كانت كلماتها قصيرةً جدًا، و حاسمة، و لم تكن حتى ذات مقاطع طويلة، لذا لم يفهمها كارل على الفور، وأمال رأسه باستغراب.
“التنين. ربما بدأت تطمع في أشياء أخرى إضافية، لكن على أي حال، اهتمامات ريفينانت وهدفها لم يتغيرا منذ البداية.”
تجعد حاجبا كارل المستقيمان.
“أيعني هذا أننا يجب أن نقدم لها إيدلين؟”
التوت شفتا كارل بمرارة، في مواجهة الجشع اللامعقول لمن لم يقع عليه اختيار التنين.
“إذا كان ذلك ممكنًا، فقد تكون فكرةً جيدة إلى حدٍ ما……”
“هذا جنون. في العاصمة، يكفي أن تلمح أجنحة إيدلين حتى تعمّ الفوضى.”
قال كارل ذلك بنبرةٍ فظة وهو يشي بعدم ارتياحه، فابتسمت سيان وهي تقطب أنفها.
رؤية إيدلين لوهلة كانت كفيلة بجعل ريفينانت تتخلى عن كل شيء و تهرع لامتلاكه، لكن ظهوره للحظة قرب إيفاريد يختلف تمامًا عن ظهور تنين في قلب الإمبراطورية، فالأثر الذي سيُحدثه أمرٌ مختلف تمامًا.
كانت فكرةً جنونية حقًا. لكن، هل هناك شيءٌ آخر مناسب يمكنه دفعها للظهور؟
كانت سيان تغرق في التفكير و حينها.
طَرق طَرق-
طرق أحدهم الباب. فأنزلت سيان الحجاب الذي كانت قد رفعته عن رأسها.
لم تكن تنوي إخفاء وجهها عمدًا، لكنها في الوقت نفسه لم يكن هناك داعٍ لتبادر بإظهار نفسها، وذلك وفقًا لرأي كارل، الذي اقترح أن تظهر سيان بمظهر الحِداد على والديها الراحلين منذ زمن، مرتديةً ثياب السواد تكريمًا لذكراهم.
لكن من قد يكون الطارق؟
نظرت سيان نحو الباب من خلف الحجاب وقد بدأ التوتر يتسلل إليها.
“سيدي، لقد جلبت الأغراض التي طلبتموها.”
جاءها صوتٌ مألوف من خلف الباب. صوتٌ رجولي عميق، لا بد أنه ماكس.
الأغراض التي طلبها؟
وبينما كانت سيان تتساءل في نفسها، ردّ كارل بصوته الرزين.
“ادخل.”
ثم فُتح الباب، وظهر ماكس كما توقع.
كان قد ارتدى ملابس الخدم الإمبراطوريين تمامًا مثل باقي العاملين في القصر، وانحنى بانضباط وهو يدخل الغرفة.
و تبعه عددٌ من المرتزقة يحملون صناديق ضخمة ودخلوا واحدًا تلو الآخر.
“هل توظفتم في القصر بهذه السرعة؟”
“بدقة أكثر، أنا من وظفتهم.”
قال كارل ذلك وهو جالسٌ على الكرسي، مكتف اليدين، يبتسم برضى. أما سيان، فظلت تحدق به بوجه يملؤه الحيرة.
“أين أضع هذه، يا صاحب السمو؟”
“ضعها في أي مكانٍ مؤقتًا، سنتفقد الأغراض ثم نرتبها لاحقًا.”
يُقال أن المنصب يصنع صاحبه، وماكس، الذي ارتدى زي خدَم القصر الإمبراطوري، بدا كأنه خادمٌ حقيقي.
بأدبٍ بالغ، سأل الأمير عن رأيه، ثم بدأ بوضع الصناديق واحدةً تلو الأخرى في زاوية الغرفة.
أما المرتزقة الذين تبعوه، فكانوا جميعًا قد ارتدوا أيضًا ملابس الخدم، وكل واحدٍ منهم يحمل صناديق كبيرة وصغيرة ملأ بها ذراعيه.
راقبت سيان زملاءها، الذين تحولوا من مرتزقة إلى خدَم، بنظرةٍ لا تخلو من الذهول، ولم تستطع منع نفسها من إطلاق ضحكةٍ ساخرة.
“لكن، ما هذه الأشياء بالضبط؟”
“احتياجاتٌ يومية.”
أجاب كارل فوراً، وعلى وجهه ابتسامةٌ ماكرة خفيفة.
“افتحيها.”
وأشار بيده نحو سيان التي رمشت بعينيها متسائلة، وقد بدا على كارل مزيجٌ من الفخر وتلهف غامض.
أمالت سيان رأسها بحيرة واقتربت من أحد الصناديق، ثم بدأت بفتح التغليف. وما إن فتحته، حتى ظهر أمامها فستانٌ فاخر مطوي بعناية.
