المناطق الشمالية من عالم الشياطين. في إقليم شيفارتز، تحت حكم ملك الشياطين.
“كيميلت؟ هل قلتَ أن اسمكَ كيميلت؟”
“نعم، هذا هو اسمي.”
اتسعت عينا أرييلا دهشة، بينما نظر كيميلت إليها باستغرابٍ وكأنه يتساءل عن سبب ردّ فعلها المفاجئ.
في الواقع، لم يكن غريبًا أن تتفاعل بهذه الدراماتيكية.
إذ لم تستطع أرييلا أن تُبعد نظرها عن أذنيه المدببتين، ثم سألته بصوتٍ مرتعش من الحماس.
“هل من الممكن أنكَ نفس كيميرا الذي ألّف كتاب مشاهداتي في عالم الشياطين؟!”
“هاها! تذكّركِ لعملي المتواضع يُحرجني حقًا.”
في تلك اللحظة، قفزت أرييلا نحوه بحماس.
ظنّ ديبيل في البداية أنها تُهاجم الجان الأسود دون سبب، فحاول اعتراضها. لكن ما رآه في اللحظة التالية جعله يدرك أنه أساء الفهم تمامًا.
“أنا من أكبر معجبيكَ! لم أتخيل أبدًا أن أراكَ وجهًا لوجه!”
كانت أرييلا تمسك بيده وتهزها بحماسةٍ شديدة حتى أن ذراع كيميرا، أو كيميلت اهتزّ معها.
فنظر إليها بإحراج و تحدّث بخجل،
“هذا لطفٌ مبالغٌ فيه…..لكن هذا غير متوقّع حقًا. فكتابي مُحرَّمٌ في عالم البشر، أليس كذلك؟”
“تمكنت من الحصول عليه بصعوبةٍ بفضل صديقةٍ لي!”
قالت ذلك وهي تكاد لا تطيق كتمان حماسها أمام هذا اللقاء المذهل.
إذاً كيميرا، هو كيميلت وقد كان جاناً أسود!
في كتابه، لم يذكر سوى أنه من الجان، دون الخوض في أي تفاصيل أخرى عن نفسه. فقد ركّز عمله على وصف مشاهداته في رحلاته داخل عالم الشياطين، دون أي حديث عن هويته الخاصة.
ولم يكن كاذبًا بالضبط، فالجان السود يُعدّون فرعًا من عِرق الحان عامة. لكن ما يميّز الجان السود — إلى جانب لون بشرتهم — هو أنهم يعيشون جماعاتٍ في كلٍّ من عالمي البشر والشياطين معًا.
الآن أفهم كيف استطاع التجوّل في عالم الشياطين بهذه الحرية. فالجان السود يتمتعون بمقاومةٍ طبيعية تجاه طاقة هذا العالم تفوق سائر الأجناس.
“لم أكن أعلم أنكَ ما زلت على قيد الحياة في هذا العصر!”
“حسنًا، سمعتي في عالم البشر لم تكن الأفضل على أي حال.”
ابتسم بمرارةٍ خفيفة. وكانت أرييلا قادرةٌ على تخيّل ما مرّ به.
‘لا شك أن الإمبراطورية المقدسة ضيّقت عليه الخناق بشدة!’
على الرغم من أنه وُلد في عالم البشر كجانٍ أسود، يبدو أنه في النهاية اضطر إلى العودة إلى عالم الشياطين.
ثم تدخّل ديبيل،
“السيد كيميلت ليس من سكان إقليم ملك الشياطين شيڤارتز، لكنه قدّم خدماتٍ جليلة في الماضي، ولذلك مُنح إذنًا خاصًا بدخول القلعة والخروج منها بحرية.”
فلوّح كيميلت بيديه تواضعًا.
“إنها مجاملةٌ كبرى من جلالته ملك الشياطين شيڤارتز، ولا أستحقها حقًا.”
“قد يبدو متواضعًا هكذا، لكن الحقيقة أن كيميلت من أفضل مُروّضي الوحوش في شمال عالم الشياطين. و يتلقّى الدعوات من كل مكان.”
فهزّ كيميلت رأسه بخجل.
“في الواقع، كنت في أحد أقاليم الملوك الآخرين عندما سمعت بالخبر، فاستقليت القطار وجئت على الفور.”
كانت لدى أرييلا أسئلةٌ كثيرة تريد طرحها عليه.
