عاد الدوق أولفين وفولير إلى القصر في وقت متأخر من الليل،
الظلام يكتنف القاعات الكبيرة، والشموع تلمع بخفوت على الجدران.
فولير لم تقل كلمة واحدة منذ الهروب، وكل خطوة كانت ثقيلة على قلبها… وملأتها رهبة غير مفهومة من المكان.
أولفين قادها عبر الممرات السرية إلى جناحٍ خاص لم يكن معروفًا سوى له،
حيث يمكنها أن تلتقط أنفاسها بعيدًا عن أعين الفضوليين والخطر.
لكن ما لم يكن متوقعًا، كان صدى الأقدام الثقيلة في الردهة الرئيسية.
حين فتح أولفين الباب، تجمّد الزمن لحظة.
الجنود الذين حرسوا القصر لسنوات طويلة،
وقفوا مذهولين أمام المشهد:
سيدهم، الدوق أولفين، يقف بجانب امرأة… امرأة لم يكن أحد يعرفها.
— «سيدي…» قال أحد الجنود بصوت مرتعش، كما لو حاول تمالك نفسه.
— «س… سيدي… مع… هذه…»
ابتلع أولفين الكلمات قبل أن تُكمل، وأشار لهم بالإشارة نفسها التي يستخدما مع الصيّادين: صمت، حزم، وأمر بالابتعاد.
— «ابتعدوا… الآن.»
لكن صمت الجنود لم يكن طوعًا، بل صدمة وخوفًا.
فولير شعرت بالحرج والارتباك، وارتجف قلبها من حدة الموقف.
لم أكن أتوقع هذا… لم أكن أتوقع أن يراني الجميع هكذا…
لاحظت نظراتهم تتقاطع معها، وجدت في عيون بعضهم حيرة، وفي عيون آخرين احترامًا مختلطًا بخوف.
— «لماذا يحدقون هكذا؟» همست لنفسها.
أولفين اقترب منها، وضغط على يدها بلطف، كأنه يثبت لها أنها بأمان.
— «لا تهتمي بما يفكرون»، قال بصوتٍ منخفض.
— «هم لم يعرفوا من أنتِ بعد… ولن يفعلوا أي شيء، طالما أنا هنا.»
جلست فولير، لكنها لم تنس المشهد، ولم تنس الصدمة التي اجتاحت الجنود.
في الداخل، شعرت بشيء غريب…
خوف، حيرة، قوة… ربما احترام، وربما شيء آخر.
بعد دقائق، استدار أولفين إليها، وجعل عينيه تلتقي بعينيها:
— «الآن، أنتِ في مكانك… ولن يقترب أحد منكِ دون إذني.»
ابتلعت فولير صمتها، ولم تستطع الرد فورًا، لكن قلبها بدأ يهدأ تدريجيًا.
كانت تعلم شيئًا واحدًا:
لقد بدأت مرحلة جديدة من حياتها… مرحلة لم تعد فيها ضحية، ولم تعد وحيدة، ولم يعد هناك مجال للعودة إلى ما كانت عليه.
ورغم كل شيء، شعرت فولير بشيء آخر ينبض ببطء:
ثقّة… وخطر… وشيء لم تفهمه بعد، شيء اسمه أولفين.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"