“الفائز، هو ملك الشياطين لودفيك.”

ذلك الإعلان ابتلع في لحظة كل الهمهمات والهمسات التي ملأت المكان.

“وااااااه!”

“الملك لودفيك! الملك لودفيك!”

كانت معركةً أدهشت الجميع. 

قبائل الشياطين، التي تقدّس القوة، هتفت بحماسٍ عارم. و بعضهم رفع يده عاليًا ولوّح بها، و آخرون دكّوا الأرض بأقدامهم، وآخرون صفّقوا بحرارةٍ مفرطة.

لكن لودفيك لم يُلقِ لهم نظرةً واحدة، وكأنه غير معنيٍّ بحماسهم، بل أدار رأسه نحو الجهة المقابلة. 

و هناك كانت أرييلا. بوجهها المضيء بابتسامةٍ مشرقةٍ جمع بين الارتياح والفرح.

تلاقت نظراتهما في صمت. و لم يتبادلا الكلمات، لكن بدا وكأن كلاً منهما يقرأ مشاعر الآخر وأفكاره.

“واااااااااه!”

و انفجرت الهتافات بينهما كصاعقةٍ تملأ الهواء.

***

“تفضّل، هنا وهنا، وهنا، وهنا أيضًا، وقّع في هذه المواضع.”

أمسك لودفيك بالقلم وخطّ توقيعه بسرعةٍ على عدة مواضع من الورقة.

وفي اللحظة التي وقّع فيها ملك الشياطين، انبعث من العقد الممهور بسحرٍ خاصٍّ غبارٌ مضيءٌ تسرّب على طول الحروف حتى لمعَ بألقٍ باهر.

و راقبت أرييلا المشهد بابتسامةٍ راضية.

‘أخيرًا، تدرّبه المستمر أثمر! إن لم يكن بارعًا في أي شيءٍ آخر، فكتابة اسمه صارت على الأقل في غاية الإتقان!’

لمن لا يعرف الخلفية، لظنّ أن هذا الخط من أندر وأجمل الخطوط في عالم الشياطين.

والحقيقة أن الخط ذاته كانت أرييلا قد صمّمته له خصيصًا، وقد حفظه لودفيك كما يُقلَّد الرسم بالنظر.

مهارته الفطرية في استخدام جسده انعكست حتى في دقّة يده، فقلّد خطّ أرييلا ببراعةٍ مذهلة.

و بينما كان ديبيل يتصفّح الأوراق، بدا على وجهه شيءٌ من الارتباك.

“جلالة ملك الشياطين، لم توقّع هنا…..ولا هنا.”

“آه.…”

و بطبيعة الحال، لم تكن قدرته على التركيز الطويل تتحسّن لمجرّد أن توقيعه صار جميلًا.

وأخيرًا، بعد أن ملأ جميع الفراغات، ظهر ختمٌ سحريٌّ فوق العقد. و أصدر أزيزًا حادًّا وهو يدور في الهواء ثم عاد ليمتصّه العقد في ضوءٍ خافت.

“تمّت الإجراءات بنجاح.”

كان عنوان العقد طويلًا على نحوٍ مزعج: “عقد نقل الحقوق وتسوية الحسابات النهائية واستلام المستحقات إثر الفوز في المبارزة.”

حتى لودفيك نفسه لم يحاول أن يفهم جميع فقراته. أما أرييلا فراجعت كل سطرٍ بعنايةٍ تامة، وبدت راضيةً غاية الرضا.

“يبدو أن نظام الشمال منطقيٌّ تمامًا، كنت أخشى أن يتأخر استلام الثلاثين مليون سيل بعد الفوز.”

“هاهاها! لا داعي للقلق، بعد انتهاء الإجراءات سنعيد إليكم خريطة الملاحة التي أودعها الملك لودفيك لدى جلالته شوارتز.”

سلّم ديبيل صندوقًا مختومًا بإحكامٍ سحري، وتفقّدته أرييلا بعينٍ خبيرة.

لم يُفتح الصندوق قط، هذا مؤكد.

‘سمعت أنه رجلٌ صارم في أمور كهذه…..ويبدو أن الأمر صحيحٌ فعلًا.’

فمن وجهة نظر شوارتز، كان امتلاك الخريطة مؤقتًا فرصةٌ مغريةٌ لتفقّدها سرًا، لكنه قاوم الإغراء حتى النهاية والتزم بالإجراءات حرفيًا.

