حينها فقط، عاد الأورك إلى الداخل متذمرين، بينما أغلقت أرييلا الباب بابتسامةٍ نصفها ضجر ونصفها ارتياح.
ثم هزّت أرييلا رأسها يأسًا وهي تتابع السير خلف ديبيل. لكن ما إن ابتعدوا قليلًا حتى سمعوا جلبةً من جهة غرفة سيسيل.
“سيسيل؟”
كان الباب نصف مفتوح، وقد وُضِع كرسيٌّ ليمنعه من الانغلاق.
وقفت سيسيل على ذلك الكرسي في وضعٍ خطير، واضعةً نظارتها الأحادية، تتفحص بعين فاحصة الفتحة العليا للباب. ولو تُركت لدقائق أخرى، لكانت بلا شك قامت بتفكيك الآلية الباهظة بالكامل.
كانت غارقةً في عالمها الخاص، غير منتبهةٍ إلى من اقتربوا، تتمتم في انهماكٍ تام،
“ما هذه الآلية بالضبط؟ أعلم أن الضغط الهيدروليكي هو ما يدفع الباب، لكن كيف يُفرغ الضغط ليُفتح من جديد؟ وكيف يستشعر اقتراب الشخص؟”
‘يا للعجب……ألم أقل لهم أن يستريحوا؟!’
“…….”
نظر ديبيل إليها في ارتباك، بينما حبست أرييلا تنهيدةً ثقيلة بصعوبة.
لماذا أشعر دائمًا أن الإحراج من نصيبي وحدي؟
***
‘أرجوا ألا تخلع الباب أو تحطم الجدار……’
كانت تتمنى ألا ينتهي اليوم بفاتورة غير متوقعة، وهي تتابع السير.
بينما قادهم ديبيل عبر ممرّ متشعب حتى وصلوا إلى منطقة أكثر هدوءًا.
“هذه هي الغرفة.”
فتح الباب بنفسه،
“إن كان ثمة ما يسبب لكم إزعاجًا، فلا تترددوا في إخباري.”
لكن الغرفة لم تكن لتثير أي شكوى؛ إذ كانت فخمةً لدرجة تنافس غرف القصور الملكية.
أما السجاد المطرز بخيوط الذهب فكان متشابك الزخارف ككروم الورد، وفي المنتصف ارتفع سريرٌ ضخم ذو مظلة أنيقة، تُزيّنه شراشف بيضاء نُثرت عليها بتلاتُ وردٍ وردية، وعلى صينيةٍ فضية أُشعلت شموع عطرية تنشر دفئها في الهواء.
‘ما جدوى كل تلك البتلات؟ فقط لتجعل التنظيف أكثر إزعاجًا. في النهاية كلها قمامة!’
رغم تذمرها في نفسها، سألت بصوتٍ هادئ،
“لمن هذه الغرفة من بيننا؟”
“عفوًا؟”
توقف ديبيل للحظة مرتبكًا، فازدادت حيرتها.
“أعني، من سيبقى في هذه الغرفة؟ أنا أم جلالته؟”
“أه، هذا……”
رمش ديبيل مرتين قبل أن يجيب سريعًا خشية الصمت.
“لقد أُعدّت الغرفة لكما معًا، بطبيعة الحال.”
“……؟”
“……؟!”
اتسعت عينا الاثنين في آنٍ واحد، وأدرك ديبيل فورًا أن شيئًا ما خاطئاً.
“لا تخبراني……أنكما لا تتشاركان الغرفة نفسها؟”
صرخت أرييلا وقد احمرّ وجهها،
“بالطبع لا! ولماذا عليّ أن أنام مع لـ……أقصد مع جلالته؟!”
تمتم لودفيك وهو ينظر إلى السقف ببرودٍ مصطنع،
“الأمر لا يستدعي تلك النظرة وكأنكِ وطئتِ قذارةً.”
فبدا الارتباك على ديبيل أشد من ارتباكها.
“أعتذر! لقد ظننتُ أنه من الطبيعي أن……”
تلعثم ولم يعرف أين يضع يديه. و لم يعد لتلك الجدية التي ظهر بها أول مرة أي أثر.
“أرجو منكما الانتظار هنا قليلًا! سأعدّ غرفةً إضافية على الفور!”
قال ذلك على عجل، وغادر وهو يلهث من التوتر، واعدًا بأن الأمر لن يستغرق طويلًا.
وبذلك، تُركا أرييلا ولودفيك وحدهما في الممر.
“…….”
وقف لودفيك صامتًا، وهو ينظر إلى الأمام دون تعبير، بينما شعرت أرييلا بثقل الصمت الغريب بينهما.
