لم يكن ما يفعله شيئًا يمكن اختزاله في كونه مجرد ردّ جميل لإنقاذها حياته مرةً واحدة، بل كان أعظم من ذلك بكثير.
لقد كانت أمنيةً طالما تاقت إليها، موضوعةً أمامها بكل امتلاء، لكن وحدها هي من لم تدرك أنها أمامها، ووحدها هي من لم تمد يديها لتمسك بها.
فجأة، انهمرت دموعها بغزارة، وانعقد حلقها حتى عجزت عن النطق.
فارتبك كارل بشدة، مصدومًا أكثر مما لو تلقّى نَفَس التنين مباشرةً على رأسه، إذ لم يكن يتوقع أن تبكي، ولا كان الوضع يحتمل دموعًا أصلًا، فارتسمت على ملامحه حيرةٌ أعمق.
“……تباً، الآن……؟”
كان على وشك أن يقول لها ببرود: أهذا وقت البكاء؟ لكنه تجمّد حين رآها تمسح الدموع سريعًا.
“……هل أنتَ متأكد أنك لن تندم؟”
قالت سيان ذلك وهي تشهق خلسة، ترفع بصرها نحوه بعينين حمراوين تلمع فيهما الدموع.
“حتى لو خسرتَ كل شيء فعلًا……هل أنت واثقٌ أنكَ لن تلومني؟”
“إن أردتِ الصراحة……ليس لدي الكثير لأخسره إلى ذلك الحد.”
أجابها كارل بملامح يعلوها القليل من الذهول.
“أنتَ لا تعرف كيف يكون شعور أن تُشار إليكَ الأصابع بالازدراء طوال حياتكَ.”
“تبًّا……فليُشِروا وليتهامسوا وليصفوني بالأحمق إن شاءوا.”
لقد ظلّت عيناها الزرقاوان ثابتتين حتى حين كشفت أمام جمعٍ من النبلاء أنها سيدة التنين الأسود وتحمّلت وابل الانتقادات، ومع ذلك فقد احمرّتا الآن……
لا من الخجل، بل من الخوف الصادق من أن تسحبه معها إلى هذا المستنقع و يكون هو أيضًا هدفًا لتلك الأصابع الموجهة.
كارل، وما زال يسمع سؤال سيان عن عزيمته يرنّ في أذنه، أمسك بخدّيها كمن يطوّق كنزًا لا يريد أن يفلته، ثم اندفع يقبّلها باندفاع عارم.
كانت قبلةً قصيرة، لكنها قوية لدرجة أن سيان كادت أن تبكي مجددًا، لكنها قاومت ذلك الشعور بكل ما أوتيت من صبر.
“لماذا تتصرف هكذا باندفاع؟ هل تريد قتلي من شدّة النبض؟”
“قبل أن نكوت من النبض……سنموت بانهيار السقف فوق رؤوسنا.”
دوّى صوت انفجار قريب، وهذه المرة اهتزت الجدران والسقف، متناثرةً منها شظايا الغبار والحجارة.
“……لم أكن أنا من أغراكَ، لا تغيّر كلامك لاحقًا.”
“أما زال لديك وقتٌ لتقولين أشياء كهذه؟”
قطّب كارل حاجبيه، فابتسمت سيان ابتسامةً باهتة.
“لا……لم يعد لدي.”
ثم أمسكت بيده بقوة، وباليد الأخرى مسحت ما تبقى من دموعها في حركة واحدة، قبل أن تمسك بذراعه وتشدّه وكأنها لم تتردد لحظة في قرارها.
“فلنذهب إذًا……لنهدم ذلك الجدار.”
نظر إليها كارل بملامح يختلط فيها القلق بالعاطفة، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ جانبية وهو يبادلها النظرة.
***
“لقد اخترقوا الحاجز السحري! أغلقوا أبواب القلعة واجمعوا الجنود!”
“أسرعوا بإجلاء النبلاء والخدم المقيمين داخل القصر إلى أماكن آمنة!”
