‘هذا الذئب يشبه لودفيك الحقيقي إلى حدٍّ غريب، لا يسأل عن السبب عندما يُؤمر باستخدام قوّته، وربما لهذا السبب ينسجمان معًا إلى هذه الدرجة.’
“اضربها بقوةٍ تكفي لتحطيم جمجمة وحشٍ إلى شظايا.”
“ما هذا؟ هذا يعني أن أستخدم كامل قوتي!”
ومع ذلك، لم يسأله عن السبب.
فأبعد الجنود مسافةً آمنة، ثم…..
“هـــه!”
جمع أولكن قوّته في جسده، فانتفخت العضلات الكامنة تحت فرائه الرمادي وتصلّبت.
بوووووم!
وفي لحظةٍ، تضاعف حجم الجزء العلوي من جسده حتى صار من الصعب أن يُقال أنه ذو هيئةٍ بشرية.
ثم رفع قبضته العملاقة، وأنزلها على الأرض بكل ما أوتي من بأس.
كواااااااااااااااااااااااااااااا!
اهتزت الأرض كأن نيزكًا سقط من السماء، وانفجرت التربة في كل اتجاه، متناثرةً مع الحجارة والغبار.
و وصلت الموجة الارتدادية حتى مكان وقوف الجنود، وتشققت الأرض تحت أقدامهم مثل نسيج العنكبوت المتصدّع.
كان ريتشموند قد توقّع هذا مسبقًا، فارتفع في الهواء قبل الضربة كي لا تتّسخ عباءته السوداء بالمزيد من التراب.
“هل يكفي هذا؟”
رفع أولكن رأسه نحو السماء وسأل، لكن في تلك اللحظة…..
تشق، تشقققق!
توسّعت الفجوة التي أحدثها في الأرض، وتفرّعت منها شقوقٌ جديدة كخيوطٍ متشابكة.
لم يكن قد لمس الأرض ثانيةً، ومع ذلك كانت التصدّعات تتسلّل عميقًا في باطنها كأن شيئًا ما يدفعها من الداخل.
ثم، فجأة……
كوووووووووووووورررررر!
انهار قاع الفجوة تمامًا. و الأرض التي كانت منخفضةً أصلًا غاصت أكثر، وابتلعتها طبقات التراب.
وفي المركز انفتح ثقبٌ مظلم، تناثرت حوله شظايا الصخور، واندفعت منه تربةٌ سوداء وهواءٌ باردٌ كأنما من أعماق جوفٍ سحيق.
“ما هذا بحق؟!”
وبعد لحظات، ظهرت أمامهم فتحةٌ غامقة اللون تؤدي إلى كهفٍ تحت الأرض.
فتصلّبت ملامح أولكن بجدّيةٍ مفاجئة.
“هل تقول إن مثل هذا الثقب كان تحت أراضي المملكة؟ هذا لا يمكن أن يكون طبيعيًا…..لا تقل لي أن.…”
“بلى.”
أجابه ريتشموند بتأكيدٍ قاطع.
“إنه نفقٌ حفره آكل الموتى.”
فتغيّر وجه أولكن، وشدّ نظره بحدة.
“أتقصد أن مثل هذه الأنفاق تمتدّ حول المملكة بأكملها؟”
“وأبعد من ذلك. على الأرجح تصل إلى ما وراء حدود أراضي لودفيك نفسها.”
“وإن تُرك الأمر هكذا، ألا يمكن أن ينهار كلّ شيء؟”
كانت مخاوفه منطقية؛ فالأرض التي نُخرت من الداخل مثل ثمرةٍ أكلها السوس، تنهار بسهولةٍ أمام أي ضغطٍ بسيط.
لكن ريتشموند هدّأه بنبرةٍ مطمئنة.
“لو كان ذلك ممكنًا، لاتخذتُ إجراءً منذ زمن. لكن أنفاق آكل الموتى لا تنهار بسهولة.”
“حقًا؟”
“النفق هو طريقه الوحيد للحركة، ولو انهار، لاضطرّ إلى حفره من جديد في كل مرة، لذا فهو يطلي جدرانه بمادّةٍ لزجةٍ تتصلّب لاحقًا. إنها شديدة الصلابة.”
“تمامًا مثل المزيج الهلامي الذي صنعته المتعاقدة؟”
“بالضبط.”
ابتسم ريتشموند بخفةٍ وهو يجيبه، لكن ما لبث أن خطرت بباله فكرة.
‘همم؟ الآن بعد أن فكرت في الأمر، ففاعلية المادتين متشابهة إلى حدٍّ كبير. فهل يمكن أن…..’
إلا أنه لم يجد وقتًا لمتابعة هذه الفكرة أكثر من ذلك.
و قبل أن يتعمّق ريتشموند أكثر في أفكاره، عاد إلى صلب الموضوع،
“جدران النفق في الأسفل، لا يمكن اختراقها إلا إذا ضربتها بقوتكَ القصوى، كما فعلت قبل قليل.”
فحتى الأرض السليمة كانت لتنهار بتلك القوة المدمّرة، لذا لو حاول أحدهم العبث بالنفق، فسيحتاج إلى طاقةٍ هائلة تُحدث ضجيجًا واهتزازًا كفيلين بفضحه على الفور.
