مرّ أسبوع كامل منذ تلك الليلة المظلمة.
أسبوع لم تسقط فيه القلعة، ولم يهاجمها الصيّادون، ولم تنفجر أي قوى غامضة.
وهو أمرٌ… مريب بحد ذاته.
في صباحٍ مشمس على غير العادة، كان أولفين يسير في أروقة القصر بخطوات واثقة، بينما تتبعه فولير وهي تنظر حولها بدهشة واضحة.
— «القصر كبير أكثر مما توقعت.» قالت وهي تحاول مجاراة خطواته.
— «لم أُبنِه للركض.» أجاب ببرود.
توقّفا عند أول باب.
— «هنا المطبخ.»
ما إن دخلا حتى سقطت ملعقة من يد إحدى الخادمات.
— «س… سيدي الدوق؟!»
ثم انتقلت نظرتها إلى فولير.
— «وهذه…؟»
أولفين، بكل هدوء قاتل:
— «فولير.»
صمت.
ثم قالت الخادمة بسرعة:
— «تشرفنا!» وانحنت بزاوية حادة كادت تسقط معها صينية الخبز.
همست فولير:
— «هل يخافونك دائمًا هكذا؟»
— «فقط حين أتكلم.»
تابعا السير.
في الردهة التالية، اصطدما بالمساعد الإداري للقصر، رجل نحيل يحمل كومة أوراق أطول منه.
— «سيدي، كنت أبحث عنك منذ…»
ثم رأى فولير.
توقف عقله عن العمل.
— «هل… هل القصر يستضيف ضيفة؟»
— «لا.»
— «إذًا…؟»
— «تقيم هنا.»
سقطت الأوراق على الأرض.
انحنت فولير تلقائيًا للمساعدة، فقال المساعد بسرعة:
— «لا لا! تفضّلي! لا تلمسي شيئًا! أقصد… ليس لأنك… بل لأن… آه!»
نظرت إليه فولير ثم إلى أولفين.
— «يبدو أن وجودي مشكلة إدارية.»
— «أنتِ كارثة لوجستية.» قالها بجدية تامة.
ضحكت.
كانت تلك أول مرة تضحك فيها منذ زمن.
وصلا إلى الحديقة الداخلية، حيث كان اثنان من الجنود يتدرّبان.
توقفا فور رؤيتهما.
— «سيدي!»
ثم نظر أحدهما إلى الآخر وهمس:
— «إنها المرأة.»
— «أي امرأة؟»
— «المرأة.»
تقدّمت فولير خطوة.
— «صباح الخير.»
ردّا بصوت واحد مرتعب:
— «صباااح النور!»
مالت نحو أولفين وهمست:
— «هل هناك إشاعة عني؟»
— «ثلاث.»
— «ثلاث؟!»
— «حتى الآن.»
تنهّدت.
— «عظيم. لم أتعافَ بعد، وصرت أسطورة.»
جلسا قرب النافورة قليلًا.
— «لم تقل لي شيئًا عن نفسك.» قالت فجأة.
— «أنتِ لم تسألي.»
— «إذًا أسأل الآن. ماذا تحب؟»
فكّر لحظة طويلة.
— «الهدوء.»
— «هذا ليس نشاطًا.»
— «هو أسلوب حياة.»
ضحكت مرة أخرى.
— «وأنا أحب… الأشخاص الذين لا يصرخون في وجهي.»
نظر إليها جانبًا.
— «توقعاتكِ منخفضة.»
— «تجارب سيئة.»
ساد بينهما صمت مريح.
قالت أخيرًا:
— «أولفين؟»
— «نعم.»
— «شكرًا لأنك أنقذتني.»
أجاب دون أن ينظر إليها:
— «شكرًا لأنك لم تدمّري القصر بعد.»
ابتسمت.
ورغم كل ما مرّا به،
كان ذلك الأسبوع…
بداية تعارف حقيقي،
بلا دم،
بلا صيد،
وبلا سحر ينفجر في الممرات.
على الأقل… ليس بعد.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 9"