“….آه.…”
أطلقت سيان صوتًا مترددًا عندما رأت الفستان، بينما بدا الأمير وخدمه المرتزقة وكأنهم جميعًا اتفقوا مسبقًا على ارتداء نفس التعبير على وجوههم.
سيان، التي راقبتهم بوجه يغمره الذهول، لم تتردد وفتحت صندوقًا آخر فورًا.
و كان به فستانٌ أنيق بريء الطابع، و في الآخر فستانٌ هادئ للاستعمال اليومي، و فستان حفلات فاخر، عقود وخواتم مرصعةٍ بالياقوت الأزرق، والياقوت الأحمر، ومطعمةٍ بالذهب والفضة.
كل ما في الصناديق لم يكن احتياجات يومية بل أقرب إلى الكماليات الفاخرة، وأشياء باهظة الثمن بشكل لا يُصدق.
“كونكِ خطيبتي، وأنا لورد إيفاريد وامير الإمبراطورية، فمن الطبيعي أن أجهزكِ بهذه الدرجة من العتاد.”
في الغرفة، من بدا عليه الاستياء كانت سيان نفسها، إلى جانب الطبيب جيفي الذي لم يستطع تحمّل رؤية العلاقة بين كارل و سيان تتطور بهذا الشكل.
كان هناك شعورٌ مبهم بين أن تكون هذه الهدايا مفرطة، أو مرهقة نفسيًا، ما جعل سيان تنظر إلى كارل بذهول.
“……ألا تظن أن هذا مبالغٌ فيه؟”
“أبدًا. في الوقت الحالي، لا مجال لإقامة حفلاتٍ كبيرة، خاصةً بعد اغتيال ملكة التنانين، وتصاعد التوتر بيني وبين شقيقي. لكن بمجرد أن تنتشر إشاعة أنكِ خطيبتي، سيبدأ الجميع بمحاولة التقرب منكِ بأي شكل. فكري به كأنه زيّ قتالي.”
زيّ قتالي.
كلمات كارل الغريبة منحتها نوعًا غريبًا من القبول، فارتسم على وجه سيان شيءٌ أقرب إلى ابتسامةٍ بلا معنى.
مهما كانت فتاةً ترابية من الريف، وقد دخلت العاصمة مصادفةً خلف الأمير، فهي الآن خطيبته رسميًا. و الظهور بمظهرٍ باهت أكثر من اللازم لن يجلب سوى الانتقادات والثرثرة.
وسط مشاعر متشابكة، لم تجد سيان عذرًا لرفض الفساتين، ففتحت واحدًا منها. و لم يكن هناك مجال للمقارنة بينه وبين الفستان الأسود الذي اشترته على عجل من أحد المتاجر بعد دخولها العاصمة.
بل وحتى المقاس، بدا وكأنه صُنع خصيصًا لها، دون حاجة لتعديلات من خادمةٍ أو خياطة.
“شكرًا لكَ، سأتقبله بامتنان.”
للحظة قصيرة شعرت فيها حقًا أنها دخلت القصر الإمبراطوري، بهذا البذخ المذهل.
لكن الفرحة سرعان ما تلاشت، إذ سقطت سيان في دوامة من المشاعر المعقدة، وفجأة، انتابها شعورٌ غريب، مزعج، وغير مفسَّر.
“……؟”
كانت سيان تحدق في الفستان مطولًا، وهي تميل برأسها يمينًا ويسارًا.
‘ما الأمر؟’
كان كارل يترقب—ولو قليلًا فقط—أن تنهمر الدموع من عينيها امتنانًا، و أن تقول كلمات شكر تفيض بالعاطفة……لكن، لا شيء من ذلك حدث.
هدوء سيان الذي فاق توقعاته أصابه بخيبة أمل خفيفة، وما زاد الطين بلّة أنها أخذت تميل برأسها وكأن أمرًا ما أثار ريبتها.
فبدأ كارل يحدق في وجهها، ثم في الفستان، ثم فيها مجددًا، يحاول فهم ما يدور في رأسها.
“هل طلبتَ هذا الفستان بنفسكَ؟”
من الدقة المتناهية في الخياطة، ومن التشطيب المتقن الذي لا شائبة فيه، كان واضحًا أن هذه الفساتين كلها مفصلةً خصيصًا.
“أجل، اخترت الأقمشة بنفسي، وانتقيت بعناية كل ما ظننتُ أنه سيليق بكِ بشكل خاص……”
“……لكن كيف عرفتَ مقاسي؟”
“……هاه؟”
كان يظن أنها تأثرت بلطفه وذوقه الرفيع، لذا ارتفعت كتفاه قليلًا وهو يهمّ بالشرح بفخر. لكنه سرعان ما التقى بنظرة سيان الحادة، المليئة بالريبة بدلًا من الامتنان.
حتى المرتزقة الذين صاروا خدمًا، والذين كانوا يتابعون حوار الخطيبين بفضول، توقفوا عن التنفس للحظة، ثم التفتت أعينهم جميعًا نحو كارل مع سيان.
