“بل أنتَ يا أخي من كنتَ تتوجس من إيدلين، الذي ورث دم يغدراسيل. ألم تكن تحاول استغلال مقتل ملك التنانين كذريعة لتتخلص مني، من قد يصبح خصمًا سياسيًا لكَ؟”
“أيها الوغد!”
كان الأمر في حقيقته صراعًا بين رمح ودرع.
رغم صراخ ولي العهد، واجهه كارل بعينين متسعتين متحديتين. ومن تلك اللحظة، بدأ الهمس المتصاعد و ينتشر مجددًا.
لإثبات أن حراشف إيدلين دليلٌ على اتهام إلينا بالقتل، يجب ـ كما قال كارل ـ إثبات أن الحاجز السحري في القصر الإمبراطوري لم يتفاعل، وينطبق الأمر ذاته على موقف ولي العهد.
فإذا لم يكن بالفعل يحاول التخلص من الوريث الثاني للعرش متذرعًا بمقتل ملكة التنانين إلينا، فعليه تقديم دليلٍ مناسب يثبت ذلك.
لكن لا هذا الطرف ولا ذاك يملك دليلاً. فولي العهد ولا كارل لا علاقة لهما فعلًا بمقتل إلينا.
‘لو أن كارل قد مات، لكان كل شيء أنظف.’
لهذا السبب استخدمت ريفينانت خنجرًا مصنوعًا من عظام تنين حي.
حتى لو لم يمت في الحال، ولو لم تنقذه سيان، لكان قد مات حتمًا بسبب السم الذي يحمله الخنجر. حينها، كان الأمير كارلستون كلاوس سيُمحى من نسب العائلة الإمبراطورية، موسومًا بأنه قاتل ملكة التنانين.
كيف ستتصرف ريفينانت يا ترى؟
سيان، التي كانت تراقب الموقف من الخلف تحسبًا لاحتمال اضطرارها للإدلاء بشهادتها كشخص أنقذ الأمير، راقبت مجريات الأمور بتأنٍ وهي تتوقع ما سيأتي.
بدا أن الماركيز يرغب بشدة في لعب دورٍ ما في الصراع بين ولي العهد والأمير، لكنه لم يجرؤ على التدخل واكتفى بترطيب شفتيه اليابستين.
“أمرٌ مزعج حقًا! حتى وإن كنتَ صغيرًا ولا تحسن التمييز، فكيف لا تعرف ما يجب قوله وما لا يجب؟ لقد خيبت أملي، كارلستون.”
“وأنا أيضًا خابت آمالي بشدة، أخي. ألم تكن يومًا شخصًا عقلانيًا وبارد الأعصاب؟”
بلغ العرض ذروته، ولم يعد خلافًا حول الحقائق بل تحول إلى صراع عاطفي.
كان لا بد من إنهائه قريبًا. فالرجلان لم يتوصلا لأي نتيجةٍ أو تسوية، بل كانا يرفعان حدة الصراع إلى أقصاها.
‘يجب أن أجعل ريفينانت ترتاح أكثر وتخرج بالكامل إلى الساحة.’
ضيّقت سيان عينيها تحت الحجاب الأسود وأطلقت نظرات حادة.
بينما ولي العهد، الذي كان يرتجف غضبًا من كلام كارل الجارح، ظل صامتًا للحظات ثم تحدث،
“من الواضح الآن أنه لا أنت ولا أنا لدينا دافعٌ لقتل ملكة التنانين إلينا…..لا رغبة لي في الحديث أكثر اليوم، لذا أُعلن انتهاء الاستجواب.”
“سأبقى في القصر الإمبراطوري لأثبت براءتي وأتخلص من هذه التهمة الجائرة.”
“افعل ما يحلو لكَ. أما أنا، فسأثبت مهما كلفني الأمر أنكَ من قتل ملكة التنانين إلينا.”
نظر ولي العهد إلى كارل باحتقار ونقر لسانه بضيق.
“انتهى المجلس!”
ومع ذلك، وبسبب غيظه الشديد، أمر ولي العهد بصوت مرتفع حتى لا يضطر الخادم لتكرار الأمر.
أما مقاعد النبلاء فاشتعلت بالضجيج، إذ بدأ كل طرف يعبّر عن رأيه بصوتٍ عالٍ.
***
“كنت أظن أن أفراد العائلة الإمبراطورية لا يجيدون التمثيل أبدًا، و كل ما لديهم رقابٌ مشدودة فقط..…”
تمتمت سيان وهي تسترجع المواجهة التي اندلع فيها الشرر بين هندريك وكارل.
