اللحظة التي تجاهل فيها كاليان اعتراضات التابعين، عادت لتضربه مثل الشفرة. في حالة من عدم التصديق، همس كاليان.
[لمَن خانونا…..؟]
احنى الفارس رأسه إلى بعمق، وكان صوته مليئًا بالعار.
[العائلة الإمبراطورية، يا صاحب السمو.]
تجمّد كاليان.
[العائلة الإمبراطورية….. لماذا…..؟]
ثم فجأة، خطرت في ذهن كاليان فكرة، جوليانا وداميان كانا لا يزالان داخل دوقية فالدوميرو. وبدون ثانية أخرى من التردّد، قفز كاليان على حصانه وركض بقوة.
عندما وصل كاليان، كان قصر الدوقية بالفعل في حالة خراب، وقد داست عليه خيول الحرب الإمبراطورية.
[لا…! لا…!]
عندما رأى كاليان القصر يحترق، اندفع مباشرة نحو النار المشتعلة. لم يُمنعه الدخان الخانق والحرارة المُحرقة. صعد كاليان إلى الطابق العلوي، متجهًا نحو غرفة جوليانا وداميان.
[كاليان، لا تقلق.]
ذكرى ابتسامة جوليانا اللطيفة طعنت ذهن كاليان.
انهار عمود مشتعل أمام كاليان، وتحطّم على كتفه وساقه. لكنه شدّ على أسنانه وواصل التسلّق، وهو يعرج.
[هذا منزلكَ. لذا، أنا وداميان سنكون دائمًا بأمانٍ هنا.]
وبينما كانت النار تحرق جلده، دفع كاليان نفسه إلى الأمام.
[ستحمينا دائمًا، أليس كذلك؟]
وبعد أن أصبح نصف جسده محترقًا بفعل النار، وصل كاليان أخيرًا إلى غرفة جوليانا. في الداخل، وسط النيران المشتعلة، كانت جوليانا ترقد وهي تحتضن داميان بين ذراعيها. لقد قاومت جوليانا بشدة حتى النهاية، وكانت الأرض من حولها محترقة بآثار قدرتها. لكن سيفًا إمبراطوريًا اخترق ظهر جوليانا واخترق صدر داميان الصغير مباشرة. خرج من شفتي كاليان تأوّه أجش يشبه الزئير.
[أووووه!]
ترنّح كاليان بين النار، وسقط على ركبتيه أمام جثتي زوجته وطفله. مات جوليانا وداميان وعيناهما لا تزالان مفتوحتين. تدفقت الدموع الغزيرة على وجه كاليان، في أذنيه، تردّد صدى صوتها الحلو مرة أخرى.
[أنا أُحبُّكَ، كاليان.]
ضغط كاليان جبهته على جبهة جوليانا وهمس بصوت أجش.
[أُحبُّكِ يا جوليانا… سأبذل روحي من أجلكِ. سأبيعها للشيطان إن كان ذلك يعني إنقاذكِ…]
تمزّقت شهقات كاليان المتكسرة من صدره.
[في هذه الحياة، لم أكن أريد شيئًا أكثر من إسعادها.]
مسح كاليان وجه جوليانا الملطخ بالدماء، ارتجف جسد داميان الصغير بعنف.
[كل ما أتمنّاه هو ابتسامتها، وأن يعيش طفلنا في سعادة. لماذا؟ لماذا تمّ حرماني من هذا الحلم البسيط؟]
احتضن كاليان وجه جوليانا البارد وبكى حتى تحوّلت دموعه إلى دم.
[آآآآآآه!]
لقد كانت صرخته كالجحيم نفسه. وبينما التهمت النيران القصر، صرخ كاليان إلى السماء.
[إذا كان القدر يُطالب بموتها، فسأتحدّى القدر نفسه!]
وانهار السقف المحترق على كاليان.
فجأة، تدفقت الذكريات إلى ذهن كاليان، انحدارات لا تُعد ولا تُحصى، وتراجعات لا تُعد ولا تُحصى. في كل مرة ماتت جوليانا. وفي كل مرة، فشل كاليان في إنقاذها.
“آآآآه!”
كاليان، غير قادر على تحمل طوفان الذكريات، احترقت عيناه باللون الأحمر عندما انفجرت هالته للخارج. تساقطت قطع الزجاج المُحطّمة من كل نافذة في غرفة مكتبه. هبّت الرياح العاصفة، مما أدى إلى تحريك الستائر. وعند سماع صوت الاصطدام، حتى كبير الخدم الذي عادة ما يتجنب إزعاج كاليان، اندفع إلى داخل غرفة المكتب مرعوبًا.