“والآن، هذه وثيقة نقل ملكية الثلاثين مليون سيل التي أودعها بيلزيريون في قصر ملك الشياطين.”

أخرج صندوقًا مختومًا آخر، وتلا عليه تعويذةً غامضة. تلاه طنينٌ معدنيٌّ و صوت ارتطامٍ خفيف، ثم تفتّح الصندوق وسط بريقٍ من الضوء. و أخرج منه ورقةً تشبه صكًا مصرفيًا. 

قبل بدء المبارزة، كان من الواجب على الطرفين إيداع ما يشبه رهان النزال لدى شوارتز مسبقًا، تحسّبًا لأن يحاول الخاسر التهرّب من الدفع لاحقًا.

“بما أن جهة الملك لودفيك طلبت استلام المبلغ على شكل عملاتٍ ذهبية..…”

أشار ديبيل بيده، فتقدّم جنودٌ مدرّعون يحملون صناديق ضخمة.

“من أصل ثلاثين مليون سيل، خُصم أولًا مبلغ ثمانية عشر مليونًا ثمنًا للحديد المظلم.”

كان الثمن الأصلي عشرين مليونًا، لكن أرييلا نجحت مؤخرًا في تخفيضه بمقدار مليوني سيل إضافية.

“أضفنا أيضًا ثمن البراند المسمّى ‘شراب التنين’ بمقدار مليونين، وثمن العنبر بمقدار ستة ملايين. وبذلك، فإن المبلغ النهائي الذي سيتسلّمه الملك لودفيك هو عشرون مليون سيل.”

ثم التفت ينظر إلى لودفيك وأرييلا بالتناوب.

“هل تودّان التحقّق من المبلغ؟”

“سأتولى الأمر بنفسي.”

كان ديبيل يتوقّع أن يستغرق ذلك وقتًا طويلًا، لكن توقعه سرعان ما خاب.

وووووم!

وضعت أرييلا كفّها فوق الصندوق وضخّت فيه طاقتها السحرية.

‘ماذا؟!’

تزلزلت نظرات ديبيل للحظة، إذ شعر بتدفّق طاقتها السحرية ينتشر بسرعةٍ مذهلة وبنظامٍ متقنٍ للغاية.

‘ليست قوةً عادية أبداً…..’

فقد كان معيار التميّز لدى السحرة لا يقتصر على حجم الطاقة السحرية فحسب، بل على مدى دقّة السيطرة عليها أيضاً.

وما عرضته أرييلا الآن كان تحكمًا ناضجًا لا يقلّ مهارةً عن متمرّسٍ من سلالة الشياطين أمضى مئات السنين متخصّصًا في نوعٍ واحد من السحر.

‘كنت أظن أن التوزيع بينهما بسيط: القوة القتالية والسحرية بيد ملك الشياطين لودفيك، والعقل والإدارة بعهدة شريكته في العقد…..لكن يبدو أن أرييلا نفسها تملك قدراتٍ خارقة!’

حتى السحر الذي تمتلكه أرييلا تجاوز ما ورد في تقارير شوارتز نفسه. 

فقرر ديبيل أن يرفع تقريرًا عاجلًا عن هذا الاكتشاف، إذ خُيّل إليه أن العلاقة بين مملكتي الشياطين لن تكون مؤقتة، بل ستستمر طويلًا وتزداد تعقيدًا، وبالتالي فالمعلومات الكثيرة ستكون دومًا موضع نفع.

“حسنًا، انتهيتُ من التحقّق.”

قالت أرييلا ذلك وهي ترفع رأسها بعد أن عدّت العملات الذهبية داخل الصندوق بلمحٍ سحريٍ خاطف.

“هل لي أن أسأل، إلى أي مدرسةٍ سحريةٍ تنتمي هذه التعويذة التي استخدمتِها للتو؟ أعترف أنني لست ملمًّا كثيرًا بمدارس السحر الجنوبية، لكن فضولي لا يُكبح الآن.”

تلألأت عيناه بفضولٍ صادق.

“لم أرَ من قبل هذا النمط من تدفّق الطاقة السحرية، بدا كأنه تعويذةُ كشفٍ متقدّمةٌ مشروطةٌ بعدة طبقات—ثلاث على الأقل، أليس كذلك؟”

‘هذا الرجل…..حادّ الإحساس أكثر مما ظننت.’

هذا ما فكّرت به أرييلا وهي تتأمله.