“صاحب السمو، وأنتَ يا كارل أيضًا، كانا بمستوى ممثلين تقريبًا! لم أكن أتوقع ذلك.”
“في القصر الإمبراطوري، حتى لو تجهم وجهكَ بسبب شعوركَ السيئ، تنتشر الشائعات فورًا. فبهذا المستوى على الأقل، يجب أن تكون لديكَ مهاراتٌ أساسية.”
عند تعجب سيان، انتفخ كارل فخرًا واعتدل في وقفته شامخًا.
لم تكن نيتها أن تمتدحه تمامًا، لكنها لم ترد إفساد مزاج كارل الواثق، فضحكت ضحكةً مصطنعة.
“وفوق ذلك، لقد اندهشت حقًا. سمو ولي العهد…..يشبهكَ كثيرًا.”
“كنت أسمع هذا الكلام كثيرًا من قبل.”
ولي العهد هندريك، الذي لم يره منذ مدة، بدا أكثر نضجًا بكثير من المرة الأخيرة التي رآه فيها كارل.
ربما لأن الإمبراطور انهار وهو يتولى الحكم كوصي، فقد اكتسب هيبةً امبراطورية لم يكن يشعر بها سابقًا.
الشبه الكبير كان فقط في ملامح الوجه. فشعر هندريك الفضي الطويل وعيناه الزرقاوان كانا مختلفين تمامًا عن شعر كارل الأسود وعينيه المائلتين إلى الأخضر المزرق.
“كدت أبكي، حقًا..…”
قالت سيان ذلك بوجه متأثر وهي تسترجع في ذهنها صورة ولي العهد، فمال كارل برأسه بتساؤل.
“لماذا؟”
“ما معنى لماذا؟ أن أرى وجهين بهذا الجمال النبيل في آنٍ واحد…..لا أظن أن هناك أمنيةً تبقت لي في هذه الحياة..…”
بينما كانت سيان تتحدث مستحضرةً في ذهنها صورة ولي العهد العائمة أمام عينيها، التقت عيناها فجأة بعيني كارل، الذي أصبح وجهه باردًا.
“حقًا، سيان. يبدو أنكِ مهووسةٌ بالوجوه الجميلة، أليس كذلك؟”
كان كارل يحدّق في سيان بكل وجهه وكأنه يصرخ، “أيتها الانتهازية!”
فسعلت سيان بصوتٍ خافت محاولةً تهدئة حنجرتها.
“ومن يكره الجمال والوسامة؟ لستُ الوحيدة التي تشعر بهذا، على أي حال.”
سأل كارل فجأة بنبرةٍ مرتجلة، مسترجعًا مشهد قاعة مجلس النبلاء. بينما كانت سيان قد بدأت وجنتيها تحمر دون وعي.
“هاه؟”
“أنا أم أخي. أيّنا أكثر وسامة؟”
اتسعت عينا سيان دهشة. فهذا ليس سؤال “تحب بابا ولا ماما؟”، بل كأنه يحاول حل إحدى معضلات القرن، يقارن بين حبتين من نفس الكيس.
“ما هذا؟ أتراك تشعر بالغيرة فقط لأني قلتُ ذلك؟”
“غيرة؟ أنا؟ من أخي؟”
ضحك كارل بسخرية.
“لو كان من المفترض أن يشعر أحدٌ بالغيرة، فهو أخي، لا أنا. في النهاية، أنا الأمير ومالك إيدلين!”
“ذلك الطرف هو ولي العهد، وهو أعلى من الأمير، كما أنه أيضًا مالك تنين، أليس كذلك؟”
“لكن مستوى التنين مختلفٌ تمامًا! هناك فرقٌ بالمستوى!”
“يا إلهي، تتحدث وكأنكَ لا تخشى أن يُقبض عليك بسبب كلامكَ!”
ضحكت سيان ضحكةً مرحة.
“لكن إن أردتني أن أجيب بجدية على سؤالك السخيف…..فالأجواء كانت مختلفةً تمامًا. لا أدري كيف أقولها، لكن سمو ولي العهد…..بدا حقًا وكأنه ولي العهد.”
“وهذا يعني أنني لم أبدُ وكأنني أمير؟”
ظهر الامتعاض على وجه كارل، ولم تجد سيان حيلةً سوى أن ترد بالضحك كعادتها.
