“يا إلهي، لقد نسيت نفسي تمامًا! لم أقدّم نفسي بعد. اسمي روزي أندرسون، يا آنسة. زوجي هو الكونت بيكون أندرسون، ويعمل في وزارة المالية.”
“أنا كيتي سانز، زوجي هو البارون رالف سانز ويعمل تحت إمرة وزير الخارجية.”
“أنا لورا لوتيس، أحمل لقب كونتيسة.”
ما إن أنهت ريفينانت حديثها حتى بدأت السيدات، واحدةً تلو الأخرى، يقدمن أنفسهن ببراعة مدروسة.
وكانت النظرات، التي مرّت على الجميع، تستقر أخيرًا على سيان، وكأنها تنتظر دورها في هذا العرض.
وتحت وقع تلك النظرات، اضطرت سيان إلى رسم ابتسامةٍ مترددة وبدأت بالكلام.
“….أنا هايلي….”
“آه، نعرف، نعرف! ابنة البارون هايلي ديودر! سمعت أن والديكِ توفيا منذ وقتٍ طويل؟ وستصبحين قريبًا هايلي كلاوس، أليس كذلك؟”
قاطعتها روزي أندرسون دون أن تنتظر منها سوى ذكر الاسم.
“نعم..…”
ضحكت سيان بخفة وبطريقة محرجة. فابتسمت ريفينانت ابتسامةً طويلة وهي تراقبها.
“بما أنني قد قدمت نفسي من قبل، فلا بأس إن لم أكرر التعريف بنفسي، أليس كذلك؟”
“طبعًا، يا أختي.”
هل حقًا لم تتعرف عليها؟
كانت ريفينانت تجلس في المقعد العلوي بابتسامتها الأنيقة، تكتفي بالضحك ردًا على إجابة سيان الخجولة.
و بدا وجهها هادئًا، خاليًا من أي ريبة أو دهشة.
“يا إلهي، هل أصبحتما قريبتين إلى درجة أن تناديها بالأخت؟ لا عجب أن السيدة كارتر قد أصرت بشدة على دعوتكِ، آنسة.”
“هذه أول مرة لكِ في العاصمة، أليس كذلك؟”
“نعم، ولهذا فكل شيء يبدو غريبًا ومربكًا بالنسبة لي. و الأخت…..أقصد، السيدة كارتر، قد غمرتني بالسعادة حين دعتني إلى مجلس كهذا.”
“وها هي الآنسة الجميلة تقول كلامًا جميلاً أيضًا! لا تدعي السيدة كارتر وحدها تنال لقب الأخت، نادينا جميعًا بالأخوات ولنكن قريبات!”
“نعم، نعم!”
قالت السيدات النبيلات ذلك، قبل أن ينفجرن مجددًا بضحك كاد يمزق الآذان.
“شكرًا على لطفكن.”
ثم أجابت سيان وهي تحني رأسها بخجل وتبتسم بأدب وحياء ظاهر.
“حسنًا إذًا، الآنسة الجميلة، وقد تعارفنا الآن، فهلّا أمتعتِنا بقصتكِ؟ نحن نتشوّق للأحاديث، فامنحينا لحظةً من الحكايات الرومانسية!”
“بالفعل، بالفعل! العاصمة تضجّ بالحديث عن سمو ولي العهد وسمو الأمير، لكن تلك الأخبار تهم الرجال في الساحات فقط. أما نحن، فقد صُدمنا حين سمعنا أن الأمير المختفي قد عاد وخطيبته معه!”
“لطالما قيل أن أمير إيفاريد، هذا الذي يشبه ولي العهد في وسامته، رجلٌ رقيق القلب، متسامحٌ إلى درجة أنهم كانوا يلقبونه بالقديس!”
“صحيح! كم من النبيلات ذهبن إلى إيفاريد بحجة قضاء عطلة، فقط ليُلقين نظرةً عليه!”
“أذكر أن ابنة الكونت هولاند زعمت أنها قابلته ثلاث مرات، وانتشرت شائعاتٌ عن قرب زواجهما.”
“آه، ثلاث مرات! وهل يتزوجون من ثلاث لقاءات؟ لو قابلته خمس مرات فقط، لكان لها منه طفل!”
لم تترك النساء أي فرصة للمقاطعة.
وبينما ألقت كيتي سانز نكتتها، انفجر المجلس بضحكات عالية لم تعرف سيان كيف تُقابلها.
‘هليُريدنمنيأنأحكي،أمأنأصمت؟!’
كانت سيان تطلق ابتساماتٍ محرجة لا تنتهي، تخفي خلفها تذمّرًا صامتًا لا حدود له من هذا المجلس الغريب.
“يُقال أن سموّه رفض الزواج من ابنة الكونت بحجة انشغاله بإصلاح إيفاريد، أليس كذلك؟”
“هذه مجرد حجةٍ ظاهرية، بالطبع! أي رجل ينشغل عن النساء لمجرد أنه مشغول؟ الحقيقة أن ابنة الكونت لم تكن تروق له.”