علمت أنه يشغل في مملكة الشياطين رتبةً تعادل قائد حرس القصر في عالم البشر، أي أنه ليس بالشخص الهيّن. كما أن الهالة السحرية المنبعثة من جسده دلّت بوضوح على مستوىٍ قتاليٍّ رفيع.

وبينما راحت تقارن في ذهنها بينه وبين لودفيك، لخّصت – دون تردّد – إلى أن النصر سيكون للودفيك إن التقيا في نزال.

ثم أجابت بابتسامةٍ لطيفة،

“من يدري؟ حين أؤسّس مدرسةً سحريةً باسمي، سأخبركَ أيّها كانت.”

“هاه؟”

ارتبك ديبيل للحظة، فتابعت أرييلا بهدوء،

“كنتَ تسأل عن اسم المدرسة التي تنتمي إليها التعويذة، أليس كذلك؟ الحقيقة أنني من طوّرتها بنفسي. لكن بما أنه لا توجد مدرسةٌ تخصّني بعد…..فلا إجابة واضحةٍ لديّ.”

“أنتِ…..من طوّرتها؟ بنفسكِ؟”

بدت على وجهه ملامح الدهشة والإعجاب الصادق. فقد كان يعلم أن إجادة السحر شيء، وابتكار التعويذات أمرٌ آخر تمامًا، لا يقدر عليه إلا القلائل من العباقرة.

‘كم موهبةً تُخفي هذه المرأة؟!’

فتمتم بصدقٍ عميق،

“حقًا…..أنتِ مذهلة.”

ابتسمت أرييلا بتواضعٍ رقيق، وأومأت بهدوءٍ دون أن تشرح أكثر.

لم تجد داعيًا لأن تعترف بأنها لم تبتكر التعويذة إلا بدافعٍ بسيطٍ جدًا: لتسهيل عدّ الأموال بعد أن صار ذلك أكثر لحظات حياتها متعةً منذ أن تولّت إدارة مملكة الشياطين.

وحين حمل الأورك صناديق الذهب بعيدًا، ختم ديبيل على وثيقة التحويل بختمٍ رسميٍّ يثبت تمام الدفع.

ثم محا من وجهه شرود الدهشة وعاد إلى نبرة العمل الجادّة.

“أما بخصوص الحديد المظلم، فقد انتهت تجهيزات الشحن بالفعل. وإن رغبتم، يمكننا تنفيذ النقل اليوم ذاته.”

“حقًا؟”

كان الأمر سريعًا على نحوٍ غير مألوف. ورغم أن النتيجة في صالحها، قررت أرييلا أن تختبر نواياهم قليلًا.

“ألستم قد خصّصتم جزءًا من الحمولة مسبقًا؟ بهذا التوقيت، يبدو أنكم كنتم مستعدين منذ لقائنا الأول مع الملك شوارتز..…”

“من يدري.”

أجاب ديبيل بابتسامةٍ غامضة. فتأكدت أرييلا من حدسها.

‘حقًا، هذا الشيطان شوارتز…..لا يمكن فهم نواياه أبداً.’

“ثم هناك أمرٌ آخر.”

تحدّث ديبيل بعد أن أتمّ ترتيبات المعاملة.

“هناك من يرغب في لقائكما.”

من؟ 

أشار بيده، فانفتح الباب ودخل رجلٌ نحيلُ القوام، بشرته سمراء كأنها لُمست بأشعة الشمس، بلا قرونٍ على جبينه، وأبرز ما يميّزه أذناه الطويلتان الحادّتان.

‘جان الظلام؟!’

كان وجهه مشعًّا بتعبيرٍ متحمّسٍ مفعمٍ بالترقّب، وكأنه انتظر تلك اللحظة طويلاً.

وما إن دخل الغرفة حتى تحدّث بانفعالٍ صادق،

“أعتذر عن لقائي المفاجئ! اسمي كيميلت!”

وهذه المرة، كانت أرييلا هي من اتّسعت عيناها دهشةً.

***

في تلك الأثناء، في أحد أروقة قلعة ملك الشياطين شوارتز…..

“آااه….آغغغ..…”

“سيدي! هل استعدت وعيكَ؟!”

فتح بيلزيريون عينيه بصعوبةٍ بالغة بعد أن ظلّ غائبًا عن الوعي طويلًا.

______________________

توه يقوم😭😭😭😭😭 فلوسك بااااح راحت 

لودفيك اول مافاز التفت لارييلا🤏🏻 ايه طيب كتو العرس؟

المهم جان ظلام! اهل البيرو خلاص اكتملت شلة تراش✨

Dana