كيف تمكّن من استعادة وعيه حين كان تحت سيطرة المخلوقات الطفيلية في شمال غرب عالم الشياطين؟
وماذا حدث خلال الفترة التي لم يذكرها في كتابه بين لقائه الأول مع الشياطين البدائيين وبين صداقته لهم؟
وقبل كل شيء، كيف استطاع التنقّل بين عالمي البشر والشياطين دون استخدام تعويذة “العودة” التي لا يُسمح بها إلا للملوك؟ هل هذه أحد أسرار الجان السود؟
لكن بدا أن كيميلت هو الآخر لم يستطع كبح فضوله، إذ كان أول من طرح سؤاله.
“سمعت أنكِ جئتِ إلى هنا برفقة تنينٍ ذهبي!”
“آه، تقصد باي؟”
ذلك في الواقع سبب مجيئه المستعجل للقائها.
فنظر كيميلت حول الغرفة بعينين تلمعان بالترقب.
“خرج يتجول قليلًا لأنه شعر بالملل. انتظر لحظة، سأناديه الآن.”
أغمضت أرييلا عينيها للحظات وركّزت بهدوء. ومع اتساع حواسها السحرية، استطاعت أن تشعر بمسار باي وهو يحلّق عاليًا في سماء إقليم شيڤارتز.
ذلك النمط الفريد من الطاقة السحرية لا يملكه سوى تنينٍ ذهبي.
ومن دون أن تحرّك إصبعًا واحدًا، أطلقت كتلةً من السحر باتجاهه.
لم تكن الرسالة دقيقةً مثل السحر، لكنها كانت بمثابة إشارة اتفقا عليها منذ حادثة الجزيرة المهجورة.
ثم شعرت أن باي غيّر اتجاهه نحو قلعة ملك الشياطين. لقد استجاب لنداء أرييلا.
“إنه قادمٌ الآن، سيصل خلال دقيقةٍ تقريبًا.”
“……ماذا؟”
وسرعان ما تحقق ما قالته.
“آه، لا تقل أن ذاك هو؟!”
خلف النافذة المفتوحة ظهرت نقطةٌ سوداء. ومع مرور الوقت بدأت تكبر بسرعة، حتى اتضحت ملامحها بجناحين يخفقان بقوة.
“أرييلاااا! هل ناديتِني؟”
تنينٌ مرحٍ يطير نحوها بفرح.
اقترب من النافذة، وضم جناحيه، ومدّ جسده على شكل خط مستقيم ليمر عبرها. ثم هبط برفق،
وووش!
فهبّت ريحٌ قوية قليلًا، لكن بفضل التدريب لم يُحطّم شيئًا أثناء الهبوط، ولم تترك أقدامه أي حفرة على الأرض.
“أوووووه!”
و كما كانت أرييلا قد اندفعت نحو كيميلت قبل قليل، هذه المرة كان كيميلت هو من اندفع نحو باي.
“إنه حقيقي! إنه تنين الذهب، تنين الذهب حقًا!”
كان في صوته حماسٌ لا يمكن إخفاؤه. فانزاح باي بخفة، ونظر إليه بنظرةٍ جانبية.
“ما الأمر؟ لِمَ كل هذه الضجة؟”
كما في حفلة الرقص سابقًا، لم يعد باي يُظهر فرحًا ساذجًا أمام هتافات الناس. بل حاول الحفاظ على وقار التنين، متصنعًا اللامبالاة.
لكن لم يستطع إخفاء فضوله تجاه هذا العِرق الذي يراه لأول مرة.
“على كل حال، من تكون أنتَ؟”
“أنا كيميلت!”
“كيميلت.”
حدّق التنين الصغير فيه مطولًا.
“لكن من الذي شدّ أذنيكَ لتصبحا بهذا الشكل؟ لا تقل أنك أيضًا أُمسكت وأنت تسرق ملف رئيس الخدم للمرة الثالثة؟”
“آه! لا، لا، أذناي هكذا أصلًا، فأنا جان مظلم!”
“جانٌ مظلم؟”
أجاب كيميلت بحماس بينما كان يتفحص جسد باي بعينيه من أعلى إلى أسفل.
ثم بدا وكأنه ازداد يقينًا من أمره.
“إنه حقًا……تنين الذهب!”
“طبعًا أنا حقيقي، هل تظن أني مزيف؟”
استمتع باي بالموقف في داخله، لكنه تعمّد الرد بنبرة متعالية. فقد علّمه تشاد أن هذا ما يجعل المرء يبدو “ذا هيبة”.
لكن ردّ كيميلت كان غريبًا بعض الشيء. فلم يكن مجرد فرحٍ أو انبهارٍ لرؤية تنينٍ نادر.
