لم يكن بوسع مجموعة أرييلا أن تُقيم احتفالًا ضخمًا عند عودتهم إلى قلعة لودفيك ملك الشياطين، فقد كان لا بد من الحفاظ على السرية حتى النهاية.
ومع ذلك، لم يكن على التابعين الذين قابلوهم بعد طول غياب أن يُخفوا فرحتهم بلقائهم من جديد.
و أول من تقدم نحوهم بانحناءةٍ أنيقةٍ ووقارٍ كان غرويب.
“مولاي ملك الشيطان لودفيك، والسيدة أرييلا، هل أنتما بخير؟”
كانت مدة غيابهم قصيرةً إن قورنت بعمرهم الطويل، لكنها بدت لأرييلا كافيةً ليزداد عدد الشعرات البيضاء في رأس غرويب.
“غريبٌ أمر البحر معكما، كلما ارتبط اسميكما به لا يغمض لي جفن. تمامًا كما في حادثة الجزيرة المهجورة تلك.”
قبل أن يُكمل كلامه، قاطعه باي بصوتٍ عالٍ.
“غرويب! أين الطعام! أنا جائعٌ جدًا!”
في العادة، كان غرويب سيوبخه لقلة أدبه، لكنه اليوم اكتفى بابتسامةٍ هادئة.
“كنت أتوقع هذا، لذا طلبت من رابو أن يُعد المائدة حتى كادت أرجله تنكسر من ثِقل الطعام.”
“واااه! رائع! طعام الشمال لم يكن سيئًا، لكنني اشتقت فعلًا إلى طبخ رابو!”
ركض الصغير بخفةٍ كريحٍ مندفعة، فالتفت تشاد إلى أرييلا بنظرةٍ متسائلة.
ابتسمت وأومأت له، فأشار غرويب بيده أن يتبعه. عندها هرع تشاد خلف باي وهو يتحدث بحماسٍ كعادته.
“أتعلم، يا سيدي باي؟ بينما كنتَ غائباً، ظهر في النهر وحشٌ جديدٌ يشبه سمك الشبوط، لكن حراشفه تعكس ألوان قوس المطر!”
“حقًا؟ هذا مذهل! عليّ أن أراه بنفسي بعد الأكل مباشرة!”
“لكن ما هذا الكيس الكبير الذي تحمله على ظهركَ؟”
“إنها كنوزي الجديدة! جمعتها أثناء رحلاتي بالبحر إلى الشمال والعودة! سأريكَ إياها، أنتَ وحدكَ!”
“حقًا؟!”
“طبعًا، فأنتَ تابعي الوحيد المميز!”
اختفى الصغيران مسرورين، فالتفت غرويب،
“بعد هذه الرحلة الطويلة، لا بد أنكما مرهقان. لقد جهّزتُ غرفكما المريحة لتستريحا فيها.”
“شكرًا، هذا هو غرويب الذي أعرفه، دائم الفهم قبل أن أتكلم.”
أما الشحنات التي أُحضرت سرًا إلى القلعة، فقد أوكلت أرييلا مهمة نقلها إلى الجنود. عندها ارتفعت هتافات البحارة من الشياطين والأورك الذين أنهوا أعمالهم الشاقة أخيرًا.
كما قدّمت أرييلا غرويب إلى العضو الجديد في المجموعة، كيميلت، وأوصت بتوفير كل ما يحتاجه.
وكان المغامر العجوز الذي يفخر بخبرةٍ تمتد لمئات السنين قد أغمي عليه تقريبًا من هول تجربة الإبحار الأولى في حياته، فاقتاده الجنود إلى الداخل.
“هممم، هممم!”
ثم راح أولكن، الذي جاء لاستقبالهم، يشمّ الهواء من حولهم فجأة. و اقترب بأنفه حتى كاد يلمس لودفيك، الذي تراجع بخطوةٍ غاضبة.
“ما بكَ يا أولكن؟ لمَ هذا التصرف الغريب؟”
“جلالتك…..لقد ازددتَ قوةً مرةً أخرى، أليس كذلك؟”
عندها فقط، ارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على وجه لودفيك.
“بالطبع.”
“لكن هذه ليست مجرد زيادةٍ طبيعية مع مرور الوقت.”
كان واضحًا أنه أدرك الأمر بحسّه الوحشي كذئبٍ مستذئب.
ورأت أرييلا أنه محقّ في ذلك، فقد خاضا معًا معارك بأسلوبٍ جديد تمامًا، وجاءت قوة العقد بينهما لتزيد من طاقته أيضًا، مما منحه طاقةً أعظم ونضجًا أكبر.
نظرت أرييلا إلى التابعين الذين تولّوا مهامها أثناء غيابها، وكان بفضلها أن غادر غيرو وسيسيل أولًا، بينما بقي بقية القادة في مكانهم.