“أمم…..لأن الوضع حينها كان كذلك. لكن الآن، تبدو كأميرٍ بكل وضوح، من يراك يعرف ذلك فورًا.”
قالت سيان ذلك بينما كانت تنظر مجددًا إلى كارل.
بعد أن عاد إلى القصر، مرتديًا زيّه الرسمي الذي لا يُلبس إلا في المناسبات المهمة، ومسرّحًا شعره بعناية على يد محترف، بدا وكأنه شخصٌ مختلف تمامًا عن كارب الذي اعتادت رؤيته بملابس خفيفة غير رسمية.
بهذه الهيئة، ازدادت وسامته بريقًا. وحقًا، تذكرت فجأة ذلك الأمير الصغير الذي رأته منذ زمن بعيد في ذاكرة باهتة.
رغم الرحلة الطويلة من العاصمة إلى أقصى جنوب الإمبراطورية، كان آنذاك أنيقًا وبهيًا للغاية.
فاجتاحها شعورٌ غريب بالحنين، وكأنها التقت بذلك الأمير الصغير مجددًا. لكنها لم تستطع البوح بهذا علنًا، فقد شعرت بالخجل والتردد، فبقيت صامتة.
“أن تقولين لأمير أنه يبدو كأمير؟ حقًا، لم أسمع في حياتي مديحًا أغرب من هذا.”
“أوه، ألم يعجبك؟ إن لم يعجبكَ فسأتراجع عنه.”
“….…”
رغم أن كارل كان يعبّس شفتيه بانزعاج، إلا أنه لم يجب على كلام سيان، واكتفى بالصمت.
من الواضح أنه، الذي كان يغار من مديح ولي العهد، قد شعر برضا بسيط في داخله. فضحكت سيان في سرّها.
“بالمناسبة، هل رأيتَ وجه عمّك الذي كان بجانب ولي العهد؟ يبدو أنه كان يخطط للفصل بينكَ وبين ولي العهد، لكن تعبيره حينها كان وكأنه تلقى ضربةً مباغتة.”
على الأرجح، لم يكن أحدٌ يتوقع أن يخوض ولي العهد والأمير شجارًا عاطفيًا بتلك الحدة وفي مكان رسمي.
وحين تذكّرت الماركيز، الذي وقف متوترًا وعاجزًا عن التدخل بينما يراقب شجار ولي العهد و كارل، ارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على طرف شفتي سيان.
“الآن فهمت تمامًا لماذا استبعدته من دائرة الشك منذ البداية. حتى وإن طمع في العرش، لا يبدو أنه يملك الجرأة ليرتكب جريمةً كبرى مثل اغتيال ملكة التنانين.”
“و السيد كارتر كذلك. رغم أنه اختير من قبل التنين ليصبح فارسًا، إلا أنه لم ينجح يومًا في الاندماج داخل مجتمع النبلاء، بل بقي على الهامش دومًا.”
أطلقت سيان صوتًا صغيرًا من أنفها، ثم شبكت ذراعيها.
“لا ينبغي الحكم على الناس من مظهرهم الخارجي فقط، لكن..…”
“هناك شخصٌ ثالث يحركهم من وراء الستار. علي أن أرى تلك المرأة المسماة ريفينانت-”
“لن يكون الأمر سهلًا.”
قاطعت سيان كلمات كارل بحزم. عندها، نظر إليها.
“مهما كان هدفها الحقيقي، فإن اختيارها لماركيز ضعيف القلب وفارس تنين لتضعهما في الواجهة يدل على أنها تخفي شيئًا ما. ما لم تظهر ريفينانت بنفسها، سيكون من الصعب العثور عليها.”
كان وجه كارل يعكس اتفاقه مع كلام سيان.
ثم حوّل نظره إلى الفراغ وأخذ يومئ برأسه وقد غرق في أفكاره.
“علينا أن نعرف ما هو هدف تلك المرأة حتى نتمكن من إخراجها إلى السطح..…”
“…..التنين.”
أطلق كارل تنهيدةً وهو غارقٌ في حيرته.
أما سيان، التي كانت تراقبه بصمت، فقد بدا وكأنها وصلت إلى استنتاج ما، فنطقته بصوتٍ حاسم.
“ماذا قلتِ؟”
______________________
تقول ريفينانت تبي التنين ياخي
بس يجنون بعد ذا المسرحيه قعدوا سوا🤏🏻
طيب كان ودي بعد هندريك يجي يقوله ياخي ابدعت وش ذا التمثيل😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 52"