“……هاه؟”
وفي لحظة، بدأ العرق البارد يتصبب من جبينه.
“كنت فقط أُقدّر القياس بعيني، لا أكثر……لما، هل يبدو أنه مناسبٌ تمامًا؟”
حتى عندما واجه ولي العهد في قاعة مجلس النبلاء، لم يكن كارل بهذا القدر من التوتر.
لكن هذه المرة، شعر بالفعل أن كتفيه تصلبتا من شدة القلق.
“من……من الذي يمكن أن يكون قد……”
ضيّقت سيان عينيها وهي ترفع الفستان وتقارنه بجسدها.
“يبدو أن من طلبه يعرف مقاسي تمامًا، أليس كذلك؟”
نظراتها المليئة بالريبة لم تفارق كارل، وكأنها تنتظر منه اعترافًا.
قد لا يكون المقاس دقيقًا تمامًا طالما لم يُقَس بجهاز، ولكن طول الأكمام، عرض الخصر، كل التفاصيل كانت مثاليةً بشكل مريب.
“……لا، لحظة، إلى أي مرحلة وصلتما أنتما الاثنان؟!”
قال باسكال ذلك بصوتٍ مذهول، وكأن الفكرة أفزعته.
“ليس صحيحًا!”
“ماذا، ما هذا الكلام الوقح؟! أنا لم أفعل شيئًا على الإطلاق!”
صرخت سيلن بغضب، بينما لوّح كارل بيديه بعجلة، وعرق بارد يتصبب من جبينه.
“قلت أنكَ لم ترَ شيئًا عندما التقينا أول مرة……هل كنت تكذب مستخدمًا إيدلين كذريعة؟”
“لا، الأمر ليس كذلك……”
“أول لقاء؟ واو، هل رأيتَ شيئًا فعلاً في تلك الحالة؟ يا للمفاجأة، من كان يظن أن سمو الأمير يبدو بريئًا من الخارج لكنه خبيثٌ من الداخل……”
“قلت لكم ليس كذلك!”
أصر كارل على الإنكار بكل ما أوتي من قوة. لكن لم يصدقه أحد.
“فاسق.”
“….…”
“عديم الحياء.”
“….…”
“يا له من محتالٍ بائس، يقسم بتنينه الشخصي وهو يكذب بكل وقاحة!”
كارل، الذي لم تتوقف انتقادات سيان عن مطاردته، لم يجد سوى أن يتنهد بمرارة وكأنه مذنبٌ حقيقي.
“ناهيكَ عن ذلك، كم عدد النساء اللاتي تعرفت عليهن لتصل لدرجة أنك تستطيع تحديد المقاس لمجرد أنك قضيتَ وقتًا مع إحداهن؟! هذه موهبةٌ بالفعل، تبًا!”
قالت سيان ذلك وهي تعقد ذراعيها وتطلق سخريةً لا ترحم.
“……قلت لكِ، هذا مجرد سوء فهم. أنا فقط أملك نظرةً حادة لا أكثر.”
“لم أصادف في حياتي أحدًا يمدح حدة نظره بنفسه ويكون فعلاً كذلك، أبدًا.”
تنهد كارل تنهيدةً طويلة منهكة، ثم رفع يده يحك صدغيه من التوتر.
“الطول؟ رأيتكِ أكثر من مرة، فبالطبع أعرفه. وبصراحة، هل عانقتكِ لمرةٍ واحدة فقط؟ أعتقد أنني أملك فكرةً تقريبية على الأقل.”
“يا إلهي! ما هذه الكلمات الفاضحة؟! لا تُطلِق عباراتٍ تُسبب سوء فهم أمام الناس! متى عانقتني أنت؟!”
صرخت سيان بجزع وهي تنفي بشدة، وهذه المرة، انفجر كارل بضحكةٍ ساخرة غير مصدق.
“في قصر إيفاريد! ألستِ أنتِ من جاءت بنفسها إلى سريري؟!”
“كـ……كان ذلك حادثًا!”
“ثم، عندما طاردنا الجندي في قصر إيفاريد، ألم نختبئ تحت السرير سويًا، ووقتها كان من الواضح—!”
“يا إلهي! حتى ذلك كان حادثًا!”
استمر الجدال الكلامي بين كارل وسيان لفترة طويلة.
حتى ماكس، الذي كان من أكثر الناس تأييدًا لعلاقتهما، بدأ يشعر بالضجر وهو ينظف أذنه بكسل، بينما بقية المرتزقة الذين صاروا خدَمًا، فقد تفرّقوا كلٌّ في ركنه، و بعضهم غفا، وآخرون انشغلوا بالتسلية أو الراحة.
____________________
طفشوا منهم😭
ضحكت يوم قالت فاسق شوي شوي على الولد 😭😭😭😭
الفصل يضحك انفدا عيالي الي مدري متى بيتزوجون ويعقلون
الصدق مابيهم يعقلون😘
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 53"