كرهت ذلك الصمت، فقررت أن تكسره بأي كلامٍ يخطر ببالها.
“هذا مضحك……وغريبٌ في الوقت نفسه.”
“ماذا تقصدين؟”
“قوله: (ظننتُ أنه من الطبيعي)……طبيعي؟ لماذا؟”
ترددت قليلًا ثم أكملت،
“هل كان هناك سابقةٌ في الشمال أن الملك والمتعاقدة ينامان في الغرفة نفسها؟”
فأجاب لودفيك ببساطة تامة، ونبرة لا تخلو من الكبرياء،
“لا أعلم.”
“لا، لم أسألكَ لأني كنت أتوقع أنكَ ستعرف……هاه، دع الأمر.”
وهكذا انقطع الحديث بينهما للحظة.
فنظر لودفيك وأرييلا إلى الخارج عبر النافذة. خلافًا للجنوب، كانت النوافذ الكبيرة الممتدة من الأرض حتى السقف تمنح إحساسًا رائعًا بالانفتاح.
“أن يغطوا كل هذا الزجاج الباهظ بهذه الطريقة……”
يبدو أن جودته عاليةٌ جدًا أيضًا. إذ كان يمكن رؤية مشهد أراضي شوارتز التابعة لملك الشياطين بوضوحٍ تام دون أي انكسار أو غبش.
لقد كان المنظر يثير الإعجاب حتى أثناء قدومهما، أما الآن وهما ينظران من هذا الارتفاع، فقد بدا خلابًا بحق.
مبانٍ من النحاس والحديد، ومداخن تنفث البخار من كل وصلة، وأناسٌ يتحركون بنشاط.
كان يمكن الإحساس بحيوية المدينة التي تعمل كأنها آلة تروس دقيقة مترابطة بإحكام.
“بالفعل، إنه مستوى مختلفٌ تمامًا.”
كان لودفيك هو من كسر الصمت أولًا.
فأومأت أرييلا موافقة.
“بالضبط، لقد تطورت أكثر مما رأيت في كتب عالم الشياطين. عدد السكان يفيض، وهناك حتى أشياءٌ لم أرَ مثلها في عالم البشر.”
ومن كلام لودفيك التالي، أدركت أرييلا ما الذي كان يفكر فيه طوال الوقت.
“ما الذي سنحتاج إليه كي نُطوّر أراضينا إلى هذا الحد؟”
كان صوته ينم عن فضولٍ حقيقي.
‘إنها تجربة جيدة تحفّزه فعلًا.’
راضيةً بتلك الفكرة، أجابت أرييلا دون تردد.
“أولًا، نحتاج إلى نظامٍ سياسي مستقر. ويمكن القول أنكَ قد حققت ذلك بالفعل في مقاطعتكَ التابعة، لأنك استأصلت القوى الفاسدة منذ البداية.”
أومأ لودفيك برأسه.
“ثانيًا، نحتاج إلى سياسةٍ اقتصادية توازن بين الزراعة والتجارة والصناعة لتقوية أسس المعيشة.”
لم يكن ذلك متكاملًا بعد، لكنه كان المجال الذي بذلت فيه أرييلا أكبر جهد لتطويره.
“وأخيرًا، نحتاج إلى قوةٍ دفاعية صلبة ووحدةٍ شعبية لحماية البلاد. ولهذا جئنا لاستيراد الحديد الأسود، أليس كذلك؟”
نظر إليها لودفيك بهدوء ثم أومأ.
“سأضع ذلك في الحسبان.”
ثم بعد لحظةٍ قصيرة من التردد، تحركت شفتا لودفيك قليلًا. و لاحظت أرييلا تلك اللمحة الدقيقة.
“إن كان لديكَ ما تريد قوله فقله، أعرف طباعكَ، فلماذا تتردد على غير عادتكَ؟”
عندها تحدّث فوراً،
“أرييلا، هل……هل تندمين لأنكِ عقدتِ معي الاتفاق، بدلًا من أن تعقديه مع أحد ملوك الشياطين الأثرياء كهؤلاء؟”
____________________________
اوتش يالسؤال
الاورك وسيسيل عالم ثااااااني فحطت ضحك مقدر 😭
وديبيل ذاه يحسب ارييلا ولودفيك متزوجين؟ هاااااعاعاهاهاعاعاهاهاها يضحك بس ليته قال انكم تناسبون بعض وكذا😂
بعدين صدق ليه قال من الطبيعي؟ فيه ملك تزوج متعاقدته؟ وناسه عشان مايصير بين لودفيك وارييلا افكار الي هدا مستحيل وكذا
التعليقات لهذا الفصل " 115"