“أحسنتم جميعًا، لقد بذلتم جهدًا كبيرًا.”
كان داخل القلعة وخارجها منظمًا تمامًا كما تركته، مما يدل على إدارة غرويب المتقنة والمخلصة.
و عندما أثنت عليه أرييلا، تواضع هو،
“لم أفعل سوى بعض الأمور الصغيرة، أما الفضل الأكبر فيعود إلى من حولي من الخدم والتابعين.”
وكانت أرييلا تعرف صدقه في ذلك.
“شكرًا لكَ أيضًا، أولكن، على حراسة الحدود.”
“لحسن الحظ، لم يحدث شيءٌ في الخارج. ناحية ديلارك كانت هادئة، ولم تظهر أي علامات غزو.”
في الخارج؟ توقفت قليلاً عند كلمته تلك، لكنّها تابعت الحديث دون أن تُظهر شكّها.
“وأنتَ أيضًا يا ريتشموند، أحسنتَ تنكركَ في هيئة لودفيك.”
فضحك ريتشموند الذي استعاد أخيرًا هيئته الأصلية بعد أن لعب دور ملك الشياطين فترةً طويلة.
“هاهاها، كنتُ معتادًا على التحول أصلًا، لذا لم يكن الأمر صعبًا. لكن صنع تنينٍ صغير مزيّف كان حقًا الجزء الأصعب!”
كان صوته الضاحك لا يزال دافئًا وناعمًا مثل بساطٍ فاخر من المخمل.
فمنذ أن أبحروا نحو الشمال، لم يكن عليهم فقط إخفاء غياب ملك الشياطين، بل كان عليهم أيضًا الحفاظ على مظهر ازدهار مملكته، ورمز بركتها الأكبر: التنين الصغير الذهبي.
ولهذا بذل ريتشموند جهدًا كبيرًا حتى ابتكر سحرًا وهميًا جديدًا.
وبفضل ذلك، كان سكان مملكة لودفيك يرون كل يومٍ في السماء تنينًا ذهبيًا صغيرًا يحلّق في موعدٍ ثابت، فيطمئن الناس ويواصلون حياتهم اليومية بسلامٍ كأن شيئًا لم يتغير.
“على كل حال..…”
ارتفع في صوت ريتشموند بريق حماسٍ مفاجئ، فقد لمح بين البضائع التي كان الجنود يكدّون في نقلها شيئًا لافتًا للنظر.
“أليست تلك حجارةً سحرية؟!”
“صحيح.”
ابتسمت أرييلا بفخر.
ولم يكن أولكن قادرًا على رفع عينيه عنها أيضًا.
“انتظري لحظة! ذلك الخام…..لونه ورائحته…..أيمكن أن يكون كل هذا من حديد الظلام؟!”
“بالطبع.”
في الواقع، كان هدف أرييلا قبل الإبحار طموحًا إلى حدٍّ مبالغ فيه. ولهذا توقع التاجر القَزَم، مالك نقابة الجنوب، أن جلب حتى 10% فقط من كمية حديد الظلام التي طلبتها أرييلا سيكون نجاحًا باهرًا بحد ذاته.
لكن الكمية التي يرونها الآن تجاوزت جميع التوقعات بكثير. وفوق ذلك، فقد حصلوا حتى على حجارة سحرية لم تكن ضمن الخطة الأصلية!
و لم يستطع ريتشموند كبح فضوله أكثر، فسأل،
“ما الذي حدث بالضبط؟!”
***
في حين كان البحارة الآخرون يستريحون من عناء الرحلة، لم تجد القائدة أرييلا وملك الشياطين لودفيك وقتًا للراحة.
لكنّ الأمر لم يضايقهما، فقد اعتادا منذ زمنٍ بعيد على مثل هذه الظروف.
توجّها مباشرةً إلى قاعة الاجتماعات. فقد كانت لدى أرييلا أمورٌ كثيرة لتشرحها، وأمورٌ أكثر لتسمعها.
“يا للعجب!”
خلال سرد أرييلا للأحداث التي مرّت بها، تغيّرت ملامح أولكن وغرويب وفِيلي في كل لحظةٍ بين الدهشة والإعجاب.
“هذا إنجازٌ يفوق كل التوقعات!”
صفّق ريتشموند واقفًا عندما سمع أن كمية الحجارة السحرية التي عُثر عليها في حالتها الخام تجاوزت ثلاثة أطنان، وارتد صدى صوت كفّيه العظميتين في أرجاء القاعة بنغمةٍ حادةٍ مبهجة.
أما أولكن، فقد أبدى اهتمامًا خاصًا عندما علم أن لودفيك ابتكر أسلوبًا قتاليًا جديدًا.
“درعٌ ناري؟! الاسم وحده كافٍ لإرعاب الأعداء.”
