كان الصمت قد استقرّ بينهما من جديد، صمتٌ مريح كأنه اتفاق غير معلن على عدم قول شيءٍ آخر.
الهواء تحرّك بخفّة، وعباءة أولفين لامست الدرابزين، وفولير كادت تعود للتحديق في الأضواء…
حين سُمع صوت حادّ خلفهما.
— «سيدي الدوق!»
تجمّدا في مكانهما.
استدار أولفين ببطء، وكأن الزمن عاد فجأة إلى وضعه الرسمي.
وقف خلفهما كبير الخدم، ظهره مستقيم أكثر من اللازم، ووجهه يحمل ذلك التعبير الذي يجمع بين الجدية… والفضول.
— «نعم؟»
— «أعتذر عن المقاطعة، لكن…»
توقّف، ونظر إلى فولير، ثم إلى المسافة القريبة بينهما، ثم أعاد النظر إلى أولفين.
— «هل هذه لحظة خاصة؟»
فتحت فولير فمها بسرعة:
— «لا! كنا فقط… نتنفس.»
رمش كبير الخدم.
— «…نعم.»
تنحنح أولفين.
— «ما الأمر؟»
— «هناك… مسألة بسيطة.»
— «عرّف البسيطة.»
— «الخدم في المطبخ يتساءلون…»
تقدّمت فولير خطوة.
— «يتساءلون عن ماذا؟»
— «هل يُسمح لهم بتقديم العشاء كما هو معتاد، أم…»
خفض صوته وكأنه يبوح بسر خطير:
— «هل علينا تغيير القائمة لأن السيدة فولير لا تحب السمك؟»
نظرت فولير بدهشة.
— «من قال إنني لا أحب السمك؟»
— «أحدهم سمعك تقولين إن السمك يحدّق بك.»
— «كان يحدّق فعلًا!»
ساد صمت قصير.
قال أولفين ببرود:
— «قدّموا السمك.»
هزّ كبير الخدم رأسه، ثم تردّد.
— «وسيدي… سؤال أخير.»
— «نعم.»
— «هل ترغبون أن تُعدّ الطاولة لشخصين… أم—»
تدخّلت فولير بسرعة:
— «لجميع من في القصر! أنا لا أمانع.»
نظر كبير الخدم إلى أولفين.
أولفين قال بهدوء قاتل:
— «شخصين.»
اتّسعت عينا فولير.
— «أولفين—»
— «القرار إداري.»
انحنى كبير الخدم وانسحب بسرعة،
لكن ليس قبل أن ترتسم على وجهه ابتسامة صغيرة جدًا… جدًا.
التفتت فولير إلى أولفين.
— «الآن سيتحدث الجميع.»
— «كانوا يتحدثون أصلًا.»
— «لكن الآن سيتأكدون.»
نظر إليها جانبًا.
— «دعهم.»
ابتسمت، وهزّت رأسها.
— «القصر لن ينجو من هذا.»
— «ولا نحن.»
ضحكت فولير،
وعاد الصمت بينهما…
لكن هذه المرة،
كان أقل براءة،
وأكثر دفئًا
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 12"