الفصل 154

ظهور رينيه المفاجئ أربك هيرمان .

‘لماذا هذه المرأة هنا؟’

كان ويليام يقف بجانبها بوجه جدي، وكان الاثنان متشابكي الأذرع بطريقة واضحة جدًا.

‘ما هذا؟’

شعر بالدهشة والذهول.

ألم تتفق رينيه مع الكونت لارسل لجلب ويليام لإثارة غيرة روين؟

لكن ما الذي يحدث الآن؟

‘لهذا السبب لم يتصل بي مؤخرًا!’

ويليام، الذي كان يسكر كل ليلة وينادي باسم روين محدثًا الفضائح، لم يستدعِ هيرمان في الأيام القليلة الماضية.

ظن أنه إما استعاد وعيه أو انشغل بالعمل. وبغض النظر عن السبب، كان هيرمان يشعر بالراحة لأنه تخلص من بعض الإزعاج.

‘هل من الممكن أنه ترك روين ليقضي الوقت مع هذه المرأة؟’

كان على هيرمان أن يبذل جهدًا كبيرًا لعدم إظهار استيائه من تصرفات ابن عمه والإمبراطور، ويليام.

بالرغم من أن هيرمان لم يكن مختلفًا عنه فيما يتعلق بالتنقل بين النساء، إلا أن ما فعله ويليام كان غير مقبول.

‘متى كان يبكي ويرجو استعادة قلب روين، والآن غيّر رأيه؟ كنت أعتقد أن هذه المرة ستكون مختلفة، لكن ها نحن هنا مرة أخرى.’

كان ويليام حقًا مصدر إحباط شديد.

تذكر كيف وقع في حب الإمبراطورة السابقة في لحظة، وتزوجها دون تفكير.

ولكن سرعان ما وقع في حب الأميرة المنفية، إيريس، وأطاح بالإمبراطورة السابقة ليتزوج إيريس.

ثم بدأ بالاهتمام بامرأة هنا وأخرى هناك حتى قابل روين.

كان هيرمان يظن أن ويليام كان جادًا بعض الشيء مع روين، خاصة أن اهتمامه بها استمر لفترة أطول من المعتاد، بل وازداد بعد زواجها.

لكن الأمور لم تكن كما ظن.

‘اللعنة، العادات القديمة لا تزول أبدًا.’

نظر هيرمان إلى ويليام، الذي كان يحدق في رينيه وكأنها أجمل ما في الكون، بينما كان يلعن داخليًا.

لم يلاحظ ويليام نظرات هيرمان المحتقرة، بل كان منشغلًا برينيه، التي كانت تتشبث بذراعه وتبتسم بغنج.

‘في النهاية، هذه المرأة أيضًا من عائلة لارسل.’

هربت مع رجل وتم إحضارها بالقوة إلى القصر، ثم وقعت في حب ويليام.

‘ما أوقح عائلة لارسل.’

في تلك اللحظة، نظرت رينيه إلى روين من أعلى لأسفل بوجه متعجرف وقالت بنبرة مستفزة.

“أنتِ حقًا بلا أدب يا روين. كيف تعودين إلى العاصمة بكل هذه الجرأة؟ من هنا يرحب بعودتكِ؟ كان عليكِ البقاء هادئة وعدم حضور هذه المناسبات.”

شعرت روين بالغضب الشديد، قبضت يدها وبدأت ترتجف من الغيظ.

“ما هذا؟ كيف تجرؤين…”

هيرمان وضع يده على جبينه.

‘كل شيء كان يسير حسب الخطة، من أين جاءت هذه العقبة؟’

كان الهدف أن تُوجه روين غضبها نحو أيلين ، لتثير فضيحة تجعل كلاهما محط سخرية الجميع.

بينما كان هيرمان يشعر بالإحباط لأن خطته تعثرت، كانت رينيه تواصل الحديث باستمتاع.

“تجرؤين على قول ‘ما هذا’؟ يبدو أنكِ ما زلتِ لا تعرفين مكانك، يا روين.”

في الواقع، رينيه هي التي لا تعرف مكانها. رغم أن روين لم تعد عشيقة الإمبراطور، لكنها لا تزال دوقة بلوا. أما رينيه، رغم كونها العشيقة الجديدة للإمبراطور، فإن وضعها الاجتماعي كان أدنى بكثير من روين.

لكن رينيه، التي كانت مسحورة بحب الإمبراطور، لم تكن تخشى شيئًا أو تلتفت لشيء.

“بما أنني أعتبر نفسي كأختكِ، أنصحكِ ألا تتسببي بمزيد من الفضائح وتصبحين محط سخرية. الأفضل أن تنسحبي بهدوء.”

“هل انتهيتِ يا رينيه؟”

“سمعتُ مؤخرًا أنكِ افتعلتِ مشاكل مع كلب الإمبراطور، إلى جانب زوجكِ من سوين القطة، الآن تتورطين مع كلبٍ أيضًا؟ يا للعجب. مقزز حقًا.”

“هل جننتِ؟”

نظرت روين إلى ويليام بجانب رينيه بنظرة غاضبة، لكنه تجاهل نظراتها، وتظاهر بلا حماس بأنه يحاول إيقاف الشجار.

“همهم، توقفوا عن هذا الآن.”

بدا أن ويليام يستمتع برؤية روين وهي تُهان من رينيه، التي اقتربت أكثر منه وكأنها تشكره.

“أوه، جلالتك. هل ستنفذون حكم الإعدام بحق هذا الكلب البريء بسببها؟ سمعت أن الأميرة تعتز به كثيرًا لأنه ذو قدرات فائقة. سيكون من المؤسف حقًا.”

نظر ويليام إلى روين ثم سأل رينيه بلطف، “هل لديكِ أي اقتراح أفضل؟”

“هممم… بما أن الأمر يتعلق بمكانة دوق بلوا، لا يمكننا أن نترك الكلب المتورط في هذه الحادثة دون عقاب.”

اهتزت روين غضبًا لسماع ذلك، لكنها لم تستطع فعل شيء أمام الإمبراطور سوى الضغط على أسنانها.

ضحكت رينيه بخفة وهي تنظر إلى روين، ثم اقترحت بنبرة ملؤها الدلال

 “ماذا عن هذا، جلالتك؟ ننظم بطولة وإذا فاز الكلب في المسابقة يُعفى عنه، وإذا لم يفز يُعدم في الحال. أليس هذا ممتعًا؟”

“بطولة؟”

“لنقم بمنافسة بين الكلاب الصيد!”

ظهرت لمعة في عيني الإمبراطور. فقد كان ويليام دائمًا محبًا للأمور المثيرة والمليئة بالتوتر والدماء. لم يكن ليرفض حدثًا قاسيًا كهذا.

“فكرة ليست سيئة. سأناقشها مع دوق بلوا. في النهاية، لا يمكن تجاهل رأي الدوق في هذه المسألة.”

صاحت روين بمرارة

 “ما الذي تقوله يا جلالتك؟ أنا الضحية هنا! لماذا تريدون التشاور مع زوجي؟ أنا لا أريد أن يُمنح هذا الكلب فرصة مثل هذه!”

نظر الإمبراطور إليها ببرود. 

 “دوقة بلوا.”

ذلك الشخص الذي كان ينظر إليها في الحفلة بنظرات مليئة بالغيرة والرغبة، الآن أصبح ينظر إليها بتلك البرودة الجافة وكأنه لم يكن هناك شيء بينهما.

تراجعت روين قليلًا، وهي متفاجئة من هذه النظرة وتلك الطريقة الجافة في مخاطبتها.

قال الإمبراطور بصوت منخفض:

 “اخفضي صوتك. ما هذا السلوك غير اللائق؟ إذا استمريتِ في إثارة المشاكل، لن يكون لدي خيار سوى أن أطلب من الفرسان اصطحابكِ وتهدئتكِ.”