لهذا لم يتخذ أي إجراءات إضافية حتى الآن.
“هيا لننزل، سنعرف عندها مصدر الأصوات الغريبة.”
نزل ريتشموند، متقمّصًا هيئة الملك، إلى الحفرة أولًا، وتبعه أولكن والجنود بحذر. و خطوا فوق الأرض المنهارة، وسلكوا الممر الغائر الذي قادهم أعمق فأعمق تحت الأرض.
كان الجو رطبًا وثقيلًا، والظلام يلفّ كل شيء. و الجدران الصخرية كانت مغطاةً بطبقةٍ من الطحالب الرطبة والمادة اللزجة، والهواء راكدٌ خانق.
و لم يلبثوا طويلًا حتى تقلّص وجه أولكن بنفورٍ شديد.
“آخ…،.يا للرائحة!”
غطّى أنفه بيده وهو يتأفف.
و بعد بضع خطوات، بلغوا حجرةً فسيحةً سقفها مرتفعٌ وجدرانها منحنية، كأنها فُقّاعةٌ عملاقة محفورة في باطن الأرض.
كان حجمها أضخم حتى من قطر جسد آكل الموتى نفسه.
غطّت المادة اللزجة الجدران تمامًا، وعلى سطحها اللاصق كانت هناك أشياءٌ غريبة معلّقة.
“يا إلهي!”
صرخ أحدهم بصوتٍ مرتجف.
كانت تلك الأشياء كرياتٍ شفافةً نصف عاتمة، تشبه بيض الضفادع الضخم، لكن كل واحدةٍ منها تكفي لابتلاع إنسانٍ بالغ بأكمله.
سطحها اللامع يخفي ما بداخلها، يشفّ عنه ضوءٌ باهت يضطرب في أعماقها.
فتحدّث ريتشموند متأملًا وهو يشير إلى الجدار،
“إذاً هذه هي مصدر الأصوات.”
زمجر أولكن غاضبًا، وكشف أنيابه.
“تباً! لقد وضع بيضه تحت أراضينا!”
“لحسن الحظ أننا اكتشفناه مبكرًا.”
اقتربوا أكثر، فرأوا داخل إحدى الكريات ظِلًّا يتحرّك باضطراب. ويبدو أن المخلوق في الداخل شعر بوجودهم، إذ بدأ يتلوّى بعنفٍ داخل قوقعته الشفافة.
غرووووووووم!
اهتز النفق بأكمله، وتردّد صدى الصوت العميق في أحشائه.
تحدث ريتشموند بصوت لودفيك،
“إذاً هذا هو الصوت الذي سمعه الأهالي من تحت الأرض.”
ثم رفع أولكن مخالبه الطويلة، وبريق القتل في عينيه.
“يجب أن نقتله الآن! إن فقس، سنندم!”
“تمهّل.”
لكن ريتشموند مدّ يده ليمنعه.
“بدلًا من إتلافه هنا، ما رأيكَ أن نأخذه معنا إلى قلعة الملك؟”
“لماذا؟”
ابتسم ريتشموند ــ بوجه الملك المتقمّص ــ ابتسامةً واثقة.
“سنكلّف ريتشموند بدراسته. ربما فيه منفعةٌ اقتصادية لاحقًا.”
فتمتم أولكن ساخرًا في نفسه.
‘منفعة اقتصادية؟ بل هو فقط يتحجّج ليشبع فضوله العلمي!’
واصل ريتشموند تفحّص البيضة بعناية.
“لكن الرائحة هذه لا تأتي منها.”
“صحيح.”
“فلنواصل السير.”
انتزعوا البيضة من الجدار، ثم تابعوا طريقهم عبر ممرٍّ متشعّب يقود أعمق في باطن الأرض.
كلما تقدّموا، ضاق الممر أكثر، وتلوّى كالحيّة، وكانت جدرانه تتلألأ بضوءٍ أزرق خافتٍ صادرٍ عن بلوراتٍ معدنيةٍ منغرسةٍ في الصخر.
أرضية الممر كانت منحدرة، وفي نهايتها انكشفت لهم فهوّةٌ أخرى تؤدي إلى فراغٍ جديد.
و حين أطلّوا إلى الداخل، شهق أولكن مذهولًا.
“ما كل هذا؟!”
ارتجف صوته، واتّسعت عيناه مع ريتشموند في آنٍ واحد. فأمامهما امتدّ مشهدٌ يتجاوز كلّ تصوّر.
“جثث؟”
أجل، مقبرةٌ ضخمة.
أكوامٌ لا تُحصى من الجثث المكدّسة فوق بعضها، تتفاوت في درجات التحلّل، وبعضها ما زال مغطّى بطبقةٍ من الهلام الشفاف.
لقد كانت الرائحة الكريهة تنبع من هنا.
تأمل ريتشموند المشهد متحدثاً بصوتٍ خافتٍ متهدّج،
“اللزوجة هنا تُبطئ التحلّل…..إنه مادةٌ حافظة.”
