ساد الذهول أرجاء المدرّج. فالسحر القائم على النار نادرٌ حتى في الشمال، وإن شوهد أحيانًا، إلا أنه لم يسبق لأحدٍ أن رأى شخصًا يغلف جسده كله بالنار على هذا النحو.
فششششش!
انتشرت الحرارة من حول لودفيك حتى شعر بها الحاضرون في المقاعد البعيدة.
“الجو حارٌ حتى هنا.”
“فكم تكون الحرارة هناك إذًا؟!”
توهجت النار من حوله كدرعٍ حيّ ينبض بالحياة. ورغم ذلك، كان لودفيك واقفًا في مكانه بثباتٍ تام، كأن شيئًا لا يحدث.
و الشياطين المتمرسون في فنون السحر أدركوا ما يعنيه هذا المشهد.
“يا للبراعة! تحكمٌ مذهل!”
“لقد عزل إحساسه عن الحرارة بالكامل.”
اتسعت أعينهم ذهولًا.
“هذا مستحيل! صحيحٌ أنه يمكن تحقيق ذلك إن كانت هناك مسافةٌ بين الجسد واللهب، لكنه يرتدي النار حرفيًّا على جلده!”
“بالضبط! ومع ذلك لا يشعر بالألم؟!”
كان من الصعب تصديق الأمر، لكن ما تراه أعينهم كان الحقيقة بعينها.
وأظهر لودفيك مدى سيطرته الكاملة على درع النار في اللحظة التالية، حين خرج صوته من وسط اللهب نفسه.
“قالت لي أرييلا ذات مرة..…”
كانت نبرته منخفضة، ثقيلة، لكنها لم تحمل أي أثرٍ للألم أو المعاناة. فأنصت الجميع بانتباه حاد.
و الجميع كانوا يعلمون أن أرييلا هي المتعاقدة مع لودفيك، بفضل ظهورهما المثير في الحفل.
لكن…..ما الذي قالته له بالضبط؟
وفي جوٍّ مفعمٍ بالتوتر والفضول، دوّى صوته بالكلمات التالية،
“قالت أن ناري تُسمّى البريزم الزمردي*!”
*معناه منشور زجاجي
“……؟”
“……؟”
“……؟”
و ارتسمت علامات الاستفهام على وجوه كل الحاضرين — الشياطين الشماليون، و الملك شوارتز، و إيسيلون، و ديبيل، وحتى مبعوثو الجنوب.
وحدها أرييلا تنهدت وغطّت وجهها بكفها.
‘أيها الأحمق…..ليس البريزم الزمردي، بل البلازما الأثيرية*!’
*مادة خفية موجودة في الشمس
ولم يدرك لودفيك أنه يجعل متعاقدته تموت خجلًا في مكانها، بل تابع حديثه بجديةٍ تامة ونبرةٍ مهيبة،
“هذا ما قالته لي. أي أن شيئًا مثل البرق لا يُخيفني!”
وما إن أنهى كلامه، كوااااااااااااااااااع! انطلق لودفيك بلا تردد إلى الأمام.
“إنه سريع!”
بدت حركته كنيزكٍ يخترق الأرض بسرعةٍ خاطفة. و تطايرت الشرارات في أثر خطواته، وامتدت خلفه خطوطٌ من اللهب تتراقص كالشرائط المشتعلة.
وفي اللحظة نفسها، تصاعد عمودٌ من النار من سيفه،
وامتزجت النيران التي تغلف جسده مع السيف حتى بدا كأن السيف جزءٌ منه.
“ما هذا بحق؟!”
لم يُتح لبيلزيريون الوقت ليستوعب ما يحدث. فقد كانت سرعة خصمه تفوق حتى ردّات فعل الشياطين أنفسهم!
ززززززززق!
أطلق بيلزيريون صواعقه بجنون، وقد وقفت خصلات شعره المحروقة من أثر الكهرباء.
وعندما اصطدمت النار بالبرق، دوّى انفجارٌ هائل لا يُقارن بما سبقه من دويّ الرعد.
كوااااااااااااااااااااع!
انفجر عمود اللهب من نصل لودفيك مثل زفير تنينٍ هائج، بينما انقضّت صاعقة بيلزيريون عليه كثقْبٍ من الرعد الساطع.
تمزق الهواء عند الحدّ الفاصل بين القوتين. فانفجرت الطبقة التي اختلط فيها الحرّ بالكهرباء، مطلقةً وميضًا أعمى الأبصار وموجة صدمةٍ هائلة.
