13
تحرّكا معًا عبر الممرات الطويلة، أصداء خطواتهما تتردّد على أرضية الرخام.
كانت فولير تنظر حولها بفضول، تحاول أن تبدو طبيعية، لكن عينيها تفضحان ارتباكًا خفيفًا.
— «هل كل غرفة في هذا القصر بهذا الحجم؟»
— «تقريبًا.»
— «هذا غير عملي.»
— «أعلم.»
توقّفا أمام بابين خشبيين ضخمين.
فتح أحد الخدم البابين في الوقت نفسه، فانكشفت غرفة الطعام الكبرى.
تجمّدت فولير مكانها.
طاولة طويلة تمتدّ كأنها لا تنتهي، شموع مصطفّة بعناية مفرطة، أطباق فضية تلمع، وكأن الغرفة تستعد لاستقبال وفد ملوكي لا عشاء بسيط لشخصين.
همست:
— «قلتَ شخصين… وليس مجلس حرب.»
— «هم يبالغون.»
— «هم؟ أم أنت؟»
كان الخدم مصطفّين على الجانبين، وكلّهم يحاولون ألا ينظروا مباشرة، ويفشلون فشلًا ذريعًا.
سحبت فولير الكرسي قبل أن يجلس أولفين، ثم توقّفت فجأة.
— «لحظة… هل يجب أن أجلس بعدك؟ قبلك؟ أم لا أجلس أصلًا؟»
اقترب منها أحد الخدم وهمس بسرعة:
— «حين يجلس سيدي الدوق، تجلسين.»
قالت فولير بارتياح:
— «ممتاز. أخبرني حينها.»
جلس أولفين.
جلست فولير فورًا.
قال الخادم:
— «…أحسنتِ.»
ابتسمت بفخر.
بدأ تقديم الطعام.
طبق أول… طبق ثانٍ… طبق ثالث.
نظرت فولير إلى الكمية أمامها.
— «هل نُطعم القصر كلّه من هذا؟»
— «هذا العشاء الخفيف.»
نظرت إليه بذهول.
— «أنا كنت أعيش على الخبز.»
— «الخبز مبالغ في تقديره.»
رفعت الشوكة بحذر شديد، كأنها أداة سحرية قد تنفجر.
— «إذا أخطأتُ، هل يُعتبر هذا إهانة سياسية؟»
— «فقط إذا رميتِ الطبق.»
— «ماذا لو سقط؟»
— «نصف إهانة.»
انزلقت قطعة صغيرة من الطعام وسقطت على الطاولة.
تجمّد الخدم.
نظرت فولير إلى أولفين ببطء.
— «نصف؟»
قال بهدوء:
— «نصف.»
تنفّست بارتياح.
بعد دقائق، تجرّأت وسألته:
— «هل تأكل دائمًا هنا؟ وحدك؟»
— «غالبًا.»
— «هذا مكان ضخم للوحدة.»
توقّف عن الأكل للحظة.
— «لم يعد كذلك.»
ابتسمت بخفة، ثم قالت:
— «شكرًا على الدعوة، رغم أنني أشعر وكأنني اقتحمت حياة كاملة.»
نظر إليها.
— «أنتِ لم تقتحميها… أنتِ غيّرتِ مسارها.»
في تلك اللحظة، اقترب أحد الخدم بتردّد:
— «سيدي… هل ترغب السيدة فولير في الحلوى؟»
نظرت فولير بسرعة.
— «نعم.»
قال أولفين فورًا:
— «نعم.»
ابتسم الخادم.
— «كلاكما متّفقان. هذا نادر.»
ضحكت فولير،
وفي غرفة الطعام الواسعة،
وبين الشموع والفضة والصمت الرسمي الذي بدأ يتكسّر…
شعرت لأول مرة
أن هذا المكان البارد
قد يصبح يومًا ما
بيتًا
التعليقات لهذا الفصل " 13"