ثم تابع بنبرةٍ أكثر جدية،
“يبدو أن هذا المكان كان في الوقت نفسه عشًّا لآكل الموتى ومستودعًا لطعامه. لقد كان يهيّئ غذاءً ليرقاتٍ لم تفقس بعد.”
فارتجف أولكن واشمأزّ وجهه إلى أقصى حد.
و بينما كان أولكن ينظر إليه بصمت، تجاهله ريتشموند تمامًا وأصدر فجأةً أمرًا إلى الجنود من حوله.
“قد يكون الوضع خطرًا، تراجعوا جميعًا!”
ابتعد الجنود كما أُمروا، وحينها أوقف ريتشموند تمثيله وعاد إلى نبرته الطبيعية.
“أولكن.”
“هاه؟”
“من الأفضل أن نُعيد جثةً واحدة إلى الحياة أولًا.”
“ماذا؟ أتنوي تحويلها إلى عبد؟”
“أيّ هراءٍ هذا! أنظر بنفسكَ، حالتهم أقرب إلى الزومبي منها إلى الهياكل العظمية. إنهم يشبهون غيرو.”
“وماذا في ذلك؟”
“الزومبي لا يطيعون الأوامر. لأنهم يحتفظون ببقايا من ذواتهم السابقة.”
“هل أبدو لكَ ككشّافٍ مجنون لا يرى الجثث إلا كمصادر للتوظيف؟”
تنهد ريتشموند بعمق، ثم أجاب بنبرةٍ أكثر جدية.
“أريد فقط أن أسأله بعد أن ينهض…..أين عاش وأين دُفن.”
“ولماذا تهتم بذلك؟”
“تخيّل…..عائلةً أو أصدقاءً أحبّوا هذا الميت، ثم استيقظوا يومًا ليجدوا أن قبور أحبّتهم انهارت، وأن الجثث اختفت بلا أثر…..كم سيكون شعورهم قاسيًا؟ إن كان بوسعي، يجب أن أُعيدهم إلى أماكنهم.”
صمت أولكن وحدّق فيه مطولًا.
كان يظنه، بعد حادثة سرقة غيرو، مجرد عالمٍ لا يرى في الجثث إلا أدواتٍ للبحث أو العمالة. لكن يبدو أنه يملك عقلًا سليمًا وقلبًا لا يزال نابضًا بشيءٍ من الإنسانية.
“حسنًا، أوافقك.”
ساعد أولكن ريتشموند على إزالة الطبقة الصلبة من المادة المتحجّرة حتى كشفا عن جثةٍ واحدة.
ثم تمتم ريتشموند بكلماتٍ غريبة وهو يمد يده فوق الجسد.
“@##%@!”
و فجأة…..تحرّكت الجثة. ارتجفت أطرافها قليلًا، وتألّق في عينيها الرماديتين ــ الخاليتين من الجفون ــ بريقٌ غريب.
“غغغغ…..كككك.”
كان شابًا على ما يبدو حين مات، فملامحه لا تزال تحتفظ ببعض البراءة رغم تحوّله إلى زومبي.
وحين تأكّد ريتشموند من نجاح سحره، انحنى قليلًا وتحدث باحترامٍ هادئ.
“أيها الميت، سامحني لأنني أيقظتكَ من سباتكَ الطويل بهذه الطريقة العنيفة.”
“غغغغ!”
“لقد فُقد موضع راحتكَ، وجُعل جسدكَ يرقد في أرضٍ غريبة ليست موطنكَ. وهذا ليس عدلًا، لذا أريد مساعدتكَ على العودة إلى مكانكَ الصحيح. فقل لي، ما اسمكَ؟”
تحرّكت شفتا الزومبي بصعوبة.
“اِسمي….لوكوم!”
“حسنًا، لوكوم. أين مسقط رأسكَ؟”
“آيبيسيا….أرض الملك.”
كان مكانًا بعيدًا، يحتاج إلى أيامٍ من السفر على صهوة حصان للوصول إليه.
“إذاً، قبركَ كان هناك أيضًا؟ في آيبيسيا؟”
في تلك اللحظة، اشتعلت في عيني لوكوم نظرةٌ حاقدةٌ عميقة.
“لا.”
“لا؟ ماذا تعني؟”
قد يحدث أحيانًا أن تختلط ذاكرة الزومبي أو تتشوش. لذا سأله ريتشموند مجددًا بنبرةٍ حذرة.
“أتقصد أنكَ وُلدت في آيبيسيا…..لكنكَ دُفنت في مكانٍ آخر؟”
“نـ….نعم.”
تحدّث الزومبي بصوتٍ مبحوحٍ يقطر حقدًا وكراهية.
“المكان الذي دُفنت فيه….هو ديلارك…..أرض الملك
ذاك!”
________________________
اهاا شكله من العبيد عشان كذاه مات ورع
بس لحظه لا يكون آكل الموتى جاي من زوجة ديلارك ذيك نسيت اسمها؟
الفصل يضحك ريتشموند واولكن اذا اجتمعوا مب صاحين😭
بس ادري اني اشتقت لهم وكذا بس معناته فصل كامل عنهم
وجان الظلام! اقتد انتظر لبكره؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 128"