ما إن عرف الشيطان ذو الزي الرسمي هوية ضيوفه، حتى غيّر نبرته على الفور و تحدّث باحترامٍ بالغ،
“أهلًا بكم، من هذه النقطة فصاعدًا سنتولى إرشادكم. سأصطحبكم إلى قلعة ملك الشمال، شفارتز.”
كان على صدره وسامٌ معقود بدقة بخيوطٍ معدنية، ووقفته مستقيمةٌ صارمة تنم عن انضباطٍ عسكري.
ومن طريقة خضوع الجنود المحيطين له، بدا واضحًا أنه في مرتبةٍ عالية، تعادل ضابطًا رفيعًا في عالم البشر.
“اسمي ديبيل.”
وبإشارته، بدأ البحارة بالنزول من السفينة واحدًا تلو الآخر. لكن ملامح ديبيل سرعان ما تغيرت فجأة حين وقعت عيناه على أحد القادمين.
“ماذا؟!”
تجمد بصره على الكائن الذي كان يحوم في السماء ثم حطّ الآن بجوار أرييلا.
فتح فمه أكثر من مرةٍ كمن لا يصدق ما يراه، وانتقلت دهشته إلى بقية الجنود من حوله.
“…..لا يُعقل، تنينٌ ذهبي؟”
انتفخ صدر باي ورفع ذقنه بفخر.
في السابق، كان سيقول بحماسٍ طفولي: “نعم! أنا هو التنين الذهبي العظيم!”
لكن بما أنه كبر قليلًا، فقد أصبح يرى مثل هذا التصرف أمرًا سخيفًا، فاكتفى بتقمص مظهرٍ مهيبٍ متزن وهو يحدق في البعيد وكأن لا أحد حوله.
وعندما نظرت إليه أرييلا، كتمت ضحكتها بصعوبة.
“نعم، صحيح. اسمه باي.”
ظل ديبيل مذهولًا، وكأنه لم يستفق بعد من الصدمة. بل كان أكثر اندهاشًا مما كان عليه حين رأى السفينة الجنوبية تصل إلى شواطئ الشمال.
“أتقصدين…..أنه تنينٌ صغير حيّ بالفعل؟!”
ارتعشت شفتا باي قليلًا، فقد غمره الحماس بسبب أنظار الإعجاب الموجهة إليه، لكنه حاول جاهدًا إخفاء ذلك، محافظًا على ما يظنه “ملامح تنينٍ غامضٍ نبيل”.
‘يا له من مجهودٍ مضحك…..’
وتحت ضوء اللهب الذي صنعه لودفيك، لمع بريق الحراشف الذهبية لباي، فتجمّد الجنود الشياطين في أماكنهم، مأخوذين بسحر المشهد.
“كيف يمكن لتنين أن يتجول مع الشياطين؟”
و أجابت أرييلا بابتسامةٍ هادئة،
“الأمر طويل الشرح. ما رأيك أن نتحرك أولًا؟”
غمزت بخفة، فهز ديبيل رأسه سريعًا.
“كما تشائين.”
ولم يسأل بعدها شيئًا. لكن منذ تلك اللحظة، تغيّرت نظرات الشياطين تمامًا. و بدأت الهمسات تتردد بينهم بوضوحٍ حتى وصلت إلى مسامع أرييلا.
“أليست التنانين تحمي صغارها بشدة؟ فلماذا تترك واحدًا منهم مع الشياطين؟”
“هؤلاء الضيوف….لا بد أنهم عظماء جدًّا.”
“هذا أكيد! إن كان لديهم ثقةُ تنينٍ صغير، فلا بد أنهم نالوا احترام التنانين نفسها.”
أما لودفيك، فكان كعادته يراقب أرييلا بوجهٍ خالٍ من التعبير، لا يدور في ذهنه شيءٌ معقد.
لكن مظهره الغامض وهيبته، إضافةً لما شاهدوه قبل قليل، جعلت منه في نظر الجنود شخصيةً استثنائية.
“ليس مجرد تنين….بل التنين الذهبي نفسه!”
“كنت أظن أن التنانين الذهبية لا توجد إلا في الأساطير!”
“مهلًا، ألم يكن هناك شيءٌ مميز في القصص عن التنين ذو الحراشف الذهبية؟”
“صحيح! سمعت أن الأرض التي يعيش فيها التنين الذهبي يخرج منها الذهب، وأنها تعرف الخصب والوفرة كل عام!”
