في الليلة الأخيرة، حين كان الصمت أثقل من الخوف، جاء المنقذ من حيث لا يُنتظر.
كان الدوق أولفين… اسمٌ سمعته همسًا، ولم ترَ صاحبه قط.
انفتح باب الزنزانة ببطء، وصوت المفصلات كاد يفضح وجوده.
دخل رجل طويل القامة، معطفه الداكن يبتلع الضوء، وعيناه تراقبان الظلال قبل أن تستقرا عليها.
اقترب منها دون تردد، وأخرج مفتاحًا صغيرًا.
فتحت القيود بلمسة سريعة، وقال بصوت منخفض حازم:
— «انهضي. لا وقت لدينا.»
تراجعت فولير خطوة، وقلبها يخفق بعنف.
— «من أنت؟ ولماذا تساعدني؟»
لم يُجبها فورًا. كان يصغي للممر، وكأن القلعة كلها تتنفس خلف الجدران.
ثم قال:
— «أنا شخص لا ينبغي أن يكون هنا… وأنتِ شخص لا ينبغي أن تبقي.»
— «وهل تتركني بعد أن أخرج؟»
نظر إليها للمرة الأولى نظرةً كاملة، لا شفقة فيها ولا قسوة.
— «لو كنتُ أنوي تركك، لما خاطرتُ بالدخول أصلًا.»
دوّى صوت أقدام بعيدة، فمدّ يده وأمسك بمعصمها.
— «اركضي، ولا تنظري خلفك.»
ركضا عبر الممرات الحجرية، والظلال تلاحقهما، وأصوات الحراس تقترب ثم تبتعد.
كانت أنفاسها تتقطع، لكن قبضته لم تتركها، كأنه العهد الوحيد المتبقّي لها في تلك الليلة.
حين وصلا إلى الدرج المؤدي إلى الخارج، ترددت.
— «إلى أين نذهب؟»
أجاب وهو يفتح بابًا جانبيًا يؤدي إلى الظلام:
— «إلى حيث لا يملك أحد اسمك.»
— «وماذا عنك؟»
ابتسم ابتسامة خفيفة لم تصل إلى عينيه.
— «أنا دفعت ثمن قراري منذ زمن.»
اندفعا إلى الليل، والهواء البارد صفع وجهيهما كإعلان حريةٍ مؤلم.
وعندما ابتعدت القلعة خلفهما، شعرت فولير بشيء ينكسر… وشيء آخر يولد.
لم تكن تعرف من يكون الدوق أولفين،
ولا لماذا اختارها،
لكنها عرفت أمرًا واحدًا:
أنها لم تهرب وحدها،
وأن هذا الغريب… قد يكون خلاصها،
أو بداية قدرٍ لا يقل قسوة عمّا تركته خلفها.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 4"