رد إيدلين على تهديد ريفنانت القاتم بزفرة عميقة منخفضة، فبردت نظرة ريفينانت التي كانت موجهةً إلى سيان، والتفتت نحوه ببرود جليدي.
“إن كان هذا ما تريده…..فلا بأس، أيها المجيد إيدلين.”
حدّقت ريفنانت بعينين يملؤهما القتل في ذلك التنين الذي لم يخضع لها كما فعل بريتا، ثم أخرجت خنجرًا آخر بيدها الحرة، بينما لا يزال السيف في اليد الأخرى.
“لقد كان هناك كثير من التنانين التي فضّلت الموت على الخضوع…..مثلكَ تمامًا.”
“ريفينانت!”
كان نصلها أبيض أيضًا، والهالة الحمراء نفسها التي علت شفرة السيف كانت تتراقص على حد الخنجر، إذ كان هو الآخر مصنوعًا من عظام إلينا.
“كم من عظام إلينا انتزعتِ أيتها اللعينة؟!”
على عكس السهم، فإن الخنجر لو أصاب إصابةً قاتلة، فسيكون إيدلين عاجزًا تمامًا كما حدث مع إلينا.
صرخت سيان بغضب وهي لا تأبه لحد السيف المصوَّب إلى جلده.
“لقد مر وقتٌ طويل منذ قتلتُ آخر تنين…..هل تدركين كم كنت متحمسةً حين رأيت واحدًا مجددًا؟”
ضحكت ريفينانت وهي تقبض على الخنجر بيدها اليسرى.
“أيتها المجنونة!”
أحكمت سيان قبضتها على سيفها، مستعدةً لتقف في وجهها إن حاولت رمي الخنجر.
كـانغ-!
لكن قبل أن تتمكن حتى من رفع سيفها، دوّى صوت ارتطام حاد بين نصل، وقفز الخنجر من يد ريفينانت ليطير في الهواء.
“أنزلي سيفكِ.”
قطبت سيان حاجبيها، وإذا بسيف كارل، الذي ظهر من حيث لا تدري، يلتصق برقبة ريفينانت، بينما كان هو بملابس مبعثرة وهيئة فوضوية.
صار المشهد كالتالي: سيف ريفينانت مصوَّبٌ إلى عنق سيان، وسيف كارل مصوَّبٌ إلى عنق ريفينانت.
ومع أن حدّ السيف البارد يلامس موضعًا قاتلًا في جسدها، لم تُبدِ ريفينانت أي خوف، بل رفعت زاوية فمها بابتسامة مستفزة.
“صاحب السمو الأمير، كيف ليدكَ أن تُشهر سيفها على عنق امرأة ضعيفة؟”
“اصمتي…..وأنزلي سيفكِ.”
قال كارل ذلك بصوت منخفض كالنصل، وهو يقرّب شفرة سيفه من رقبة ريفينانت كأنما على وشك أن يقطعها، لكنها لم تتراجع، بل دفعت شفرة سيفها أعمق في عنق سيان.
لم يكن ذلك سيفًا عاديًا، بل من عظام تنين حي. و الجرح الرفيع الذي تركه على العنق لم يكن عميقًا، واقتصر على بعض قطرات دم، لكن الشعور الذي اجتاح سيان كان وكأن قلبها توقف فجأة، فقبضت بلا وعي على مقبض سيفها بكل قوتها.
عندما رأى كارل ملامح الألم المتسللة إلى وجه سيان، عضّ شفتيه وتجهّمت ملامحه، فارتجف النصل الملامس لعنق ريفينانت اهتزازًا طفيفًا، فيما ابتسمت هي باستهزاء.
“حتى لو قطعتَ ارتباطكَ بالتنين، فطالما أن إيدلين في تلك الحالة، فأنت أيضًا لست بخير، أليس كذلك يا سموك؟ أتريد أن تجرب؟”
ثم أدارت ريفينانت رأسها إلى كارل بنظرة وادعة متكاسلة، وكأنها تغويه.
“فلنرَ…..أيهما سيكون أسرع؟ سيفكَ أم سيفي؟”
“…..ما الذي تريدينه بالضبط؟”
رغم اهتزاز النصل في يده، لم يتراجع كارل، بل خفّض صوته أكثر.