تركوا تلك الهمهمات خلفهم، وتوجهوا نحو العربة التي جلبها ديبيل لاستقبالهم. لكن ما إن رأوها، حتى عقدت أرييلا حاجبيها بدهشة.
“ما هذا؟”
كانت العربة بالفعل عربةً في شكلها العام، لكن لم يكن هناك أي خيولٍ تجرها.
نظرت حولها، فلم تجد سوى الخيول التي جاء بها ديبيل وجنوده، بينما مقدمة العربة أمام مقعد السائق كانت خاليةً تمامًا.
“لا يمكن..…”
قالت سيسيل ذلك بحدة وهي تحدق في العربة بعينين فاحصتين.
كان سقف العربة وجسمها مغطَّيين بألواحٍ معدنية، وارتفع من داخلها صوت طنينٍ خافت، كأن شيئًا صغيرًا يدور باستمرار.
للوهلة الأولى بدت أشبه بقطعةٍ أثرية سحرية، لكن أرييلا أدركت أن طبيعتها مختلفةٌ تمامًا.
“هذه لا تعمل بطاقة الأحجار السحرية، أليس كذلك؟”
فأجاب ديبيل،
“آه، لا بد أنكِ لم تري مثلها في الجنوب. إنها تعمل بالمحرّك البخاري. تقنيةٌ جديدة نسبيًّا، انتشرت مؤخرًا في الشمال.”
تششششش!
و ما إن صعد الجميع إلى العربة حتى انطلقت وهي تنفث البخار، تتحرك من دون أي خيولٍ تجرها.
فتألقت عينا سيسيل ببريقٍ حاد، وقد بدا عليها أنها تكاد تفكك العربة على الفور لتتفحص آلية عملها من الداخل.
في هذه الأثناء، أخذ المشهد خارج النافذة يتراجع بسرعةٍ مذهلة.
“أن تصل إلى هذه السرعة بقوةٍ ميكانيكيةٍ خالصة؟ هذا مدهش!”
فردّ ديبيل مبتسمًا بخفة،
“حتى في الشمال، أحجار المانا نادرةٌ جدًا. ومن المستحيل تشغيل كل شيءٍ بها، إذ يتطلب الحفاظ على آلاف الأدوات السحرية عشرات الأطنان من الأحجار سنويًّا.”
“لذا اخترتم هذا المحرك بدلًا منها، صحيح؟”
بدأت سيسيل تسأل بتلهفٍ عن تفاصيل المحرك البخاري، لكن ديبيل، الذي لم يكن مهندسًا، أبدى حرجًا قائلًا أنه لا يعرف سوى المفهوم العام.
ومع ذلك، بدا أن سيسيل استخلصت قدرًا كبيرًا من المعلومات من كلماته القليلة.
“إذاً…..البخار يتمدد مسببًا ضغطًا، ويُستخدم هذا الضغط لتحريك الأشياء، أليس كذلك؟”
ثم أمالت رأسها قليلاً وقد خطرت لها فكرةٌ أخرى.
“لكن لتحمل مثل هذا الضغط، لا بد أن تكون البنية قويةٌ جدًا، أليس كذلك؟ ماذا لو تسرّب البخار أو لم يتحمّل الخزان الضغط؟”
ورسمت بيدها دائرةً في الهواء وهي تواصل تساؤلها،
“هل يحدث الاحتراق داخل وعاء الضغط؟ أم أن مصدر الحرارة خارجي، والماء يُسخَّن بطريقةٍ غير مباشرة؟”
فتلعثم ديبيل بارتباك،
“قلت لكِ، لا أعرف تفاصيل البنية الدقيقة..…”
لم تكن سيسيل وحدها التي انبهرت، فقد شعرت أرييلا أيضًا بإثارةٍ غريبة، كأنها حصلت على قطعةٍ جديدة من لغزٍ كبير.
في تلك اللحظة—
“أرييلا! هناك شيءٌ غريب يقترب من الجهة الأخرى!”
جاء صوت باي من السماء، وبعد لحظةٍ فقط—
بوووووووووووووم!
دوى صوتٌ هائل في البعيد، أشبه بزئير وحشٍ عملاق.
“ما ذلك؟”
ألصقت أرييلا وجهها بزجاج النافذة. و على امتداد السهل، كان شيءٌ ضخم يتحرك بسرعةٍ هائلة.
ثعبانٌ هائل مصنوعٌ من الفولاذ يمتد عشرات الأمتار، يتصاعد منه بخارٌ كثيف، ويرتجّ كلما دوى داخله صوتٌ مكتوم “كُووونغ! كُووونغ!”