وسط الحطام، كان كاليان مستلقيًا على الأرض يرتجف، ويمسك برأسه.
“أوووه….”
“صاحب السمو!”
أسرع كليف، كبير الخدم، إلى جانبه.
لم يُبالِ كاليان بتحطّم شظايا الزجاج في يديه وساقيه، اكتفى بالتأوّه، غارقًا في عذابه. وأخيراً رفع كاليان رأسه، وكان على وجهه قناع الجنون، همس.
“جوليانا… أين جوليانا…؟”
“ماذا…؟”
تردّد كليف.
“أين هي؟”
عندما رأى الهذيان في عينيه، صرّ كليف على أضراسه.
“صاحب السمو… السيدة مفقودة منذ أكثر من نصف عام! أرجوك عليكَ أن تستعيد صوابكَ…..”
لكن كاليان دفعه جانبًا، وتعثّر على قدميه. خرج من المكتب وهو يبحث بشكلٍ يائس.
“جوليانا…! جوليانا…! جوليانا!”
تراجعت الخادمات إلى الوراء في خوف عندما اقتحم كاليان القاعات، وهو ينادي باسمها بجنون.
ارتفعت الهمسات خلفه.
“ماذا حدث لسموه….؟”
“أعتقد أن سموه فقد عقله.”
“مع وجود سموه كوريث للدوق في هذه الحالة، ألَا ينبغي للدوق أن يعود؟”
أطلق كليف نظرة حادّة عليهن، مما أدى إلى إسكاتهن.
ولكن عندما شاهد كليف كاليان المضطرب يتعثّر وهو يمشي، كان وجهه مثقلًا باليأس الشديد.
“جوليانا؟”
التفتُّ عند سماع صوت مألوف بينما كنتُ أحتضن داميان. وكان لويد عائدًا من المدينة بابتسامةٍ لطيفة.
“هل عدتَ؟”
“هل كان داميان بخير؟”
“نعم. يتغذّى وينام جيدًا، فلا داعي للقلق.”
اعتنى لويد بداميان كما لو كان ابنه. ولكن حتى عندما ابتسمتُ للويد، كان الشعور بالذنب يُثقل قلبي. لم أُرِد أن يكون لويد مرتبطًا بي وبطفل رجل آخر. أردتُ أن يكون لويد حرًا في المغادرة متى شاء.
“جوليانا.”
بعد قراءة تعبيري، أمسك لويد بيدي بلطف.
“من فضلكِ لا تفهمي هذا بطريقةٍ خاطئة.”
رمشتُ في حيرة، بينما واصل لويد حديثه.
“فالدوميرو لا يزال يبحث عنكِ.”
تصلّب تعبيري.
“أعلم.”
“ولكنه لا يعرف أنكِ كنتِ حاملاً… أو أنكِ قد أنجبتِ بالفعل.”
لقد اشتدّت قبضتي على داميان. لم يستطع كاليان أبدًا معرفة أمر داميان، لهذا السبب هربتُ في المقام الأول.
“لحماية الطفل، ينبغي أن لا يعلم أحد أنه يحمل دم فالدوميرو. أليس كذلك؟”
أومأتُ برأسي ببطء للويد.
“إذًا ثقي بي. سأساعد في ضمان سلامة داميان.”
ارتعشت عينا لويد الجادتان أمامي. وبعد تردّد طويل أومأتُ برأسي مجددًا.
كان حماية داميان من كاليان أكثر أهمية من أي شيء آخر.
ابتسم لويد، ثم مدَّ يده ليلمس رأس داميان. تدفّق تيار من الطاقة البيضاء من أطراف أصابعه وغرق في شعر داميان الأسود. أمام عينيّ، أصبح شعر داميان فضيًا، تمامًا مثل شعر لويد. حدّقتُ في التغيير، مصدومةً.
“بهذه الطريقة، سيكون أكثر أمانًا.”
لقد كان لويد على حق. من أجل سلامة داميان هذا الاحتياط لا يمكن إلّا أن يُساعد. وأخيرًا، أومأتُ برأسي موافقةً.
♣ ملاحظة المترجمة: لقد بكيتُ وأنا أُترجم هذا الفصل… أرى أن كاليان تضرّرت ذاكرته بسبب عدد الانحدارات، وبعد ذلك بدأت إنحدارات جوليانا. ولأن هدف الانحدارات هو أمنية كاليان التي هي إنقاذ جوليانا، لذلك في كل مرة يفشل الأمر لم تنتهي.
وبالنسبة للويد، هل رأيتم نواياه؟ هل تعتقدون حقًا إنه جعل شعر الطفل يشبه شعره لحمايته؟
التعليقات لهذا الفصل " 89"