وحين شقّ كارل وسيان طريقهما من تحت الأرض إلى الأعلى، وأيديهما متشابكة في جرأة لم يسبق لهما أن تجرّآ عليها……كان المشهد أمامهما أشبه بساحة فوضى عارمة.
-كوااانغ! قوووم!
دوّى انفجارٌ عنيف يفوق بمراحل ما سمعاه في السجن تحت الأرض، وارتجّ رخام أرضية القصر الإمبراطوري كما لو كان سطح ماء اجتاحته الرياح.
الجنود الذين باغتتهم الهجمة قبل أن يستعدوا لها هرعوا لالتقاط أسلحتهم وهم يركضون في كل اتجاه.
أما خدم القصر الذين لم يتلقوا أي تدريب عسكري، فقد جمدهم الرعب أمام هذا الكابوس الذي يواجهونه لأول مرة في حياتهم، فصرخوا وتشتتوا في ذعر.
جنودٌ يسارعون لإجلاء من لا يملكون قوة للقتال، قادةٌ يوجهون الأوامر، أناسٌ عاديون ينهارون جاثين على الأرض، عاجزين حتى عن اتباع من يحاول إنقاذهم……كانت الفوضى شاملة، فيما أصوات الانفجارات تتوالى بلا توقف.
“……ما الذي يحدث بحق؟”
كان قد توقع بعض الفوضى وهو في الأسفل، لكن ما رآه بأمّ عينيه بعد خروجه كان أضعاف ذلك، فتمتم كارل في ذهول عند باب المخرج المؤدي من تحت الأرض.
دووم-!
ومع دوي أشبه بالرعد، خرج صوت تشقق رقيق كالذي يصدر عن زجاج يتصدع.
فرفعت سيان بصرها نحو سقف القصر الإمبراطوري، الذي يفوق بارتفاعه قلعة إيفاريد أضعافًا، وكأنها لو حدقت بما فيه الكفاية ستخترق بصرها ما وراءه.
“الحاجز السحري ينكسر!”
تسارعت حدة صوت التشقق، وعرفت سيان فورًا أنه صوت انهيار الحاجز الذي يحيط بالقصر ويحميه.
“سيان……ابحثي عن بقية المرتزقة وتراجعي معهم إلى مكان آمن.”
لم يخرج بالكاد من قيود السجن الذي يبطل سحر التنانين حتى انبعث من عيني كارل بريقٌ ذهبي لامع.
“ما الذي تقوله؟”
قالت سيان ذلك بحدة وهي تعقد حاجبيها، ثم أمسكت بيديها طرف فستانها الطويل المرهق للحركة ورفعته بعنف،
و قبل أن تمزق ذيله بلا رحمة. ارتسم العبوس على ملامح كارل حين انكشفت ساقاها البيضاوان تمامًا، لكنها لم تأبه، واستمرت في تمزيق القماش بقوة حتى صار قصيرًا بما يكفي لئلا يعيقها عن الحركة.
“سأموت مع سمو الأمير إن لزم الأمر. أتظن أنني سأفوّت فرصة العمر هذه للارتقاء بمكانتي؟”
المرأة التي كانت تبكي في السجن قبل قليل بدت الآن وكأنها شخصٌ آخر تمامًا.
حتى كارل، الذي كان يراقب تصرفاتها بعبوس، لم يلبث أن ابتسم نصف ابتسامة أمام جرأتها التي عادت فجأة.
وما إن خرجا من البهو متجاوزين الجنود الذين يندفعون في الاتجاه المعاكس، حتى كان المشهد في الخارج أشد بشاعةً مما في الداخل.
حديقة المتاهة التي كانت تزهر فيها الورود على مدار العام، غدت الآن كتلة فوضى من اللهب البنيّ المشتعل، تحترق بلا رحمة.
الجنود الذين تم حشدهم بالفعل اصطفوا في صفوف متراصة، يرفعون السيوف والدروع استعدادًا للدفاع، لكن العدو……لم يكن على الأرض. بل في السماء.