“حتى لو لم تطمعي، فبمجرد أنكِ أصبحتِ زوجة لفارس التنين، كان بإمكانك أن تعيشي حياةً مريحة…..فما الذي ستجنينه بقتل ملكة التنانين، ثم قتل إيدلين أيضًا؟”
“وما الذي سأجنيه؟…..أليست التنانين بعيدةً عن يدي بالفعل؟”
شدّت ريفينانت قبضتها على السيف المصوَّب إلى عنق سيان، فشهقت شهقةً متقطعة وقد أثقل صدرها الهواء.
لم يكن الألم الحاد الناتج عن اختراق النصل لجلدها هو الأشد، بل كانت تلك الهالة الحمراء المتشبثة بالحد، التي أطلقت في رأسها صداعًا لاذعًا وجعلت قلبها ينبض بعنف غير منتظم.
كانت قوةً سحرية مشبعة بعذاب تنين نُزعت عظامه حيًّا وهي تتسرب عبر الجرح، تنتشر في جسدها كله كسم قاتل.
“أبعدي النصل!”
ارتفع صوت كارل حادًّا ممزوجًا بالاضطراب.
“سموك أولًا…..حين يتحرك الأعلى، يتحرك الأدنى تبعًا له، أليس كذلك؟”
يا لها من امرأة عصية…..حتى والنصل يلامس عنقها، لم تكف عن السخرية.
“وما الذي يضمن لي أنكِ لن تؤذين سيان بمجرد أن أُبعد سيفي؟”
“لستُ غبية إلى تلك الدرجة.”
ضحكت ريفينانت بخفة، فيما ضاق كارل بعينيه وهو يغرق في التفكير بمدى إمكانية الوثوق بها.
‘لا…..لا حاجة للتفكير، فلا يمكن الوثوق بها أبدًا.’
لكن عينيه وقعتا على سيان، المتألمة من الهالة الحمراء التي يبعثها سيفها، فتردد قلبه.
“…..يا لوفائكَ المدهش.”
قالت ريفينانت ذلك ساخرة، وكان ذلك في اللحظة التي حولت فيها نظرها إلى سيان.
كـانغ-!
و بسرعة خاطفة، أبعدت ريفينانت سيفها عن عنق سيان وأدارت جسدها، وفي لحظة، تحوّل النصل الذي كان يلامس رقبة سيان قبل ثوانٍ ليُوجَّه نحو كارل.
فتحرك كارل بغريزته، رافعًا سيفه لصد الهجوم، لكنه فقد توازنه في طرفة عين.
وبينما كانت ملامحه تتشنج وهو يعض على شفتيه، رفعت ريفينانت سيفها ببرود قاتل كأنها على وشك أن تطعنه.
عندما اختفت الهالة الحمراء الخانقة التي كانت تضيق على أنفاسه، شهقت سيان ورفعت عينيها فجأة.
وفي اللحظة التي فقد فيها كارل توازنه وتراجع إلى الخلف، رأت سيان بوضوح تام ــ وكأن الزمن أبطأ ــ شفرة ريفينانت وهي تهوي نحو عنق كارل.
لكن كارل، ورغم وضعه المختل، تمكّن من رفع سيفه في اللحظة الأخيرة، فصد الهجوم الأول.
كـانغ!
دوّى صوت ارتطام الحديد مجددًا، فشدّت سيان على أسنانها وانطلقت من مكانها.
استدارت مستهدفةً ظهر ريفينانت، لكنه وجدت أن ضربتها القوية لم تصب سوى الهواء.
فقد شعرت بها وهي تهاجم كارل، فسحبت سيفها سريعًا وتراجعت إلى الخلف.
لم تمنحها سيان فرصة لالتقاط أنفاسها، بل اندفعت خلفها، بسيفها الذي كان يهبط بقوة قاتلة نحو مواضعها الحيوية، لكن ريفينانت كانت تصد ضرباته المتتالية بابتسامة واثقة.
“أيتها الحمقاء.”
قالت ريفينانت ذلك وهي تتراجع بخطوة جانبية لتتفادى ضربةً أفقية قوية، موجهةً له ابتسامةً باردة.
وفي اللحظة التي ظنت فيها أنها أبعدتها، وجدتها أمامها فجأة، أقرب مما توقعت.
“ألَا تتذكرين…..من علّمكِ حمل السيف؟”
ضيّقت ريفينانت عينيها وابتسمت ابتسامةً شيطانية.