“بالضبط، بالضبط! وهو سيد إيدلين، فلا بد أن معاييره عالية جدًا!”
كانت سيان ترفع فنجان الشاي بخفة، محاولةً الهروب من سيل الأحاديث الذي لم يترك لها متّسعًا لتتنفس. وما إن لامس البخار العطر شفتيها، حتى شعرت بوخز حارق في مؤخرة رأسها.
‘ما هذا؟ ما هذه القشعريرة المفاجئة؟’
فرفعت نظرها بحذر، لتجد عيون السيدات النبيلات كلها موجّهةً نحوها.
هل حان دوري أخيرًا للكلام؟
ثم وضعت الفنجان بهدوء، واستنشقت الهواء استعدادًا لفتح فمها.
“الآن فقط أفهم، كان سمو الأمير صاحب ذوقٍ رفيع فعلًا. مستحيل أن تكون ابنة الكونت هولاند قد أعجبته.”
…..لكن لم يكن دورها بعد. فقد استأنفت روزي أندرسون الحديث بنبرة إعجاب، ليتبعها فورًا سيلٌ جديد من الثرثرة.
“تمامًا! فكروا فيها، رجلٌ رفض كل الفتيات بحجة انشغاله، ثم يظهر فجأة، وهو هارب بتهمة قتل ملك التنانين، حاملاً معه فتاةً بهذا الجمال…..من الواضح أن كل أولئك الآنسات لم يعجبنه ببساطة.”
“وهل كانت المسألة مجرد ذوق؟ سمو الأمير كارلستون يُعدّ منافسًا لولي العهد نفسه، ومن الطبيعي أن يكون انتقائيًا في اختيار زوجته من حيث النسب، والشخصية، والجمال، وكل شيءٍ آخر.”
لأوّل مرة، تدخّلت ريفينانت في حديث السيدات النبيلات.
وبين سيل الثرثرة الهادر، انغرس صوتها في الأذن كما لو كان نغمةً منفردة تخترق الضجيج.
فنظرت إليها سيان بانتباه.
“آه…..السيدة كارتر، يبدو أنكِ تجهلين الأمر. ربما ليس من اللائق قول هذا أمام الآنسة، لكن إن تحدثنا عن النسب، فكونتيسة من عائلة نبيلة بالعاصمة أفضل بكثير من ابنة بارون لا يعرف أحدٌ اسم عائلتها حتى.”
كادت سيان أن توافق لا شعوريًا، وكأن الحديث لا يخصها، لولا أنها تداركت الأمر في اللحظة الأخيرة.
ثم ضحكت ريفينانت بخفة، ساخرة.
“السيدة لوتيس، يا لبراعتكِ في السذاجة. هل تظنين فعلًا أن سمو الأمير، سيد إيدلين وحاكم إيفاريد، سيرهق نفسه بفتاةٍ من عائلة أرستقراطية عريقة؟ كلما ازداد الرجال نفوذًا، مالوا للنساء الأقل شأنًا. أسهل في التعامل، وأقل عِبئًا.”
ثم رفعت فنجانها و غمزت لسيان، وكأنها تقول أليسكذلك؟
كان ذلك تهكّمًا صريحًا، هجومًا مباشرًا طال انتظاره.
ورغم أن الطاولة قد خيّم عليها الصمت البارد للحظة، كانت أفكار سيان تدور في رأسها بحدة.
“يا إلهي، سيدتي…..ذلك التعليق..…”
“لا تسئي الفهم، هايلي. حديثي لم يكن موجّهًا لكِ وحدكِ، بل يشملني أيضًا. أنا أكثر تواضعًا منكِ من حيث الأصل، لكن القدر شاء أن ينقذني زوجي، ومنذ ذلك الحين تغيرت حياتي بأكملها. تمامًا كما أنقذتِ أنتِ سمو الأمير، وها أنتِ اليوم تخطين أولى خطواتكِ في مجتمع النبلاء.”
“أوه، سيدتي، لا تقولي ذلك! بغض النظر عن النسب، أنتِ اليوم من أهم سيدات المجتمع الراقي.”
“بالفعل، بالفعل. لا زلت أذكر بوضوح ذلك اليوم الذي ظهرتِ فيه لأول مرة إلى جانب السيد أنطونيو كارتر. كانت أخلاقكِ المثالية وأناقتكِ اللافتة حديث الجميع في القاعة!”
اتفقت أصوات السيدات النبيلات جميعًا على مدح ريفينانت.
بينما كانت هي تحتسي الشاي بابتسامةٍ متظاهرة بالخجل من هذا المديح، لكن من السهل أن يلاحظ المرء أنها كانت تستمتع بالأجواء بكامل وعيها.