ما إن رفع كارل وسيان رأسيهما متتبعين اضطراب الهواء العنيف، حتى انفجرت في السماء ألسنة لهب بنية داكنة كألعاب نارية، مطلقة دويًا هائلًا، تلاه انهمار شرارات متفتتة تتساقط في كل اتجاه كأنها ثلج محترق.
ثم دوى أزيزٌ حاد في الجو، معلنًا أن الحاجز السحري وصل إلى أقصى حدوده.
“كارل! الآنسة سيان!”
كان هندريك واقفًا على شرفة في الطابق الثاني، وقد لمحهم وناداهم بصوت مرتفع.
“أخي!”
“إنه بريتا!”
لم يمهل هندريك كارل ليسأله عمّا يجري، بل صرخ وهو يحدّق بعينين حادتين. عندها ارتجفت حاجبا سيان.
……بريتا؟ كيف لتنين أنطونيو، المحتجز في السجن تحت الأرض، أن يكون هنا؟
“لا أعلم ما الذي يحدث! سأقوم بإجلاء جلالته، وأنت تولَّ قيادة الدفاع واصمد! سأعود بعد أن أؤمنه في مكان آمن!”
هل جنّ التنين وبدأ يهاجم بمفرده بعدما شعر بخطر يهدد سيده؟
لم تكد هذه الفكرة تخطر لهما، حتى كان هندريك يصرخ بكارا من جديد، فردّ كارل بإيماءة قصيرة.
“الرماة! صوبوا نحو السماء!”
لم يكن يُسمع في السماء أي صوت، باستثناء فرقعات النيران التي تلتهم أجزاء من القصر، لكن من المؤكد أن بريتا، كما قال هندريك، كان يحلّق هناك في الأعلى، يستعد لإسقاط نَفَس التنين على من تحته.
نظر كارل إلى السماء بعينين متوتّرتين بشدة.
فرغم الفوضى التي اجتاحت القصر الإمبراطوري بسبب الهجوم المفاجئ للتنين، كانت السماء صافيةً بلا غيمة واحدة.
بعد لحظات، انشق الصفاء ليظهر تنين هائل ذو أجنحة ممدودة كالسيف يقطع الهواء بسرعة فائقة.
“اطلقوا!”
صرخ كارل، فشدّ الرماة أقواسهم جميعًا في آن واحد وأطلقوا سهامهم نحو السماء.
و ارتفعت عشرات الأسهم كالسهم، لكنها لم تصب التنين الذي كان يحلق عالياً مظهرًا بطنه وأجنحته، كأنه يعرف مدى ارتفاع سلاحهم.
بريتا، الذي تفادى هجمات الرماة بسهولة، رفرف بأجنحته بينما تكوّنت قطرات نارية في الهواء كحبات ماء، متجمعة في لحظة.
كان ذلك “نَفَس التنين”.
شدّ كارل على أسنانه، ورفع كفيه نحو السماء، ناشرًا يديه وكأنه يصنع جناحًا فضيًا يحيط بالقصر الإمبراطوري كله، منبسطًا في لحظة خاطفة كجناح حريري.
-كواكوااانغ-!
تصادم نَفَس التنين المتدفق من بريتا مع السحر الفضي الذي نشره كارل، واندلع صوت انفجار رهيب كاد أن يخرق الأذن.
“كارل!”
صاحت سيان بقلق، بينما تكسر كعب حذاء كارل الذي كان يطلق السحر على الأرض، متناثرًا منه شظايا في كل الاتجاهات.
_______________________
يمه يالحوسه ليه كل ذاه
وبريتا الزفت شجابه لاتكون ريفينانت؟
المهم كارل وسيان لايصير لهم شي بس اذا صار ابي دموع ودراما وفطسات كح
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
لااااا انتهى بمكان حماس شكلي لازم اسحب على الموقع لفترة الين اجمع الفصول
اطلعو ياخي قاعدينن تتغزلون ببعض وفي حرب كامله تصير برا ههههههه