“ناكرةٌ للجميل.”
كانت نظرتها الضيقة تلمع بوهج قاتل يذكّرها بعيني وحش مفترس.
ولم يستغرق الأمر سوى لحظة حتى انقلبت الموازين، وانتقلت ريفينانت من الدفاع إلى الهجوم.
سيان، التي كانت قبل لحظات تلاحقها بسيفها، وجدت نفسها الآن هي من تتراجع متفاديةً ضرباتها.
كانت حركات ريفينانت سريعةً ودقيقة، موجهةً لضربها بلا رحمة.
فتراجعت سيان بخطوات محسوبة، بالكاد تتجنب النصل الذي يطاردها بحدة، بينما تضغط بلسانها على أسنانها في ضيق.
كانت هي، بالفعل، من علمت سيان فنون السيف.
و منذ أن التقيتا بإيدلين وافترقت عنها بسبب الخلاف، قضت سيان وقتًا طويلًا في حياة المرتزقة، معتقدةً أنها أصبحت أقوى…..لكنها لم تكن الوحيدة التي نمت قوتها.
ريفنانت كذلك تطورت، وزاد من خطرها ذلك السيف الذي تتصاعد منه هالةٌ قرمزية، حتى أن مجرد مروره أمام عينيها كان يبعث في جسده قشعريرةً تبعثر تركيزها.
“ليس سهلاً..…”
تمتمت سيان بغيظ في نفسها، وفي تلك اللحظة، غيّرت ريفينانت مسار سيفها فجأة، بعدما كان يهبط نحو كتفها.
لكن هذه المرة، الهدف لم يكن هي…..بل كان كارل.
استغل كارل انشغالها بمهاجمة سيان، وانقضّ عليها بضربة سريعة، إلا أن ريفينانت، بخفة أشبه برقصة قاتلة، غيرت اتجاهها وتراجعت إلى الوراء.
“سمعتُ أنك قديس إيفاريد، أليس من المخجل أن تكونا اثنين ضد واحدة؟”
‘يا لها من امرأة عجيبة…..’
عند هذه المرحلة، شعر كارل بمزيج من الذهول والدهشة.
فريفينانت، التي كانت تُعد من أعظم صائدي التنانين على الإطلاق، كانت قوتها تتجاوز كل تصور.
هل يمكن أصلًا إخضاعها حتى لو هاجمها عشرات الرجال دفعةً واحدة؟
لأول مرة، شعر كارل بإنسداد في صدره، فطبق شفتيه بصمت.
‘…..ما الذي يفعله أخي الآن بحق؟’
في هذه اللحظة، بات في أمسّ الحاجة إلى عودة هندريك، الذي وعد بالعودة بعد أن يؤمّن الإمبراطور.
إيدلين لن يكون ذا فائدة ما لم يُنزع من جسده سهم ريفينانت المصنوع من عظام تنين حي، أما استدعاء تنين سيان فكان آخر ما يرغب فيه.
والجنود؟ حتى لو حشد منهم العشرات، فلن يغيروا شيئًا.
فجزءٌ من قوات القصر قد تكبّد خسائر فادحة بالفعل على يد بريتا، والبقية…..حتى لو جُنّدوا جميعًا، فلن ينفع الأمر ما دام بريتا واقفاً في صف ريفينانت، وممسكاً بأمن أنطونيو كرهينة.
لم يبقَ أمامهم سوى ناثان، تنين ولي العهد.
“…..ما الذي تريدينه؟”
سألها كارل وهو يرفع سيفه نحوها بثبات.
“مال؟ مجد؟…..بما أنكِ تركتِ مكانة زوجة فارس التنين وراءكِ وقمتِ بكل هذا، فالأرجح أن هذه ليست غايتك. هل تنوين صيد كل التنانين؟”
‘فلأحاول كسب الوقت.’
فكّر كارل بذلك، لكن ريفينانت ضحكت بصوت عالٍ، وكأنها كانت تنتظر هذا السؤال.
“ولماذا تسألني فجأة؟ أتحاول كسب الوقت؟”
_____________________
يمه تروع محد قدر عليها واو
احبها بس اول ماتسوي شي قوي لسيان ولا كارل بانسى كل المدح واسب😭
حتى كارل تذكر اخوه الي تأخر لا يكون طق مع الامبراطور؟ لوء لوء مايسويها
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات