وقد كانت عيناها الزرقاوان صافيةً بلا ظل، وكأنه يستطيع أن يشعر دون أن تخبره بمدى الحرية التي نالتها بعد أن كشفت بنفسها، وفي مكان علني، السر الذي كان يقيّدها حتى اللحظة الأخيرة.
حتى وإن كان ذلك قد انتهى بها إلى أن تُسجن داخل الزنزانة بفستانها الممزق والمُتسخ.
فارتسمت على شفتي كارل ابتسامةٌ مرة بدوره.
“……لقد كان اعترافكِ مفعمًا بالتحرر، حتى ظننتكِ جنرالًا عائدًا من موكب نصر.”
على عكس ملامح كارل الكئيبة، انفجرت سيان بضحكة عالية.
“هل رأيت وجوههم المصدومة؟ خصوصًا الماركيز وأنطونيو، لم يتوقعا أبدًا أن أسبقهم بتلك الخطوة. لقد ارتبكا أكثر مني، رغم أنهما كانا يعرفان الحقيقة!”
ثم توقفت عن الضحك وأطلقت تنهيدةً مرهقة.
“……جيد، أشعر بارتياح كبير.”
“سأتدبر الأمر بطريقتي.”
تحولت نظرات سيان التي كانت تتجه نحو سقف السجن المظلم الخالي من النوافذ إلى كارل عند سماع كلماته.
“يُقال أن الإمبراطورية تملك السلطة المطلقة، لكن حتى العرش لا يمكنه أن يعارض مجلس النبلاء كليًا. إن تم فصلي عن البلاط ومنحي لقب حاكم إيفاريد مع قلعة مستقلة، فلن يعود الأمر مهمًا.”
“لكن الشائعات عن التنين الفضي الذي رافق التنين الأسود ستظل تلاحقكَ كوصمة أو كنقطة ضعف.”
“لا يهمني.”
مد كارل يده وأمسك بكف سيان المستقر على ركبتيها.
“لا يهمني ما يقوله الناس. إيدلين هو إيدلين، وييغدراسيل هو ييغدراسيل، فلماذا عليَّ أن أتخلى عما أريده بسبب نظراتهم؟”
“أنا لا أريد ذلك.”
أجابت سيان بصوت حازم، دون أن تُبعد يد كارل التي كانت تغطي يدها.
“أتمنى أن تظل دائمًا صباحًا مشرقًا وحيدًا.”
“وكم تظنين يمكن لصباح بلا ليل أن يكون مشرقًا؟”
قبض كارل على يد سيان وجذبها نحوه بقوة لا يمكن مقاومتها، فانعقد حاجباها في حرج وهي تنظر إليه.
“كلما كان الليل أظلم، كان الصباح أكثر إشراقًا. وأنا……لن أتخلى عنكِ، فأنتِ الليل الخاص بي.”
حدق كارل في سيان بعينين جادتين بلا تراجع، وكأنه سينفذ إلى أعماقها.
“هكذا فقط سأزداد أنا إشراقًا، أليس كذلك؟”
ثم أضاف ذلك.
لم تكن كلماتها السابقة عن شعورها بالارتياح كذبًا، ولم يكن حبسها في زنزانة قذرة بفستانها الممزق أمرًا يحزنها أو يثقل قلبها كثيرًا، لكن تلك النظرة الأحادية العميقة من كارل كادت تسحبها نحوه، فابتلعت مشاعرها بالقوة.
“……أحسنتُ الاختيار.”
قالت سيان ذلك مبتسمة وهي ترفع يدها لتلمس وجهه.
“حين التقينا في الغابة، فكرتُ للحظة في أن أتخلص منكَ نهائيًا.”
ابتسم كارل باستهزاء قصير، مسترجعًا بوضوح صورة سيان وهي تشهر سيفها وتفكر في محو كل الأدلة.
“و منذ أن قررتُ، في معبد التنين، أن أتبعكَ إلى القصر الإمبراطوري……كنت أعلم، في الحقيقة، أن الأمر سينتهي هكذا.”
“….…”
“الكاهنة الكبرى، التي كانت تعرف من أكون، قالت لي ذات مرة: من ينكر ذاته لن ينال شيئًا أبدًا.”
اعترفت سيان بصدق.
“حتى وإن كان الأمر مجرد حلم قصير، فقد كان جميلًا بحق……لقد عشت حياتي كلها مختبئةً في ليلٍ بلا قمر، والآن تمكنتُ من استقبال الصباح.”
“لا تتحدثي وكأنكِ على وشك الموت. لن يكون هناك أي إعدام.”
رفع كارل بصره إليها بضيق من نبرتها الموحية، فيما كتمت سيان ضحكة خافتة.
“……وماذا لو هربنا؟ ألن يكون ذلك رومانسيًا بطريقته؟ أشبه بحكاية مغامرة يلتقي فيها سيدة التنين الأسود وسيد التنين الفضي، وقد جمعهما القدر بعد عداوة قديمة.”
“فكرةٌ لا بأس بها.”
كان يظنها تمزح، لكن جوابها العابر دفعه لأن يحدق فيها بجدية، ممسكًا بكفها الموضوعة على وجنته بقبضة أكثر إحكامًا.
“لستُ أمزح. فكّري بالأمر بجدية.”
رمشت سيان بدهشة، لتكتشف أن يديها كلتيهما باتتا بين يديه.
“……لنجعل ماكس يترأس مراسم الزواج.”
عندها فقط أدركت سيان أن ما ظنته مزاحًا لا ينتهي كان في الحقيقة كلامًا جادًا، فشعرت بالذهول وهي تراه يميل برأسه قليلًا، ويطبع قبلةً خفيفة على راحتها.
“الشهود سيكونون من بقية المرتزقة فحسب، وليس سيئًا أن نقيم زفافًا صغيرًا ثم ننهب قلعة إيفاريد ونعيش كمرتزقة.”
“أي كلام هذا؟ أشكركَ على مشاعرك، لكن هذا الأمر……”
وقبل أن تُكمل سيان حديثها، كانا هي وكارل قد التفتا في اللحظة نفسها نحو ما وراء الجدار الخالي أمامهما.
و ما إن خبا الصوت الخافت الذي كان يملأ أرجاء الزنزانة الضيقة حتى غرق المكان في سكون قاتم لم يسبق له مثيل.
لم يُسمع أي صوت، لكن من خلف الجدار السميك كان هناك إحساسٌ ثقيل وحاد يتقلب بقلق في الهواء، إحساسٌ لا يمكن لأي إنسان عادي أن يلتقطه.
“..…ما هذا؟”
همس كارل وهو يقطب حاجبيه بإحساس ينذر بالشؤم.
-دووم.
ثم دوّى خلف الجدار صوت انفجار ثقيل، أشبه بما يحدث حين تنفجر قنبلةٌ أو ألعاب نارية، فقفزت سيان واقفة في الحال.
“……إنه تنين.”
إن كانت سيان قد أدركت ذلك، فلا شك أن كارل يعرفه أيضًا، ومع ذلك فقد باغتتها تلك الطاقة غير المتوقعة، فالتفتت نحوه بعينين متسعتين.
كان مألوفًا……فقد عرف كارل أن الصدى الذي سمعه الآن هو نفسه الذي دوّى حين هاجمه هو وهندريك وبقية التنانين في إيفاريد.
“ما الذي يحدث؟”
في لحظة، ازدحمت الأفكار في رأسها.
إنّ أقوى سحر يمكن لتنين أن يطلقه هو نَفَس التنين، لكن ما الذي يجعله يُستشعَر فجأة من فوق القصر الإمبراطوري؟ ومن الذي شنّ الهجوم؟
لم يكن من الممكن معرفة ذلك من أعماق السجن.
خطَر ببالها احتمال أن يكون الماركيز هو الفاعل، لكن الأمر بدا مستحيلًا؛ فالماركيز لم يُحاسَب بعد على جرائمه، ولن يقدم على مهاجمة القصر الإمبراطوري بتهور كهذا.
ثم إن أنطونيو، القادر على التحكم في تنينٍ آخر، كان في تلك اللحظة مسجونًا خلف الباب الحديدي، كما تأكد كارل بنفسه قبل قليل.
لم يكن ثمة أي تنين آخر يمكنه مهاجمة القصر.
“……هيا بنا.”
حسم كارل أمره وأمسك بيد سيان فجأة، محاولًا سحبها معه. لكنها ترددت لوهلة، وشدت قدميها إلى الأرض في مقاومة واضحة.
“انتظر……لا أستطيع الخروج.”
فقطّب كارل حاجبيه.
“أنتِ لم تُحتجزي بسبب جريمة، وما سمعناه قبل قليل كان بلا شك نَفَس التنين، يجب أن نعرف ما الذي يحدث.”
“لكن إن خرجتُ معكَ بهذه الصورة، فسوف يظن الجميع أننا نهرب.”
“وما المشكلة؟ إن كان هناك من يهاجمنا، فالبقاء في هذا السجن تحت الأرض، بلا مخرج، هو الخطر بعينه!”
وفوق ذلك، فإن السجن الأرضي في القصر الإمبراطوري مجهزٌ بسحر خاص يُبطل قوى السحرة وأسياد التنانين.
وإن كان القصر يتعرض حقًا لهجوم مفاجئ، فلا يوجد مكان أخطر على سيان من هنا.
“لكن……”
إن أمسكت بيده وغادرت مرة أخرى، فسوف يشُاع حتمًا أن كارل، سيد إيدلين، قد وقف إلى جانب التنين الأسود. عندها عضّت سيان شفتيها بقوة، مترددة في القرار.
“سيان روزفلت……لا، بل إيرا تشاندلر.”
قبض كارل على كتفي سيان بقوة.
“أعرف جيدًا أنكِ لا تريدين أن تلطخي سمعتي، لكن حفاظكِ على اسمي لا يستحق أن تُضحّي بنفسكِ من أجله. هل تظنين أنني سأشعر بالراحة إن كانت سمعتي مصانةً على حسابكِ أنتِ؟”
“….…”
رفعت سيان نظرها إليه، وقد شعرت وكأن أنفاسها قد انحبست في صدرها.
“أنتِ لستِ عاراً، بل الشخص الذي يجب أن أحميه……أنتِ الظلام الذي سيجعل نوري أوضح. كم مرة عليّ أن أكرر حتى ترفعي رأسكِ وتستعيدي قوتكِ، بدل أن تكوني على غير عادتكِ؟”
-كـونغ!
حينها، دوّى انفجارٌ آخر، أكبر من السابق، وهذه المرة كان قريبًا لدرجة أن صوته سُمع بوضوح في الأذن، لا كذبذبة سحرية بل كرجّة واقعية تهز الجدران.
“وإن كنتِ غارقةً في أوهام بطلة مأساوية، فأفيقي منها فورًا. حتى لو اضطررتُ لترك لقب لورد إيفاريد، ومقام ولي العهد، وإرث إيدلين……فسأحصل عليكِ أنتِ!”
تلألأت عينا كارل بلون فيروزي حاد على نحو غير مسبوق، وكان يكفي النظر فيهما لمعرفة كمّ العزم والصدق الثقيل الذي يحملهما.
سيان، وقد اجتاحها هذا العزم الصلب الجارف، وجدت نفسها مشلولةً أمامه، حتى نسيت أن تتنفس، واكتفت بالتحديق فيه.
……لماذا؟ منذ متى؟ منذ متى صار هذا الرجل يريدها إلى هذا الحد، وبمثل هذه القوة؟
لم يلبث السؤال العابر أن غادر ذهنها، حتى اشتعلت أسفل حنجرتها عاصفةٌ من المشاعر العارمة.
____________________
وش؟ بكت؟ اسم الله عليس يا ماما 🫂
المهم ابوك يالرخص وش أنتِ الليل حقي ضحكت😭
بس اهم شي يطلعون سوا
بس صدق من ذا المجنون الي جاي يهاجم ياخي مب وقتك ورانا عرس
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
وش دراك ياختي عن الغزل ههههههه احب الرخص الي مثل ذا انتي ليلي او نجمي او قمري هههههه