“…!”

خفض الإمبراطور صوته أكثر وقال:

 “لا أعتقد أنكِ تريدين أن تُطردي بهذه الطريقة أمام جميع هؤلاء الناس.”

بدأت روين تشعر بثقل نظرات النبلاء عليها. شعرت بالضغط وغضت شفتيها بإحكام، مترددة لكنها أدركت أن موقفها قد ضعف.

هيرمان كان مستاءً لأن خطته لم تسِر كما توقع. لكن فجأة، تدخلت أيلين بلا ملاحظة للوضع.

“فكرة رائعة يا جلالتك! أؤكد لكم أن هذا الكلب سيفوز بشكل رائع ولن يُعدم.”

كانت تلك ضربة أخيرة لروين.

هيرمان كان مسرورًا لأن أيلين ، بتدخلها غير المدروس، أعادت إشعال النيران في الموقف.

روين، التي كانت بالفعل في حالة من الضغط بسبب الإمبراطور ورينيه، انفجرت أخيرًا في وجه أيلين .

“ماذا قلتِ، يا أميرة؟! هذا لا يُصدق. لا تتدخلي، أنتِ صغيرة جدًا لتفهمي. لهذا السبب ينادونكِ بالحمقاء.”

ثم تمتمت بصوت منخفض: “وهذا هو سبب استحقاقكِ لهذا اللقب.”

سمع هيرمان وأيلين تلك الكلمات المتمتمة بينما استدارت روين وهي تغادر المكان بسرعة.

هيرمان كان مبتهجًا داخليًا.

‘يا لها من لحظة مثيرة.’ 

لطالما كان يعلم أن روين ليست سهلة التعامل، لكن أن تُقدم على إهانة فرد من العائلة الإمبراطورية أمام الإمبراطور كان أمرًا غير متوقع.

على الرغم من أن كلماتها كانت همسًا، إلا أن الإمبراطور قد لا يتجاهلها إذا سمعها، وقد تُتهم بإهانة العائلة الإمبراطورية.

كانت روين تدرك ذلك جيدًا، لذا انسحبت بسرعة. لكن يبدو أن أيلين لم تكن مستعدة لتركها تذهب بسهولة.

“دوقة بلوا! ماذا قلتِ لي الآن؟ توقفي، دوقة بلوا!”

أيلين ، وهي غاضبة للغاية، لحقت بروين وهي تتنفس بغضب. كان المشهد يبدو كمهزلة.

‘يا له من فوضى.’

هيرمان وقف منزعجًا. كان يفكر في سبب نقل هذا الشجار إلى مكان آخر بدلًا من المواجهة أمام الناس.

 “سأذهب وأحاول تهدئتهم يا جلالتك.”

“اذهب.”

ويليام لوح بيده بلا مبالاة، بينما كانت عيناه مثبتتين على رينيه التي كانت تتصرف بدلال بجانبه.

هيرمان لحق بأيلين وروين، بنية منعهم من الشجار بعيدًا عن أنظار الناس، محاولًا أن يجعل المواجهة تستمر أمام الجمهور.

***

‘جيد. كل شيء يسير حسب الخطة.’

ابتسمتُ برضا وأنا أرى أيلين وهيرمان يلاحقانني. من بعيد، رأيت ديميتري الذي كان يتظاهر بعدم الاهتمام بالأحداث، ولكنه كان يتقدم ببطء نحو المكان المناسب للتدخل.

قمتُ بإيماءة سرية إلى ديميتري، أيلين ، ورينيه، كي يعرفوا أن الأمور تسير كما يجب.

‘أنتم تؤدون دوركم بشكل ممتاز.’

أعطيتُ إشارة سرية بالإعجاب لرينيه، التي كانت تقلد تصرفات روين من القصة الأصلية بجانب الإمبراطور.

‘لم أكن أتوقع أن تكون رينيه بهذه البراعة في التمثيل.’

كل شيء كان جزءًا من السيناريو الذي خططت له.