاه زوجوه هيلينا موافقه 

المهم اشوا طلع ذاه من تخطيط ارييلا بس ليه الفصل الي راح كانها تفاجأت يوم شافت رسالة هيلينا؟ 

وديلارك خلك ابو مره وحده واسجن كارين 

خل ختامها مسك قبل تفطس😘

Dana