“هل ترغب أن أُريكَ إياه في التدريب القادم؟”
“بكل تأكيد. كنت أصلًا أعجز عن هزيمتكَ في مبارزاتنا، والآن يبدو أن الفجوة بيننا ازدادت!”
ورغم ما قاله بمزاحٍ خفيف، إلا أن في عينيه بريق فخرٍ ورضًا لسماع أن سيده ازداد قوة.
وبعد أن أنهت أرييلا قصتها، جاء دور ريتشموند ليحدّثها عما جرى في مملكة الشياطين أثناء غيابها.
فتجمّدت أرييلا في مكانها متسائلةً بدهشة،
“هل قلتَ أنكم عثرتم على شيءٍ في أعماق أرض المملكة؟”
***
لقد كان يومًا طويلًا بحق.
وأخيرًا، بعد أن عادت إلى “البيت”، حضرت أرييلا الاجتماع دون أن تأخذ قسطًا من الراحة، ثم توجهت مباشرةً إلى الطابق السفلي من قلعة ملك الشياطين.
‘لكن…..غريب، لا أشعر بالتعب أبدًا؟’
لم تكن أرييلا ضعيفة البنية في الأصل، ومع ذلك، لو قارنت حالتها الآن بتجاربها السابقة في عالم البشر، لكان من الطبيعي أن تشعر بالإرهاق في هذه المرحلة.
ومع ذلك، كان جسدها لا يزال مفعمًا بالطاقة والحيوية.
‘ولم أشرب حتى شراب الأعشاب!’
ثم خطر ببالها أنها لم تمرض ولو قليلًا منذ اليوم الذي أهدى لها فيه لودفيك تلك الثمرة الصغيرة عندما أُصيبت بالبرد.
فكل تلك الأعشاب الطبية الهائلة التي جلبتها من غابة الجان، بالكاد كانت أرييلا قد لمستها.
‘لو كان الأمر كما في الماضي، لكنت أُصبت بالبرد أو الإنهاك عدة مرات…..عجيب، هل يمكن أن يكون عالم الشياطين أنسب لطبيعتي من عالم البشر؟’
لم يكن لديها وقتٌ طويل لتغرق في تلك التساؤلات.
فما إن نزلت إلى الطابق السفلي حتى شعرت برطوبة الجو الممتزجة برائحة العفن والحديد الصدئ.
وفي قلب تلك العتمة، نهض كائنٌ كان منكمشًا على نفسه.
‘زومبي.’
و لم يكن ذلك غيرو الذي يقضي وقته مع ابنته.
“اِسمي…..روكوم. وُلدت في مملكة آيبسيا، التابعة لملك الشياطين.”
الزومبي الذي يُدعى روكوم أعاد أمام أرييلا نفس الاعتراف الذي سبق أن قاله لبقية التابعين.
“لقد اختُطِفت إلى مملكة ديلاك…..وهناك، حتى لحظة موتي…..استُعبدت وعوملت كخادمٍ حقير.”
وحين أنهى الزومبي اعترافه، ظلت أرييلا صامتةً طويلاً، غير قادرة على النطق.
‘رغم أن هيلينا أخبرتني بكل هذا مسبقًا…..’
كانت تعلم بالفعل أن في مملكة ديلارك تُجبر العبيد على العمل القسري، لكن حتى هيلينا، التي فضحت الأمر، لم تكن قد شاهدت تلك البشاعة بعينيها.
لذا، كانت هذه المرة الأولى التي تسمع فيها أرييلا اعترافًا حيًّا من أحد الناجين بنفسه.
وبعد أن بقيت متصلبةً للحظات، تحدّثت بصوتٍ خافت موجهةً كلامها لريتشيموند،
“…..علينا الاتصال بهيلينا.”
هيلينا، ابنة ديلارك، كانت لا تزال تؤدي دور الجاسوسة لصالح أرييلا داخل مملكة والدها.
فأومأ ريتشيموند برأسه.
“حسنًا، مفهوم.”
“وأيضًا..…”
لم تكن أوامر أرييلا قد انتهت بعد. فهي لم تنسَ اسم المنطقة التي ذكرها الزومبي.
وأضافت بصعوبة، بصوتٍ غاضب،
“أرسلوا رسالةً سرّية إلى مملكة آيبسيا التابعة لملك الشياطين ذاك أيضًا.”
_________________________
الرجعه حلوه صح احداث الشمال نار وشرار بس احلا شي مملكة لودفيك🫂
ريتشموند يوم وقف يصفق😭 كانه يقول برافووو برافوووو
المهم ليه قالت ان طبيعه عالم الشياطين احسن لها؟ تخيلوا ان امها مب بشريه؟
بعدين شقومهم ما ارتاحوا يضحك😭
والحين تو اتذكر ابي قصة غرويب من وين جاي ذا المثالي
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 135"