وردّ ديبيل بنبرة فخرٍ خافتة،
“إنه القطار البخاري، الوسيلة الأساسية للنقل بين مدن الشمال لمسافاتٍ بعيدة.”
فاستحضرت أرييلا ذاكرتها.
“لكن…..لا أذكر أن شيئًا كهذا ذُكر في سجلات عالم الشياطين..…”
فقد مضى قرنٌ تقريبًا منذ أن دوّن كيميلت ملاحظاته عن هذا العالم.
“هل تطورت هذه التقنية خلال تلك الفترة؟”
تمتمت وهي لا ترفع عينيها عن المشهد.
“وما سرعته؟”
“أربعة أضعاف سرعة العربة، يقطع قرابة خمسمئة كيلومتر في اليوم.”
أدهشها ذلك فردّت بسرعة،
“إن كانت لديكم هذه التقنية، فلماذا لا تُستخدم في السفن؟”
“هاه؟”
واصلت أرييلا بتساؤلٍ جاد،
“تقول أن كلًّا من هذه العربة وذلك القطار يعملان بالمحرّك البخاري بكفاءةٍ عالية، أليس كذلك؟ ألا يمكن تطبيق المبدأ نفسه على السفن؟ بذلك يمكنكم عبور البحار حتى في العواصف!”
ربما يستطيع الشماليون حلّ المشكلات التي عالجها الجنوب بالسحر عبر التكنولوجيا؟
فكر ديبيل قليلًا، واضعًا يده على ذقنه كما لو أن الفكرة لم تخطر له من قبل.
“ربما السبب هو…..عدم وجود حاجةٍ لذلك.”
ثم أوضح،
“شبكة السكك الحديدية في الشمال متطورةٌ للغاية، تنتشر في كل مكان. فلا حاجة للمخاطرة بالبحار. وحتى إن وُجدت التقنية، فلن يكون الاستثمار فيها منطقيًا.”
“ربما هذا ينطبق على الشمال…..لكن لو فكروا بالتجارة مع الجنوب، فالأمر يستحق الاهتمام.”
“حتى الآن، لم تكن هناك حاجةٌ تجارية كافية في هذا الاتجاه.”
رغم أن إجابة ديبيل جاءت ملتفة، إلا أن في نبرته شيئًا من كبرياء الشماليين الذين لا يرون ضرورةً لبذل الجهد في التجارة مع الجنوب.
ومضى الوقت حتى اقتربت العربة من أراضي مملكة الشيطان الشمالية شفارتز.
“هممم؟”
حتى لودفيك، الذي لم يُبدِ أي ردّ فعل تجاه المشاهد الغريبة السابقة، بدا مذهولًا هذه المرة.
“ما كل هذا؟”
أول ما لفت انتباههم كان العدد الهائل من المداخن المنتصبة. أبراجٌ شبيهة بالقمم تندفع منها سحبٌ بيضاء من الدخان، وعلى جدران المدينة الخارجية كانت تروسٌ ضخمة وآلياتٍ معدنية تدور بقوةٍ لا تهدأ.
عبرت العربة بوابةً حديديةً هائلة ودخلت إلى قلعة ملك الشمال.
“من هذه الجهة، تفضلوا.”
كان الجدار الخارجي لقلعة شفارتز مصنوعًا من الحديد الأسود والزجاج الصافي. وكلما تعمقوا في الداخل، ازدادت أرييلا إحساسًا بهالةٍ هائلة من الطاقة السحرية.
‘إنه هناك…..’
فكرت في سرٍّ صامت.
وبعد لحظات، وقفوا أخيرًا وجهًا لوجه أمامه. ملك الشمال، شفارتز.
***
كان الانطباع الأول الذي شعرت به أرييلا عند لقائها ملك الشمال هو الصلابة…..والبرودة.
‘بارد…..’
شعرت بقشعريرةٍ تسري في جسدها، سببها طاقة المانا الباردة التي غمرت المكان من حوله.
تلك الطاقة كانت على النقيض تمامًا من طاقة لودفيك الدافئة والمألوفة. كأن الهواء نفسه امتلأ بذراتٍ مجهرية من الجليد غير المرئي.
وناسه ذولا متطورين كأنهم الثمانينات وبداية تلوث الجو وكذا
والي يضحك ان ذا التطور حتى ماوصل لعالم ارييلا😃
المهم لودفيك فاهي ويعاين ارييلا وهم يشوفونه هيبه انفداه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 112"