“يا للراحة، يا له من أمرٍ مفرحٍ فعلًا.”
و لاحظت أرييلا أيضًا التغير في ملامح وجهه أيضاً.
صم تحدّث كيميلت بصوتٍ مشوبٍ بالعاطفة،
“بما أن تنين الذهب الذي اختفى قبل ألف عام قد عاد، فقد يتغير مصير شجرة العالم!”
لم تفوّت أرييلا تلك الكلمات. فبدلًا من مئات الأسئلة التي كانت تود طرحها، سألت هذا السؤال وحده.
“هل قلتَ لتوّكَ مصير شجرة العالم؟”
“نعم، صحيح!”
“وما علاقة باي……بشجرة العالم؟”
***
بعد لحظات. جلس كيميلت بعد أن هدأ أخيرًا أمام طاولة الشاي بإرشادٍ من أرييلا.
“آه! هذه أوراق شايٍ من غابة الجان، أليست من الغابة الجنوبية ربما؟”
وكخبيرٍ مغامر، استطاع أن يحدد مصدر الأعشاب بدقة من مجرد شمّ رائحتها مرة واحدة.
لم يكن قد سافر إلى أراضي لودفيك، لكن بما أن غابات الجان منتشرةٌ في أنحاء عالم الشياطين، يبدو أنه سبق وتذوق شيئًا مشابهًا.
“صحيح. نحن نحافظ على علاقةٍ قوية مع الجان في أقصى جنوب مملكة الشياطين.”
“هذا أمرٌ مدهش. عادةً ما يتجنب الجان أولئك الذين يستخدمون النار.”
“حسنًا، هناك قصةٌ طويلة وراء ذلك.”
لم تُفصِح أرييلا عن التفاصيل رغم فضولها لمعرفة ما كان يقصده كيميلت.
وبينما كانت الأنظار كلها موجهةً نحوه، تحدّث كيميلت،
“لقد سألتِ عن العلاقة بين تنين الذهب وشجرة العالم، أليس كذلك؟”
“نعم.”
وضع كيميلت فنجان الشاي جانبًا.
“بينهما خيطٌ قوي جدًا يربط أحدهما بالآخر. وهو الاستنتاج الذي توصلتُ إليه بعد سنوات من البحث والمراقبة في أنحاء عالم الشياطين.”
قال ذلك بنبرةٍ جادة.
“في الوقت الحالي، هناك خمس شجراتٍ فقط من شجرة العالم في عالم الشياطين. و لم يزد عددها واحدةً منذ ألف عام. وهذا أمرٌ خطير. هل تعلمين السبب؟”
“لأن شجرة العالم لم تعد قادرةً على إنبات شتلات جديدة.”
“صحيح.”
أومأ كيميلت برأسه.
“الخمس الباقيات الآن كلها أشجارٌ معمّرة وشديدة القِدم. ومع مرور المزيد من الوقت، ستموت أقدمها أولًا دون أن تنشأ أجيالاً جديدة لتحل محلها.”
وإن حدث ذلك، فالكثير من الأعراق التي تعتمد على شجرة العالم ستفقد موطنها.
ليس فقط الجان والإنت، بل حتى جان المظلم — رغم أنهم لا يعيشون قرب مملكة لودفيك — سيتأثرون بشدة.
أما بالنسبة لأعراق الشياطين، فالأمر يعادل اختفاء الشمس التي تضيء مملكة ملك الشياطين.
“لكن قبل ألف عام، وقع أيضًا حدثٌ غريبٌ آخر.”
حوّل نظره نحو باي.
“ففي تلك الفترة، اختفى كل تنانين الذهب التي كانت موجودةً في عالم الشياطين في آنٍ واحد.”
وكان هذا أيضًا مما تعرفه أرييلا مسبقًا.
“قرأتُ أن اختفاء تنانين الذهب وتغيّر حالة شجرة العالم وقعا تقريبًا في الوقت نفسه.”
“صحيح. وأنا أؤمن بوجود علاقةٍ سببية واضحة بينهما.”
ثم طرح كيميلت فجأة سؤالًا غير متوقع.
“هل تعرفين ما هو الدور الأهم الذي تقوم به النحلة في الطبيعة؟”
_______________________
شذا السؤال فجأه ضحكت
باي ماعنده مجامله😭 يوم قال من الي ماعط اذنك؟ دمعت ضحك ياخي احبه😭😭🤏🏻
وارييلا ياعمري هي قابلت قدوتها تقريباً😂
المهم لودفيك وينهو؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 129"