“رائعة حقًا…..والآن بعد أن فكرت بالأمر..…”
قالت سيان ذلك وهي تبتسم ببراءة مفعمةً بالإعجاب، وهي تنظر إلى ريفينانت وكأنها تُمجّدها.
“فارس التنين أيضًا…..أليس هو الآخر كان مجرّد عاميّ تافه، قبل أن يختاره التنين ويصبح فارسًا؟”
ولم يكن مفاجئًا أن يبرد الجو فجأة على الطاولة بعد أن بدأ بالكاد يسخن.
“إنها قصةٌ رومانسية للغاية، أليست كذلك؟ عاميٌ لا يملك اسم عائلة، ولا حتى ذرةً من المجد أو الثروة، يختاره التنين فيصبح نبيلًا في ليلة وضحاها…..ثم يلتقي صدفةً بسيدة من طبقة أعلى، وتتحقق له الترقية الطبقية. أليست هذه حكايةٌ يحلم بها كل من لا يملك شيئًا؟”
“يا آنسة هايلي..…”
نظرت كيتي سانز إلى سيان بنظرة تجمع بين الذهول واللوم، وكأنها تقول هلتعطلتحاسّةإدراككِ؟
وشرعت السيدات في مراقبة ريفينانت بوضوح، وكأن كلام سيان قد وضع الجميع في موقفٍ حرج.
“بالطبع، أنا أيضًا أشعر بسعادة غامرة لأني حظيت برجلٍ يفوقني في كل شيء. لا بد أن السيدة كارتر شعرت بالشعور نفسه، أليس كذلك؟”
“بما أن السيدة كارتر كانت تتحدث عن الأصل دون أي تحامل، ظننت أن الأمر لا بأس به…..أعتذر إن كنت قد أسأت، سيدة كارتر.”
“…..لا بأس، لا داعي للاعتذار.”
وعلى عكس السيدات النبيلات اللواتي بدين في غاية التوتر والارتباك، ابتسمت ريفينانت برقة وكأن الأمر لا يعنيها إطلاقًا.
“ليس في الأمر ما يستدعي الحرج. فكم من شخص يولد وفي يده كل شيء من البداية؟ أليس كذلك؟”
“هذا…..صحيح، بالطبع.”
ضحكت السيدات النبيلات ردًا على كلمات ريفينانت، لكن ضحكهنّ جاء متكلفًا ومليئًا بالارتباك. فلا واحدة منهن بدت مقتنعةً بذلك الكلام.
وهذا طبيعي، فباستثناء ريفينانت—الوحيدة التي تنتمي لأصل متواضع وكان زوجها سابقًا من عامّة الشعب—جميع السيدات الجالسات حول الطاولة وُلدن وفي أفواههن ملاعق من ذهب.
حتى سيان، التي تحمل لقب ابنة بارون مزيفًا، لم تكن سوى جزء من تلك الطبقة المخملية منذ ولادتها، وإن كان ذلك ظاهريًا.
لذا لم يكن من الغريب أن كلمات ريفينانت لم تجد صدى حقيقيًا لدى أيٍّ منهن.
وقد بدا واضحًا أن موضوع الطبقات، الذي فرض نفسه فجأة، قد أثار فيهن جميعًا شعورًا بالضيق والتوتر.
خاصةً وأن ريفينانت، التي تُعدّ سيدة المجلس ومُضيفة هذه الجلسة، هي الوحيدة التي نشأت من عامة الشعب، مما زاد الموقف حرجًا.
“وبما أننا دخلنا في هذا الحديث…..خطر ببالي فجأة حكايةٌ قديمة، هل توددن سماعها، سيداتي؟”
سكتت السيدات، وقد توقف سيل الثرثرة المعتاد وكأنما جفّ، خوفًا من أي زلة جديدة. أما ريفينانت، فبدت وكأنها تستمتع تمامًا بهذا الجو المشحون الذي صنعته بيديها.
و دون أن تبالي بالأجواء المتوترة، ابتسمت ريفينانت بهدوء وهي تنتزع الكلمة لنفسها، ثم أرسلت نظرةً دائرية حول الطاولة تتفحّص وجوه السيدات.
و لم يجرؤ أحد على قول: “دعيكِ من القصص القديمة.”
“إنها حكايةٌ عن فتاة، مثل الآنسة أو مثلي…..فتاةٌ حلمت بالترقي الطبقي، لكنها في النهاية لم تنجح في ذلك..…”
وبينما انتزعت من الحاضرات موافقةً صامتة خالية من الحماسة، التفتت ريفينانت نحو سيان، وبدأت حديثها وهي تحدّق بها مباشرة.
____________________
عرفتهااااااااا
بس القصه مب عن سيان عن ريفينانت الي تعرفها سيان
المهم كان ابيهم يتصافقون زياده بالكلام حلوه ذا الدراما😂
كارل مستحيل انه قاعد مرتاح يا بيسوي سبرايز لسيان ويجيها او بيقعد يدور حولينها✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 58"