جلست فولير على الكرسي كما يجلس المتّهم أمام هيئة القضاء،
ظهرها مستقيم أكثر مما ينبغي، ويداها متشابكتان في حجرها، وعيناها تراقبان كل حركة وكأن خطأً واحدًا قد يودي بحياتها الاجتماعية إلى الأبد.
وقفت السيدة ميريل أمامها، معلّمة آداب القصر، امرأة طويلة القامة، شديدة الصرامة، تحمل عصًا رفيعة لا تُستعمل للضرب، بل للتهديد النفسي فقط.
كانت نظرتها وحدها كافية لإسكات قاعة كاملة.
قالت بصوتٍ واضح لا يقبل الجدل:
— «القاعدة الأولى في آداب القصر: لا تُقاطعي من هو أعلى منك مقامًا.»
هزّت فولير رأسها بحماس مفرط، كأنها تلميذة مجتهدة في أول يوم دراسة.
— «حسنًا، فهمت.»
في تلك اللحظة، انفتح باب القاعة.
دخل أولفين بخطوات هادئة، ينوي المرور فقط… لكنه لم يُكمل خطوته الثانية.
— «أولفين!»
انطلقت الكلمة من فم فولير بعفوية تامة، مرفقة بابتسامة واسعة ولوّحة يد غير مدروسة.
أغمضت السيدة ميريل عينيها ببطء، كما يفعل المرء حين يحاول السيطرة على غضب عميق.
فتحت عينيها مجددًا، وحدّقت في فولير.
— «سيدتي فولير…»
— «نعم؟»
— «أنتِ فعلتِها مجددًا.»
تلفّتت فولير حولها بارتباك.
— «فعلتُ ماذا؟»
— «قاطعتِ من هو أعلى منك مقامًا.»
— «لكنني فقط قلت اسمه.»
— «قلتِه…»
ثم أضافت بنبرة أشدّ:
— «بفرح.»
تنحنح أولفين بخفّة.
— «أعتذر عن المقاطعة.»
رمقته السيدة ميريل بنظرة حادّة، ثم قالت:
— «وجودك لا يساعد، سيدي.»
انسحب أولفين بهدوء، تاركًا خلفه توترًا يمكن قطعه بسكين.
بعد ربع ساعة من الشرح المتواصل، كانت فولير تحاول بجدّية تطبيق التعليمات،
لكنها كانت تخسر المعركة خطوة بخطوة.
— «القاعدة التالية: لا تضحكي بصوتٍ عالٍ.»
رفعت فولير يدها بتردّد.
— «حتى لو كان الموقف مضحكًا؟»
— «خصوصًا إذا كان مضحكًا.»
— «لكن… الضحك ردّة فعل طبيعية.»
— «القصر لا يعترف بردود الفعل الطبيعية.»
— «هذا يفسّر الكثير.»
تجاهلت السيدة ميريل التعليق تمامًا، وانتقلت إلى الدرس التالي.
— «الجلوس بوقار.»
وقفت خلف فولير، وأشارت بالعصا إلى وضعية معيّنة.
— «الظهر مستقيم، الذقن مرفوع قليلًا، القدمان ثابتتان، ولا حركة زائدة.»
حاولت فولير تقليد الوضعية بدقّة مفرطة.
ثانيتان.
ثلاث.
ثم… انزلقت قدم الكرسي.
سقطت فولير إلى الخلف سقوطًا كاملًا، أحدث صوتًا مدويًا في القاعة.
نهضت فورًا، تنفض ثوبها، وقالت بسرعة قبل أن يتهمها أحد:
— «أنا بخير! الكرسي هو الذي هاجمني.»
سادت لحظة صمت قاتل.
السيدة ميريل نظرت إلى الكرسي.
ثم إلى فولير.
ثم أغلقت دفترها ببطء.
— «سنكتفي بهذا القدر اليوم.»
— «هل… نجحت؟» سألت فولير بحذر.
— «لقد نجوتِ.»
وكان ذلك، في نظر السيدة ميريل، أعلى درجات النجاح الممكنة.
وفي الممر خارج القاعة، كان أولفين يقف مستندًا إلى الجدار،
وعلى شفتيه…
ابتسامة صغيرة جدًا،
لكنه لم يحاول إخفاءها هذه المرة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"