كرااااااع!
وفي لحظة التصادم، طاااخ! هوووش!
تراجع لودفيك وبيلزيريون، كلٌّ منهما إلى موقعه، وقد تباعدت المسافة بينهما مجددًا.
كان وجه لودفيك لا يُرى من خلف اللهب الذي ما زال يلتف حول جسده، بينما ارتسمت على ملامح بيلزيريون علامات اضطرابٍ واضحة.
‘ما الذي حدث للتو؟ كيف يكون هذا ممكنًا؟’
حاول أن يستعيد تركيزه بصعوبة. فصواعقه لم تستطع اختراق سيف النار الذي يحمله لودفيك، ولا درع اللهب الذي يحيط بجسده.
لقد كانت النيران تحمل في طياتها مقاومةً سحرية وقوةً دفاع مادية في آنٍ واحد.
‘هذا السحر…..وهذه الطاقة السحرية!’
ورغم أنه لم يكن قادرًا على استشعار طاقة خصمه بدقة كما تفعل أرييلا، فإن أيّ شيطانٍ متمرّس يستطيع أن يقرأ مستوى القوة في لحظة تفعيل السحر.
لكن ما شعر به بيلزيريون من طاقة لودفيك لم يتناسب أبدًا مع عمره.
‘هذا الصغير لم يبلغ المئة بعد!’
حين اصطدمت صاعقته بسيف النار، شعر بيلزيريون بارتجاجٍ عنيفٍ في جسده كله، حتى أن تدفق طاقته السحرية الداخلية اختلّ للحظة، مما جعله يرتعش ألمًا.
‘وليس الأمر أن طاقته خطيرة فحسب…..’
ارتسم الذهول في عينيه.
‘ما هذا السحر؟!’
حتى بيلزيريون، الذي خاض مئات المعارك وخبر كل أنواع السحر، لم يستطع تفسير ما يجري.
فششششش!
وفيما كان غارقًا في حيرته، انقضّ عليه هجوم لودفيك مجددًا.
“تبا!”
و انقلب المشهد رأسًا على عقب.
قبل قليل كان لودفيك عاجزًا أمام صواعق بيلزيريون المتساقطة عليه، أما الآن فقد صار هو من يقصف خصمه بسيلٍ من النيران الحادّة كالسيوف.
“ألا يبدو هذا غريبًا؟”
همس أحد الشياطين في المدرج.
“قوة البرق لدى السيد بيلزيريون خفّت كثيرًا.”
“صحيح، لقد لاحظت ذلك أيضًا!”
“بل لا يبدو الأمر مجرد ضعفٍ في القوة..…”
زززززق، زززززق!
كان بيلزيريون لا يزال يطلق الصواعق بأسنانه المشدودة من الغضب، لكن ما بدا غريبًا هو أن البرق نفسه صار مضطربًا.
فبعضه يتلاشى قبل أن يلمس درع النار حول لودفيك،
وبعضه الآخر ينحرف فجأةً ليصيب أماكن عشوائية بدل هدفه.
وبالطبع، أكثر من صُدم بهذا كان بيلزيريون نفسه.
‘برقي! ما الذي يحدث له؟!’
شعر وكأن قوانين السحر والطبيعة نفسها تسخر منه. فما عاشه طوال حياته من تحكمٍ مطلقٍ في الصواعق، انقلب الآن عليه، إذ لم تعد ضرباته تصيب أهدافها رغم أنه قادرٌ على توجيهها بدقةٍ بسرعة الضوء متى شاء.
كانت تنحرف عن مسارها في اللحظات الحاسمة كأنها تتمرد عليه.
‘ما هذا بحق؟!’
تسلل الرعب إلى عينيه.
‘ذلك الوغد الماكر…..ما الذي مزجه بنيرانه؟!’
كان مقتنعًا تمامًا أن هذه الظاهرة من صنع لودفيك نفسه. لكن لودفيك، في تلك اللحظة، كان يفكر بشيءٍ مختلف تمامًا،
‘هل فقد عقله من الخوف؟ إنه يخطئ الهدف منذ لحظات!’
في الحقيقة، لم يكن ما يحدث بفعل إرادة لودفيك على الإطلاق. فخيوط الطاقة الدقيقة التي يمدّ بها بيلزيريون صواعقه لتحديد مسارها، كانت تتلاشى وتختلّ.
والسبب أن حرارة لودفيك تجاوزت الحدّ الطبيعي. إلى درجة أن جزيئات الهواء نفسها بدأت تتفكك وتتحول إلى بلازما.
فأدى ذلك إلى اضطراب تدفق التيار الكهربائي، وانقسامه إلى مساراتٍ عشوائية، حتى تفرّقت الصواعق بدل أن تتجمع.
كرااااااااااااااع!
‘لا…..هذا مستحيل!’
البرق تحطم من جديد، متلاشيًا في العدم. فتبدلت ملامح بيلزيريون إلى لون اليأس الخالص.
كراااااع!
و انقضّ عليه لودفيك كأمواجٍ من النار الهائجة، سيف اللهب ودرعه وجسده قد اتحدوا جميعًا في كتلةٍ واحدةٍ متدفقةٍ من العنفوان.
و كل ما رآه بيلزيريون أمام عينيه كان شلالًا جارفًا من اللهيب، لا شيء سواه.
‘ما الذي كنتُ أفكر به؟’
استعاد في تلك اللحظة ما عاهد نفسه عليه من قبل.
لقد كان قد قرر أن يواجه هذا الملك الجنوبي القروي بحذرٍ شديد، حتى لا يقتله خطأً أثناء القتال، فذلك لن يكون انتهاكًا لقواعد المبارزة فحسب، بل سيجبره أيضًا على أن يصبح حاكمًا لإقليمه.
ولكي يتجنب تلك الفوضى، كان قد نوى أن يقيّد قوته قدر الإمكان.
‘لا…..كان عليّ أن أقاتله وأنا مستعدٌ لقتله!’
رغم أن جسده كان مغمورًا بحرارةٍ هائلةٍ تعصف بالهواء من حوله، فقد شعر ببرودةٍ تزحف تحت جلده، كأنها قشعريرة الموت.
“آه…..”
خرج من فمه صوتٌ لا يُشبه حتى الكلمات.
كرااااااع!
وفي اللحظة التالية، اجتاحه اللهيب وابتلعه كليًّا، فغاب وعيه.
***
خفض لودفيك سيفه.
فششش…..
وفي اللحظة ذاتها، انطفأت النيران وسكنت. و اختفى درع اللهب، وكشف عن جسد لودفيك الذي بدا سليمًا تمامًا، لم يمسّه احتراق ولا خدش، حتى شعرةٌ واحدة لم تتأذّ.
أما عند قدميه، فكان بيلزيريون ملقىً على الأرض في هيئةٍ مزرية.
جسده كله متفحّم، وملابسه قد التصقت به كقشرةٍ محترقةٍ شوهت ملامحه. و أحد قرنيه كان قد ذاب نصفه، ويده الأخرى التوت بشكلٍ غير طبيعي.
بدا كقطعة لحمٍ محروقةٍ تُركت فوق صفيحٍ ساخن.
لكن جسده ما زال يرتجف أحيانًا بحركاتٍ متقطعة، وهذا وحده كان دليلًا على أنه ما زال حيًّا.
فتناهت إلى المكان همساتٌ مذهولة من الجمهور،
“يا إلهي، هل ما زال حيًّا؟”
“بعد كل ذلك…..ولم يمت؟!”
كان منظره يدعو للشفقة، لكنه على الأقل لم يلفظ أنفاسه بعد. وبهذا، يكون لودفيك قد التزم بقواعد المبارزة، وهزم خصمه دون أن يقتله.
تحولت أنظار الجميع إلى شفارتز. ذلك الذي كان جالسًا يراقب القتال، و قد نهض الآن دون أن يظهر على وجهه أي أثرٍ للدهشة أو الانفعال.
رغم كل ما جرى أمام عيونهم، ظلّ وجهه ثابتًا كالصخر.
فهمس بعض الحاضرين في ريبة،
“هل يُعقل أن ملكنا كان يتوقع هذا منذ البداية؟”
وفيما كانت الأفكار والاحتمالات السياسية تتلاطم في رؤوس الشياطين الكبار، فتح شفارتز فمه وأعلن بصوتٍ جهوريٍّ حاسم،
“الفائز هو ملك الشياطين…..لودفيك!”
_______________________
واااااااااااااااو وناسه يالقوة يجننننن يارب ماتصير مانهوا ويخرب الي تخيلته😭
بس يضحك وسط كل ذاه مانسى يطلع فهاوته ياناس🤏🏻
المهم مبروك اليوم عشاهم شيطان مشوي
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 125"